لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده مراسلوها في تل أبيب والرياض ودبي قالوا فيه إن المخاوف من إيران وتراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط جمع المتنافسين والأعداء وسط سلسلة من الدبلوماسية المحمومة في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى لقاء ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في أبوظبي. وهو آخر لقاء في سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية التي تعيد تشكيل الجيوسياسة بالشرق الأوسط وسط مخاوف من انهيار المحادثات النووية مع إيران وتقلص الدور الأمريكي.
وكانت المحادثات في أبوظبي هي الأولى بين قادة إسرائيل والإمارات منذ توقيع اتفاقية التطبيع الدبلوماسية العام الماضي. ومنحت بن زايد وبينيت الفرصة الأولى للتنسيق شخصيا في القضايا التي يتنافس فيها البلدان والمخاوف المشتركة من إيران التي وسعت برنامجها النووي. كما منحت الزعيمين الفرصة لمناقشة العلاقات التجارية المنتعشة بعد خمسين عاما بدون علاقات دبلوماسية. وقاد الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل إلى اتفاقيات مع دول عربية أخرى، عرفت باسم اتفاقيات إبراهيم وعقود تجارية بمليارات الدولارات.
المخاوف من إيران وتراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط جمع المتنافسين والأعداء وسط سلسلة من الدبلوماسية المحمومة في المنطقة
وقضى بن زايد وبينيت يوم الإثنين أربع ساعات في المحادثات التي حضرتها وفود واسعة، وساعتين ونصف بين ولي العهد ورئيس الوزراء في قصر الشيخ. ووصف بيان رسمي زيارة بينيت بأنها “حجر أساس جديد في تطوير العلاقات الدافئة والشراكة القريبة بين البلدين” حيث تمت مناقشة عدة قضايا مدنية وتجارية. ووجه بينيت دعوة لبن زايد لزيارة إسرائيل وقبل الدعوة، وناقشا اتفاقية التجارة الحرة في العام المقبل حسب مكتب بينيت.
وزادت معدلات التجارة بين البلدين إلى 10 أضعاف خلال الأشهر العشر من 2021 وبمعدل 874.5 مليون دولار. وهذا الرقم لا يعكس العقود الضخمة التي وقعت بين إسرائيل والإمارات بما فيها بيع شركة ديليك دريلنغ حصة من حقل تامار للغاز الطبيعي إلى الصندوق السيادي الإماراتي “مبادلة” بمليار دولار.
وجاء لقاء يوم الإثنين بعد سفر بن زايد إلى تركيا الشهر الماضي من أجل إصلاح العلاقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي دعم الحركات الإسلامية التي تعاديها الإمارات وتراها خطرا أمنيا. وبشكل منفصل توسطت قطر بين السعودية وتركيا لعقد لقاء لم يكن متخيلا بين الرئيس التركي وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، في إشارة على تقارب ورأب للصداع الذي قسم المنطقة لسنين. وحاول المسؤولون القطريون جمع الزعيمين في الدوحة الأسبوع الماضي، لكن بدون نجاح، عندما زارا العاصمة في أيام تفصل بينهما. ويقول أناس عارفون إن المسؤولين يحاولون البحث عن وقت مناسب ومكان مناسب لجمعهما في الأسابيع المقبلة.
زادت معدلات التجارة بين إسرائيل والإمارات إلى 10 أضعاف خلال الأشهر العشر من 2021 وبمعدل 874.5 مليون دولار
ويقول الدبلوماسيون في الشرق الأوسط إنهم يتحدثون مع المتنافسين الذين تجنبوا بعضهم البعض وسط مخاوف وعدم وضوح من الإدارة الأمريكية والتزاماتها للمنطقة. وفي أعقاب الخروج الأمريكي المفاجئ من أفغانستان وتركيز سياستها الخارجية على الصين. وبعد الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد المنشآت النفطية السعودية في 2019، وهو الهجوم الذي ترك أسئلة بدون أجوبة وأدى لتخفيض الدور الأمريكي في العراق، وجد المسؤولون في المنطقة أن التزام أمريكا ورغبتها بالبقاء في المنطقة تراجعت.
