وول ستريت جورنال: “إيران إنترناشونال” ووقف هجمات الحوثيين من كواليس الاتفاق بين طهران والرياض

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” خبرا حصريا قالت فيه إن الصين تخطط منذ العام الماضي لعقد قمة شرق أوسطية، حيث يتشكل دورها الدبلوماسي في المنطقة.

وجاء في التقرير الذي أعده سومر سعيد وستيفن كالين وبينويه فوكون، أن دور بكين في حل النزاع بين السعودية وإيران والذي قاد إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تشكل عندما التقى قادة الدول العربية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في المؤتمر الإقليمي بالرياض في كانون الأول/ ديسمبر، حيث طرح الرئيس الصيني فكرة قمة عربية- إيرانية في بكين تعقد عام 2023، بحسب أشخاص على معرفة بالخطة، وبعد أيام وافقت إيران.

وفي يوم الجمعة، استطاعت الصين التوصل لتسوية دبلوماسية واستئناف العلاقات بين إيران والسعودية اللتين ظلّتا بدون علاقات خلال السنوات السبع الماضية.

وأضاف الكتّاب أن القمة الأوسع بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي الست، ستعقد في وقت لاحق من هذا العام. وتقول الصحيفة إن مقترح شي يظهر دورا محوريا للصين يمكنها أن تلعبه كوسيط جديد في الشرق الأوسط، المنطقة الإستراتيجية التي ظلت الولايات المتحدة تلعب فيها دورا مؤثرا لعقود طويلة.

ولم تعد الصين تركز في علاقاتها مع المنطقة على الطاقة والتجارة فقط، فهي الآن تحاول لعب دور في السياسة، مما يشير إلى فصل جديد من التنافس بين بكين وواشنطن. وتطرقت المحادثات السعودية- الإيرانية التي جرت خلف الأبواب المغلقة، إلى ملفات حساسة بين البلدين اللذين ظلّا على الجانب الآخر من حروب الوكالة في الشرق الأوسط.

ووافقت السعودية على تخفيف لهجتها الناقدة لإيران من خلال “إيران إنترناشونال” المحطة الفضائية باللغة الفارسية، والتي يمولها رجال أعمال سعوديين، حسبما قال مسؤولون من البلدين. واتهمت طهران “إيران إنترناشونال” بالتحريض على الاحتجاجات التي مضى عليها عدة أشهر. ووصفها مدير المخابرات الإيرانية بالمنظمة الإرهابية.

وتقول المنظمة الإعلامية إنها مستقلة، حيث قال المتحدث باسم “فولانت ميديا” التي تملك القناة: “لم تكن العلاقات الإيرانية- السعودية عاملا في تغطيتنا ومعايير التحرير”.

في المقابل، وافقت إيران على وقف التحريض على الهجمات الحدودية التي تشنها جماعة الحوثي الموالية لطهران في اليمن. وسيطرت الجماعة على مساحة واسعة في البلاد وتخوض حربا مع السعودية منذ عام 2015. وتم التوصل إلى هدنة في العام الماضي، وعقد السعوديون والحوثيون محادثات مباشرة بهدف وقف الحرب، والتي تعتبر من أهداف إدارة بايدن الأولى.

ورفض وزراء خارجية إيران والصين والسعودية التعليق على أسئلة الصحيفة.

ويرى جون ألترمان، الخبير بالشرق الأوسط في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، أن الصفقة تعزز دور القيادة الصينية: “الترويج للمفاهيم المتعلقة بدورهم الدولي بشكل يضعف المبدأ المستند على أن النظام العالمي القائم على القواعد التي تقودها أمريكا هو الخيار المسؤول الوحيد للحكومات والطريق الوحيد لحماية الأمن”.

وترى الصحيفة أن إعادة فتح السفارات واستئناف العلاقات الدبلوماسية، لن تترك أثرا مباشرا، وتخفف من التوترات الطويلة بين البلدين. ويقول بعض المحللين الغربيين والإيرانيين، إن الصفقة لن تدوم بدون مباركة من الحرس الثوري الإيراني، فهو الفصيل المسلح الذي يقوم بدعم الجماعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، ولم يعلن الحرس عن موقف داعم للاتفاق.

