“يوم مقاومة” إسرائيلي غداً على وقع تراشق بالشتائم بين نواب الكنيست

وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”: تتواصل مساعي الوساطة لإحراز تسوية بين المعسكرين المتصارعين داخل إسرائيل، لكن الائتلاف الحاكم يخطّط لتسريع وتيرة التشريع، فيما تخطّط المعارضة لمظاهرة واسعة جداً، غداً الخميس، تزامناً مع سفر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وزوجته سارة نتنياهو إلى إيطاليا.

وكانت تسريبات صحافية قد نشرت مقاطع من تسوية مقترحة ثانية من قبل رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ وطواقم مثقفين وخبراء ومسؤولين سابقين من التيارات السياسية المختلفة، وهي بمثابة حل وسط يدمج بين مطالب المعسكرين المتصارعين.

 وحسب إذاعة “مكان” الإسرائيلية، فقد دأب خبراء في القانون، في الأيام الأخيرة، تحت رعاية هرتسوغ، على إعداد مسودة حل وسط لأزمة التغييرات في الجهاز القضائي. وترتكز مسودة المقترح الجديدة على مسألة “القانون الأساسي: التأسيس والتشريع الذي يرسخ الطريقة التي يتم بها وضع قوانين الأساس (الدستور) وتعديلها. وتتضمن مسودة الحل المقترح عدة أسس: لن يتم سن “فقرة التغلب” أو الاستقواء التي تمكّن الحكومة من التغلب على المحكمة العليا، تمتع المحكمة العليا بصلاحية إلغاء القوانين العادية التي يسنها الكنيست، وليس بمقدرها نقض القوانين الأساس (الدستورية)، إلا عند اجتماعها بكامل هيئتها، أي 15 قاضياً على أن يتخذ الحكم بأغلبية ثلثي القضاة، أي عشرة قضاة من أصل 15 هم عدد هيئة المحكمة العليا. وحسب مسودة التسوية المطروحة، فإن “الكنيست لن يكون قادراً على سن قانون لاحق يخالف هذا الحكم الصادر عن المحكمة”، أي أنه لن تكون هناك “فقرة تغلب”، التي تتيح للكنيست التغلب على قرار المحكمة العليا بسن القانون مجدداً بعد إلغائه من قبل المحكمة. أما في ما يتعلق بكيفية تعيين قضاة المحكمة، فسيتم بواسطة لجنة، كما هو الحال لغاية الآن، ولكن تشكيلة لجنة تعيين القضاة ستتألف من 11 شخصاً، هم وفقاً للمقترح: ثلاثة وزراء وعضو كنيست من الائتلاف واثنان من المعارضة، وثلاثة قضاة من المحكمة العليا، واثنان من ممثلي الجمهور، يتم التوافق عليها بشكل مشترك بين وزير القضاء ورئيس أو رئيسة محكمة العدل العليا، وبهذه الطريقة لن يحظى الائتلاف بأغلبية تلقائية في اللجنة. ويبقى خلاف في هذا القسم بشأن الأغلبية المطلوبة عند تعيين قاض في المحكمة العليا، بين أغلبية عادية وأغلبية 8 أعضاء في اللجنة من أصل 11 هم أعضاؤها.

تزايد التحذير من وصول الانقسام إلى الجيش والمؤسسة الأمنية، حيث تتعالى أصوات العصيان في بعض التشكيلات العسكرية.

الصراعات في العمق أخطر

لكن التسوية تبدو غير قريبة، خاصة أن الصراع الدائر أعمق وأخطر من نقاش ساخن حول مكانة المحكمة العليا، والفصل بين السلطات الثلاث، وفي العمق هناك صراع بين شرقيين وغربيين، علمانيين ومتدينين، بين نخب قديمة تمسك بمفاتيح الدولة العميقة وبين نخب جديدة. ويجري كل ذلك وسط اشتداد حدة التراشق والطعن الشخصي وتفاقم خطاب الكراهية وتزايد التحذير من وصول الانقسام إلى الجيش والمؤسسة الأمنية، حيث تتعالى أصوات العصيان في بعض التشكيلات العسكرية في جيش الاحتياط، والتي يتعرض قادتها للقدح والتقريع غير المسبوقين.

 ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مقربين من وزير القضاء في حكومة الاحتلال ياريف ليفين، قائد “الإصلاحات القضائية”، قولهم إنه يعارض مسار التسوية المقترحة من قبل رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ، التي تمّ تسريب مقاطع منها. ونوّهت هذه المصادر أن ليفين ورئيس لجنة الدستور والقانون سمحا روتمان، وهو أحد أشد رموز الائتلاف الحاكم تطرفاً وتأييداً للتشريعات التي تقزّم الجهاز القضائي، قد اعتبرا أن هناك اتفاقيات في متناول اليد، لكنهما أكدا مواصلتهما التشريع كما هو مخطط، لأن وقفه يعني ضرراً كبيراً للدولة.

 ووفقاً لتصريحات وتسريبات، فإن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو معني بأن يتوصل وزير القضاء لتسوية، وأن هذا يريد كسب الوقت حتى الدقيقة الأخيرة، وهذا ما يحذّر منه قادة المعارضة الذين يتهمون قادة الائتلاف الحاكم بالمخادعة والمناورة والتضليل. وعبّر الخبير القانوني البروفيسور مردخاي كريمنتسر عن مواقف كثيرة في أوساط قضائية إسرائيلية ترى بنص التسوية المقترحة الثانية من جهة هرتسوغ ومكّلفين من طرفه بقوله إنها ليست أساساً للحوار، وتمثل خطراً على الديموقراطية”.

في المقابل نقلت الصحيفة العبرية عن قيادات في حزب “الليكود” الحاكم قولهم إنه لن يتّم التوّصل لتسوية قريباً، فيما يؤكد قادة الاحتجاج استكمالهم الاستعدادات لمظاهرات كبرى في إسرائيل، وإغلاق طرق في جميع أنحاء البلاد، ضمن ما يسمونه “يوم مقاومة”، ويشمل الاحتجاج، غداً الخميس، قوافل سيارات تنتج أزمات مرورية في مفارق أساسية، تشويشات على الشوارع، وتشويشات في المطار، ومظاهرات في عدة مراكز، وكذلك محاصرة المطار الدولي في اللد، في محاولة لتشويش سفر نتنياهو إلى إيطاليا.

تحذير الجنود في الاحتياط

وما زالت تصريحات غير مسبوقة في حدتها لبعض الوزراء ضد جنود وضباط الاحتياط تثير ردود فعل واسعة بعدما صبّت الزيت على نار السجالات الداخلية. من أبرز هذه التصريحات الحادة ما قاله وزير الاتصالات شلومو كارعي، الذي وصف إعلان الطيارين والأطباء وجنود الوحدات الخاصة المعارضين للتشريعات الحكومية بـعدم التطوع والتدرب في جيش الاحتياط بـ “التصريحات الوقحة”.

 وتابع كارعي: “إسرائيل ستتدبر أمورها بدونكم ولتذهبوا للجحيم. هذا الرفض للخدمة تعيش وتفوح منه رائحة نتنة. فلنمضي بالتسريعات”. وتبعته وزيرة الدعاية غاليت ديستل أطبريان بالقول، هذا اليوم الأربعاء، إنها لا تعتذر عن قولها أمس الأول بأن “الطيارين الذين أعلنوا عدم امتثالهم للتدريبات العسكرية احتجاجاً على الانقلاب على الديموقراطية هم جبناء، ولا يهمني ما فعلوا لصالح الدولة، فمساعدات الحاضنات في رياض الأطفال يعملون الكثير لأجل الدولة”. وفي تبرير تمسكها بموقفها قالت: “لا يوجد في إسرائيل جنود مع وقف التنفيذ أو بشروط. طيارون مقاتلون بشروط ليسوا وطنيين، وليسوا ملح الأرض، وليسوا صهاينة”.

خط أحمر

وأثارت هذه التصريحات عاصفة من ردود الفعل الغاضبة، وسط توجيه اتهامات لنتنياهو بأنه صمت عليها مدة طويلة، وعندما خرج عن صمته اكتفى بانتقاد مبطّن ومخفف لها، ودون ذكر اسمي الوزيرين المتورطين بتصريحات قاسية ضد الجنود والضباط المحتجين على “الإصلاحات القضائية”.

 وتحت عنوان: “هناك تآكل في النظام العسكري” أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى لقاء وزير الأمن يوآف غالانت والقائد العام لجيش الاحتلال هرتسي هليفي مع مجموعة من قيادات الاحتياط من مختلف الوحدات على خلفية تصاعد مشاهد العصيان ورفض التطوع من قبل جنود الاحتياط في وحدات النخبة في سلاح الجو والسايبر وغيرها.

