طرابلس – «القدس العربي»: يوماً بعد آخر يتصاعد الاهتمام الدولي بالملف الليبي الذي أعاده تعيين مبعوث أممي جديد إلى الواجهة وساهم في إعادة الأنظار نحوه، حيث شهدت ليبيا خلال أيام قليلة زيارات متعددة من جانب المحكمة الجنائية والمبعوثين الأمريكيين، كما شهد الملف الليبي اهتماماً من ناحية التصريحات التي لم تتوقف ولم تهدأ حول هذا الملف.
آخر هذه التصريحات كانت من المستشارة الخاصة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، التي تحدثت عن الوضع الحالي والأحداث السابقة أيضاً، كما أشارت في مقابلة لها مع رئيس المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية الليبية، هاني شنيب، إلى أهمية عودة الوجود الدبلوماسي للولايات المتحدة إلى ليبيا رغم تعقيداتها العملية، غير أنها استبعدت أن تكون هناك خطوة قريبة في هذا الاتجاه من جانب واشنطن.
فأوضحت وليامز في المقابلة التي نقلتها بوابة الوسط الليبية المحلية أنها تعتقد أنه من المهم جداً أن تعود الولايات المتحدة إلى الأرض في ليبيا مشيرة إلى أنها دافعت عن ذلك عندما كانت في منصب القائم بالأعمال لمدة خمسة أشهر بالسفارة الأمريكية.
وتابعت أن هذه العودة الدبلوماسية للولايات المتحدة هي عملية معقدة للغاية بالنسبة للوكالات الأمريكية لإعادة تأسيس الوجود الدبلوماسي في أي بلد، وخاصة إلى ليبيا بسبب إرث ما حدث في بنغازي ومقتل السفير كريس وثلاثة زملاء آخرين في العام 2012 .
ورأت وليامز أن فرز العلاقات في المنطقة من جانب الولايات المتحدة حسب الأولوية يعني أن ليبيا لم تكن أبداً ذات أولوية عالية، بل أنزلت إلى مرتبة ثانوية، ثم جعلت خاضعة للعلاقات الأخرى.
وأضافت أنه وفي العام 2019، عندما هاجم حفتر طرابلس للقيام بانقلاب ضد الحكومة المعترف بها دولياً لم تفعل الولايات المتحدة شيئاً عدا مذكرة باتصال ترامب مع حفتر الذي عدته ناتجاً عن ضغوط تعرض لها ترامب من دول المنطقة التي دعمت حفتر.
وأردفت حديثها بالقول إن هذا هو المثال الأكثر وضوحاً على مجرد أخذ ملف ليبيا وإخضاعه للعلاقة مع دول أخرى من جانب الولايات المتحدة، معتبرة أن هذا أمر لا يتعين أن يحدث، مستبعدة أن يكون هناك قرار قريب بشأن عودة الوجود الدبلوماسي الأمريكي على الأرض في ليبيا.
وعن الانتخابات قالت وليامز إن الانتخابات لن تنتج معجزة أو تحل كل شيء في ليبيا مجددة رغم ذلك التأكيد على أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة الراهنة في البلاد.
وأكدت في المقابلة أن العملية الانتخابية ليست وسيلة في حد ذاتها، وأن الانتخابات لن تنتج معجزة أو تحل كل شيء، لكن نحن في حاجة إلى عملية انتخابية نشطة جارية في ليبيا، لأنه من دونها ستكون لديك شهية لا تشبع للسلطة التنفيذية المؤقتة.
ولفتت وليامز إلى أن هذا كان واضحاً جداً خلال السنوات الست الماضية منبهة إلى أن الطبقة الحاكمة؛ التي تضم شبكة من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والأمنيين، مع داعميهم الدوليين المرتبطين بها، ستستمر في لعبة الكراسي الموسيقية هذه طالما ظل النفط هو المصدر الوحيد للإيرادات، فسوف يقاتلون من أجل ذلك لـ40 سنة مقبلة بطريقة أو بأخرى وذلك إذا استمر الوضع الراهن من دون انتخابات.
وجددت خلال المقابلة التأكيد على أنه لا يوجد حل عسكري في ليبيا وقالت لقد جُرب الحل العسكري، أجهض حفتر في العام 2019 عملية سياسية للأمم المتحدة كانت على وشك الانطلاق في مدينة غدامس، هو قال لا! وقال إنني سأذهب إلى طرابلس، وكان لديه دعم أجنبي غير عادي، وكانت لديه المجموعة المسلحة الأكثر تنظيماً، وكان لديه مرتزقة أجانب وكانت لديه أنظمة أسلحة أجنبية وقد حصل على مساعدة نشطة من بعض الدول، لم يكن قادراً على فعل ذلك لذلك لا يوجد حل عسكري.
وعن ملتقى الحوار السياسي قالت وليامز إن ملتقى الحوار السياسي الليبي أقدم على الحوار بمساعدة المجتمع الدولي عندما تأخر في إنجاز مهمته بشأن التوافق على القاعدة الدستورية للانتخابات، وقالت كان من الواضح أنه يجب أن يكون لدينا إطار دستوري قبل نهاية ربيع 2021 وإلا فلن تجرى انتخابات، لذلك قررنا محاولة تجميع أعضاء ملتقى الحوار معاً في جنيف وبحث ما إذا كان بإمكاننا الحصول على شيء منهم.
وأردفت: «أقدم منتدى الحوار على الانتحار بمساعدة المجتمع الدولي، بحلول الوقت الذي جرى استدعاؤهم فيه مرة أخرى في يوليو 2021، كان الثعبان قد دخل بالفعل إلى الحديقة، وانعكس على ملتقى الحوار الاستقطاب والاختلافات التي أصبحت واضحة في البلاد، أصبح الأمر صعباً للغاية، ثم اتخذ القرار للمضي قدماً في مسار المؤسسات التشريعية المنتخبة، أي أنك تستمر في تكرار الأخطاء نفسها، وبالتالي، ما حدث في ربيع هذا العام هو أنه لم يعد لدينا ملتقى الحوار السياسي، ولا يوجد تصنيف لخارطة الطريق كتشريع ليبي، وبصورة أساسية عادت الطبقة الحاكمة إلى لعبتها القديمة».
وانتقدت وليامز قيام رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، بإيقاف الانتخابات البلدية معللة ذلك برغبته في إنشاء شبكة دعم خاصة به على المستوى البلدي مشددة على ضرورة أن يواجه بهذا لأن هناك انتخابات بلدية مؤجلة يجب إجراؤها في جميع أنحاء البلاد.
وأضافت وليامز أنه يجب أيضاً مواجهة اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمسألة أنه تخلص من العديد من رؤساء البلديات المنتخبين ووضع مؤيدين له، لقد قام بتعيين أشخاص، بما في ذلك في مدينة بنغازي التي ليس بها مجلس منتخب وهي ثاني أكبر مدينة، وهذا أمر مخز.
وشددت وليامز أنه من المهم البدء بهذا النوع من القواعد الشعبية على المستوى المحلي، إذا كانت المعضلة على المستوى الوطني صعبة للغاية بسبب التدخل الأجنبي وبسبب الصفقات التي تعقد، كما أضافت وليامز أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دوراً حقيقياً على المستوى المحلي إلا أنه من المهم أن تكون البداية بالنظر إلى الليبيين أنفسهم، وربما نظرنا إلى المسألة الليبية من الزاوية الخطأ.