وكانت هناك عدة محاولات فاشلة للمصالحة بين البلدين، وهذه المرة يقول المسؤولون السعوديون والأمريكيون إن إيران تريد صفقة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وتراجع قيمة العملة الإيرانية، نتيجة نظام العقوبات الأمريكي الصارم، والتظاهرات التي شهدتها البلاد.

ويهدد الوضع الاقتصادي احتفالات إيران بعيد النوروز أو بداية الربيع  21 آذار/ مارس، لكن قيمة الريال الإيراني ارتفعت يوم السبت بنسبة 10%  إلى 450 ألف ريال مقابل الدولار الأمريكي الواحد، بعد توقيع الاتفاق مع السعودية.

وقال المسؤولون الإيرانيون إنهم يتوقعون منافع اقتصادية من الصفقة، وسط مصاعب تعاني منها البلاد. وعمّقت إيران تحالفها مع روسيا وزودتها بمسيرات قتالية، إلا أن التعاون لم يكن مفيدا من الناحية الاقتصادية، في وقت أدى إلى تلاشي الآمال بإحياء الاتفاق النووي الذي تسعى إدارة بايدن للعودة إليه بشروط جديدة.

وقال مصطفى باكزاد، المستشار الإيراني للشركات الأجنبية التي تعمل في بلده، إن الصفقة الإيرانية- السعودية هي “تحرك تكتيكي جاء بسبب الضغوط الدولية الضخمة، والاقتصاد الداخلي الذي يشارف على الانهيار”.

وتعتبر الصين من شركاء إيران المهمين وتستورد منها النفط. وقبل الإعلان عن اتفاق الجمعة، سمحت بكين لطهران باستخدام  جزء من الأموال في البنوك الصينية، مجموعها 20 مليار دولار، والتي جُمدت عندما خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018.

وفي القمة التي عُقدت نهاية الشهر الماضي بقاعة المؤتمرات في الرياض، رحّب قادة دول مجلس التعاون الخليجي بفكرة الرئيس شي لتخفيف التوتر. ويأمل المسؤولون السعوديون أن تستخدم الصين تأثيرها الاقتصادي لتغيير سلوك طهران، وهو أمر فشلت الولايات المتحدة في تحقيقه عبر العقوبات والتهديد بالعمل العسكري.

لكن المسؤولين السعوديين وقادة دول الخليج الأخرى، عبّروا عن شكوك في قدرة الصين الذي ظلت تركز على توسيع علاقاتها التجارية في حل مشكلة شائكة مثل العلاقات السعودية- الإيرانية. وبعد أيام من قمة الرياض، أشركت بكين طهران بخططها مع المسؤولين الإيرانيين الذين كانوا غاضبين لتوقيع الصين على بيان مشترك في الرياض يتعلق بانسحاب إيران من الجزر الخليجية المتنازع عليها.

واشترط الإيرانيون تعاونهم مع الصين بمسعاها الدبلوماسي إذا خففت من لهجة البيان. وفي كانون الثاني/ يناير، قال الأمير فيصل بن فرحان في منتدى دافوس، إن بلاده تحاول التواصل مع إيران والحوار معها، لكنه لم يذكر الصين.

وأرسلت طهران مفاوضها في المحادثات النووية، علي باقري كاني، إلى بكين لبحث التفاصيل، وطلب دورا نشطا للصين في المحادثات النووية، ومساعدة اقتصادية لدعم العملة واستثمارات أخرى.

في المقابل، وافقت إيران على عدم وضع شروط مسبقة للدخول في محادثات مع السعودية. وجاء استئناف العلاقات الدبلوماسية في محادثات سرية في بكين كإشارة على زيادة التأثير الصيني، حيث وافقت الأطراف على استخدام الإنكليزية في المفاوضات، والخطابات والوثائق بالعربية والفارسية والماندرين.

وقاد الوفد الإيراني علي شمخاني، مدير مجلس الأمن القومي السابق، بشكل يعطي صورة عن موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي. ومثّل السعودية، مستشار الأمن القومي، مساعد العيبان. وجاءت محادثات الصين بعد سنوات من المفاوضات السرية في العراق، وساهمت عُمان فيها أيضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية