يمكن توجيه القدرات التي تستثمرها اسرائيل لمنع البرنامج الايراني لمسارات اخرى

حجم الخط
0

في العام 1947 ألقى الرئيس الامريكي في حينه خطابا أمام الكونغرس معروفا اليوم باسم ‘عقيدة ترومان’. وكان هذا في وقت غير طويل بعد الحرب العالمية الثانية، حين زرعت بذور الحرب الباردة بين القوتين العظميين العالميتين، الولايات المتحدة، التي قادت الكتلة الغربية، والاتحاد السوفييتي، الذي قاد الكتلة الشرقية.
ترومان، الذي خشي من انتشار الشيوعية في العالم، قرر ان تصد الولايات المتحدة نية السوفييت الاحتلال الفكري لدول عديدة في الارض، او بلغة اخرى، قرر ان تساعد الولايات المتحدة في تثبيت الانظمة الحرة. وكانت احدى ذرى الحرب الباردة هي حول أزمة الصواريخ في كوبا، التي نشأ بعدها اصطلاح جديد هو ‘ميزان الرعب’.
والكثير بفضل هذا الاصطلاح منع اشتعالا كان يمكن أن يجر العالم الى حرب عالمية ثالثة. فقد فهمت القوتان العظميان في حينه ان من الافضل للطرفين المساومة وتهدئة التوتر، منعا لنشوب حرب نووية شاملة قد تؤدي الى نتائج شديدة حتى أكثر من الكوارث الكبرى للحربين العالميتين في بداية ومنتصف القرن.
لقد تربى رئيس الوزراء نتنياهو في بيت كان فيه للتاريخ الانساني وزن كبير. كابن المؤرخ، البروفيسور بنتسيون نتنياهو، يعرف نتنياهو الشاب كم هو مهم تعلم الماضي لايجاد المسار الصحيح في الحاضر. وأنا أكتب ذلك كطلب انفعالي لرئيس الوزراء.
لعل هذا هو الزمن المناسب لتغيير الفكر في كل ما يتعلق بمسألة البرنامج النووي الايراني.
ولعله بدلا من محاولة تجنيد امم العالم للعمل على وقف البرنامج الفارسي، من الافضل لنا أن نحتويه ونفهم بان ما يفعله آيات الله في طهران لا يمكن اعادته الى الوراء، وان التاريخ البشري أثبت ان تنفيذ البرنامج الايراني سيبني ميزان رعب بين اسرائيل وايران ميزانا يمنع الطرفين من استخدام السلاح الاكثر تدميرا.
ان انتخاب رئيس جديد في ايران، حسن روحاني، يمكن أن يشكل بالنسبة لاسرائيل سلما للنزول به عن الشجرة وتخزين خطط الهجوم في احد الجوارير السفلى في ديوان رئيس الوزراء. فالمقدرات والطاقة التي تستثمرها اسرائيل في محاولة منع استكمال البرنامج الايراني، يمكن توجيهها الى مسارات اخرى.
ونقطة اخرى للتفكير في هذا السياق.
اذا فكرنا بعمق، فان الصورة العالمية تبدو على النحو التالي: توجد دولة في الشرق الاوسط، واحدة من القوى العظمى النووية القوية في العالم، وتزايد على عدو مرير لها من مغبة التجرؤ على الوصول الى تنفيذ قدرتها النووية في ذات الميدان بالضبط. والان اسألوا كل زعيم دولة، او حتى المواطن العادي، أين يقيم الاحساس بالعدل لديه في كل ما يتعلق بالتعاظم النووي، وستفهمون انه ليس لاسرائيل أوراق قوية جدا في اليد تسمح لها بان توعظ العالم كله باغلاق العيون عن النووي الايراني. يجمل باسرائيل أن تستوعب ان البرنامج النووي هو حقيقة ناجزة، ولعله بالذات لهذا السبب لديها اسباب وجيهة للهدوء.

معاريف23/6/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية