في أعقاب خطاب الرئيس اوباما الى الامة، والذي كان مكرسا في معظمه للشؤون الداخلية، بقيت أنت، يا جناب وزير الخارجية، وحدك لمعالجة النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. يوجد من يقول انك تتطلع لان تتنافس على الرئاسة في الانتخابات القادمة. كسياسي محنك، ليس على لسانك لا نفيا ولا تأكيدا. على كل حال، فانت بدت منذ الان تصعد وتنزل في مدرج الطائرة مثابة خفة ملكية. والسؤال الذي يشغل بالي هو هل في الزمن المتبقي ستواصل التركيز الاقصى، مثلما فعلت حتى الان، على موضوعنا. اذا كان هذا بالفعل ما سيحصل، فاني كنت سأسمح لنفسي بان أتوجه اليك بالطلب التالي: صحيح، ايا من الطرفين لا يجن جنونه على المسار الذي تقترحه، وكل واحد منهما يفعل كل ما في وسعه كي يثبت بان الاخر هو رافض السلام، ولكن حذار أن تتأثر بذلك. بيبي لم يخترع الطريقة وهذه لم تبدأ به. ففي السنوات العشرة من حكمه لم يبادر بيبي الى أي حرب، أي سلام، كما أنه لم يكن، ولا يمكنه أن يكون، شارون. ‘في ضوء تهديدات المتطرفين في حكومته، لا يمكن لبيبي أيضا أن يقيم حزب سلام خاص به مثل كديما. ولا غرو أنه يحتاج الى الاحابيل. عندما قال بيبي انه يمكن ان يبقى قسما من المستوطنين في الاراضي الفلسطينية، فقد نجح في أن يخدع بينيت فقط. استغرقه وقت لاقناعه بان هذه احبولة، مثابة اذا كانوا يرغبون فليأكلوا واذا كان لا يرغبون فلا داعي لان يأكلوا. وان كان هذا احبولة، فانه يسيء سمعة الاحبولة. فالجميع يعرف بانه لن تكون تسوية نهائية دون اخلاء كل المستوطنين. فمنذ محادثات اوسلو تم النظر بين الطرفين في الخيار في أن يتمكن بعض المستوطنين من المغادرة وتلقي التعويضات والبعض الاخر يبقى في اماكنهم الحالية تحت حكم فلسطيني. ومنذئذ لم يأخذ احد هذا على محمل الجد. اذن أين هنا الاحبولة؟ فهو يذكر قمة ايهود باراك مع عرفات وكلينتون في كامب ديفيد والتي رغم الابتسامات انتهت بالفشل. ‘أردت أن أكشف الوجه الحقيقي لعرفات’، قال باراك الذكي العظيم. وعندها اندلعت الانتفاضة الدموية الاكثر فتكا منها جميعا. بيبي هو الاخر اراد أن يكشف ‘الوجه’ الحقيقي للفلسطينيين، ولكن بدلا من ذلك كشف عن الوجه الاعوج لحكومة بيبي. أيها السيد كيري المحترم، في الوقت المتبقي لك حتى الانتخابات للرئاسة، لا تهجر بأي شكل مساعيك المذهلة في تحقيق تسوية سلمية بيننا وبين الفلسطينيين. فببساطة لا يوجد لك بديل. واصل ولا تيأس، لا من أقوال بينيت ولا من اقوال يعلون، اكونيس، فايغلين، ليبرمان وامثالهم. فهذا الشعب يتطلع الى السلام، وانت جعلت هذا التطلع خطوة ممكنة. د. كيسنجر، الذي كان له صعود وهبوط في علاقاته مع اسرائيل، غضب جدا علينا في مرحلة معينة بعد اندلاع حرب يوم الغفران، لدرجة انه قرر فترة تبريد في العلاقات، بما في ذلك تهديد بوقف توريد السلاح. تهديد القطيعة، الذي كان ينطوي على خطوة كيسنجر، فعل فعله واثبت بان التهديد الجدي من جانب امريكا نحن قادرون على فهمه. لا نهاية للمبررات العقلانية التي تلزمنا بالوصول الى تسوية. فرجاء تجاهل، سيدي وزير الخارجية، المتزمتين الذين يتحدثون عن قدسية البلاد وعن الرب. وستكون هذه كارثة اذا ما أودعت اسرائيل مستقبلها في ايدي هؤلاء المتزمتين. فمعظم الاسرائيليين، وحتى الاصوليين ممن لا يخدمون في الجيش ولا يؤثر فيهم وجود مقاطعة زاحفة على منتجات اسرائيل وعلى العلاقات معها، يريدون ان يعيشوا في دولة طبيعية مع حياة طبيعية. واذا ما جاء محلك، سيدي الوزير، احد ما أقل تفانيا، أقل اكتراثا، لا يكون له الدافع الذي يشتعل في عظامك فان من شأن اسرائيل أن تجد نفسها هدفا دائما في منطقة يعربد فيها الاسلام المجنون. لا توجد اي مصيبة في طرح أفكار ابداعية، او حتى استخدام المناورات من أجل الوصول الى تسوية. لا ترفع اليدين، سيدي وزير الخارجية، إذ مثلك ينبغي ان يعرف بان ما لا يتحقق بالقوة يتحقق بمزيد من القوة. والقوة هي في يديك حتى اللحظة الاخيرة في فترة حكم الاوزة العرجاء. لا تكل.