منذ مطلع التسعينيات برز مصطلح جديد في المشهد الأدبي العربي هو «الأدب الإسلامي» نسب أو نسبت إليه أعمال قيل إنها «أدبية» كتبها متدينون معتدلون أو متشددون، أو ما شابه، كطرح بديل لما يكتبه كتاب «الطغمة الحاكمة»، أو «كتاب الفسق والفجور» أو «المقلدون للغرب» كما وصفوا من قبل المنجرفين دينيا في تلك التيارات السياسية المخبأة تحت عباءة الدين.
عشرات النصوص إن لم تكن مئات، صنّفها أصحابها «أدبا إسلاميا» منها القصة والرواية والقصيدة وحتى المسرحية، نشرت واكتسحت الأسواق تماما، مثل الكتب الدينية التي اكتسحت المكتبات والأرصفة خلال موجة التدين وبروز الأحزاب الإسلامية. ملأت هذه القصص الأسواق ونضبت وأعيد نشرها مرات ومرات، ونضبت ولم يبق من صداها شيء، لا أسماء أصحابها ولا عناوينها ولا محتوياتها.
وحتى أكون منصفة فقد تميز نجيب الكيلاني عن غيره ـ على الأقل قرأناه ونحن أطفال – ولا أذكر اسما آخر جذبنا بهذا النوع من الأدب سواه، ربما تكرر اسم عبد الرحمن رأفت الباشا كناقد دعا نحو مذهب إسلامي في النقد والأدب على مسامعي وفي مقالات قرأتها، لكنني مضيت في خط معاكس لهذا الخط. إذ لم أجدني في تلك النصوص الباهتة التي قام أصحابها بديباجتها بالاستعارات والتشبيهات والمقابلات والمواعظ والإرشادات الدينية وملئها بالخرافات والأفكار المغلوطة لجعل القارئ يرتعب من عذاب القبور ويقضي حياته في ترديد أدعية الصباح والمساء وأدعية دخول الحمام والخروج منه وتعاويذ قطع الشارع ودق الأبواب وطلب الأرزاق وما إلى ذلك. كل شيء كان مبالغا فيه، مع أفق لغوي محدود،، كأن تلك النصوص كائنات غير منسجمة بأثوابها الموغلة في القدم.
كان الأمر شبيها بمن دخل سباقا متأخرا ويريد أن يفوز بالمرتبة الأولى، بدون أن تكون له دراية بحلبة السباق وقواعده. فانتهى باللهاث والاستسلام كما انتهت معه «حفلة الأدب الإسلامي» تلك كما ينتهي كرنفال فاشل اقتحمته ولم يتم التحضير له جيدا.
وانطفأ هذا النوع من المحاولات لكتابة أدب يناسب طموحات المتأسلمين سياسيا بفشل ذريع وقّعه «ذكور» تلك المؤسسة السياسية، إلى أن عاد بواجهة جديدة أكثر لفتا للنظر، بتوقيع «إناث» المؤسسة نفسها، التي منحت رخصة لهن للكتابة شرط التزامهن بقواعد الأدب الإسلامي ولباسهن الشرعي، ويقال في ما يقال إن عددهن تخطى العشر كاتبات، أمّا أدبهن فيبدو أنه مُقيَّم سلفا من خلال لباسهن، ثم من خلال إيديولوجيتهن، أو أنه مُرَوَّجٌ له بالنقاب للفت الأنظار إليه. وفي مقال لفايز سامح نشر مؤخرا في جريدة «الحياة» نقرأ عن كاتبة تدعى دعاء عبد الرحمن، نفدت طبعات روايتها «وقالت لي» الخمس والعشرين في سنة واحدة، وهذا رقم لم تبلغه حتى الروائية أحلام مستغانمي على مدى سنوات بروايتها «ذاكرة الجسد» الشهيرة.
دعم أدب المنقبات ولو من باب تغطية الضعف الثقافي في المؤسسات الإسلامية، لن يخرج عن دائرة الدعم الحزبي لنتاج لم يعرف ماذا يأخذ من الأدب وماذا يترك، وهل يمكنه منافسة كتاب الرواية المتمرسين، خاصة أن الرواية العربية مقارنة مع النتاج الروائي العالمي لا تزال محتشمة، ومبيعاتها أقل من المقبول بين جمهور القراء العرب.