وفي اللقاء أكد هليفي أن رفض الخدمة هو خط أحمر، وبالوقت ذاته استنكر الهجوم الذي تعرض له المحتجون، فيما قالت “يديعوت أحرونوت” إن غالانت يسمع صوتاً مختلفاً عن المسموع في حزبه (الليكود) بقوله: “سأقوم بالدفاع عن كل قوات الاحتياط، حتى أولئك الذين لا يفكرون مثلي”. من جهته خاطب الجنرال في الاحتياط ديفيد عيفري الطيارين المقاتلين في الاحتياط، ودعاهم لعدم الإقدام على التمرّد، ويقول، ضمن مقال عنوانه: “لا يكفي أن أكون على حق، ليس لدينا دولة أخرى”.

كارعي وصف إعلان الطيارين والأطباء وجنود الوحدات الخاصة المعارضين للتشريعات الحكومية بـعدم التطوع والتدرب في جيش الاحتياط بـ”التصريحات الوقحة”.

قرقرة الدجاجة

وما زال البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) مسرحاً بارزاً للتراشق بين مؤيد ومعارض للخطة الحكومية للإصلاح القضائي، ومن تجلياته الجديدة التراشق بين عضو الكنيست المعارضة عن حزب “يش عتيد” ميراف بن آري، وبين الوزيرة عن “الليكود” غولان. خلال النقاش الساخن حول “التشريعات القضائية” كانت الوزيرة بلا حقيبة ماي غولان قد اعتلت منصة الكنيست، وما أن شرعت في خطابها حتى قاطعتها النائب ميراف بن آري، فردت عليها الوزيرة ساخرة من صوتها الرفيع، الذي يشبه صوت الدجاجة، بالقول: “كفّي عن قرقرة الدجاجة فأنت تزعجينني. أنت تصرخين ليل نهار، وصوتك كصوت الدجاجة المضطربة، وفمك الفم الأكثر قذارة في البرلمان”. واستشاطت بن آري على نعتها بالدجاجة وردت بالمثل: “من أنت حتى تتحدثي معي بهذه اللغة السوقية الهابطة؟ أنت وقحة، ولم تنجزي شيئاً في حياتك. أنت صفر على اليسار”. وحاولت رئيسة الجلسة، وزيرة التربية والتعليم السابقة يفعات شاشا بيطون (الحزب الدولاني برئاسة بيني غانتس) تهدئة الخواطر، دون جدوى، فطلبت من الوزيرة النزول عن المنصة. يشار إلى أن نائباً من حزب “العظمة اليهودية” الفاشي ألموغ كوهن قد قام، في الأسبوع المنصرم، بفتح بث مباشر في صفحته في الفيسبوك وهو داخل الكنيست تحدث فيه واصفاً بعض نواب “القائمة المشتركة” بالحيوانات، مردداً أصوات الخراف والعنز. وتوجّه كوهن للنائب اليهودي الشيوعي من “المشتركة” النائب عوفير كاسيف بالقول: “أسكت. اخرس”. وعقّب عليه النائب أحمد الطيبي، الذي عمل في الماضي طبيباً، بالقول إنه لم يكن يسمح لكوهن بمعالجة كلبه”.

دعوة للحوار

وخلال سجال ساخن بين كاسيف وبين نسيم فاطوري، نائب من الليكود، تراشقا بأوصاف مثل: “أنت قمامة” و”أنت صفر” و”حثالة”. كما كان بعض نواب المعارضة قاموا بالتشويش اجتماع لجنة الدستور والقانون بأن صعدوا على الطاولات، وغيرها من المشاهد البربرية.

وفي ظل حالة التشظي والانقسام وتصاعد خطاب الكراهية والتحريض، الذي سبق وحذر رئيس إسرائيل السابق رؤوفين ريفلين منه بالقول إنه أخطر من قنبلة إيران، بادرت منظمة العمال العامة في إسرائيل “الهستدروت” لإطلاق حملة دعائية تدعو الإسرائيليين للكف عن إحراق البيت، جاء فيها: “معاً كنا، ومعاً كنا داخل بيت واحد، وتعالوا للحوار فهذا البيت ملكنا جميعاً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية