كتب ديفيد بروكس مقالاً في «النيويورك تايمز» في 8 يناير الماضي بعنوان “I Am Not Charlie Hebedo” أو «أنا لست تشارلي إيبيدو» يتحدث فيه عن تناقض الموقف الأمريكي ونفاقه، ففي حين أن الأمريكيين ينعون الكلمة المخنوقة في فرنسا ويتباكون على قتلى إيبيدو، كما يقول الكاتب، فإنهم لا يتحملون حرية الرأي التي ينعونها في داخلهم الأمريكي ولا يسمحون للرأي المختلف بالتحرر ذاته الذي يبكون ضياعه في فرنسا.
ولقد ضرب الكاتب أمثلة عدة على هذا التناقض في الموقف الداخلي الأمريكي، الا أن حادثة مقتل الشاب ضياء بركات وزوجته يسر وأختها رزان لربما تنكأ جراح الحق مجدداً، وتعيد للواجهة هذا التخاذل الأمريكي أمام حرية الكلمة والنشر الحر.
لقد قضى هؤلاء الشبان الثلاثة في حادثة إرهابية، حوكموا بسبب معتقدهم ونفذ فيهم الحكم في منزلهم في صورة تذكرنا مراراً وتكراراً ببدائية جنسنا البشري وتخلف ذكائه العاطفي، بل ضياع حسه الغريزي، الموجود بقوة لدى معظم الأجناس الحيوانية الأخرى، من أجل البقاء. الفكرة، تلك الموجة اللامرئية، تلك الذبذبة الخارقة الخفية، كيف تصبح هي مصدر العداء؟ كيف يقتل الانسان انساناً آخر من أجل تغيير تلك الشحنة العصبية الخاصة التي تجري في قنوات مخه؟ تضيع كل محاولة تحليل وفهم لجنسنا بطيء التطور غريب النزعات، بين أحداث القتل المتكررة تلك، ولا تبقى سوى رائحة الدم، تزكم أنوفنا وتذكرنا بسوداوية جنسنا وقدوم انقراضه المحتوم.
وعلى عادته، عتم الإعلام الأمريكي على حادثة مقتل الشبان الثلاثة، ولولا وسائل الاتصال الاجتماعي التي فضحت القصة وكشفت التخاذل الأمريكي الصحافي، لبقيت الجريمة طي الكتمان أو في أقله طي التزوير والتحوير في الأسباب. ولقد حاول الإعلام الأمريكي وإلى آخر رمق إخفاء سبب الجريمة الحقيقي، ثم حاول تزويقه وترويقه، ثم استنكره على استحياء يذكر باستنكارات الدول العربية لجرائم اسرائيل. ولكن اليوم غير الأمس، فلم تعد هناك خصوصية ولا سرية، تلك كلها أصبحت من أساطير الأولين، اليوم كل شيء عام، كل شيء مكشوف، كل شيء منشور حتى قبل أن يكتمل ويتم.
وطبعاً، بكى العرب والمسلمون الضحايا الأبرياء الثلاثة، ولهم الحق في بكائهم، واستنكروا التخاذل الصحافي الأمريكي وسخروا من نفاقه، ولهم الحق في استنكارهم وسخريتهم، ثم أبى القدر سوى أن يكشف تخاذلنا الذي لا يختلف عن ذاك الأمريكي وعن نفاقنا الذي لا يقل «بهاء» عن ذاك الذي لأبناء العم سام. فقبل أيام قتل واحد وعشرون مسيحياً مصرياً مختطفين إلى الأراضي الليبية على الأيادي الداعشية الإرهابية في صورة بشعة تستجلب صور المجازر القديمة الوحشية. قتل هؤلاء المصريون بدم بارد ليس لأكثر من مسيحيتهم، كما قتل شباب بيت بركات ليس لأكثر من إسلامهم، وسكت العرب والمسلمون عن مقتل هؤلاء المصريين على الأيادي الداعشية الإرهابية كما سكتت الصحافة الأمريكية عن مقتل المسلمين الثلاثة على يد معتوه متطرف في عدائه للدين. التطرف واحد، والنفاق واحد، الا أن هناك فرقا واضحا كبيرا، فالتطرف الأمريكي أقل تنظيماً وأكثر انفرادية، يقوم به أفراد معزولون يعنونهم المجتمع بعتههم، أما التطرف العربي الإسلامي فهو منظم في كينونات شبه دولية، يقوم به أفراد منتظمون لهم من التأييد في الشارع العربي ما يندى له الجبين. كما أن النفاق الأمريكي أغلبه حكومي ينعكس كذباً وخداعاً على الناس في الداخل المتهمين بالكسل في تقصي المعلومة والسذاجة في الاعتقاد السياسي، في حين أن نفاقنا مؤسس له أيديولوجياً، يأتي من العمق الفكري الذي يبنى على سنوات من القمع والتخويف والترهيب والغسل المنتظم للمخ بالأفكار المتطرفة، وما على حكوماتنا سوى تهييجه واستغلاله. النفاق الأمريكي سرعان ما ينكشف لأن أصحابه قليلاً ما يغطون على بعضهم البعض، هم لا يتبعون مذهب «أنا وأخي على ابن عمي» كما أنهم لا يعطون قدسية دينية لكل من يتحدث باسم الدين، هم يفضحون أنفسهم في عقر دارهم دون خشية أو شعور بالذنب، أما نحن، فنبسبس «من بس» ونلكنن «من لكن» ونخشى رفع وتيرة الصوت في وجه من يرفع وتيرته باسم الدين، نعزي مرة ونلوم الآخرين ألف مرة، نترحم مرة، ونذكر العالم بكل مآسينا ألف مرة، لا نواسي أحدا دون أن ندفع الذنب عن أنفسنا ونذكر بمظالمنا فتموع تعزيتنا ويبور تواصلنا العاطفي وننكفئ على أنفسنا غير قادرين على مد حبال اتصال حقيقي مع الآخرين.
وتبقى الحقيقة، رغم اختلاف التعامل وتباين النفاق وتضاد الإرهاب، أننا جنس يقتل لا ليؤمن لقمته أو مشربه أو سكنه الآمن، انما نقتل لنتفوق في فكرة، لنفرض نظرة، لنجبر الآخرين على اعتناق تلك الموجة الفكرية التي تبرق في عقولنا طفولية التطور. إنه فقد فادح، خسارة إنسانية هائلة وتهديد حقيقي لبقائنا البشري الذي يبدو أننا نعمل فيه معاول الهدم كل يوم.
د. ابتهال الخطيب
أنا مع رأيك يا دكتورة ابتهال بأن التطرف الاسلامي منظم بمجاميع دولية
ولكن ما سبب هذا التطرف ومن الذي يغذيه ومن يساعد على تمدده
انه الظلم فظلم الحكام للشعوب وظلم الغرب بفلسطين وظلم ايران
الربيع العربي جاء بالتغيير السلمي ولكن العسكر قتلوا السلمية
الفلسطينيين فقدوا كل أمل لهم بالرجوع لديارهم بفلسطين
ايران التي غزت العراق وسوريا ولبنان واليمن
أنا لا أبرر لداعش ولكن هذه أسباب للكثير ممن انظم لداعش
طبعا غير الفقر والبطالة وسوابق الاجرام والانحراف
ولا حول ولا قوة الا بالله
من قال لك بأن المسلمين سكتوا عن قتل المصريين؟، أغلبية المسلمين و العرب شعوب مقهورة محكومة بالحديد و النار و لها مشاعر و أحاسيس و لها ضمير و كلنا قمنا بإدانة المجزرة في حق الأقباط الّذين استوصانا بهم الرسول الكريم خيراً، فهم إخوتنا في الإنسانية، و نحن أولى بأن نحس بهم لأننا ذقنا القتل و الحرق قبلهم و بأضعاف مضاعفة في بورما و افريقيا الوسطى و في رابعة… و رغم أن النخبة القبطية تشفت في قتلى المسلمين لكن ما ذنب هؤلاء الغلابة الأقباط، فهم إخوان المسلمين في الوطن و لم يعتدوا على أحد و دمهم حرام حرام.