هل يمكن «للنّقاب» كلباس نسائي يحيل لمعتقد أيديولوجي أكثر منه دينيا، أن يجذب جمهورا من القراء قامت مؤسساته الدينية والأيديولوجية على تربيته سابقا على نبذ الأدب ورفض الشعر، والاكتفاء بالقصص القرآني والسيرة النبوية «ذخيرة وسقفا» لكل ما يجب أن يُحكى شفهيا وكتابيا؟ أما المحاولات التي أدرجت منذ حقبة سيد قطب إلى اليوم فلم تخرج عن النّمط القصصي ذي المادة الميتة التي تمنع المخيلة تماما من اللهو ببعض بنودها. وتعود إلى ذاكرتي اليوم نقاشات حادة وسجالات مشتعلة حول مفهوم الأدب الإسلامي عشتها أيام الجامعة في القاهرة، وعشت معها فورة اتهام الكتاب والشعراء بالإلحاد والتطاول على الذات الإلهية وأشياء من هذا القبيل، كانت بمثابة القيود التي أعاقت البعض على الانطلاق، فيما أعتبرها البعض الآخر قضبان سجن جديد، سيّجت المبدعين جملة وتفصيلا، وقلّصت فرص تطور حركة الأدب وازدهاره وتألقه.
وقد طرح السؤال يومها: «هل يمكن للأدب أن يعيش وينتعش في بيئة مغلقة؟ هل يمكنه أن يولد في بيئة خالية من نفحات الحرية وآفاقها الشاسعة؟» الجواب جاء مكتوبا على شكل نصوص لم تستطع أن تواجه نصوص نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وبهاء طاهر، وإدوارد الخراط وغيرهم من كتاب مصر، ومع أن أيديولوجيا سيد قطب وأفكار حسن البنا انتشرت في العالم الإسلامي كله، وبلغت معاقل المهاجرين المسلمين في كل أصقاع العالم، إلاّ أنها بقيت على هامش الفضاء الثقافي، متخذة ثقافة موازية لم تصمد أمام موجة العولمة وتقارب العالم فكريا وتشابك مصالحه وتداخل إثنياته وعقائده.
وربما هذه الحقبة شبيهة بتلك الفترة التي خرج فيها المسلمون الأوائل في حروبهم «الفاتحة» وما لبثوا أن اصطدموا بثقافات أكثر عراقة، وصلابة وعلوم شتى ذهبت أبعد مما ذهبت إليه مفاهيمهم الدينية الجديدة، ما شكّل لهم العائق الأكبر لتجاوزها، فحدث ما لم يكن في الحسبان، إعلان حرب إقصاء للآخر سواء توفر البديل أم لا. وأعتقد أن هذا بالضبط ما يحدث اليوم، على خريطة امتدت مثل المد العثماني ذات يوم، ثم تقاسمتها أفواه الثعالب الجائعة. فماذا بإمكان أدب المنقبات أن يفعل لإنقاذ الجناح الثقافي لأيديولوجية تهشمت بأسلحتها؟
وهل يجوز نقديا أن نتعاطى مع نص ينسب لمنقبة؟ إن كنا فعلا نحترم الأدب أو أي نتاج لغوي مبني على تشابك الوعي والموهبة والنوايا الصادقة، فإن هذا لا يجوز بتاتا. حتى وإن كانت الظاهرة جديدة في بعض المجتمعات، فإنها عادية في المجتمعات الخليجية على سبيل المثال، وبعيدة كل البعد عن أي تمييع سياسي أو ديني لفكرة الكتابة حسب مقاييس معينة.
فقد كانت العباءة السوداء مع غطاء الرأس لباسا تقليديا، لم يتعارض مع أي نوع من أنواع الإبداع. لهذا يبدو الأمر غريبا جدا حين يعمد البعض إلى تسليط الضوء على بقعة لا أهمية لها وسط مشهدية مركبة لظاهرة بلغت منتهاها.
لقد صنف الأدب حسب السلم الزمني والجغرافي واللغوي، وقُسّم حسب مدارس نشأت لظروف معينة، وكان ذلك مقبولا عند النقاد حسب مدارسهم أيضا، لكنه أبدا لم يصنف حسب لباس الكاتب، وإن صُنِّف اليوم فإننا فعلا بلغنا قاع عصر الانحطاط وقعر الهزائم، وإن مضت كاتبات هذا الصنف بالذات في مهمتهن لإنتاج أدب بديل فإن الأمر أخطر، لأنهن في الحقيقة يلوحـــن بلباسهن قبل امتلاك ملكة الأدب، وإن حققن نجاحهن وسط جمهور «النقاب» فإن الأمر سيبقى عالقا بلباسهن وبكل القشور التي بنيت عليها فكرة الأدب الإسلامي المؤدلج. أقول ذلك لأنني لمست في كل ما كــتب حول الموضوع أن «المنقبة» حين كتبت رواية نظر إليها ذلك الجمهور نظرة تعظيم وتضخيم للذات. نعم هم أنفسهم لم يصدقوا أن يخرج من بين جيش المنقبات عشر كاتبات رواية.
