أجهزة الدولة لا تزال تعمل بـ«كتالوغ» ما قبل 25 يناير… ومؤامرة لتسطيح العقل المصري

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : أمس ولت مصر بصرها وسمعها نحو المحكمة الإدارية العليا التي عقدت أولى جلساتها للنظر في طعن الحكومة ببطلان قرار محكمة القضاء الإداري بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي سلمت بموجبها الحكومة بأن جزيرتي تيران وصنافير تتبعان المملكة العربية السعودية.
الأمر الذي أسفر عن غضب شعبي سرعان ما تحول لفرح، إثر حكم محكمة القضاء الإداري الأسبوع الماضي، الذي أقر بحق مصر في الجزيرتين.. وعلى الرغم من مساحة الأمل التي بدأت تضيق بشأن إمكانية أن تقر «الإدارية العليا» حكم القضاء الإداري، إلا أن النخب العريضة والقوى الشعبية التي وقفت خلف الدعاوى الرامية لعدم التفريط في أي شبر من تراب الوطن، قد كشف عن أن شعبية نظام الحكم الراهن آخذة في الانحسار، وربما شرعيته كذلك، خاصة أنه لم يسبق أن سجل التاريخ تفرغ سلطة دولة ما لجمع مستندات تثبت أن ارضاً تقع تحت سيادتها منذ عقود بعيدة ليست من حقها..
المصريون بالأمس كانوا على موعد مع القلق والخوف، غير أن الثوار بدأوا يستردون وعيهم وتيقنوا أن الصراع على تيران وصنافير ليس سوى خطوة في مشوار الألف ميل، من أجل إقناع السلطة التي تتولى مقاليد الأمور بأنه ليس في الإمكان إعادة البلاد لما قبل تاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2011.. بالأمس كانت أيضاً قضية المصالحة بين الإخوان والنظام على صدارة القضايا التي اهتمت بها الصحف المصرية، التي انقسم كتابها لقسمين، فريق ضد الصلح يرون في الجماعة شرا لابد من اجتثاثه، وفريق يرى أن مصر لا يمكن أن تمضي مستقبلها وهي مثخنة بالجراح والفرقة وإلى التفاصيل:

لا بديل عن المقاومة

البداية مع أجمل البشر الذين لا يرضون عن الكرامة بديلا.. أهلنا في فلسطين المحتلة، حيث يعترف أحد الذين تغنوا بالسلام طويلاً أن المحتل الإسرائيلي لا يعرف سوى لغة المقاومة.. مكرم محمد أحمد في «الأهرام» بأنه: «سوف تستمر الصراعات والمذابح الفلسطينية الإسرائيلية في صور تتغير وتتبدل وتكيف نفسها مع تطور أدوات القهر وأساليبه، التي يستخدمها الإسرائيليون، ومع ذلك يصر بنيامين نتنياهو على أن يسلك طريق الشر إلى نهايته، وما من سبيل آخر أمام الفلسطينيين سوى أن يكبدوا الإسرائيليين ثمن احتلال بغيض يهين آدميتهم إلى أن يفهم كل إسرائيلي أنه لا سبيل إلى قهر إرادة الشعب الفلسطيني، الذي لن يعدم أبدا الوسائل التي تمكنه من القصاص، من هؤلاء الذين استمرأوا العدوان على أرضه وحقوقه وكرامته. ومثلما فشل القهر الإسرائيلي في إخماد ظاهرة الحرب بسكاكين المطابخ، وطعن الإسرائيليين في الشارع وعلى الرصيف، وأمام محطات الأتوبيسات، فشلت عمليات القتل الفوري للفلسطينيين في إخماد الرغبة الفلسطينية في الثأر والانتقام التي ترد للفلسطيني إنسانيته وكرامته، وتمكنه من إظهار قدرته على رد أخس صور العدوان الإسرائيلي. والآن يفكر بنيامين نتنياهو في بناء حائط بعمق 30 مترا تحت الأرض يحاصر قطاع غزة في قوس دائري يطول إلى أربعين كيلومترا تبلغ تكلفته 600 مليون دولار، لأن الفلسطينيين منذ انتهاء حرب الـ50 يوما في غزة التي راح ضحيتها 2100 فلسطيني مقابل 72 إسرائيليا نجحوا في حفر أكثر من 30 نفقا تحت الأرض بينها 14 نفقا عبرت الحدود إلى داخل إسرائيل وصولا إلى بعض قرى المستوطنين».

