الذي لا يُحسن القرار
إن العاملين في الجهاز السياسي على يقين من أنه لو وقعت الصفقة مع أبو مازن مشتملة على الافراج عن السجناء الاسرائيليين لاستطاع بينيت أن ينزل عن الشجرة التي تسلقها، لكن بعد أن يشنق نفسه فقط، ولن يكون ذلك إلا اذا نجح اجراء نزع الجنسية الاسرائيلية عن السجناء المفرج عنهم.
كان ذلك هو الاجراء الذي تمت فيه مباحثات محمومة في مكتب رئيس الوزراء وشارك فيه ايضا المستشار القانوني للحكومة: ماذا نفعل لتنفيذ الصفقة مع الفلسطينيين من غير أن ينقض بينيت عُرى الحكومة. بيد أن السجناء الذين كان يجب عليهم أن يوقعوا على سلبهم جنسيتهم شرطا للافراج عنهم رفضوا، ورفض كذلك مندوبو الفلسطينيين الى التفاوض. ولهذا كان احتمال استقالة بينيت مرتفعا جدا وهو ما كان سيفضي فورا الى حل الحكومة والى انتخابات مبكرة.
لكن أبو مازن لم ينقذ بينيت وحده حينما وقع على اتفاق مصالحة مع حماس، لأنه أنقذ نتنياهو والليكود وسائر احزاب الائتلاف الحكومي ذ ويشمل ذلك ليبرمان ولبيد ذ وأنقذ كل من كانوا سيضطرون الى مواجهة حل الائتلاف الحكومي والتوجه الى انتخابات في وقت غير مريح لأي أحد منهم لو أن اسرائيل نفذت الصفقة مع الفلسطينيين. لو أجريت انتخابات لكانت أكبر احتمال ألا يُشكل نتنياهو الحكومة القادمة، وليس ذلك لأنه غير أهل للانتخاب فلا منافس له البتة في انتخابات شخصية. لكن استطلاع مينا تسيمح الذي أجري قبيل العيد لصحيفة ايديعوتب بين بوضوح أنه لو أجريت الانتخابات اليوم لما استطاع نتنياهو أن يشكل ائتلافا حكوميا فما كان أي حزب ليوصي الرئيس به؛ لا بينيت الذي سبب سقوطه، ولا الحريديون، ولا لفني، ولا لبيد ولا ليبرمان ايضا. إن رئيس اسرائيل بيتنا مشغول الآن بارتباطات جديدة فهو يفحص عن امكانية أن ينافس في الانتخابات القادمة مع كحلون. ويبلغ هذا الفحص الى استطلاعات عميقة بغية الفحص عن أنه هل تأتيهما منافستهما المشتركة حينما يكون ليبرمان رئيس الحزب بعدد من النواب أكبر من مجموع النواب لكل واحد على حدة. لكن أبو مازن أحرق يوم الاربعاء أوراق اللعب وانتقلت الكرة الى لفني. وليس السؤال الآن ماذا سيفعل بينيت بل ماذا ستفعل الوزيرة التي دخلت حكومة نتنياهو كي تأتي باتفاق سلام. من الواضح أنه لو أجريت انتخابات الآن لتحطم حزب الحركة، ولهذا يفترض أن تتمسك لفني بكل طريقة بالحكومة الحالية وأن تحاول إحياء الاتصالات بالفلسطينيين باعتبارها شرطا لبقائها، إلا اذا كانت تتكل كما يقول اشخاص ساسة على اطار سياسي آخر في الانتخابات القادمة. وتوجد عدة امكانات: فهي تستطيع اذا وقف التفاوض أن تتفق الآن مع هرتسوغ وحزب العمل بزعم أنه لا يمكن التوصل الى تسوية سلمية مع تشكيلة الحكومة هذه. واذا استقر رأيها أن تعتزل الحكومة بسبب الشأن السياسي ومضى معها سائر اعضاء حزبها فسيبقى ائتلاف حكومي مؤلف من 62 عضو كنيست. ولن يبقى هذا الائتلاف زمنا طويلا وفي داخله اعضاء كنيست مشاغبون مثل فايغلين وريفلين وغمليئيل وآخرين.
