أوّل كتاب تكتبه وتهديه أرملة الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ماريا كوداما لزوجها بعد رحيله، يحمل عنوان «ماريا كوداما.. تكريما لبورخيس». إنه نصّ مَشحون بالعواطف الحميميّة الخاصّة، ومُفعم بالحنين المفرط نحو السنين التي عاشتها هذه المرأة إلى جانب هذا المبدع الكبير.
يتألف هذا الكتاب من سلسلة المحاضرات، التي سبق أن ألقتها كوداما في السّنوات الأخيرة، وهي لا تألو جهداً في التذكير في هذا الكتاب، كذلك بالعلاقة الوثيقة التي كانت تربط زوجها الرّاحل صاحب «الألف» بمحبوب آخر، وهو عالم الكتب والكتابة والمكتبات. كما أنها لا تنفكّ تسلّط الأضواء في مختلف المناسبات على المعايشات والملابسات والظروف التي تسنّى لبورخيس فيها، ومن جرّائها خلق «عوالم مكتبيّة» فسيحة في العديد من أعماله وقصصه وحكاياته وأشعاره وتطلّعاته، لدرجة أنّ كلّ أمانيه، كما قال في حياته، كانت ممثّلة في العبارة التالية «لو كرّمني الله بالجنّة بعد مماتي، لتمنّيتُ أن يكون لي فيها مكتبة». هذا الهاجس عند بورخيس أصبح رمزاً كلاسيكياً يُمجِّد القراءة، ويَحثّ على الإطّلاع والتحصيل في ثقافتنا المعاصرة.
كوداما التي شارفت على الثمانين عاما من عمرها، هي ابنة كيميائي ياباني، ومن أمّ عازفة على البيانو تنحدر من أصول ألمانية وإسبانية. ماريا أصبحت منذ رحيل زوجها رئيسةً «المؤسّسة الدولية خورخي لويس بورخيس» نجدها في كتابها «المذكرات» هذا تفصح عن حياتها الخاصّة مع بورخيس، وتخبرنا عن سفرياتها معه، كما تتضمّن هذه المذكرات العديد من الأخبار والأسرار، التي لم يسبق نشرها أو ذيوعها حول بورخيس من قبل، إنها تتحدّث إليه في هذا الكتاب وتحاوره كأنه ما يزال على قيد الحياة، ما يعطي لنصوصها ترتيلاً مؤثراً، ووقعاً عميقاً لدى القرّاء، إنها تقول في هذا الصّدد: «إنّ الذي يحبّ شخصاً، فإنّ الحوار معه يظل قائماً حتى لو كان يعلم أنه لم يعد له وجود في حياته»، لذا فإنها عندما تتحدّث عن رحيل بورخيس لا تستعمل كلمة الموت أبداً، بل إنها تقول: «إنه ذهب إلى البحر الأكبر». ففي بعض الحضارات القديمة عندما يموت شخص مّا فيها، كانوا يقولون «إنه دخل في البحر» الذي كان يرمز عندهم إلى الخلود.
وتشير كوداما إلى إنّ هذا الكتاب ليس بمثابة تصفية حسابات مع هؤلاء النقاد الذين تطاولوا، أو تقوّلوا، أو تهجّموا على زوجها بعد رحيله، بقدر ما هو توضيح لكلّ ما ظلّ مُبهماً ومَجهولًا في حياة بورخيس، ذلك أن العديد من الناس والكتّاب والنقاد قد نشروا غيرَ قليلٍ من الأكاذيب والافتراءات والمبالغات حوله. تؤكّد ماريا كوداما كذلك في هذا الكتاب: «إن حديثها عن زوجها جاء نتيجة المعاناة التي كانت تشعر بها، حيث سبّب لها كلّ ما نُشر حوله حزناً عميقاً، وقلقاً مفرطاً وَصَلاَ في بعض الأحيان حدَّ الاكتئاب، بل إنّ كلّ تلك الأكاذيب أصابتها بالدّهشة من هؤلاء المُفترين الذين يطلقون الكلامَ على عواهنه، حتى لو لم يتعرّفوا قطّ على بورخيس، على الرّغم من أنّ زوجها لم ينظر أبداً بعين الاحتقار أو الازدراء نحو أيّ كاتب أو أيّ عمل أدبي، بل إنه كان يكنّ الاحترام للجميع، حتى إن لم يتعاطف مع بعض هؤلاء الكتّاب الذين كان لا يتورّع عن انتقاد بعضهم، ذلك أنّ النقد عنده كان يعني ضرباً من «اللّهو» نظراً لطبعه المَرِح الذي يميل للسّخرية والتسلية والتسرّي، حيث كان يطبّق ذلك حتى على نفسه وعلى بعض إبداعاته».