٭ شاعرة وإعلامية من البحرين
بروين حبيب
لا يبقى من الادب الا الاصيل ولا يبقى من الموج الصاخب بعد خفوته سوى الزبد
نهارك سعيد يادكتورة بروين حبيب :
مقال في الصميم ؛ وخرجت منه سيدتي كالشاطرحسن الذي غلب المحن.هوليس أدباً إسلامياً بل اتخذ من الدّين غطاءاً ترويجياً ؛ كما اتخذت قريش من أصنامها تجارة رائجة على قبائل العرب في المواسم.لم نجد هذا النمط من الأدب بعد الفتوح الإسلامية بل وجدنا أدباً عربياً يمتدّ من بغداد إلى الصين كما قالها كاظم الساهر؛ ومن بغداد إلى الأندلس أيضاً…وكلّ ذلك كان تحت دولة الخلافة سواء في المدينة أوفي دمشق أوفي بغداد أوفي القاهرة أوفي قرطبة أوفي خراسان…لكن ظاهرة الأحزاب السياسية اللاحقة هي التي غلّفت نواياها بالدّين لتتاجركسباً للأنصاروالمؤيدين نفاقاً وخداعاً وإفكاً..وكما قالها الفيلسوف ابن رشد ( إذا أردت أنْ تتحكم في جاهل فعليك أنْ تغلّف كلّ باطل بغلاف دينيّ ).ياسيدتي هم يتخذون من الليل جملاً كما يقول المثل العربيّ ؛ في سعيهم الخفيّ والعلنيّ لتحقيق مآرب شتى ؛ سندهم الجهل والتحريف والتزييف.انظري إلى قول الله الكريم :{ وقرن في بيوتكنّ }(الأحزاب 33).تمّ تفسيرها أنّ المرأة لا يصحّ لها الخروج من بيت زوجها…لأنهم لم يفقهوا معنى { وقرن }.وهنا الواو للإغراء والترغيب ؛ { قرن} من القارورة وهي قنينة العطروالطيّب والكحل والضحكة كالتي بين الزوج وزوجه ؛ لهذا سمّت العرب المرأة : القارورة ؛ ومنه الحديث النبويّ : { رفقـاً بالقوارير}ينظر: ( لسان العرب ؛ مادة : قرروقرن ). و:{ في بيوتكنّ }.أي في جناح النوم وغرفة مخدع الزوجية.أي تعطرنّ أيتها النسوة لأزواجكنّ وتكحلنّ…لأنّ ( بيت ) لا تقال إلا لجناح النوم للزوجين كما جاء في سورة يوسف الآية (23) : { وراودته التي هوفي بيتها عن نفسه..}.كما يقال لفظ بيت لما له مقام وشرف وحرمة ؛ فيقال بيت الله الحرام وبيت المال.لكن لايقال لقصرالسلطان بيت ؛ لأنه مفتوح للخدم والحشم والجنود والوزراء ؛ وللغوغاء كذلك حين الثورة.ولهذا كان سيدي رسول الله يصطحب معه إحدى زوجاته حين يريد الخروج إلى الحرب ؛ والحرب أولى أنْ لا تخرج إليها المرأة ؛ لوكان معنى تلك الآية كما يروّج لها المروجون ( بالمقلوب ).كذلك يؤكد رؤيتنا ما جاء في سورة التحريم الآية (11) على لسان زوجة فرعون وهي التي تقيم في قصرفرعون على النيل :{ وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذْ قالت : ربّي ابني لي عندك بيتاً في الجنّة…}.فهي طلبت بصيغة الدعاء من الأدنى إلى الأعلى :{ بيتاً }.أي دارة سكن فيها بعل مؤمن غيرفرعون الكافربدليل ما بعدها : { ونجّني من فرعون وعمله ونجنّي من القوم الظالمين }.إذن هم قلبوا المعنى الجميل الذي أنزله الله للناس نعمة سافرة ؛ إلى دلالة قبيحة لأغراض خاصة ( منقبة ).وأقول إنّ التجارة بالدّين سياسياً ظلم كفرعون وإرهاب دمّ ولوتعطّرصاحبه بعطرأم منسـم.مع عاطرالتحية بقاروة مشموم.
لا حول ولا قوة الا بالله
سورة المائدة …… “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ “….صدق الله العظيم.
لاحضوا كلمة ” رؤوسكم ” فلمذا لم تستعمل نفس الكلمة فى تغطية شعر المرأة لوا أن هذه المسألة بالاهمية القصوى فى سورة النور أو فى غيرها ?…و الله أعلم.
حياك الله ابن الجاحظ وحيا الله الجميع
بمقدور المرأة مسح مقدمة شعر رأسها تحت الحجاب ! أي بدون خلعه أمام الناس !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
اتابع يوميا جريدكم الرائعة.. في الحقيقة فأن افضل التعليقات المليئة بالمعلومات هي تعليقات الكاتب جمال البدري..
شكرا لجريدة القدس العربي ، وارفع القبعة تحيه للدكتور جمال على رؤيته الجديدة للنص وهي غير مسبوقة .. ومركزنا للأبحاث مستعد لنشر كتابكم وفقكم الله .
شكراً لجميع القراء الكرام…لكن بتواضع لا أحبّ شخصنة الأمور هنا..الفضل لجريدة القدس التي جمعتنا على المحبة ؛ برئاسة أم العرب السّيدة الفاضلة سناء العالول…والإخوة المحررين الكرام للصفحة الثقافية.لا مشكلة لديّ بنشركتبي حينما أقررذلك ؛ سواء في فينا أوفي غيرها.وشكراً للدكتورة الأخت بروين حبيب التي فجرّت فرصة التعبيرالجريء ؛ مع التقدير.
السيد الدكتور جمال البدري; يعني جميع علماء اللغة والتفسير كانوا على خطأ و فهموا الاية خطأ واعتقدو تعني ايها النساء امكثوا وابقو في منازلكم.والتفسير الصحيح هو تعطروا و تكحلو واضحكوا في مخدع الزوجية.مع انهم فسروا وفهموا الاية القرأنية خطأ لكن النساء كانت تتعطر وتتكحل وتضحك وهذا شيء عادي وطبيعي يعني النتيجة واضحة.واعتقد هذا التفسير الذي تفضلت به هو غير صحيح وساثبت لك ذلك،قرن في بيوتكن القرّ تأتي من الاستقرار في المكان.وهناك اية تقول ءفي قرار مكينء بد ما تتلقح البويضة،اما بالنسبة لبيوتكن فسرتها مخدع الزوجية.هناك اية تقول ادخلوا البيوت من ابوابها وهل هنا البيت يعني مخدع الزوجية كما فسرتها؟ الاجابة هي اكيد لا.واهجروهن في المضاجع و اوثقوهن في البيوت.هنا الله فرّق بين المضجع وبين البيت و لو كان كانت الاية تعني قرن في بيوتكن تعني مخدع الزوجية كما فسرتها انت لكانت نزلت قرن في مضاجعكن بدل قرن في بيوتكن.وانا مستعد ان اشرح واكتب واثبت لك بعد.يعني الجميع كان على خطاء وانت اليوم اكتشفت الحقيقة؟
احترم وجهة نظرك ؛ وهي السائدة ولم تأتِ بجديد.لم أقل كما تفضلت : ( و لو كان كانت الاية تعني قرن في بيوتكن تعني مخدع الزوجية..).
قرن ليس معناه مخدع الزوجية بل ما ذكرته في تعليقي السابق وهوواضح…إذا قرأته جيداً.أعد القراءة بهدوء.نعم أنا أكتشفت الحقيقة.تحياتي.
سأورد عبارات استخدمتها السيدة الكاتبة ، تذهب الى التشكيك و التقليل و الاتهام و التقريع المبطن !!
ما يلي ، أمثلة محصورة بين مزدوجي اقتباس “” و تعليقاتي بين هلالين :
.
,
“نسب أو نسبت إليه أعمال (قيل) إنها أدبية” ….(تشكيك)
.
“ونضبت ولم يبق من صداها شيء، لا أسماء أصحابها ولا عناوينها ولا محتوياتها” ….. (اصدار احكام و تقليل مبطّن)
.
“في تلك النصوص الباهتة”
.
“ويقضي حياته في ترديد أدعية الصباح والمساء وأدعية ….”
.
“انتهت معه «حفلة الأدب الإسلامي» تلك كما ينتهي كرنفال فاشل ..”
.
«ذكور» تلك المؤسسة السياسية …. إلى أن عاد بواجهة جديدة أكثر لفتا للنظر، بتوقيع «إناث» المؤسسة نفسها !
.
“حقبة سيد قطب”! ( لم اسمع يوماً ان لسيد قطب ، حقبة ! الرجل ترك تراثاً فكرياً و ادبياً ، لازال تحت التمحيص و النقد و الدراسة , وكتب جله وابرزه وهو سجين سياسي)
.
يتبع لطفا ….