إسطنبول ـ «القدس العربي»:بشكل مفاجئ، فجر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداً مبطناً في وجه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «الناتو» عندما لوح بإمكانية انضمام بلاده إلى منظمة «شنغهاي للتعاون» التي تتزعمها روسيا والصين وتعتبر بمثابة حلف مناهض للناتو والغرب بشكل عام.
وفي ظل تراجع العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى مستويات غير مسبوقة، شدد أردوغان على أن بلاده يجب ألا تصر على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قائلاً: «تركيا يجب أن تشعر بالارتياح حيال مسألة الاتحاد الأوروبي وألا تجعل منها هاجسا».
وأضاف أردوغان الذي كان يتحدث للصحافيين في طريق عودته من جولته في باكستان وأوزباكستان: «لم لا تنضم تركيا إلى خمسة شنغهاي (منظمة شنغهاي للتعاون)؟ قلت هذا للسيد بوتين (الرئيس الروسي) ولنزارباييف (رئيس كازاخستان) ومن هم في خمسة شنغهاي الآن.. أعتقد أنه إذا انضمت تركيا إلى خمسة شنغهاي فإنها ستتمكن من التصرف براحة أكبر بكثير». وتأسست منظمة «شنغهاي» للتعاون عام 2001، وتضم الصين، وروسيا، وكازاخستان، وطاجيكستان، وقرغيزستان، وأوزبكستان، وتتمتع كل من إيران، وباكستان، والهند، وأفغانستان ومنغوليا بصفة مراقب فيها، ومن المتوقع أن تمنح القمة القادمة العضوية الكاملة لباكستان والهند، وتعتبر تركيا و بيلاروسيا و سيريلانكا شركاء حوار للمنظم. وطالبت مصر وسوريا بالانضمام إليها.
وسيؤدي إتمام عضوية باكستان والهند في المنظمة إلى إعطائها دفعة قوية جداً يجعل منها منافساً حقيقياً للحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، حيث من المتوقع أن تصبح الدول المنضمة للمنظمة تضم أكثر من 3 مليار نسمة أي ما يقارب نصف سكان العالم، وتمتلك أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي بأكثر من 20 تريليون دولار.
الأهداف المعلنة للمنظمة هي مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف، والحركات الانفصالية، والتصدي لتجارة الأسلحة والمخدرات، إلا أن الغرب يرى فيها حلفاً عسكرياً يهدف إلى تشكيل قوة عالمية موازية لحلف «الناتو».
وكانت تركيا تحضر بشكل دوري جميع قمم المنظمة بصفة مراقب، إلا أن تصادف القمة الأخيرة مع تدهور العلاقات مع روسيا منع توجيه دعوة لها بضغط من موسكو، ولكن مع عودة العلاقات بقوة بين أردوغان وبوتين يتوقع أن يتلقى الرئيس التركي دعماً من نظيره الروسي في حال قرر الانضمام إلى المنظمة.
وفي أول رد من قبل أكبر أعضاء المنظمة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غنغ شوانغ: «نولي أهمية كبرى لرغبة تركيا في تعزيز التعاون مع المنظمة». وأشار، الاثنين، إلى أن تركيا تعد دولة مهمة في أوراسيا، وأن شنغهاي تعد شريكة حوار هامة. لافتاً إلى أن بكين مستعدة للعمل مع الدول الأعضاء بشأن تنظيم الهيكل القانوني للمنظمة.
دعوة أردوغان جاءت في ظل الراجع الكبير في العلاقات بين بلاده والاتحاد الأوروبي على خلفية الاتهامات لأنقرة بالقيام بحملة تطهير ضد المعارضة والأكراد والصحافيين، واتهام الحكومة التركية الاتحاد بعدم الإيفاء بتعهداته في اتفاق اللاجئين ودعم تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي والمماطلة في إحراز تقدم بملف انضمام تركيا للاتحاد.
وعقب تهديدات أوروبية غير رسمية بإنهاء ملف انضمام تركيا للاتحاد وتلويح أردوغان بإجراء استفتاء شعبي من أجل سؤال الشعب حول إمكانية سحب ملف الانضمام، قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز، إنّ على الاتحاد الأوروبي عدم ارتكاب خطأ إنهاء محادثات انضمام تركيا إليه، لأنّ ذلك يؤدي إلى فقدان الأوروبيين سلاح التدخل في شؤون تركيا الداخلية «حسب تعبيره.