الحوار مع أنبل النّاس
وتعرّضت ماريا كوداما في هذا الكتاب إلى المرحلة التي كان فيها بورخيس مديراً للمكتبة الوطنية في بوينس أيريس، وعلاقته الحميميّة مع مكتبته الخاصّة ومع الكتب بشكل عام، فضلاً عن صلاته وآرائه حول العديد من المؤلفين، والكتّاب، الذين يسمّيهم الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (أنبل الناس) أمثال، كيبلينغ، وايلد، سيرفانتيس، كيبيدو، شكسبير، شوبنهاور، وسواهم من الكتّاب الآخرين، الذين كان بورخيس يبدي نوعاً من الإعجاب بهم، والتعاطف معهم.
وتؤكّد أرملة بورخيس على أنّ زوجها ظلّ يقتني الكتبَ طوال عمره، حتى بعد مرحلة إصابته بالعمىَ، بل إنه خلّد اسمَ المكتبة في إحدى أشهر قصصه القصيرة وهي بعنوان «مكتبة بابل»، ولقد كتب العديد من النصوص عن الكتب والمكتبات طيلة حياته.
وقالت كوداما: «إن بورخيس أشاد في كتابه «المتآمرون» بطيبة الناس وسجاياهم الفطرية، خاصّة بعد الفترة التي عاش فيها في جنيف، التي أقام فيها ردحاً من الزمن، وكان بورخيس يؤكّد أنّ هذا البلد كان مثالاً فريداً للاحترام والتسامح لتعدّد اللغات التي يتحدّثها الناس فيه، وكثرة دياناته، ففيه تُحترم الفوارق بين البشر، دون محوها أو العمل على إذابتها، كما لمس بورخيس بنفسه فيه، كذلك كيف يَحترم سكّانُه المغتربين، حيث ترك ذلك اثراً بليغاً في نفسه.
بورخيس ونوبل في الآداب
كانت أرملة بورخيس قد صرّحت في السياق نفسه: «بأن بورخيس لو كان على قيد الحياة اليوم لحظي بالتقدير نفسه الذي أولاه إياه قرّاؤه، والمعجبون به، وبأدبه في حياته، فبالإضافة إلى عبقريته الإبداعية كان رجلاً وفيّاً لمبادئه، مخلصاً لأفكاره، وهذا ناتج عن كون الناس يعترفون بجانب الصّدق في إبداعاته الأدبية، ويُعجبُون بمسيرة حياته الحافلة بالمعاناة والآلام والآمال». وتذكّرنا كوداما أنّ بورخيس كان قد تعرّض لهجوم عنيف لمناهضته للبيرونية، وقد حُرم من عمله الوظيفي خلال العهد البيرُوني، أيّ خلال حكم خوان دومينغو بيرون (1945ـ 1955)، كما أنّ آراءه في بينوشيه، جعلت الأكاديمية السويدية تحرمه من جائزة نوبل في الآداب، وهو الأديب العالمي الذي يحظى باحترام الأوساط الأدبية في مختلف أنحاء المعمورة. وتضيف: «هذه الصّراحة التي تميّز بها بورخيس حرمته من العديد من الفرص المماثلة». تعرّفت كوداما على بورخيس في سنّ المراهقة، إذ لم يكن عمرها يتجاوز الثالثة عشرة، ذلك أنّ أباها الياباني كان صديقاً للكاتب، وعندما ماتت والدة بورخيس حلّت كوداما محلّها، حيث تفرّغت إلى نسخ وكتابة ما كان يمليه عليها بورخيس من أعمال أدبية، بعد أن أصيب بالعمىَ منذ 1950 وصارت ترافقه في رحلاته وسفرياته وتنقّلاته. وفى شهر أبريل/ نيسان 1985 تمّ زواج بورخيس بماريا كوداما، حيث كان عمره 87 سنة، في حين لم يكن عمرها يتجاوز الواحدة والأربعين، وفارق السنّ بينهما أفسح المجال للعديد من التعليقات من كل نوع، ليس فقط من طرف الناس، أو الكتّاب، أو النقاد بل حتى من طرف وسائل الإعلام، إلاّ أنّ بورخيس وكوداما كانا يستقبلان هذه التهجّمات أحياناً بنوع من الهدوء وعدم الاكتراث، وفى أحايين أخرى وقفا بالمرصاد لألسنة السّوء التي تحوّلت بعد رحيل الكاتب إلى «كتب ملتهبة» حول العلاقة التي جمعت بينهما.
بورخيس والقمر
هذه المرأة لا تستقرّ بمكان، إنها لم تفتأ تسافر من بلدٍ إلى آخر بحماسٍ متوقّد، ونشاطٍ متواصل، وهي تلقي المحاضرات بدون انقطاع حول أعمال زوجها الواسعة، بسحر خاص، وبجاذبية لا تقاوم، فبالإضافة إلى نشاطها ككاتبة، قامت بالإشراف التام على بناء حديقة في بوينس أيريس، أطلقت عليها «متاهات بورخية» حيث كانت قد تلقت «مؤسّسة بورخيس» التي ترأسها في شكل هدية تصميما لهذا المشروع المستوحىَ من أعمال بورخيس، وهو من وضع راندال كواتي، الذي كان يعمل دبلوماسياً لبريطانياً في بوينس أيريس، كما قامت كوداما بدون كلل بإجراء اتصالات مع بلدية العاصمة الأرجنتينية في هذا الشأن، وعملت بنشاط منقطع النظير على غرس الأشجار التي أحيطت بمنتزه بورخيس، وعملت أيضاً على إعداد وتنظيم ندوات متعدّدة لعلماء اللغة الإسبانية، سلّطت فيها الأضواء على أعمال بورخيس الإبداعية، التي تمّ تنظيمها داخل الأرجنتين وخارجها، كما عملت على إصدار الأعمال الكاملة لبورخيس، بعد أن أضيفت إليها جميع التعديلات والتنقيحات التي قام بها بورخيس نفسُه.
وتشير كوداما إلى أنّ كلّ هذه الأعمال من الأهمية بمكان بالنسبة للدارسين المتخصّصين في الآداب البورخية، حيث سيتسنّى لهم الاطّلاع على الطريقة التي كان يعمل بها هذا الأديب، الذي كان يشذب، ويهذب أعماله بدون انقطاع كصانع محنّك. كما عملت أرملته في مختلف المناسبات على تنظيم معارض لرسّامين مشهورين أرجنتينيين، استوحوا لوحاتهم من أعمال بورخيس، خاصة قصيدته القمرية التي يحكي فيها قصّة وصول الإنسان إلى القمر، وتشير كوداما في هذا الصدد: «إنني أتذكّر جيّداً الحماس الذي اعترى بورخيس، والفضول الذي شعر به منذ اليوم الأوّل لوصول الإنسان إلى القمر، حيث رأينا ذلك معاً بواسطة التلفزيون، كان بورخيس يبدو كالطفل حيال هذا الحدث الفريد». وتضيف كوداما: «إنني أقول رأينا لأنه كان عليّ أن أحكي له أدقَّ التفاصيل، عمّا كان يجري ويتراءى لي على الشاشة الصغيرة».
مرايا ومتاهات
تقول أرملة صاحب «الألف» في كتابها: «لقد صنّفوا بورخيس كسيّد فيكتوري، يتحدّث عن متاهات، ونُمُر، ومرايا، إلاّ أنه كان شخصاً لطيفاً، ظريفاً، خفيفَ الرّوح ومغامراً». وتضيف: «كانت أمنيته وحلمه أن يعيش في زورق يمخر مجرىَ نهر التامسيس، إلاّ أنه عندما تزوّجنا جعلتُه يتخلىَّ عن هذه الفكرة بعد أن حدّثته عن المخاطر التي قد تعترينا من جرّائها».
ترى الناقدة الأرجنتينية فيكتوريا اسوردوي، أن غاية كوداما من نشاطها المتواصل على رأس مؤسّسة بورخيس، هي الاستمرار في إعلاء الشّعار الذي سبق أن رفعته وتبنّته منذ رحيل زوجها، وهو إخلاصها الدائم لهذا الرجل الذي لا تفتأ تصفه في كل مناسبة، بأنه كان ذا حساسية مفرطة، حيث عانى بسبب ذلك الكثير، إلاّ أنه أمكنه دائماً إنقاذ أعماله من المشاكل اليومية المتواترة، وصروف الدّهر والحياة». لم يفتأ العالم حتى اليوم يعمل على اكتشاف، وتقييم أعمال ذلك المبدع الأرجنتيني الذي حُرم نعمة البصر، ولكنّه وُهب بالمقابل بصيرة نافذة ثاقبة، والذي لابدّ أنه يذكّر قرّاءَه العرب ببشّار، والمعرّي، وأبي عليّ البصير وطه حسين وسواهم. تقول كوداما: إنّ عفّة بورخيس وخَفره واحترامه للآخرين جعل أدبه يتّسم بهالة من العمق والشفافية والصّدق، حيث جعل من هذه الأعمال بحثاً دائماً عن كنه الإنسان وماهيته، وقد أدخلت هذه الأعمال السّرورَ والفضولَ والمتعةَ والتطلّعَ في قلوب وعقول القرّاء في مختلف أنحاء العالم، على تفاوت أعمارهم، وما يزال تأثير أعماله الأدبية يتعاظم على مرّالسنين، ليس فقط في اللغة الإسبانية التي كتب بها هذه الأعمال، بل في مختلف اللغات الأخرى التي نقلت إليها، ومن بينها اللغة العربية.