الأمين لا يفرط في أرضه

الحديث عن تيران وصنافير لا ينتهي ، وها هي سكينة فؤاد في «الأهرام» تعبر عن رأيها قائلة: «القرار النهائي يجب أن يكون للوثائق والجغرافيا والتاريخ، وأن الحكومة قبل توقيع القرار المبدئي لابد أن تكون قد استوفت هذا التوثيق، وأن القرار يظل مبدئيا لا يكتمل ولا ينفذ إلا بالعرض على نواب الشعب لتأكيد سيادة الشعب في صناعة واتخاذ القرار… فما بال الأمر إذا كان القرار يمس الحفاظ على الأرض والتراب الوطني – مؤمنة بأنه لا يوجد مصري ينتمي إلى هذه الارض الطيبة انتماء أصيلا يقبل التضحية بحبة رمل واحدة منها ـ وأن هذه عقيدة أساسية من عقائد المقاتل المصري. وفي 17/4 كتبت «الرغبة المقدسة في الحفاظ على الأرض يجب أن تبنى على قراءات علمية لخبراء وأهل قانون ومؤرخين، على أعلى مستويات الخبرة والكفاءة والمصداقية، ولجميع الوثائق التاريخية والجغرافية القديمة والحديثة، وإدراك أن الكلمة الفاصلة في وضع الجزيرتين انتقلت إلى الشعب عبر نوابه.. وبينهم قامات محترمة، ويجب أن يوضع أمام نواب الشعب كل ما يصل بهم إلى صواب القرار بشأن هذا الحدث التاريخي الجلل. ولا يقل أهمية إدراك أن الدفاع عن الحقوق والغضب الوطني المشروع يختلف تماما مع كل ما يقود إلى حرق وتدمير الوطن.. فمنذ اللحظات الأولى للإعلان المفاجئ عن تغيير هوية وانتماء الجزيرتين لم تتوقف محاولات التهوين والتشكيك بكل ما يحدث في مصر ومحاولات لإشعال نار فتن وصراع وتخوين وتوجيه اتهامات واستقطاب وتقسيم».

لهذا يصرون على سعودتها

لكن لماذا يصر النظام على الطعن على حكم بطلان منح تيران وصنافير للسعودية.. محمد سيف الدولة في «الشعب» لديه ما ينبغي سماعه في هذا الأمر: «لتنفيذ صفقاته وتفاهماته مع السعودية؛ الراعي المالي الأول له، ولتمرير عملية التطبيع السعودي الإسرائيلي من بوابة تيران وصنافير، وفقا لملاحق كامب ديفيد الأمنية، في إطار الترتيبات الإقليمية الجديدة تحت الرعاية الأمريكية، ولإرسال رسائل متعددة إلى السعودية و(إسرائيل) وأمريكا وكل الأطراف الإقليمية والدولية، بأنه لا يزال له السيطرة الكاملة والوحيدة على كل ما يدور في مصر، وأنه قادر على عقد أي نوع من الصفقات والاتفاقيات وتمرير أي نوع من التوجهات والسياسات والتحالفات.
كذلك لإجهاض أي محاولات لاستقلال القضاء وأحكامه عن إرادة وهيمنة وتعليمات السلطة التنفيذية، ولعدم السماح بحدوث سابقة قضائية بإبطال أي اتفاقيات توقعها الدولة مع أي دول أو شركات أو أطراف خارجية، في ظل نظام غارق في التبعية للخارج منذ عام 1974، استمد شرعيته الدولية على امتداد 40 عاما من توقيع عشرات المعاهدات والاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، التي عصفت باستقلال البلاد واستباحت الإرادة الوطنية، من أول كامب ديفيد والمعونة الأمريكية، والتسهيلات العسكرية للأمريكان في قناة السويس والتعاون معهم في مكافحة الإرهاب/المقاومة بعد غزو العراق، واتفاقية فيلادلفيا مع إسرائيل لمراقبة غزة، إلى الخضوع لتعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين، واتفاقيات الكويز والغاز مع إسرائيل. كما يخشى النظام وفقاً للكاتب من أن يتحول أي انتصار للقوى الوطنية المعارضة في قضية تيران وصنافير، إلى مصدر تعبئة وإلهام لتحدي السلطة الحاكمة في القضايا الأخرى».

