غزة- نور أبو عيشة:
قال ماتياس شمالي، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” في قطاع غزة، إن إجمالي العجز الذي تعاني منه الوكالة الأممية لهذا العام، يقدّر بنحو مليار دولار، من أصل 1.4 مليار.
ووصف شمالي الأزمة المالية الحالية التي تعاني منها “أونروا” بـ”الأسوأ”.
وحذّر من أن الوكالة قد تضطر لاتخاذ قرارات صعبة، في نهاية أبريل/نيسان المقبل، فيما يتعلق بتقديم خدماتها؛ حال استمرت الأزمة على ما هي عليه.
وتصاعدت حدة الأزمة المالية للوكالة الأممية، التي تقدم خدماتها لأزيد من 5.3 ملايين لاجئ في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا، بعد وقف الولايات المتحدة دعمها السنوي المقدر بـ360 مليون دولار منذ 2018، بدعوى معارضتها لطريقة عمل الوكالة، التي تواجه انتقادات من جانب إسرائيل.
وتأسست “أونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لقضيتهم.
** الأزمة المالية
وأوضح شمالي، أن الموازنة السنوية التي تحتاجها أونروا لتقديم خدماتها في مناطق عملياتها، تبلغ نحو 1.4 مليار دولار.
وأضاف: “هناك تعهدات من الدول المانحة بمبلغ 400 مليون دولار لكل السنة، ما يعني أن خدمات الأساسية بالإمكان أن تستمر حتّى أبريل المقبل، وإذا تم دفع كل التعهدّات قد نستمر حتى مايو/ أيار القادم”.
وذكر شمالي أنه يتم تخصيص نحو 805 مليون دولار، من إجمالي الموازنة العامة، كموازنة للبرامج؛ والتي تشمل الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.
وأشار إلى أن وكالته نجحت بتوفير المساعدات الغذائية لدورتين أساسيتين لهذا العام (الدورة مدتها ثلاثة شهور).
** أسباب ومواجهة
ووصف المسؤول الأممي هذه الأزمة التي تمر بها “أونروا” بـ”الأسوأ”، مشددا على أن الوضع الحالي “صعب وجدّي”.
وعن أسباب تفاقم هذه الأزمة، قال شمالي: “عدة متغيرات جديدة حصلت، مثلا فقدنا أحد أكبر داعمينا مسبقا، وهي الولايات المتحدة والتي كانت تقدم ما يزيد عن 360 مليون دولار سنويا”.
إلى جانب ذلك، فإن الأزمات المتعددة التي تمر بها بعض الدول في المنطقة كسوريا واليمن وانتشار بعض الأمراض (حاليا كورونا)، تطلب الدعم المالي، ما أثّر على دعم “أونروا”.
واستكمل قائلاً: “الأزمة جادة، لا أريد أن أقارن ما يحدث بفلسطين، مع غيرها من الدول، لكن الظروف اليوم تختلف”.
وحول خطة “أونروا” لمحاولة تجاوز هذه الأزمة، قال شمالي إنه تم التخطيط للعمل في ثلاثة اتجاهات.
الأول، هو الطلب من نحو 170 دولة صوتت لصالح تجديد ولاية “أونروا”، في ديسمبر/كانون أول الماضي، بتقديم الدعم المالي اللازم لاستمرار عمل الوكالة.
والثاني، بحسب شمالي، يتمثل في تنفيذ أونروا عدة مبادرات لجمع التبرعات، من خلال الاعتماد على بعض الشراكات المستجدة، ومبادرات لمطالبة الدعم من القطاع الخاص.
أما بخصوص الاتجاه الثالث، فيقول شمالي إن الوكالة تعمل على “إعادة توزيع بعض الموازنات”.
** تحذيرات جدية
وجدد شمالي تأكيده على أن الموازنات المالية الموجودة لدى “أونروا” تكفي لنهاية أبريل المقبل فقط.
وحذّر من أن إدارة الوكالة قد تضطر –نهاية الشهر القادم- إلى اتخاذ إجراءات وقرارات “قد تكون صعبة” في حال استمرار الأزمة الراهنة.
وقال المسؤول الأممي: “في عام 2015 واجهنا أزمة مشابهة، وأبلغنا المجتمع الدولي أننا لن نستطيع افتتاح المدارس في ذلك الوقت، الخيار –آنذاك- كان صعبا للغاية، لكن الدول المانحة وفّرت التمويل المطلوب”.
وأضاف: “جاء اختيار المدارس آنذاك لعدة أسباب، أولا أننا اتخذنا قرارا بعدم المساس بالخدمات الأساسية التي تؤثر على صحة الناس، فالعيادات بقيت مفتوحة، وأما المدارس فإن إغلاقها لمدة شهر واحد كان بالإمكان تعويضه، من خلال فرض دروس تعويضية، كما أن التعليم من أكثر البرامج من حيث العمل والنفقات”.
وأكد شمالي أن إدارة “أونروا” حتّى اللحظة “لم تتخذ قرارات أو إجراءات لتقليص خدماتها”.
وأشار إلى أن “أونروا” أنهت خدمات عدد من الموظفين عام 2018، وذلك بعد القرار الأمريكي بقطع دعمها للوكالة، إذ أن رواتبهم كانت معتمدة على ذلك الدعم.
وتابع: “أبلغنا هؤلاء الموظفين، أنه في حال حصلنا على دعم جديد سيتم إعادتهم لأعمالهم”.
وفي ظل الرغبة الإسرائيلية والأمريكية بتفكيك “أونروا”، قال شمالي إن “أي قرارات أو تعليمات تتبعها الوكالة، هي صادرة عن الجمعية العمومية بالأمم المتحدة، التي تضم 190 دولة؛ من بينهم 170 صوتوا لصالح تجديد ولاية أونروا”.
وأضاف: “ربما هناك دول لديها تصور خاص لحل الأزمة والقضية، وهو تصور خاص بحكومات هذه الدول وليس لنا”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا في يونيو/حزيران 2017، إلى “تفكيك أونروا، ودمج أجزائها في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين”.
وبيّن شمالي أن أي تصور لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يجب أن يشمل طرفين من أجل إقراره.
** فيروس كورونا
وأعرب شمالي عن قلقه من انتشار “كورونا”، معربا عن تخوفاته من وصوله إلى قطاع غزة.
وعن ذلك قال شمالي: “الفيروسات لا تعرف الحدود، لكن الجيد أنه لم يسجل حتى الآن إصابات في غزة”.
وبيّن أن اتباع جميع التعليمات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة الفلسطينية، قد تقي من وقوع إصابات.
وجرّاء ضعف الإمكانات الصحية في قطاع غزة، قال شمالي إن وكالته تساهم في منع وصول الفيروس لغزة، من خلال عدد من الإجراءات الوقائية؛ من ضمنها إغلاق المدارس.
والسبت الماضي، أغلقت مدارس “أونروا” أبوابها كخطوة احترازية، ومن المقرر أن يستمر الإغلاق حتى نهاية الشهر الجاري.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن قطاع غزة يخلو من إصابات كورونا، في حين أن الضفة الغربية سجلت 31 إصابة.
(الأناضول)