رام الله ـ «القدس العربي»: رغم إعلان حركة فتح عقب اجتماع للجنة المركزية للحركة قبل أيام وعلى لسان أكثر من قيادي عن استقالة الحكومة الفلسطينية خلال ساعات قليلة إلا أن الحكومة لم تستقل. بيد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس التقى رئيس وزراءه رامي الحمد الله وتباحثا في موضوع الحكومة من مختلف جوانبها والمعيقات التي تعترض عملها بعد عام على تشكيلها.
رئيس الوزراء الفلسطيني قطع الشك باليقين عندما أعلن أنه لم يتقدم بكتاب استقالته للرئيس محمود عباس. وأنه على ضوء إجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة عباس وبمشاركة رئيس الوزراء والمقرر عقده غداً الاثنين وبعد الإستماع إلى وجهات نظر مختلف الأطراف والتشاور بهذا الشأن مع الجميع فسيتحدد مصير الحكومة الحالية.
كما كشف رئيس الوزراء أن هناك خيارات عدة في الأمر وهو ما يعني التخبط الفلسطيني الرسمي في التعامل مع ما آلت إليه الأوضاع الفلسطينية الداخلية. والخيارات المطروحة هي إجراء تعديل وزاري. أو تشكيل حكومة وحدة وطنية. أو تشكيل حكومة مختلطة تضم ممثلين عن الفصائل الفلسطينية وبعض المستقلين. وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة الحالية ملتزمة بقرارات القيادة الفلسطينية وأنها ستواصل أداء مهامها إلى حين اتخاذ القرار الأكثر ملاءمة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية.
وخرجت أصوات عدة من الفصائل الفلسطينية تنادي بتشكيل حكومة جديدة وأن تكون حكومة وحدة وطنية أي يتم اختيار وزرائها من قبل ممثلي الفصائل الفلسطينية. وصرح قيس عبد الكريم «أبو ليلى» نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن التحديات التي تواجهها حكومة الوفاق الوطني الحالية تتطلب العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع القوى الوطنية والإسلامية الموقعة على اتفاق القاهرة للمصالحة الوطنية، من أجل التغلب على العقبات التي تعترض مسار انهاء الانقسام.
وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي تعليقات على ما يجري خاصة ضمن المستوى الرسمي للقيادة الفلسطينية. فعدم وضوح الرؤية بالنسبة للشارع أكد لهم من جديد أن لا استراتيجية فلسطينية واضحة سواء على الصعيد الداخلي أو حتى في ملف إنهاء الاحتلال. وسخر الكثير من النشطاء على صفحاتهم على من باتوا يعرفون بـ»المستوزرين» في فلسطين. وجاء في كلمة التحرير الخاصة بموقع وطن للأنباء في رام الله أنه «على المستوزرين ومن هم على قائمة الانتظار أن يستعدوا لرنة الهاتف السحري الذي يشملهم بوزارة. ولكن ذلك لن يفعل سوى أن يوسع عضوية نادي الوزراء السابقين الذي بات مكتظا ودون أي دور. فالشعب لم يعد يكترث بالوزراء والوزارات ما دامت هذه المؤسسات لا تقدم له حتى بارقة أمل بسيطة».
ويستدل مما ينشر من آراء أن الرأي العام في الشارع الفلسطيني غير مكترث بقضية الحكومة. أو حتى شخصية رئيس الوزراء أو إن جرى تعديل وزاري أو تشكيل حكومة جديدة. فالنسبة للشارع الوجوه تتغير والحال لا يتغير وهذا هو المعيار الرئيسي لاهتمام الشارع وليس الأشخاص.
أما القضية الأخرى التي تباين فيها الأداء الرسمي الفلسطيني وأثارت حفيظة الرأي العام المحلي فكانت قضية «التسهيلات» وهو الإسم الذي تحب إسرائيل استخدامه والمرتبط بمنح الاحتلال تصاريح خاصة للفلسطينيين لدخول القدس المحتلة وفلسطين المحتلة عام 1948 خلال شهر رمضان.
بداية المشكلة لدى الشارع كانت عندما أعلنت الشؤون المدنية الفلسطينية عن هذه «التسهيلات» التي حصلت عليها من إسرائيل ودعت المواطنين إلى التقدم بطلبات الحصول على التصاريح الخاصة. لكن الأمر تغير عندما خرجت تصريحات من بعض المسؤولين الفلسطينيين ونقلت على لسان الرئيس الفلسطيني أنه أصدر قراراً برفض هذه التسهيلات ووقف إصدار التصاريح.
وخرجت بعد ذلك تصريحات أخرى تنفي وجود هكذا قرار وتقول أن من يحاول الضغط هم كبار التجار الفلسطينيين الذين يخشون من انتقال الأموال والسيولة إلى السوق الإسرائيلي. وبين النفي والتأكيد ورغم وجود بعض الإشارات التي تؤكد قرار الرئيس إلا أن مصادر رسمية عادت بعد يوم واحد وأعلنت عودة العمل على استصدار التصاريح من جديد.
وثار غضب الشارع الفلسطيني أولاً من تناقض التصريحات الرسمية والذي عكس عدم القدرة على الرد على «تسهيلات» الاحتلال الإسرائيلي. كما عبرت آراء الشارع عن الانزعاج الشديد من قرار الرئيس كونهم يعتبرون أن زيارة القدس وأراضيهم المحتلة عام 1948 هو حق لهم وليس منة من الاحتلال الإسرائيلي.
لكن السلطة الفلسطينية رأت أن ما تدعوه إسرائيل «تسهيلات» على حياة السكان الفلسطينيين خلال شهر رمضان ليس سوى خطة سياسية إعلامية اقتصادية ممنهجة وجزءا من استراتيجية إسرائيلية جديدة لمواجهة السلطة الفلسطينية. وتتخوف السلطة الفلسطينية فعلاً من استغلال إسرائيل لهذا الأمر إعلامياً وأنها مع حرية الأديان وحرية الحركة من خلال منح التصاريح. كما أن التخوف الآخر هو الاستغلال السياسي لهذه القضية ناهيك عن الاستغلال الاقتصادي الكبير من خلال توافد عشرات آلاف الفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر والقدس المحتلة.
كما أن الآراء في الشارع ساخطة على التجار الفلسطينيين الذين يحاولون محاربة التصاريح بحجة حماية الاقتصاد الفلسطيني بينما لم يقدموا للفلسطينيين أي عروض على بضائعهم سواء خلال شهر رمضان أو بقية السنة مقابل مقاطعة بضائع الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتقد كثيرون أن الآلاف ممن سيدخلون إلى القدس العربية وفلسطين المحتلة عام 1948 سيتنبهون إلى عدم شراء البضائع الإسرائيلية. خاصة بعد نجاحات المقاطعة الدولية للاحتلال والتي يقدرها الفلسطينيون كثيراً. وأنتظر المقدسيون من طرفهم هذا الموسم «شهر رمضان» لوصول إخوتهم من الضفة الغربية وقطاع غزة والتبضع من محالهم التجارية ومنتجاتهم.
فادي أبو سعدى