لكن من الممكن أن تعتزل لفني الحكومة دون أن تأخذ كل الحركة معها وأن يبقى نصفها ذ دافيد تسور ومئير شتريت واليعيزر شتيرن ذ في الائتلاف الحكومي في حين يعود بيرتس ومتسناع الى حزب العمل. وهذا أمر آخر. إن ائتلافا من 65 عضوا يمكن أن يبقى، واذا استقر رأي لفني على ألا تعتزل (وهذا هو السيناريو الاكثر منطقا) بقي ائتلاف من 66 عضوا.
ويلائم هذا ايضا امكانا آخر أثير هذا الاسبوع في الجهاز السياسي وهو ألا تتفق لفني مع هرتسوغ بل مع ليبرمان وكحلون على منافسة مشتركة في الانتخابات القادمة. وفي هذه الحال لا يوجد ما يدعوها الى الاسراع الى الترك الآن لأن هذا التنظيم سيستغرق وقتا ولن يجديها انصرافها الآن عن الساحة السياسية.
ماذا ستفعل لفني اذا؟ ستقول إن الفلسطينيين مذنبون. يقول مسؤول كبير في الليكود، وستعلل بقاءها بأن عندها عملا كثيرا في وزارة القضاء وإنها تبقى كي لا تُمكن البيت اليهودي من أن يفعل ما يحلو له في المستوطنات وأنها تتحمل مسؤولية حماية جهاز القضاء. هل تعوزها التعلات؟
لكن لفني ليست وحدها في هذا القارب لأن يئير لبيد ايضا سيضطر الى أن يُفسر لناخبيه الذين جاء اكثرهم من الوسط واليسار بقاءه في الحكومة التي لا تجري تفاوضا سياسيا. وقد قال هو وعوفر شيلح اكثر من مرة في الماضي إنه ليس لهما ما يبحثان عنه في حكومة كهذه. وتعلمون أن لبيد سينتظر ليرى ماذا ستفعل لفني، فاذا بقيت فسيجد تعلات هو ايضا. وهما يستطيعان أن يقولا دائما وبقدر كبير من الصدق إن نتنياهو لا يتحمل تبعة الازمة هذه المرة.
وبدا رضا في الليكود ايضا لأنه اذا لم يتغير شيء فان اسرائيل هي التي فازت في لعبة تبادل الاتهام، لأنه اذا كان أمكن الى الآن اتهام اسرائيل بأنها لم تفِ بالصفقة التي التزمت بها، فلن يستطيع أحد منذ أن وقع أبو مازن مع حماس، أن يزعم أن اسرائيل تتحمل تبعة تفجير التفاوض.
سيعقد في يوم السبت مؤتمر مجلس م.ت.ف. وهم في الليكود يؤمنون بأن أبو مازن سيتمسك هناك بالمواقف المتشددة التي عرضها ويدفن التفاوض بصورة نهائية.
ينتظر الجميع الآن. إنهم ينتظرون أن يروا اقامة الاتفاق بين حماس وفتح حقا، وينتظرون أن يروا ما ستفعله لفني وما سيفعله اعضاء حزبها. وينتظرون المعركة على الرئاسة: هل سينافس سلفان شالوم وإن لم يفعل فمن يدخل الميدان. وماذا سيقرر نتنياهو، وهذا سؤال ذو موضوع دائما كما يبدو. وماذا سيكون قراره في شأن مرشحه للرئاسة. ومن سيكون رئيس لجنة الخارجية والامن. ومن سيحل محل ياريف لفين رئيسا للائتلاف الحكومي. إنها قرارات كثيرة جدا لشخص واحد لا يُحسن القرار.
يديعوت 25/4/2014