لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده بنويت فوكون، ووري جونز، قالا فيه إن المال الروسي والشركات باتت تتدفق على دبي نظرا للضرائب المتدنية وغياب العقوبات التي فرضتها دول غربية على الأثرياء والشركات الروسية.
وقال الكاتبان إن دبي تحولت إلى المركز الدولي المفضل لدى الشركات الروسية والأثرياء الباحثين عن ملجأ لإدارة أعمالهم وحماية أموالهم وتجنب العقوبات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأشارا إلى أن أكبر شركة ناقلات نفط روسية فتحت دكاناً لها في دبي، ويستثمر الأثرياء الروس بالشقق السكنية الراقية. وجذبت دبي أيضا تجار بضائع وشركات ناشئة وموظفين في شركات غربية غادروا روسيا.
وخلف هذه التحركات، قرارٌ من الإمارات وأهم مركز تجاري فيها بعدم تطبيق العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا، حيث تحاول الإمارات ودبي الالتزام بموقف محايد رغم شراكتها الأمنية الطويلة مع الولايات المتحدة.
ووجد الروس الذي قرروا التحرك باتجاه دبي مجتمعا حيا ونابضا من الروس يصل تعداده حوالي 100 ألف متحدث باللغة الروسية، ومنافع أخرى مثل قوانين هجرة سهلة ولا ضريبة على الدخل. وزاد معدل السياحة الروسية لدبي حيث لم تتوقف الرحلات مع موسكو. وقالت رشا حلاوة، الاقتصادية في المجلس الأطلنطي: “وضعت دبي شروطا مناسبة لجذب الروس الراغبين بالبحث عن ملجأ آمن لأنفسهم وعائلاتهم وأرصدتهم”.
وطلب المسؤولون الغربيون من الإمارات الحد من التجارة مع روسيا، ولكن بدون رد، في الوقت الذي ترحب فيه دول أخرى مثل تركيا وكازاخستان بالروس، وتواصل الهند شراء النفط الروسي. إلا أن مركز دبي كعصبٍ لتدفق المال، يثير قلق الدبلوماسيين الغربيين، وبشكل محدد حول إمكانية استخدام الإمارة كمنفذ للهروب من العقوبات.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك في زيارة له في آذار/ مارس للإمارات: “لا أطلب منهم أن يكونوا جزءا من العقوبات” و”لكن أطلب (منهم) ألا يتربحوا من العقوبات الأوروبية والأمريكية”. ورفض متحدث باسم الخارجية الإماراتية الرد على أسئلة من الصحيفة، وأحالها إلى بيان للحكومة في الأسبوع الماضي “أكد على التزاماتها بالعمل مع المجتمع الدولي لمواجهة الجريمة المالية وتذكير رجال الأعمال بواجباتهم فيما يتعلق ببرنامج العقوبات الدولي”، مع أن البيان لم يشر تحديدا لفرض العقوبات التي وضعتها دول على روسيين وشركات روسية. ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي عبد الخالق عبد الله قوله إن الانفتاح الإماراتي على الروس يعكس موقف البلد المحايد “عندما يتعلق الأمر بالعقوبات الأمريكية والأوروبية، فنحن انتقائيون”.
وقبل الحرب في أوكرانيا، كانت شركة “سوفكمفلوت” التابعة للدولة الروسية، تدير أعمالها من سانت بطرسبرغ وتشرف من هناك على أسطولها من ناقلات النفط، فيما تدير حساباتها المصرفية الأوروبية من قبرص، وتؤجر أسطولها من الناقلات البالغ عدده 120 ناقلة للشركات حول العالم، بما فيها شركة توتال إنيرجي الفرنسية وأرامكو السعودية. وبعد فرض العقوبات، لم تعد الشركة قادرة على العمل مع شركات التأمين في أوروبا وكذا البنوك والتجار.
وقال موظفون حاليون وسابقون، إن الشركة قررت نقل جزء من عملياتها إلى دبي، حيث يثق المدراء التنفيذيون أن الحكومة هناك لن تفرض عقوبات على شركات تابعة لها. ولم ترد سوفوكمفلوت على الصحيفة للتعليق. وبقاعدة لها في دبي، تستطيع الشركة الحصول على خدمات تجعل ناقلاتها مبحرة، بما في ذلك تحميل النفط والصيانة والحصول على طواقم وخدمات مصرفية، حسبما قال مسؤولون في صناعة الشحن وخبراء في العقوبات.
ومنحت الترتيبات شريان حياة لتصدير النفط الروسي، حيث تستخدم شركات النفط مثل “روسنفط” الحكومية ناقلات الشركة لشحن النفط الخام، وذلك حسب بيانات الشحن. وتشكل موارد تصدير الطاقة نسبة 40% من الميزانية الروسية. وتشير الصحيفة إلى أن معظم الأشخاص والشركات الذين أقاموا فروعا لهم في دبي لم تفرض عليهم عقوبات.
وفي بداية آذار/ مارس، قررت صوفيا كوستنيونينا نقل شركتها الناشئة “سبيكلاب ليمتد” من بطرسبرغ إلى دبي؛ لأن العقوبات على روسيا ستمنعها من دفع الأموال للشركاء في الخارج. وتعتمد شركتها على جمع أشخاص من أنحاء العالم لتعلم اللغة وجها لوجه أو عبر الإنترنت، ولو بقيت في روسيا لأغلقت أبوابها. ولم تحتج صوفيا سوى عدة أسابيع لفتح فرع لها في دبي، وقالت: “الكثير من الشركات تنقل موظفيها إلى دبي وذلك لأن هناك سهولة لنقل الموظفين من روسيا إليها. ليس لدينا الكثير من الخيارات”.
وقالت الصحيفة إن مواقع البحث عن عمل تبحث عن ناطقين بالروسية للعمل في الفنادق والمطاعم والصالونات في كل أنحاء دبي. وقال العاملون في القطاع المالي بدبي، إنهم يتلقون طلبات من رجال أعمال لنقل عملياتهم من أوروبا الغربية التي أغلقت فيها البنوك الأوروبية الحسابات الروسية. وتساعد المصارف في دبي رجال الأعمال الروس على بناء أنفسهم رغم أنها تطرح أسئلة حول الزبائن المحتملين لتجنب أفراد فرضت عليهم عقوبات. وقالت شركة تعمل على مساعدة الأثرياء الروس في نقل أرصدتهم إلى الإمارات، إنها لم تساعد أي عميل روسي واحد منذ عام 2016، ولكن بعد غزو أوكرانيا في شباط/ فبراير، فقد ساعدت حوالي 15 روسياً يشكلون ثلث عملائها.
وقالت الشركة إن قيمة الأرصدة -شركات ومال وأشكال أخرى من الثروة- تساعد في نقلها إلى دبي تصل إلى 4.5 مليار دولار. وقام هؤلاء بنقل مقر إقامتهم في روسيا وسجلات شركاتهم وحساباتهم البنكية من لوكسمبرغ وقبرص ولندن وزيورخ إلى دبي.
وقالت شركة فيرتشزون التي تساعد على بناء الشركات في الإمارات، إن عملاءها الروس وإن كانوا يمثلون جزءا صغيرا من عملياتها، تضاعف هذا العام عن العام الماضي. كما نقلت شركات غربية مثل غوغل وجي بي مورغان، موظفيها الروس إلى دبي. كما أن الثروة الروسية واضحة في دبي، فسفينة “مدام غو” التي يملكها عضو البرلمان أندريه سلوتش، راسية في ميناء دبي منذ شهرين.
وتحولت دبي لمرسى ومهبط مشغول للطائرات الروسية بما فيها طائرة صاحب نادي تشلسي رومان أبراموفيتش. وأدى اهتمام الروس بدبي لزيادة الإقبال على سوق العقارات فيها. وفي بداية الحرب، منعت روسيا الناس من سحب سوى 10 آلاف دولار من العملة الصعبة، وهو مبلغ زاد إلى 50 ألف دولار، لكن الروس قالوا إنهم استطاعوا إرسال مبالغ لحسابات مطوري العقارات والوفاء بالتزاماتهم لشراء شقق وبيوت في دول صديقة.
وتسمح البنوك الروسية لأفراد بتحويل مئات الآلاف من الدولارات إلى حسابات مطوري العقارات بالإمارات. وهو ما زاد من الإقبال على شراء عقارات في بنايات وناطحات سحاب تحت الإنشاء. وفي واحدة من ناطحات السحاب تحت الإنشاء، بيعت 330 شقة سكنية معظمها للروس.
.
وقد قالوا : مصائب قوم عند قوم فوائد، ولكن هل ستدوم هذه الفوائد إلى الأبد، لا أظن
عندما يتعلق الامر بالمال، جميعهم على دين واحد.
ما بني على باطل فهو باطل و زائل،
. والله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين