من خلال ما كتبناه في الأسبوعين الماضيين عن محنة الأنظمة الديمقراطية الليبرالية التمثيلية الحديثة، وعن نوع الديمقراطية المطلوبة للوطن العربي، تبين بصورة قاطعة، أن المدخل لوجود نظام سياسي ديمقراطي ملتزم لخدمة جمهور المواطنين كلهم، وليس لخدمة مصالح أقلية من أصحاب المال والوجاهة والنفوذ فقط، لا يتحقق إلا إذا مارست الأغلبية الساحقة من المواطنين واجبات ومسؤوليات العمل السياسي الديمقراطي.
من هنا سيحتاج شباب وشابات الوطن العربي مواجهة الأمر السياسي، المؤدي إلى ديمقراطية شاملة عادلة، تمثيلية وتشاركية وانتمائية، وذلك من خلال الموقف المسؤول الآتي: إذا كانوا يعتقدون بوجود أحزاب أو جمعيات سياسية عربية صالحة وقادرة على ممارسة النضال الجماهيري وقيادته بمسؤولية وأمانة، حتى لو كان بعضها يحتاج لإصلاحات وتغييرات ضرورية، فإن على شباب وشابات الأمة واجب الالتحاق بالحزب الذي يرونه أفضل وأقدر.
المدخل لإجراء تغييرات عميقة ومؤثرة في حياة الأمم يظل هو المدخل السياسي النضالي الأساسي، بشرط أن لا يكون العمل مقتصراً على الجهود الفردية
وإذا دخلوا تلك الأحزاب والجمعيات بأعداد غفيرة وواعية وملتزمة، فإنهم من المؤكد سيستطيعون تغيير أوضاع الأحزاب وقياداتها غير الكفؤة، ومنهجيات أعمالها النضالية. أما إذا كان شباب وشابات الأمة قد فقدوا الأمل في إصلاح وتنشيط وزيادة كفاءة الأحزاب، أو الجمعيات السياسية، التي وجدت في شتى بقاع الوطن العربي منذ عهود الاستقلال الوطني، فإنهم يجب أن يواجهوا مسؤولية تكوين أحزاب أو جمعيات جديدة، قادرة على أن تحصل على ثقة الجماهير من جهة، وقادرة على أن توجد الحيوية النضالية السياسية القادرة على مواجهة التسلط والظلم والفساد، ونهب المال العام، ومؤامرات تشويه كل ما هو وطني وقومي عروبي. لا يوجد على الإطلاق طريق آخر لإنهاء الشلل السياسي في كل المجتمعات المدنية العربية، ولحشد ملايين المواطنين للدفاع عن مصالحهم المشروعة، ولإيقاف الاستباحات السياسية والأمنية والاقتصادية من قبل شتى أصناف وألاعيب القوى الاستعمارية الإقليمية والعالمية. العمل السياسي من خلال مؤسسات مجتمع مدني هو وحده القادر على أن ينظر للأمور بصورة شمولية ويخرج باستراتيجية فكرية وعملية ترى الترابط الحميم بين مشاكل كل ساحة حياتية. من هنا فإن الاستراتيجية تغطي السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والأمن، لأن فساد أية ساحة لا بد أن يفسد الساحات الباقية كلها.
الشابات والشباب العرب يستطيعون بالطبع أن ينشطوا في ساحات الحياة الفرعية، كساحة حقوق المرأة، أو المحافظة على البيئة، أو رفض الحروب، أو غيرها، لكن المدخل لإجراء تغييرات عميقة ومؤثرة في حياة الأمم يظل هو المدخل السياسي النضالي الأساسي، وبشرط أن لا يكون العمل مقتصراً على الجهود الفردية، وإنما يكون عملاً جماعياً جماهيرياً منتظماً في مؤسسات نضالية، تحفر في شؤون المجتمع الحياتية كلها. مرة أخرى نقولها: انضموا للجماعات السياسية المنتظمة، إذا كنتم تأملون فيها خيراً وإمكانيات نضالية، وحاربوا من أجل إصلاحها من الداخل، وهذا أفضل طريق حتى لا تبدأوا نضالكم من الصفر، أو اخلقوا الجديد إن استطعتم. هنا نحذركم من الاعتقاد بأن العمل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي سيكون كافياً وسيغني عن وجود المؤسسات المدنية السياسية المنتظمة الفاعلة. هذا غير صحيح وهو لن يخلق ثورات أو تغييرات كبرى، من الممكن بالطبع الاستفادة من تلك الوسائل الإلكترونية التواصلية من قبل الأحزاب والتكتلات السياسية، لكنها لن تكون قط كافية، ولن تحل محل الزخم التنظيمي الجماهيري في الحياة، والعمل السياسي النضالي، إن كنتم تريدون الانتقال إلى أنظمة ديمقراطية فسيروا في هذه الطرق المجربة عبر القرون الطويلة الماضية.
كاتب بحريني
تحية طيبة الدكتور علي محمد فخرو مع الود والتقدير.
الديمقراطية عملية تراكمية،وهي ارقى أشكال تنظيم الصراع والتطلعات،وتتجسد على مستوى الدولة ضمن مشروع ورؤية،وتستمد قوتها وفاعليتها في التجسيد العملي عبر مؤسسات نزيهة وشفافة تلبي حاجيات وتطلعات المواطنين في الحرية والكرامةوالعدالة الاجتماعية وخدمة مصالحهم.
وبخصوص إدماج الفتيان والشباب للانخراط في العملية الديمقراطية،فيجب ادماجها في العملية التعليمية،عبر تعليم التلاميذ انتخاب ممثليهم والحضور مع هيئة التدريس لرفع مطالبهم،وتلازم التلميذ مثل الأدوات التعلمية في الاعدادي والثانوي والجامعي،وبالتالى سنكون قد اعددنا مواطنا تربى على العملية الديمقراطية،فسيكون انخراطه في العمل السياسي وجمعيات المجتمع المدني ليس انتهازيا ومصلحيا بل للتعبير عن مطالب حيه في المدينة او قريته في البادية،او مدينته وجماعته على المستوى الجهوي والمركزي.
تحية مرة ثانية الاستاذ علي محمد فخرو ولكم واسع النظر والتامل واجمل التحيات…