د. ابتهال دعيني اختلف معك، بداية غير صحيح ابدا انه لا يوجد تعاطف مع الاخوة المسيحيين الاقباط الذين قتلوا بهذه الطريقة الهمجية، وسائل الاعلام العربية غطت الحدث وغالبية المسلمين ادانت وتدين مثل هذه الافعال الاجرامية. على عكس وسائل الاعلام الغربية التي تذكر القتلى المسلمين ان فعلت اصلا بعد سرد اخبار القطط والكلاب! واختلف معك ، فسبب ظهور هؤلاء المتطرفين هو الاستبداد الذي يدعم اصلا من الغرب. اما بخصوص انه منظم، فاعتقد انك عكست الموضوع، فالارهابيون وان بدوا منظمين فهم يبقون افراد، ومن نظم منهم يدعم من قبل دول هي من تمولهم اصلا. ومهما فعل هؤلاء من افعال اجرامية، يبقوا افرادا محدودي التأثير، فماذا تقولين في ارهاب الدول؟ اليس تدمير العراق وافغانستان واحتلالهما وحرق غزة ارهابا؟؟ الارهاب لا دين له والاسلام والمسلمين منه براء. شكرا
ليس من الموضوعية بمكان إتهام الشعوب العربية والإسلامية ببلادة المشاعر؛ وبالتطرف والتشفي والأنانية والجهل؛ “وهذا ما أراه ملخص لما ذكرتي د.إبتهال”؛ الشعوب العربية تمر بأقسی مراحل الإنتقال او التطور؛ ولسببين إثنين هما:1-فترة الإستدمار التي لم تنتهي بل تحولت فقط من إستعمار عسكري وحماية الی حماية وإستعمار غير مباشر والتطابق المنفعي بين الخارج والحاكم إذا جاز التعبير؛ 2-موقع الأمة العربية الجغرافي الذي بدل من أن يكون نعمة أصبح نقمة ؛ لتكالب الخارج علی الخيرات ولضمان أمن الخادمة المدللة إسرائيل.هذين السببين من بين أكثر الأسباب التي ولدت لنا التطرف الفكري وغذته؛ لكنه يبقی بشهادتنا نحن المسلمون؛ أن فئة قليييلة جدا من تتبناه وإن كانت فاعلة في نماذج كنموذج داعش؛ فأغلب المسلمين عندما يشاهد المشاهد المروعة تلك يتسائل من هؤلاء!!؟؟ ليسوا من أهلنا ولا من جيراننا ولا نعرف لهم إسما ولانسبا.
العلة لاد.إبتهال ليست في ديننا الحنيف؛ العلة في الأسباب والدوافع والخلفياتالتي تقف او تفرخ هكذا صور مقيتة؛ وأهم خطوة للعلاج التشخيص الصحيح كي نخرج بنتائج شاافية معافية للأمة؛ وأسألو د، رياض من ألمانيا ؛ لن نخرج بنتائج ولن يجدي نفعا إصرار بعض الكتاب علی إلصاق التهم بالدين؛ عليك تجاوز خلفيتك العقائدية لتنظري بشكل موضوعي د.إبتهال لأني والله اتمنی ان نغير بأقلامنا كل سيئ ونصعد ونرتقي بالبلاد والعباد.
شكرا لقدسنا الغالية؛ وجمعة مباركة لجميع إخوتي المعلقين.
كلام اﻷخ العزيز داود هو عين العقل. فاﻹرهاب هو نتاج الظلم والاستبداد. لقد بحت أصوات المصريين مثلا وهم يرددون “سلميتنا أقوى من الرصاص” ولكن الانقلابيين أبوا إلا أن يجعلوها دموية…فكانت رابعة والنهضة والحرس الجمهوري …وأخيرا الشباب الرياضي (اﻷلتراس الزمالك)..والحبل على الجرار. قتل المصريين اﻷقباط في ليبيا جريمة إرهابية بكل المقاييس. لا تردد في قول الحق. فالحق أحق أن يتبع. نعم رؤوس الكنيسة القبطية أيدوا جرائم السيسي ولو بالصمت المريب و لكننا لسنا مثلهم وما نقول إلا ما قاله ربنا عز وجل : (ولا تزر وازرة وزر أخرى) و قوله تعالى: ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ ). فاﻹرهاب والاستبداد وجهان لعملة واحدة. والنظم الاستبدادية الدموية كنظام السيسي وبشار لا تستطيع أن تتنفس في غياب اﻹرهاب فهي التي تصنعه صنعا من أجل تخويف الشعوب المطالبة بالحرية والكرامة وشرعنة وجودها أمام العالم الخارجي في ركوب انتهازي لموجة محاربة اﻹرهاب.