لا يزعجها أن تبدو عميلة

ونبقى مع القضية ذاتها، حيث اهتمت «المصريون» بتصريحات لأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، بأن الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري ببطلان نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ألحق ضررا كبيرا بالحكومة، كما وضع مجلس النواب في موقف حرج للغاية. وأضاف نافعة في تصريحات لموقع «المونيتور» الأمريكي، «أن هذا الحكم وضع الحكومة في مأزق جديد أمام الشعب، وأظهرها على أنها حريصة على منح الجزيرتين للسعودية، حتى لو ظهرت في نظر البعض كأنها «عميلة»، أكثر من حرصها على إبقاء الجزيرتين تحت السيادة المصرية، حسب تعبيره. وتابع، الحكم سبب أيضا مأزقا لمجلس النواب، لأنه حال تأييده اتفاقية إعادة ترسيم الحدود مع السعودية، التي تنص على نقل تبعية الجزيرتين، سيكون مناقضا للسلطة القضائية، وسيظهر أقل وطنية منها في عيون الشعب، على حد قوله. وخلص نافعة إلى القول: إن الحكم يعني أيضا أن المتظاهرين الذين ألقي القبض عليهم في جمعة الأرض كانوا يدافعون عن قضية وطنية عادلة، وهو ما يفرض على السلطة من الناحية الأخلاقية الإفراج عنهم».

شرعيته تآكلت

ومن تدوينات أمس الأحد التي تكشف غضب أصحابها من النظام، نختار تلك التي أطلقها أحد معارضي النظام واحتفت بها عدة مواقع إلكترونية، تلك التي انتقد خلالها الدكتور حازم حسني – الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – قيام الحكومة المصرية بالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. وقال حسني في تدوينة :»أياً كانت نتيجة الطعن القانوني الذي تقدمت به حكومة السيسي أمام المحكمة الإدارية العليا التي ستنظره، فإن المؤكد أن نظام السيسي قد (طعن) بهذا (الطعن) شرعيته – أو ما تبقى منها – في مقتل … فحتى إن تم نقض الحكم (لعدم الاختصاص) فإن لعنة الجزيرتين قد قوضت تماماً الكثير من الشرعيات لا شرعية السيسى وحده»، حسب رأيه. وأضاف: «كان الله في عون مصر وفي عون المصريين في مقبل الأيام… ولا عزاء للغافلين عن الحق، ولا للهائمين وراء السراب، ولا للمتوسمين خيراً في الأمل الكاذب»، حسب تعبيره».

الرجوع للحق فضيلة

لكن هل من الممكن أن تعود السلطة للرشد؟ عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» يؤكد: «لو كنت مكان الحكومة وكل أجهزتها لفكرت مليون مرة في مغزى الطريقة التي تم بها جمع قيمة غرامة الإفراج عن الشباب المقبوض عليهم. قرأت قبل أيام تقريرا صحافيا ممتازا وشديد المهنية عن هذا الأمر. بعض المتبرعين تلاميذ دفعوا أقل من عشرين جنيها، في حين أن من ذهب لتسليم التبرع دفع لسيارة الأجرة ضعف هذا المبلغ.. صحيح أن بعض أهالي المقبوض عليهم، أو الذين تمت تبرئتهم كانوا من الأغنياء ودفعوا الكفالة كاملة، وصحيح أن بعض رجال الأعمال تبرعوا بمبالغ كبيرة، لكن ما حدث مع بقية الشباب كان أمرا ينبغي التمعن في دلالاته. يعتقد الكاتب أن الحكومة وأجهزتها عندما اتخذت قرار توقيع الاتفاقية، ثم السير فيها بالطريقة التي رأيناها، لم تكن تدري شيئا عن أنها ستواجه هذا المستوى من رد الفعل. سبب ذلك في تقديري أن أجهزة الدولة لاتزال تعمل بكتالوغ ما قبل 25 يناير/كانون الثاني. هي تعتقد أن شباب هذه الايام هم شباب أيام مبارك أنفسهم. هذه الأجهزة تفأجات تماما بما حدث في 25 يناير، وكان الطبيعي والبديهي أن تعيد النظر في آلية التعامل مع الشباب الجديد، الذين صاروا مختلفين تماما وأكثر تمردا حتى من الشباب الذين قادوا الثورة وفجروها قبل خمس سنوات. ويصر الكاتب على أن بعض الذين تظاهروا يوم 25 أبريل/نيسان الماضي في منطقة وسط البلد، احتجاجا على ترسيم الحدود مع السعودية، معظمهم لم يكونوا من الإخوان أو أي تنظيمات دينية، بل ربما لا ينتمون لأي تنظيمات سياسية بالأساس».

حتى لو تمت المصالحة

حتى الآن، ليس مفهوما ما تعنيه «المصالحة» المقترحة بين النظام والإخوان، لكن ما يعتقده محمود سلطان في «المصريون» أنها: «تعني «تسوية» الوضع بين طرفين السلطة والإخوان! والبعض «يراهن» على تلك المصالحة، ويعتبرها مفتاحا لحل مشاكل مصر الحالية. والسؤال الذي يعتبره الكاتب أولى بالإجابة: هل هي فعلاً كذلك.. هل ستحل كل مشاكلنا، بمجرد أن يتصالح الطرفان؟ هل تختصر أزمات مصر الحالية، في أزمة علاقة الجماعة بنظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي؟ بمعنى لو جلس السيسي مع محمود عزت، ستصبح مصر في اليوم التالي نمرا اقتصاديا في شمال أفريقيا؟ ربما كان مفهوما، أن تكون هذه المصالحة مهمة، في حينها وفي وقتها.. أي عندما تعطلت الدولة بالكامل، بعد الصدام الدموي العنيف، بخروج الإخوان من السلطة بعصا الدولة الغليظة. الآن.. وفي وسط الأزمات التي تعصف بالدولة، وتهدد وجودها ومستقبلها، بات الكلام عن المصالحة بين الإخوان والسيسي «ترفًا»، وصرف الأنظار بعيدا عن المصائب الحقيقية. ما يبعث على «القرف» أن حديث المصالحة، ظل على حاله، مستدعيا ممارسات ستين عاما مضت، من أرشيف مباريات تبادل ركل الكرة، بين الإخوان والأنظمة التي تعاقبت على الحكم، منذ الإطاحة بآخر ملوك أسرة محمد علي. الشعب ـ في كل مرة ـ لم يكن طرفا في هذا الصراع، بل كان ضحية التلاعب به، خلال قعدات تقسيم الكعكة، خلف الأبواب المغلقة وداخل المكاتب السرية».

على طريقة مبارك

ولازال الحديث عن المصالحة متواصلاً، وهذه المرة على يد محمود خليل في «الوطن»: «الأحاديث المتواترة عن قصة المصالحة مع الإخوان التي ترددت على ألسنة بعض المسؤولين في الدولة، وعلق عليها عدد من كبار الكتاب، تعكس نغمة تفكير ملخصها أن «العودة إلى قديمه» ممكنة، أو بعبارة أخرى: أن الرجوع إلى المعادلة القديمة في إدارة العلاقة بين الإسلاميين والسلطة واردة، بل ربما تكون أحد المداخل لحل جزء من أزمات السلطة الحالية. وبداءة لا بد أن نقرر أن أي حديث عن الصلح مع الإخوان هو حديث سلطة، فالصلح المطروح هو صلح على المستويات العليا، بين قيادات الجماعة وصناع القرار فيها، وبين صناع القرار داخل السلطة، وهو بحال ليس حديثاً عن مصالحة شعبية، لأن حالة الخصام الشعبي للإخوان، ومخاصمة الجماعة للشعب مسألة تعمقت مع الأحداث التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية. فمنذ 30 يونيو/حزيران 2013 لا تتردد جماعة الإخوان في تسفيه الشعب والشماتة في معاناته، ويصل الأمر في بعض الأحوال إلى تمني الخراب له، لا لشيء إلا لأنه ثار ضدهم، الناس كلها تدرك هذا الشعور الإخواني، وتفهم أن الجماعة وأنصارها يفرحون لأي أذى يلحق هذا الشعب، ولم يعد بمقدورهم إخفاء شماتتهم في مثل هذه المواقف، والجماعة من ناحيتها ترى أن فرحها بما يحيق بالمصريين من ضرر وما يعانونه من ضغوط أو مشكلات أمر طبيعي، فكيف لا تفرح فيمن تظن أنهم يفرحون لمقتل أو سجن أعضائها، بل ويحرضون عليه؟ ويؤكد خليل أن خصام الشعب للإخوان، وخصومة الجماعة مع الشعب أمر بيّن لا لبس فيه، لذلك فأي حديث عن المصالحة ينصرف إلى علاقة الجماعة بالسلطة».

