وكأن العراق لا يكفيه من معاناة حتى يضاف إليه هذه الأيام منع رئيس برلمان إقليم كردستان من دخول أربيل وإعفاء وزراء وكلهم محسوبون على حركة «التغيير» المتهمة بالوقوف وراء الاحتجاجات الأخيرة والهجوم على مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني في السليمانية وحلبجية من قبل مجموعة من الشباب الغاضب بدعوى تأخر دفع رواتب الموظفين.
يأتي ذلك في وقت يعيش فيه الإقليم أصلا مجموعة أزمات داخلية وفي المحيط، فأزمة رئاسة الإقليم التي انتهت مدتها مع مسعود البرزاني ما زالت قائمة مع عودة شبح تقسيم الإقليم بين إدارتي السليمانية وأربيل كما كان سائدا إلى غاية 1998. كل ذلك طبعا إلى جانب محنة محاربة «تنظيم الدولة الإسلامية» في العراق وما جره من أزمات نزوح ولجوء كبيرة مع محاولات الحد من الانعكاسات السلبية لحرب سوريا على الإقليم ككل.
هذه التطورات قــرأت بشكل مختلف بين الأطراف الكردية والمراقبين هناك:
ـ هناك من رأى بأن ما يجري ظاهره عدم دفع الرواتب ومشكلة الرئاسة إلا أن باطنه أبعد من ذلك إذا أخذنا في الاعتبار أن غالبية من هاجم مقرات الحزب الديمقراطي هم أصلا من الصبية وليسوا موظفين في الدولة أو من أصحاب الرواتب وأن من يـُـهاجم هو هذا الحزب دون غيره.
ـ في المقابل يرى آخرون أن الازمة الحالية في الاقليم ليست بين الحزبين النافذين في السلطة (حزب البارزاني وحزب الطالباني) أو حتى بين هذا الأخير وحركة «التغيير» بل هي بين المواطن من جهة وسلطة الإقليم من جهة اخرى نتيجة فشل القائمين عليها في تقديم الخدمات الاساسية للمواطن وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، مع استشراء الفساد بشكل كبير بين رجالات السلطة والمقربين من رموزها.
أصحاب الرأي الأول خلصوا إلى أن ما جرى إنما أظهر للسطح مشروعا إيرانيا في الإقليم لإنذار مسعود البارزاني باعتباره حليفا لتركيا خاصة أنه لم يستجب لطلبات إيرانية متكررة للإنضمام إلى حلف طهران الذي يضم سوريا وحزب العمال الكردستاني وأخيرا روسيا. كما أن إيران، وفق هؤلاء دائما، طلبت من بارزاني أكثر من مرة ودون فائدة الالتقاء بالأسد أو وزير خارجيته وليد المعلم بل إنه رفض حتى السماح بمرور قوات للحرس الثوري الإيراني إلى سوريا عبر كردستان. وبعد أن أدركت طهران مدى استعصاء موضوع رئاسة إقليم كردستان رغم استخدامها لأربعة أحزاب ضد بارزاني (الاتحاد الوطني، حركة التغيير، الاتحاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية) لجأت إلى الشارع لإرباكه.
أما أصحاب الرأي الثاني فيعتقدون أنه لا مجال لإنكار دور دول الجوار في ما يجري في الإقليم لكن لايوجد ارتباط قوي بين الازمة الحالية وتأثير هذه الدول وأساسا إيران وتركيا لأن كلا الدولتين الآن، وفق وجهة نظرهم، لا تريد احداث أي تغيير اصلاحي وانفتاحي لكي لا يؤثر على اوضاع بلدانهم في نهاية المطاف، وهي النقطة التي تكون إيران معنية بها أكثر من تركيا لاختلاف طبيعة الحكمين ومدى الحريات التي توجد في الثانية وتكاد تنعدم تماما في الأولى.
في المحصلة، من الصعب في منطقة تنوء بحمل التاريخ والجغرافيا معا وتتداخل فيها الخيوط وتتشابك، أن يكتفي المراقب بزاوية واحدة دون غيرها. أصحاب الرأي الأول لامسوا جانبا هاما من القضية لكنه غير كاف لوحده أن يفسر كل شيء خاصة وأنه يجنح إلى طمس العوامل الداخلية الذاتية للغضب بين المواطنين الأكراد في الإقليم في حين يجنح أصحاب الرأي الثاني إلى نوع من التقليل من شأن حجم تدخل دور دول الجوار في الملف الكردي العراقي رغم أن التاريخ مليء حد التخمة بقصص من هذا القبيل خاصة وأن «الاستقطاب الحاصل بين إيران وتركيا على ساحة كردستان العراق أثر في سياسات الأحزاب الكردية وخياراتها تجاه معظم القضايا المطروحة على الساحة الكردية» كما كتب الكاتب السوري خورشيد دلي.
المهم الآن ليس الاستغراق في تحليل الأسباب الحقيقية لما يعيشه حاليا إقليم كردستان العراق من تحركات احتجاجية وأزمة سياسية مست الآن عمل البرلمان بعد مؤسسة الرئاسة وإنما المسارعة إلى إطفاء هذا الحريق قبل أن يمتد أكثر في محيط هو أصلا ملتهب بحرائقه المتعددة. ربما تكون الخطوة الأولى هي التوجه القوي إلى حسم أزمة البرلمان الحالية لأنها إن تفاقمت ستسقط الإقليم في شلل من النوع اللبناني الحالي حيث لا رئيس مع برلمان شبه ميت. ويمكن بروح وفاقية معينة الانتقال مرة أخرى إلى معالجة موضوع الرئاسة.
كردستان العراق شكل نقطة مضيئة في السنوات الماضية رغم كل الفساد وهيمنة اللوبيات العائلية، ومن الجرم أن ينظر إليه أبناؤه دون حراك وقد امتدت حرائق المنطقة إلى ثوبه، وهو من كان يظن أنه من بين أفضل الساعين إلى إطفائها.
٭ كاتب وإعلامي تونسي
محمد كريشان
الحل هو بتنازل مسعود برزاني عن السلطة لحزبه
فالعشائرية لها قوة و نفوذ بأربيل – و قد يتفكك الاقليم قريبا
لطالما طالب الأكراد بتطبيق الدستور – فلماذا لا يطبقونه بحالة مسعود
حكومة كردستانية لا تقدر على صرف رواتب ثلاثة أشهر لموظفيها الآن فكيف اذا استقل الاقليم يا ترى ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
احسن ما قد تفعله دول الجوار هو ترك الاكراد في شمال كردستان يعيشون في سلام
عافاك تنطق بما يملى
مقالة ممتازة مع ملاحظة صغيرة
ان الساري دوره في كردستان العراق
هي امريكا وليس ايران او سواها.
انظار جميع الاحزاب الكردية قاطبة
متوجهة لما تقوله امريكا لتنفيذه حرفا.