لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً قالت فيه إن إسرائيل تخطط لقتل قادة “حماس” حول العالم بعد الحرب، مشيرة إلى أن المخابرات الخارجية، المعروفة باسم الموساد، لديها تاريخ في القتل المستهدف والاغتيالات.
وفي التقرير، الذي أعده ديون نيسباوم، قال إن خفوت العمليات العسكرية في غزة، التي تستهدفها إسرائيل منذ هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، سيفتح الباب أمام حملة تستمر لسنوات، من أجل ملاحقة ما يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم ساهموا فيها.
وبأوامر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعمل الموساد والوكالات الاستخباراتية الأخرى على خطط لاغتيال قادة “حماس” في لبنان وتركيا وقطر، الدولة الخليجية التي سمحت للقيادة السياسية بفتح مكتب بالدوحة. وستكون حملة الاغتيالات هي امتداد للعمليات السرية التي تقوم بها المخابرات منذ عقود، فقد لاحق الموساد قادة المنظمات الفلسطينية في بيروت، حيث تخفّى عملاؤه بزيّ النساء وقتل زعيماً لـ “حماس” في دبي، واستخدمت إسرائيل سيارة مفخخة لقتل زعيم “حزب الله” العسكري في دمشق بتفجيرها عن بعد.
الصحيفة: خفوت العمليات العسكرية في غزة سيفتح الباب أمام حملة تستمر لسنوات من أجل ملاحقة قادة “حماس”
وعلى مدى سنين أقامت القيادة السياسية للحركة في بلدان مثل قطر ولبنان، وقدمت إيران حماية نسبية لها، فيما تعاملت معها روسيا، وتجنّبت إسرائيل استهداف القيادة السياسية هذه خوفاً من التداعيات الدبلوماسية.
وتعلق الصحيفة بأن الخطط الجديدة تمثل فرصة ثانية لنتنياهو، والذي أمر بمحاولة تسميم فاشلة لزعيم “حماس”، خالد مشعل، في الأردن. وأدت المحاولة الموثقة بشكل جيد إلى الإفراج عن زعيم “حماس” الروحي الشيخ أحمد ياسين، بدلاً من مقتل مشعل.
وعبّر عددٌ من قادة المؤسسات الأمنية عن عدم ارتياح من الكشف عن العمليات التي يفضلونها سراً، حيث قال نتنياهو، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر، بخطاب عام: “أمرت الموساد للتحرك ضد قادة حماس في أي مكان كانوا فيه”. وفي نفس الخطاب قال وزير الدفاع يواف غالانت إن قادة “حماس” يعيشون على “الوقت المستقطع”، و”هم معلَّمون للقتل”، و”المعركة هي على مستوى العالم، وتشمل الإرهابيين في غزة، ومن يركبون بالدرجة الأولى في الطائرات”.
وفي الوقت الذي تخفي فيه إسرائيل خططها، إلا أن قادتها لم يتحفظوا عن نيتهم بملاحقة كل شخص متورط في هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، مقارنة مع ملاحقتها للفلسطينيين الذين قتلوا 11 رياضياً في أثناء المباريات الأوليمبية بميونيخ، عام 1972.
وقال المسؤولون إنهم يعملون على ملاحقة قادة “حماس” في غزة والقبض عليهم. والسؤال هو ليس عن قتل “حماس” في أمكنة أخرى، ولكن أين وكيف.
وتقول الصحيفة إن الخطة هي امتداد لحملة إسرائيل في غزة، وتحاول التأكيد على حرمان “حماس” من القدرات التي يمكن أن تشكل يوماً تهديداً على إسرائيل.
وكجزء من الجهد، تفكر بإجبار آلاف من المقاتلين من الصفوف الدنيا بـ “حماس” على الخروج من غزة، كوسيلة لتقصير أمد الحرب.
إلا أن القتل المستهدف في الخارج يخرق القانون الدولي، ويترك تداعيات من الدول التي تجري فيها عمليات الاغتيال وبدون معرفتها. ومن ناحية عملية نفذت إسرائيل اغتيالات وتجنّبت التداعيات الدبلوماسية.
وبدأت خطط اغتيال قادة “حماس” حول العالم بالتشكّل بعد هجوم مقاتليها على إسرائيل وأخذهم أكثر من مئتي أسير. وقال المصادر إن بعض المسؤولين طالبوا باستهداف وقتل خالد مشعل وغيره من قادة “حماس” في الخارج وحالاً. وعبّر المسؤولون عن غضبهم من فيديو أظهر مشعل والمسؤول السياسي إسماعيل هنية يصلّون و”يحتفلون” [على حدّ زعمهم]، وهم يشاهدون الأخبار.
ولم يقم الموساد بأي عملية اغتيال في قطر سابقاً، وعمل هذا سيؤدي إلى إفشال جهود الوساطة التي تقوم بها الدوحة للمساعدة في موضوع الرهائن، وهو ما خفف من التعجل من أجل الاغتيالات في الوقت الحالي، لكن الخطط لا تزال قائمة، حسب قول المسؤولين.
وتحولت قطر إلى مركز للمفاوضات، حيث التقى مدير الموساد ديفيد برنياع ومدير المخابرات الأمريكية ويليام بيرنز، هذا الأسبوع، مع الوسطاء القطريين من أجل تأمين الإفراج عن رهائن لدى “حماس”، ويقول المسؤولون إن هناك أكثر من 130 رهينة لا يزالون في غزة.
وتعلق الصحيفة بأن تعهد نتنياهو بملاحقة قادة “حماس” أثار نقاشاً داخل المسؤولين في الاستخبارات. ويرى إفرايم هاليفي، مدير الموساد السابق، أن فكرة قتل قادة “حماس” ليست منطقية، ولن تنهي التهديد، وهناك إمكانية ان تثير أتباع الحركة وتؤدي إلى تهديدات أسوأ. وقال هاليفي: “ملاحقة حماس على قاعدة عالمية، ومحاولة قتل كل قادتها في العالم هي رغبة انتقام، وليست رغبة بتحقيق هدف إستراتيجي”.
قال نتنياهو: “أمرتُ الموساد للتحرك ضد قادة حماس في أي مكان كانوا فيه”. وفي نفس الخطاب قال غالانت إن قادة “حماس” يعيشون على “الوقت المستقطع”، و”هم معلَّمون للقتل”
وقال عاموس يالدين، مدير الاستخبارات العسكرية سابقاً إن الحملة هي “ما يقتضيه العدل” و”يجب تقديم كل قادة حماس الذين شاركوا في الهجوم وخططوا له وأمروا به إلى العدالة” و “هذه سياسة صائبة”.
ونفذت إسرائيل أكثر من 2.700 عملية اغتيال حول العالم، حسب الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمان. وحتى قبل إنشاء إسرائيل، نفّذ أفراد الجماعات المسلحة اليهود اغتيالات ضد مسؤولي الانتداب البريطاني، وفي الستينات من القرن الماضي قتلت إسرائيل نازيين ألماناً في مصر. إلا أن حملات الاغتيالات ارتدّت في بعض الأحيان سلباً، كما في 1997، عندما أمر نتنياهو باغتيال مشعل في الأردن. فقد دخل فريق الموساد الأردن كسياح كنديين، ولكنهم اعتقلوا قبل هربهم، ودخل مشعل في غيبوبة بسبب المادة السامة التي رشت في أذنه، وهدد الأردن بوقف معاهدة السلام إن لم ترسل الدواء المضاد للسمّ. وتدخل بيل كلينتون، وضغطَ على نتنياهو، الذي أرسل مدير الموساد بالدواء، إلى جانب الإفراج عن أحمد ياسين وعدد آخر من السجناء.
ووصف مشعل العملية الفاشلة بـ “نقطة التحول” ساعدت على تقوية “حماس”.
وواصلت إسرائيل عمليات الاغتيال، ففي 2010، دخل فريق من الموساد يحمل أفراده جوازات سفر أوروبية إلى دبي، واغتالوا محمود المبحوح، أحد قادة الجناح العسكري في “حماس”.
ولاحقت إسرائيل من قالت إنهم خططوا لعملية ميونيخ في “عملية غضب الرب”، التي استمرت 20 عاماً. وفي 1973 اغتال عملاء الموساد نادل مطعم مغربي في النرويج اعتقدوا أنه فلسطيني، وتم اعتقال 6 من فريق الموساد، المكوّن من 15 شخصاً، وصدرت ضدهم أحكام مخففة لدورهم بالقتل.