سجون جديدة… أستر يا رب!

الإنجاز الواضح في بر مصر منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011 حتى الآن هو بناء هذا العدد الضخم من السجون، وصل عددها إلى تسعة، بخلاف ثلاثة أخرى تحت الإنشاء، لذا والكلام لعبد الناصر سلامة في «المصري اليوم»: «جراب الحاوي كما هو واضح مازال فيه المزيد للأعوام القليلة المقبلة، لا توجد أرقام رسمية محددة لعدد المساجين في بر المحروسة الآن، العدد يتزايد بصفة يومية، لا توجد أرقام محددة أيضاً لعدد المحبوسين احتياطياً، العدد يتزايد كل ساعة، أيضاً لا توجد أرقام محددة لمَن هم دون هؤلاء وأولئك من الذين تبحث عنهم عائلاتهم من دون جدوى، التقارير الحقوقية تطلق عليهم تعبير «المختفين قسرياً».
أرقام غير رسمية تتحدث عن نحو 60 ألف مسجون في أحكام مختلفة، تتحدث عن نحو 80 ألف محبوس احتياطياً، تتحدث عن 1799 شخصاً أُحيلت أوراقهم إلى مفتي الجمهورية، لا نتحدث عن أعداد القتلى، ولا المصابين ولا المعوقين، بالتأكيد نحن هنا نتحدث عن حصيلة الأحداث التي تلت تاريخ 30 يونيو/حزيران 2013، أي حصيلة ثلاثة أعوام، لا نعني هنا أيضاً أصحاب القضايا التقليدية، أو القضايا الطبيعية، فقط نتحدث عن القضايا المرتبطة بأحداث ذلك التاريخ المثير للجدل.
قد يتصور البعض أن الهدف هو تخفيف الأحمال عن السجون القائمة، إلا أن المخاوف منطقية أيضاً من أن يكون الهدف غير منطقي، وهو جمع مزيد من الناس، أو فتح مزيد من القضايا، أو زيادة أعداد المساجين أو المحبوسين إلى مليون شخص، حسبما اقترح أحد «الخوابير الإستراتيجيين» مؤخراً وكان يطمح الكاتب أنه سوف تصبح هناك نهضة في بناء المدارس، المستشفيات وبناء القرى الذكية، مشدداً على أن تفكيرنا يجب أن يتجه إلى التقدم والتطور، بدلاً من مزيد من الخصومة والثأر».