جريمة قتل الثلاثة امريكيين من اصل مسلم ..( للامانة لو لم يكن دينهم الاسلام كان عدت كاي جريمة عادية ) واتهام الغرب بالاسلاموفوبيا … فنحن بهذا نقلد الصهاينة عندما يتجرا احد ويقترب من دائرتهم فاشهار سلاح معاداة السامية هو ما ينتظره ….يا ريت نبعد انفسنا عن هذا المنزلق … الانتظار لما ستخرج به التحقيقات افضل من اصدار الاحكام المسبقة . اما مقارنة هذه الجريمة ب الجريمة البشعة التى حدثت في ليبيا مع شباب عزل فقراء مسالمين تحملوا مشاق الغربة في ارض خطرة يحكمها شياطين ..لست ادرى هل عندك فكره عن الفقر في الصعيد ام لا … ففقراءنا اغنياء بالنسبة لهم فنحن في الغالب فقراء بسبب الكثرة او الطموح . هؤلاء شهداء الايمان تحملوا ما لم يتحمله بشر اللهم سوى الحيوان الاخرس الاعزل عند ذبحه بلا رحمة . هؤلاء تمسكوا بايمانهم برغم من هول ما ينتظرهم . الافضل ان نسأل انفسنا هل ما يقوموا به هولاء المضللون من افعال بشعة شيطانية…؟لها اصل في الدين ام لا ؟؟؟؟ سؤال لكل انسان امين وصاحب ضمير. ملاحظة اخيرة للكاتبة اهالي الضحايا المذبوحين يصلوا من اجل هؤلاء القتلة … ما رايك لم يتهموا احد ب المسيحوفوبيا مصطلح جديد استعمله لاول مره. شكرا لنشر تعليقي لادارة القدس العربي
الاخ رياض رغم بشاعة ما حدث مع الاقباط الابرياء المذبوحين اللي ذنبهم انهم مسيحيون وفقراء الا اني اختلف معك في الاحتجاج على الغرب بالاهتمام باخبار الحيوانات سواء قطط او كلاب او غيرها اولا من يرفق بالحيوان هو من يحب الانسان ولا يقبل بالاذى لاخيه الانسان . اما مزاجية الرحمة بان تكون فقط مع الذي نحب فهذه ليست اخلاق حقيقة , لانك في يوم ستكون بحاجة الى رحمة من من هو اقوى منك وهذا حال الحيوان .لانك عندما تشعر مع غيرك فهذه هي الانسانية والرحمة يجب ان تكون مع جميع اشكال الحياة . وبعدين لا يجب ان نفرض ما نحب على شعوب نحن ضيوف مقيمين الى الابد معهم . علينا ان نحب الخير للكل فهذا هو الانسان الحقيقي. هولاء المجرمون يعتقدون انهم بقتلهم للاخر بانهم يقدموا خدمه لله . يعنى النية سليمة
كل من أعرفه من عرب و مسلمين يصحو و ينام وهو يستنكر ما تفعله داعش بالمسلمين و المسيحيين و اليزيدين و بالأرض و الشجر و بالثورات العربية و تطلع الانسان العربي و المسلم للتحرر و بالحاضر و التاريخ, و كلما أدرت جهاز التلفاز أرى أخبار جرائمهم تتصدر نشرات الأخبار حتى طغت على جرائم النظام السوري الذي حرق أكثر مما حرقوا و فاقت جرائمه جرائمهم و طغت كذلك على أخبار الحوثيين و غيرهم, و كلما ابتعت جريدة عربية أرى استنكار ما بقومون به عنوانها الرئيسي, و على الفيس بوك و تويتر , اسنتكار من قبل المسلمين و العرب لما قاموا به في ليبيا , و لنذكر أن جريمتهم في ليبيا لم تكن الأولى فقد ذبحوا مئات من عشيرة سنية في سوريا و كان نصيب مصيبتهم خبر مقتضب في زاوية صغيرة؛ يعيثون في سوريا و العراق فسادا و العالم يتركهم أو يلاحقهم حسب مزاجه. و لكن المسلمين لا يبررون عندما يتساءلون حقا عمن يقف وراءهم و من يمولهم و من يغذي تطرفهم, و هو يراهم يتصرفون و كأنهم يعلمون وفق أجندة سياسية معينة. حسبنا الله و نعم الوكيل.