إن تجنيد الدبلوماسية الاسرائيلية لخدمة النظام العسكري في مصر خطوة سيئة جدا. سيئة لاسرائيل وسيئة لجيش مصر. لكنها أخف الضرر لأنه لا يوجد أفضل منها.
إن عودة الاخوان المسلمين الى الحكم الذي تركوه، رغم أنوفهم، قبل عدة اسابيع ستكون ندباً عميقا. إن هذا المسار سيغرق مصر في العصور الوسطى. فكرامة المرأة عندهم هي في الداخل في المطبخ فقط؛ وستخلي الاكاديمية والتقدم التكنولوجي مكانهما لمتدينين متطرفين وغوغائيين بلا حلول.
وسيكون ذلك ندبا عميقا للمنطقة كلها، حينما يسيطر آيات الله على اختلافهم في طهران وأنقرة والقاهرة وفي بيروت ايضا بقدر كبير؛ وسيكون ندبا عميقا لاوروبا التي يهدد الآن ارهابيون اسلاميون بالهجوم على قطارات في داخلها وهي غير مبالية أو مذعورة؛ وسيكون ندبا عميقا لاسرائيل ايضا. فان هذا النظام سيكون تهديدا دائما لاتفاق السلام الذي وقع عليه مناحيم بيغن وأنور السادات وثبت لامتحان الأحداث القاسية التي حدثت منذ 1979.
حينما قتل متطرف ظلامي السادات فرض بيغن حضوره في الجنازة. ولا يوجد من يستطيع أن يتخيل رئيس وزراء اسرائيليا يسير وراء النعش لو أن المتآمرين قتلوا حسني مبارك (يبدو انه يوجد عدل لكن لا يوجد منطق في ان يفرج النظام العسكري عنه من السجن ويسكب زيتا آخر على الموقد). وستدفع اسرائيل ثمنا ما حتى لو نجح الجيش في جعل الدولة مستقرة، لأنه سيضطر الى إظهار تباعد وانفصال عنها. لأن الدوائر الليبرالية على الخصوص، لا الاخوان المسلمين، يثيرون طلب الغاء اتفاق السلام، واذا تغلب الفريق عبد الفتاح السيسي على خصومه فسيضطر الى ان يستجيب للصرخة المخيفة من ميدان التحرير.
لكن هذه هي الامكانية المريحة، لأنه اذا نجحت امريكا واوروبا في اسقاط الحكم العسكري واعادة العجلة الى الوراء فستصبح العلاقات بين القاهرة والقدس أصعب من ان تُحتمل. ولن يتجاهل من سيكون مرسي القادم الجهد الدبلوماسي الاسرائيلي لتمييل قلب امريكا واوروبا الى الجيش. وسيكون الثمن الذي ستدفعه اسرائيل أكبر كثيرا بما لا يقبل المقارنة.
يوجد شيء ما مقلق في مجرد حاجة اسرائيل الى قرع أبواب وزارات الخارجية في الغرب، وبيان ذلك، حيث كان يجب عليها ان تفهم ذلك من دون مساعدة دبلوماسية من الخارج. ويقتضي سلوك الغرب الذي يثير العجب نظرة أساسية، فقد تكون قوته ضعفت، وفقد رغبته في النضال لأجل جوهر الحكومة التي ستسيطر على القناة المائية الصناعية، التي تربط آسيا باوروبا؛ وقد يكون اوباما ساذجا؛ وقد تكون اوروبا محجمة عن إغضاب الاسلام، بسبب كثرة العرب الذين استوطنوها.
إن شيئا ما من كل هذه الاحتمالات موجود في امريكا واوروبا اللتين تنظران الى الأحداث المصرية في ذهول. فيجب على اسرائيل اذا ان تنقض عدم التدخل الذي ميز سلوكها الى الآن في مصر وسورية. إن سهولة ضغط الجيش المصري على الزناد في ميدان التحرير تثير الارتداع حقا، لكن هذه المواجهة الآن مواجهة حياة أو موت، والذي سيضعف أولا هو الذي سيستسلم للضغط الخارجي، والذي لا يسير الى النهاية لن يستطيع ان يسير البتة. والسيسي يعلم هذا وكذلك الاخوان المسلمون. ويتظاهر اوباما وكاثرين آشتون فقط بأنهما لا يعلمان.
دان مرغليت
اسرائيل 20/8/2013