توأم

ومع مزيد من النقد للنظام ومن المدهش أنه صادر من أحد أنصاره السابقين سليمان الحكيم في «المصري اليوم»: «لم يدع نظام 30 يونيو/حزيران نقيصة أو عيباً من نقائص أو عيوب نظام الإخوان المفترض أنه جاء بديلا له إلا واقترفها. فمن دستور تهاني الجبالي استل قانون أحمد الجمال لتنظيم الصحافة والإعلام. ومن قانون عبدالمجيد محمود، استولد قانون هشام جنينة، ومن حصار المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي استنبط حصار نقابة الصحافيين. ومن حازمون إلى «المواطنون الشرفاء» ومن الحارة المزنوقة خرجت علينا «جماعة أهل الشر» بأصابع تلعب وعقول تتآمر، ومن التفريط في السيادة على سيناء إلى التفريط في السيادة على تيران. وأخيرا وليس آخرا استبدال كارتونة الإخوان الرمضانية لاستمالة الفقراء، وحشدهم أمام صناديق الانتخابات بكرتونة «وطنية» احتشد لها الجميع من مؤسسات الدولة وأجهزتها، بما فيها الأجهزة السيادية بجلالة قدرها.
هكذا لم يتغير شيء مما اقترفه نظام الإخوان «العميل» والخائن لدى نظام 30 يونيو «الوطني» «الثوري». وكأن ما حدث في 30 يونيو لم يكن ثورة، بل كان عملية «تسليم وتسلم» على غرار ما يحدث عند تغيير القيادات في الوحدات العسكرية.. ويؤكد الكاتب: لم يكن ما حدث في 30 يونيو ثورة شعبية تسعى إلى بديل وطني لحكم الإخوان الذي كان مجرد «حكم جماعة». ولم يكن حكماً شعبيا يتميز بالمشاركة الديمقراطية. فلا تزال الدولة تستميل شعبها وتتقرب إليه زلفى بالصدقات المعبأة في كراتين الزيت والسكر. متخلية عن دورها الحقيقي باستمالة الشعب بإصلاحات اقتصادية تتوخى الحرص على الحقوق لتعالج بها التشوهات السياسية، التي أدت إلى تفاقم ظاهرة الفقر، وزيادة الأعباء على كاهل الأغلب الأعم من طبقات المجتمع التي باتت ترزح تحت نير الحاجة والعوز».

إستقيلوا
يرحمكم الله

ونتحول لمعركة أخرى يطلقها يوسف أيوب ضد مجلس نقابة الصحافيين في «اليوم السابع»: «الصوت العالي والشللية والمنطق الثوري هي التي تسيطر على مجلس النقابة، ومن يحاول مخالفة الرأي فسيكون مصيره إما التلسين على وسائل التواصل الاجتماعي، وإما التهديد بالشطب من عضوية النقابة، وكأنهم امتلكوا النقابة وحولوها إلى عزبة خاصة بهم، ولا سلطان عليهم إلا أنفسهم، مستغلين الإقبال الضعيف من جانب الصحافيين للمشاركة في جمعياتهم العمومية، وهو ما منح أصحاب الصوت العالي في المجلس ليقرروا ما يشاؤون من دون أن يحاسبهم أحد، فالجمعية العمومية لم تكتمل، وتمرير القرارات ظل الشعار الغالب. المحصلة النهائية أننا أمام مجلس أضر بنا، من دون أن يحقق لنا شيئا سوى إهداره قيم الديمقراطية التي من المفترض أن يكون أول مدافع عنها، وأمامي مثال واضح يعلمه أعضاء المجلس جميعا والنقيب الذي لا حول له ولا قوة، والمثال خاص بالزميلة أمانى الأخرس التي تعرضت قبل عدة أشهر لهجمة شرسة من بعض «الثورجية» وبدعم من أعضاء في المجلس واتهموها بالوشاية للأمن ضد مصور، ورغم أن تحقيقات النيابة لم تثبت أكاذيبهم لكنهم ظلوا في غيهم، وأعلنوها صراحة أن أماني لن تدخل نقابة الصحافيين إلا على جثثهم. نعم هذا حدث بالفعل، تخيلوا أن مجلس نقابة الصحافيين الذي من المفترض أن يدافع عن الصحافيين حتى غير المقيدين في جداول النقابة، يقف ضد صحافية شابة، والسبب أن ثورجية المجلس لا يرتاحون لها، ويكنون العداء والكره للمؤسسة التي تعمل فيها وهي «اليوم السابع»، لأسباب لا نعلمها.. تخيلوا أن مجلس الدفاع عن الديمقراطية انقلب عليها وتحول إلى أشد عدو للديمقراطية، وكله تحت شعار «الثوار عايزين كده».