وقال يوئيل غوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: “لا مجال للشك من أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والمفهوم بأنها تريد الخروج من هنا، تقول الكثير”. وراقب الخليج وإسرائيل بقلق المحادثات التي تجريها الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في فيينا مع إيران لإحياء الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 والتي تم فيها رفع العقوبات مقابل الحد من النشاطات النووية الإيرانية. ولم يتحقق أي تقدم خلال الأسابيع الماضية وهناك مخاوف من انهيارها بشكل يؤدي إلى أزمة بالمنطقة. ويقول جوشوا تيتبلباوم، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة بار إيلان: ” كل اللاعبين- إسرائيل والإمارات، والجميع يتنافسون على موقع”، مضيفا “هناك إدارة جديدة وبسياسة جديدة ولا نزال نحدس حول إيران وإن كانت قد وصلت مرحلة الحصول على السلاح النووي، وهو ما يجبر كل طرف على إعادة تجديد علاقاته”.
ومع تجدد الحوار في الشرق الأوسط، لا تزال إسرائيل في موقع غير متميز، فرغم اتفاقيات إبراهيم إلا أن صلاتها قليلة مع بقية دول الخليج، مما يجعلها أكثر اعتمادا على الإمارات. ولا تقيم إسرائيل علاقات رسمية مع السعودية، رغم اللقاء السري في الصحراء بين ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
وينظر الإماراتيون في العلاقة مع إسرائيل كشراكة، خاصة أن الأخيرة دافعت عن حقها في ضرب إيران، وكوسيلة لتعزيز الأمن. لكن الإماراتيين يخشون من أن يؤدي هجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية وبدون تنسيق مع بقية الحلفاء إلى حرب في المنطقة. وتقول سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس بلندن: “ما تحاول دول الخليج عمله بطريقة مختلفة في هذه المرحلة الجديدة علاقتها قوية مع الدول المخالفة ومحاولة إضعاف إيران”.
وهناك حوار متجدد يعطي زخما باتجاه تخفيف النزاعات التي نتجت عن انتفاضات الربيع العربي. فالسعودية مثلا، تحاول تخفيف بصماتها في حرب اليمن التي خسرت فيها المملكة الحرب تقريبا أمام الحوثيين الذين تدعمهم إيران. وبدأت بعض الدول العربية بالدفع نحو الاعتراف بشرعية رئيس النظام السوري بشار الأسد على أمل وقف الحرب الوحشية التي مضى عليها عقد. والتقى وزير الخارجية الإماراتي الأسد في دمشق الشهر الماضي. وقد توجه الدعوة إلى سوريا لحضور القمة العربية في الجزائر ولأول مرة منذ تعليق عضويتها عام 2011.
بالنسبة لأردوغان في العلاقة مع السعودية، الحسابات متعلقة أكثر بالمال وليست الجيوسياسة، فهو يبحث عن شريان حياة وسط أزمة العملة التركية
وعقدت السعودية جولات مع المحادثات مع إيران بوساطة عراقية على أمل إعادة العلاقات التي توقفت منذ 6 أعوام. وسافر شقيق محمد بن زايد، مستشار الأمن الوطني، طحنون بن زايد إلى طهران هذا الشهر واجتمع مع الرئيس إبراهيم رئيسي ووجه له دعوة لزيارة أبو ظبي.
ويقول المحللون إن الحوارات المتعددة لا تهدف بالضرورة لإصلاح العلاقات ولكن فتح قنوات اتصال حالة انهارت المحادثات النووية. وبالنسبة لأردوغان فلقاؤه مع بن سلمان هو فرصة لحل عدد من القضايا وبخاصة التي أدت لتوتر العلاقات مثل مقتل الصحافي جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018. لكن محمد بن سلمان يريد تعهدا من أردوغان بألا يذكر موت خاشقحي وكذلك وقف الصحافة التي تظل تنشر عن الموضوع، حسب مسؤولين سعوديين وقطريين. وبالنسبة لأردوغان فالحسابات متعلقة أكثر بالمال وليست الجيوسياسة، فهو يبحث عن شريان حياة وسط أزمة العملة التركية.
هههههههه وعلى دويلة الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي تدور الدوائر