وهم يجلسون على “كنوز المستقبل”.. 20 مليون مواطن أفغاني يعانون من الجوع الشديد

حجم الخط
3

وجوه أولاد في جيل 5 – 6 سنوات مغطاة بالسخام الأسود، طفل صغير عمره ثلاث سنوات نام قرب كومة من الطوب الأحمر. قربه طفل ابن عشر سنوات يدفع عربة ثقيلة مليئة بالطوب الأحمر التي يبدو أنه سينهار تحتها. هذه الصور الفظيعة التي نشرتها مؤخراً وسائل الإعلام الغربية تدل أكثر على الوضع الفظيع في أفغانستان.

حسب تقديرات منظمات الإغاثة، فإن نحو مليون طفل في أفغانستان انتقلوا إلى سوق العمل للمساعدة في إعالة العائلة. صنع الطوب هو العمل الأساسي لهؤلاء الأطفال، الذين يحصلون على 4 دولارات مقابل 1000 طوبة، وهي النصيب اليومي الذي يمكن لشخص بالغ أن يقوم به إذا استعان بالأولاد. نحو نصف الـ 40 مليون شخص، يعاني سكان أفغانستان من الجوع الشديد، ويقف جزء كبير من النصف الآخر على شفا فقدان مصدر الغذاء.

المعطيات الجافة التي يصعب الاعتماد على دقتها، تقدر الناتج الإجمالي الخام الشامل للدولة بنحو 20 مليار دولار في السنة، 500 دولار للفرد. أفغانستان من الدول الفقيرة في العالم رغم أنها تجلس فوق مناجم الليثيوم والأحجار الكريمة التي تقدر قيمتها بنحو تريليون دولار. قبل سنة تقريباً، انسحبت الولايات المتحدة من الدولة بشكل سريع ومذعور بعد عشرين سنة من القتال هناك. وقد احتلت طالبان مكانها. ومنذ ذلك الحين، أخذ وضعها يتدهور. في الشهر الماضي نشرت الحكومة الميزانية الأولى للدولة منذ سيطرة طالبان على الحكم. بحسب هذه الميزانية، يتوقع أن تبلغ نفقات القطاع العام أكثر من 2.5 مليار دولار، أكثر بقليل من ميزانية بلدية تل أبيب، مع عجز متوقع يبلغ نحو 500 مليون دولار. مع هذه الميزانية، فإن مشاريع التطوير وإعادة الأعمال غير ممكنة، ويتوقع أن يعاني دفع الرواتب للعاملين من التأخير والتقليص.

أوضحت حكومة أفغانستان بأن الميزانية ستعتمد على المداخيل المحلية بدون مساعدات خارجية. لا يعتبر هذا إعلان استقلال اقتصادي فخور. ليس لأفغانستان من يساعدها ولا من يستثمر فيها. الدولة الوحيدة التي وعدت باستثمار بضع مليارات فيها هي الصين، ولكنها طلبت مقابل ذلك أن تحارب طالبان المنظمات المناهضة للصين التي تعمل من داخل أفغانستان. الأخيرة لم تظهر الرغبة أو القدرة على الاستجابة لطلب الصين.

قبل انسحاب أمريكا، حصلت الدولة على مساعدات خارجية مولت تقريباً 75 في المئة من ميزانيتها، إضافة إلى مساعدات من منظمات الإغاثة التي ساعدت المدارس وأعدّت النساء للعمل ودربت رجال أعمال مستقلين، هذه المشاريع لم تكن في الحقيقة مصانع كبيرة أو مراكز برمجة رائعة، لكن المحلات الصغيرة والورشات التي تم فيها إنتاج المواد الاستهلاكية والمواد الغذائية ساهمت في اقتصاد الدولة بشكل كبير.

عندما سيطرت طالبان، أغلقت نصف المصالح التجارية، ومئات آلاف العمال فقدوا أماكن العمل، والتضخم زاد بعشرات النسب المئوية، وقوة الشراء للعملة المحلية تبخرت. في اجتماع الدول المانحة الذي عقد في العام 2020 تعهدت هذه الدول بتجنيد نحو 13 مليار دولار سيتم تحويلها في الأعوام 2020 – 2024. هذا الالتزام لا ليس له الآن أي احتمالية للتحقق تحت حكم طالبان التي لا يعترف العالم بها.

         

       أمريكا ستساعد المواطنين إذا تمكنت من الالتفاف على طالبان

إزاء انهيار تام للدولة والكارثة الإنسانية فيها، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قرر في هذا الشهر تقديم المساعدة للسكان. فقد أمر بتحرير 3.5 مليار دولار من الـ 9 مليار دولار المجمدة في البنوك الأمريكية. وهي الأموال التي تعود للبنك المركزي في أفغانستان ومواطنين لا يسمح لهم بسحب الودائع بسبب أمر المصادرة الأمريكي.

سيتم تحويل قسم من الأموال النقدية إلى صندوق خاص يهدف إلى مساعدة النساء في الدولة على مواجهة الصعوبات الاقتصادية وتدريبهن عن بعد. قسم آخر من الأموال سينقل إلى مواطنين ومصالح تجارية خاصة بهدف المضي باقتصاد أفغانستان بدون وساطة حكم طالبان. المشروع الذي يحمل الاسم المشجع “مرشدون لمليون امرأة” سيبدأ بمساعدة 2000 امرأة، لكن لا يقين بأن حكومة طالبان ستسمح بوجوده.

الأموال المتبقية المجمدة مخصصة لدفع تعويضات لعائلات القتلى في الهجوم الإرهابي في 11 أيلول 2001، الذي نفذ تحت رعاية وحماية حكومة طالبان، التي كانت تسيطر على الدولة قبل الحرب. في هذه المرحلة، تجري نقاشات قضائية على مبلغ التعويضات، وسيتم الاحتفاظ بالأموال في البنك الفيدرالي في الولايات المتحدة إلى حين انتهاء النقاشات.

قد يواجه تحرير الأموال صعوبات قانونية وإدارية. أجرى توماس ويست، الممثل الأمريكي لشؤون أفغانستان، هذا الشهر، مقابلة مع شبكة الراديو العامة “ام.بي.آر”، ووجد صعوبة في الشرح كيف سيكون بالإمكان نقل الأموال مباشرة إلى المواطنين وليس من خلال البنك المركزي، صاحب معظم الأموال، من أجل التأكد من أن طالبان لن تسيطر على هذه الأموال. وقد أوضح ويست بأنه سيتم تعيين محاسب خارجي خاص لنقل الأموال. وقد عبر عن أمله في أن يقوم البنك المركزي نفسه بالحفاظ على استقلاله، ولكنه أوضح في الوقت نفسه أن “المسافة إلى هناك ما زالت طويلة”. وقد اعترف أيضاً بأنه لا توجد طريقة للتأكد من أن الأموال التي ستنقل للمدنيين لن تنهي طريقها في جيوب طالبان.

بشكل عام، شبكة البنوك في أفغانستان لا تعمل. نحو 80 في المئة من الودائع تم سحبها من قبل أصحابها منذ أن سيطرت طالبان، والبنك المركزي مفصول عن منظومة البنوك العالمية. أدوات أساسية مثل الحواسيب والبرامج لإدارة الحسابات وشبكات اتصال هي تقريباً غير موجودة أو أنها لا تعمل بسبب النقص في القوة البشرية المهنية، التي معظمها هرب من الدولة فور الانسحاب الأمريكي أو بعده.

لأفغانستان سمعة الدولة التي لم تخضع لحكم أجنبي. ويبدو أنها لا تخضع لسلطتها الذاتية أيضاً.

بقلمتسفي برئيل

هآرتس/ ذي ماركر 2/10/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    هذه من مفارقات القدر،. الله يصلح أحوال الشعب الأفغاني المسكين الصامد بعد الاحتلال البشع لأمريكا القبيحة التي عاثت في أفغانستان فسادا طيلة عشرين سنة ?

  2. يقول عبد المجيد فرنسا:

    روسيا و امريكا يريدون تركيع الشعب الأفغاني.
    و لكن الشعب الأفغاني سيصبر الى أن يأتي الفرج بإذن الله

  3. يقول الموجوع:

    اللهم صب
    غضبك
    ومقتك
    عل امريكا

إشترك في قائمتنا البريدية