إرسال الزكاة بالبريد جائز

ذكرت دار الإفتاء، أن إرسال المصريين في الخارج زكاة أموالهم إلى وطنهم مصر «جائز شرعا»، ويعد مساهمة فعّالة في تنمية الوطن وتقويته وإنعاش اقتصاده، لما لتدفقُ أموال الزكاة من أثر كبير على اقتصاد الدول وتنمية المجتمعات، للمساهمة في سد احتياجات أهلها، والإنفاق على مصارف الزكاة فيها، مِن مظاهر حب الأوطان، وحبُّ الوطن من الإيمان، وهو معنى شرعي مقاصدي معتدٌّ به شرعًا.
وبحسب «الوطن» أضافت دار الإفتاء: «من المستقَرُّ عليه في دار الإفتاء المصرية منذ عهد الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية في عام 1946، وحتى يومنا هذا، أنه يجوز نقل الزكاة إلى مصارفها الشرعية في غير بلدها عند الحاجة وللمصلحة». وأوضحت دار الإفتاء، أنه عملًا بالمقاصد الشرعية والمصالح المرعية، يجوز إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وفطرهم إليها، بل ونرى أفضلية ذلك وأولويته في هذه المرحلة التي تحتاج البلاد فيها حاجة أكيدة إلى الإنفاق على مصارف الزكاة فيها، وكفاية المحتاجين وسد حاجة المُعوِزين؛ فمصر وأهلها أولَى بمساعدة مواطنيها وأبنائها. ولفتت الدار، إلى أن القرآن الكريم حدد مصارف الزكاة على العموم من غير أن يُحدِّدَ لها مكانا أو زمانا؛ فقال الله تعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (التوبة: 60)، وجاءت السنة المطهرة بتحديد الأموال التي تجب فيها الزكاة وأحكامها الجزئية على الوجه الذي تتحقق به مقاصدها الدينية والقِيمِيَّة والتكافلية والاجتماعية والتنموية».

إثيوبيا على الأبواب

عناوين مقلقة عن نقص مياه الشرب والري في القرى والمحافظات في صحيفة «الوفد»، منها «جفاف ترع سوهاج وقنا» و«بوار آلاف الأفدنة في الإبراهيمية وبلبيس»، وفي اليوم السابق عليه عنوانان «مأساة العطش تجتاح قرى العياط في رمضان»، و«عزبة السماكين محرومة من شربة ماء»، وفي العدد نفسه يصرح محافظ الدقهلية «بأنه توجد فعلاً مناطق لا تصلها المياه أو تصلها ضعيفة، ولم يتم تنفيذ أي من تلك المشروعات التي تحل أكثر من 80٪ من مشاكل مياه الشرب والصرف الصحي».. «البحيرة والإسماعيلية تحت حصار العطش».
من جانبه يبدي الشافعي محمد بشير في «الوفد» قلقه من تداعيات الأزمة: «إذا كنا في شهر يونيو/حزيران نشكو العجز في مياه الشرب ومياه الري، فماذا تفعل مصر بعد إنجاز مشروع السد على فرع النيل الأزرق في إثيوبيا، وهو الذي يمدنا بـ85٪ من حاجتنا من المياه؟ ماذا ستفعل مصر عندما يحجز سد إثيوبيا 74 مليار متر مكعب من المياه، أي ما يساوي نصيب مصر والسودان معاً؟ خاصة أن مصر لم تصل مع إثيوبيا إلى حل ودي للمشكلة، ولم تعرضها أيضاً على آليات فصل المنازعات بين دول الاتحاد الأفريقي أو بالتحكيم الدولي، وفقاً لقواعد القانون الدولي عن الأنهار الدولية. وهل نسلم بالأمر الواقع أم نتخذ إجراءات تعويضية لتوفير المياه العذبة عن طريق تحلية مياه البحر، وقد شرعنا فعلاً في بناء مفاعل الضبعة؟ وهل نفكر في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في توليد كهرباء على السواحل لتنقية مياه البحر الأبيض والبحر الأحمر وهو ما فعلته دول سبقتنا لذلك؟».