ويرى مراقبون أن الاتحاد يتبع سياسة «المد الجزر» مع تركيا، فعلى الرغم من عدم إحراز أي تقدم في ملف ضم أنقرة وتراجع العلاقات لمستويات متدنية جداً، إلأ أنه لا يرغب في قطع الصلة مع تركيا أو إنهاء آمالها بالانضمام خشية الاتجاه أكثر نحو روسيا والحلف المضاد، وقال رئيس البرلمان الأوروبي: «إذا أوقفنا هذه المحادثات نكون قد فقدنا سلاحنا الوحيد الذي يخولنا التدخل في شؤون تركيا الداخلية».
وفي سياسة مشابهة، يحاول حلف شمال الأطلسي «الناتو» الحفاظ على تركيا التي تمتلك ثاني أكبر جيش في الحلف خشية توجهها عسكرياً بشكل أكبر نحو روسيا وهو ما قد يشكل خطراً كبيراً على الحلف الذي يتجاهل مطالب أنقرة الأمنية والإستراتيجية حسب المسئولين الأتراك.
وبعد سنوات طويلة من التجاهل، لوحت تركيا بشراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية «إس 300» نتيجة رفض الحلف بيع تركيا منظومة «باتريوت»، إلا أن مايكل تورنر رئيس الجمعية البرلمانية لحلف (الناتو) أعلن، الأحد، عن دعم الحلف لحق تركيا في امتلاك منظومة دفاع جوي بعيدة المدى.
والاثنين، وجه أردوغان مزيد من الرسائل إلى الغرب، مؤكداً أن «تركيا مثل السد الذي يحول بين المنظمات الإرهابية من جهة، والعالم وعلى رأسه أوروبا من جهة أخرى»، وذلك في كلمة له خلال الجلسة الختامية للاجتماع الـ62 للجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، المنعقد في مدينة إسطنبول.
وأضاف الرئيس التركي: «إذا انهار هذا السد (في إشارة إلى تركيا) فإن هذه المنظمات ستغرق العالم بالدماء»، مشدداً على أنه «يجب عدم النسيان أن الناتو لم يكن يوما مجرد منظمة دفاعية تأسست لمواجهة التهديدات المشتركة، وإنما هو منتدى أمني يجمع الدول المرتبطة بالمثل العليا لتطوير القيم الديمقراطية».
إسماعيل جمال
شكراً للأستاذ جمال على المقال المهم…
أوردوغان وتركيا حالياً وقبله رؤساء وزراء الجمهورية التركية الحديثة (السابقين) لغاية القائد المفكّر و المؤسس لتركيا الجديدية عام 1923 كمال أتاترك هم جميعاً ينظرون بعين ” الأعجاب والأنبهار” لدول أوروبية محددة ومن ثم للأتحاد الأوروبي عند تأسيسه عام 1958 و تطوره في معاهدة لشبونة عام 2007… ولغاية يومنا هذا… وعليه فاِن خمسة شنغهاي أو غيرها لن تثني تركيا عن ما ترى أنه ” حقها ” الطبيعي و التأريخي في التواجد مع أمم أوروبا بصرف النظر عن التأريخ و الدين والثقافة واللغة وبالتالي فأن سجلّها حافل بالفعاليات التي تجعلها أقرب الى أوروبا من أي تجمع دولي كخمسة شنغهاي أو حتى منظمة (BRICS والتي تجمع روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا) وهاكم الأسباب:
بعد الأنتماء لمنظمة الأمم المتحدة كانت من أوائل الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (1949)، وعضو مؤسس في منظمة التعاون والتنمية، منظمة الأمن والتعاون في منظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة ال 20. بعد أن تصبح واحدة من أول أعضاء مجلس أوروبا في عام 1949، أصبحت تركيا عضوا منتسبا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في عام 1963، بطلب للحصول على عضوية السوق الأوروبية المشتركة كاملة في عام 1987، انضمت إلى الاتحاد الجمركي في الاتحاد الأوروبي في عام 1995 وبدأت مفاوضات الانضمام مع الاتحاد الأوروبي في 2005. وقد أدى النمو الاقتصادي في تركيا (الناتج المحلي الآجمالي GDP لعام 2016 بلغ 1.665 ترليون دولارأمريكي) والمبادرات الدبلوماسية للاعتراف بها كقوة إقليمية فاعلة ومهمة وكقوة دولية صاعدة لاسيما بعد تدخّل وتنظيم الهجرات القسرية للسوريين للهروب من قتل وتنكيل المجرم بحق شعبه ” بشار المنشار” !!!