صفحة مجهولة
عيّن بورخيس عام 1955 – كما أكّدت ذلك ماريا كوداما- في كتابها مديراً للمكتبة الوطنية لبوينس أيريس، كان هذا المنصب يشكّل حلماً طالما راوده في تلك الأيام، ومن غريب الصّدف والمفارقات أنّ اثنين من الكتّاب المرموقين في الأرجنتين تولّيا كذلك هذا المنصب قبله، وكانا هما الآخران قد فقدا البصر مثل بورخيس، وهما خُوسّيه مارمُول وبول غروساك. وقد عمل بورخيس على إعادة إصدار مجلة «المكتبة» التي كان قد أنشأها غروساك. كان بورخيس عاشقاً مولّهاً بالكتب، وقد ظهر ذلك جيّداً في مختلف أعماله، وقد كتب بضع فقرات كتقديم للمجلة المذكورة، والواقع أنّ ما كتبه بورخيس في هذا التقديم ظلّ صفحة مجهولة التي كانت بعنوان «النوايا»، وعلى الرّغم من قِصَرها فإنّ القارئ واجد فيها مميّزات هذا الكاتب، بل لابدّ أنه سوف يشمّ فيها ما أفصحت عنه أعماله الأدبية من قيم، وأفكار ومواضيع، إذ تترىَ فيها معاني النسيان والخلود والأحلام والمجد وجلال الآداب القديمة، والشّرف والكرامة والصبر، وهندسة المعمار والفلسفة، وبالجملة يجد فيها القارئ نموذجاً واضحاً « للأسلوب البورخي» الفريد، الذي أصبح شعاراً مميّزاً للآداب المعاصرة. ممّا جاء في هذا التقديم: «المكتبة لا حدود لها، إنها مطاوعة، كريمة، معطاء، تعلّم الصّبر، وتلقّن الأناة، إنها تضمّ وتحفظ جميع الكتب، إنّ أيّ كتاب في يوم مّا قد يكون نافعاً، وذا جدوى، وقد يجد فيه القارئ ما ليس نافعاً ولا مجدياً له، تسعى المكتبة بأن تصبح جميع الكتب، بمعنى آخر تسعى بأن تصبح كلّ الماضي دون تنقية أو تصفية أو تبسيط النسيان. المكتبة مثل الكون الهائل، بل إنّها الكون بكلّ معارفه وقوانينه ونواميسه وأنظمته. أمّا المجلة بخلاف المكتبة فهي ذات نزعة إنسانية، وهي معرّضة للإطراء والخلافات، ذلك أنها تمثّل وتقدّم المكتبة، لذا فهي تثير الفضول مثل هذه الأخيرة، بل إنها ليست أقلّ منها تجانساً وتغايراً، إنها دائرة المعارف وجميع العلوم وليس التاريخ وحده، ذلك أننا نعرف اليوم أنّ التاريخ ليس بعيداً عن شحذ السّيوف القديمة والنصوص الجيّدة، وهو ليس أمراً مصنوعاً أو موضوعاً، بل إنّه يُصنع في الأحلام وفى جُنح الليل. في مرحلتها الثانية تتطلّع هذه المجلّة بألاّ تكون مصدرَ حنقٍ لمؤسّسها الأوّل بول غروساك، ولا للأزمنة العسيرة التي قيّض الله لها أن تعيش في كنفها، وهكذا فإنّ كلّ مجلة، كما أنّه كلّ كتاب، إنمّا هما ضربٌ من الحوار». قال بورخيس: ليس من حقِّ أحدٍ أن ينتقصَ بالدّموع أو العتاب، من شأن هذا الاعتراف بالتفوّق والمهارة، حيثُ منحني اللهُ بسخريةٍ رائعة، وفي الوقت ذاته الكتبَ والليل.
محمّد محمّد الخطاّبي
شكرا للاستاذ محمد الخطابي على هذا المقال الذي يعرف بهذه المرأة الوفية ليس لزوجها فقط بل للادب الذي هن ملك الانسانية
والاعمى ليس اعمى البصر بل اعمى البصيرة
دائما هناك جديد في ثناياالمقالات التي يكتبها الاستاذ محمد الخطابي الى درجة تجعل كتاباته القارئ في حالة تواصل معه على الرغم من كونك لم تتعرف عليه شخصيا فهو طاقة خلاقة وحيوية نقدية في تقديم تغطيات فكرية وثقافية حول ما يستحق القراءة وفي الوقت نفسه تلمس التواضع والاعتراف بالقامات الفكرية والابداعية والانسانية التي قدمت للبشرية الكثير من الانوار الوهاجة التي لاتكف عن اضاءة درب الاجيال القادمة ومن ضمن هؤلاء طبعا بورخيس الجميل والرائع في عمق الابداعي. شكرا لك على هذا النص الممتع