المغامرة البريطانية

بريطانيا تكاد تفقد اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، كلتاهما صوتتا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، اسكتلندا التي بقيت بريطانية في استفتاء 2014 قد تغير وجهتها، وفق ما يشير إليه أكرم القصاص في «اليوم السابع»: «أيرلندا الشمالية تتجه نحو اندماج مع الجنوبية. مفارقة.. الشرق الأوسط بصراعاته يؤثر على أوروبا واليمين المتطرف، البريطانيون صوتوا ضد الهجرة والإقامة واللاجئين، الصراع في سوريا والعراق. بعد الحرب الباردة نمت مع العولمة خلطة جديدة نتاج تهجين بقايا الحروب الباردة، وربما يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بداية كرة الصوف في هولندا فيلدرز، يدعو خيرت فيلدرز المعارض للهجرة إلى استفتاء على عضوية هولندا في الاتحاد الأوروبي. وفي فرنسا يدعو اليمين إلى تصويت مماثل. هناك صدمة ومخاوف من تداعيات الانفصال، هــــناك شكوك في تلاعب بالدعاية لصالح الانفصال، واتهامات بوقوع تضليل، لكن التصويت تم وليس أمام بريطانيا سوى الانسحاب، ولا يتوقع أن يقوم مجلس اللوردات ومجلس النواب بإلغاء نتائج الاستفتاء. بريطانيا ربما لا تكون الأخيرة في سياق الانفصال وتفكك الاتحاد الأوروبي وقد يكون الأمر إيذانا بميلاد تحالفات جديدة أو مزيد من الصعود لليمين الرافض للأجانب والهجرة، وهؤلاء لا يرون أي تأثير للسياسات الأوروبية على الهجرة التي يرفضونها. وماذا عن شرقنا الأوسط؟، وإلى أي مدى يتأثر بما يجري في أوروبا، وعالم يعيش على براكين من الخوف والقلق والخطر، خطر اندلاع حرب أو اتساع صراع».

نصيب العبادة
يومان فقط

وزير الأوقاف وضع شروطاً تعجيزية أمام الراغبين في الاعتكاف خلال الشهر الكريم إلا أن وفاء نبيل في «الأهرام» ترى أن غالبية المصريين يعتكفون أمام المسلسلات: «الثلاثون يوما في شهر رمضان، نصيب العبادة منها لن يكمل يومين كاملين، رغم أن الشهر الكريم مخصص للعبادة فقط، والتقرب من الله، والتضرع له ليغفر ذنوبنا جميعا، التي اقترفناها عن عمد، أو سهو، أو تغافل، أو حتى عن جهل طوال العام. أما ما يحدث، وما نقوم به فعليا في رمضان فهو عكس ذلك تماما، رغم بساطة العبادة، وقيمة أثرها في استعادة السلام النفسي المفقود في حياتنا المتسارعة المجنونة. فمنذ رشف أول شربة ماء بعد أذان المغرب، تهجم علينا البرامج والمسلسلات وحتى الإعلانات، التي تتنافس في جذب انتباه المشاهدين بأي طريقة، حتى إن كانت قبيحة، أو مبتذلة ليقضي الصائم الذي أفطر لتوه، وأصبح شبه مخدر، وغير قادر على الحركة، حوالى خمس أو ست ساعات أمام شاشة التلفزيون، متنقلا بين القنوات، وهو يتناول بقية الطعام الذي أنفق نهاره في جمعه وإعداده.
هذا الانقطاع أو «الاعتكاف» أمام التلفزيون لمشاهدة كل تلك الأعمال الغريبة التي يسمونها فنية، وهي في مجملها كما تشير الكاتبة لا تدعو سوى للسوء، ولتشويه صورة المجتمع المصري، خاصة سمعة نسائه وبناته، بإظهارهن جميعا منحرفات، ألا يوحي بأن هناك مؤامرة ما لتسطيح العقل المصري، وإلهائه عن دينه وأخلاقه، ومحاولة الترسيخ لسهولة فعل الرذائل والكبائر، والتعامل معها على أنها أشياء تحدث في أي مجتمع، سواء كان مجتمع المثقفين أو الأغنياء أو حتى الفقراء في البيئات الشعبية؟

أجهزة الدولة لا تزال تعمل بـ«كتالوغ» ما قبل 25 يناير… ومؤامرة لتسطيح العقل المصري

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية