أسباب وجيهة لانتصار المقاومة…

حجم الخط
13

انتصرت المقاومة في غزة، وانتصر معها أحرار العالم، انتصرت على العدوان وعلى الصلف والعنجهية، على الخيانة والنذالة، انتصرت على الوحشية والهمجية الصهيونية، وعلى مشيطني المقاومة، انتصرت على من نسقوا أمنيا وانتظروا من نتنياهو ان يأتيهم برأس المقاومة، انتصرت على من حاولوا حشر حركة المقاومة في بوتقة واحدة مع مجرمي وسفاحي (داعش).
أسباب الصمود والنصر كثيرة وإليكم أهمها.
ليس لدى المقاومة جيش من مليون أو نصف مليون جندي نظامي وإلا لرأينا ما يخزي ويهد عزائمنا لسنين طويلة، بل هي فئة قليلة صادقة جيدة التدريب. ليس لدى المقاومة ألف طائرة حربية منها الهجومي والاعتراضي والقاذف من فخر الصناعات العسكرية العالمية وإلا لسمعنا عن احتراقها قبل تحركها من مطاراتها.
الحمد لله ليس لدى المقاومة مطارات عسكرية وإلا تم تدميرها بمن فيها من طيارين وعمال صيانه وطباخين.
الحمد لله انه ليس لدى المقاومة أساطيل بحرية ولا دبابات ولا ناقلات جند، وإلا لتحولت إلى مصائد للجنود المساكين بالآلاف، وفضائح موثقة وعار للأجيال العربية القادمة.
الحمد لله ليس لدى المقاومة هيئة أركان حرب وقائد عام للقوات المسلحة الذي هو نفسه الرئيس الدكتاتور أو الملك، وإلا لما سمعنا في الأخبار إلا عن اتصالاته مع قادة العالم واجتماعاته العبثية «لبحث آخر التطورات».
الحمد لله ليس لدى المقاومة أصحاب ألقاب عسكرية مثل عميد، مشير، لواء، جنرال، عقيد، عماد، إلى ما لا نهاية من الألقاب( الفخرية) من خريجي الكليات الحربية الأمريكية والروسية والبريطانية والصينية وإلا لكانت الهزيمة مفصلة تفصيلا على الخارطة.
الحمد لله ليس لدى المقاومة شبكة رادارات لرصد طائرات العدو وإلا لتم تدميرها وتشتيت شمل مشغليها خلال الدقائق الأولى من القتال.
الحمد لله ليس لدى المقاومة قيادة باتصال دائم مع الصديقة أمريكا ترجوها وقف العدوان بأي ثمن وخدمة تطلبها.
الحمد لله ان المقاومة لم تنتظر تدخل مجلس الأمن الدولي لوقف همجية إسرائيل فحرمت أمريكا من استخدام الفيتو وبريطانيا وفرنسا من الحياد.
الحمد لله ان المقاومة لم تعتمد على الأشقاء العرب وإلا كانوا أخرجوا لها كتاب نعي وفتحوا مأتمًا لتقبل التعازي برحيلها، مع أحلى الأغاني العاطفية والنوستالجية مثل «أخي جاوز الظالمون المدى» و»زهرة المدائن» و»الضفتان توأمان»..و»صف العسكر رايح يسهر»، فقد بثت المقاومة أغاني غير متعوب عليها فنيًا ومنها واحدة بسيطة جدًا ومباشرة بالعبرية موجهة لجيش الاحتلال ولكن هذا فن أثبت فعاليته.
هناك أيضًا سبب للنصر يجب ان لا نغفله هو انشغال بعض الأنظمة في حروبها الداخلية، وهذا لم يتح لها التآمر والدعوة لمؤتمر قمة عربي والربح من تسليم رأس المقاومة أو إحباطها على الأقل. سبب آخر هو اختفاء شبه تام للجامعة العربية فهذا جعل المقاوم ينساها ولا يبني أي أمل عليها ويصمد. الحمد لله لعدم وجود قائد أعلى للمقاومة في قصر ملكي أو جمهوري بحرس جمهوري أو ملكي وشركة حراسة أجنبية، وإلا كان خرج علينا بخطاب منمق بأروع ما يكون من روائع خطب الهزيمة يدرّس في الجامعات في فن الخطابة.
الحمد لله ان لقادة المقاومة أسماء عائلات قد تسمع بها لأول مرة، وليست ذات صدى رنان في الأذن وإلا كان الصحافيون والسياسيون الإسرائيليون على علاقات شخصية بهم أبا عن جد.
من رأى المجاهد محمود الزهار وهو يلقي كلمته بين أبناء شعبه وأمام آلاف المتظاهرين فرحًا في شارع عمر المختار في غزة ومن حوله من الرجال وهم يناولون بعضهم البعض الورق لمسح العرق المتصبب من جباههم الكريمة يدرك لماذا يصمد هؤلاء وينتصرون ويكسرون جنون وعنجهية وسادية نتنياهو، الذي لن تسمح له الرقابة (الصحية) بالنظر إلى مشهد الغزيين محتفلين بالنصر بعد كل جرائمه التي حسبها وسيلة ضغط وإذا بها وسيلة دعم لا محدودة للمقاومة وغضب وحقد عليه وعلى كل ما يمثله.
عندما يقول الزهار اننا»سنبني ميناءنا ومن يعتدي عليه سنعتدي على مينائه، سنعيد بناء مطارنا ومن يعتدي عليه سنعود للاعتداء على مطاراته» فالعالم كله يصدقه وأولهم الإسرائيليون، فالمقاومة بعد هذا الأداء لا تحتاج إذنا من أحد للبناء، لان الرد على المعتدين سيكون جاهزًا على الفور، فالمقاوم الحقيقي لم ولن ينتظر التوازن الإستراتيجي المزعوم ولا الوحدة العربية ولا المتغيرات الدولية، بل هو الذي يصنعها.
هناك عامل آخر للنصر لن نغمطه حقه هو نتنياهو نفسه ووزراؤه المتطرفون، فهؤلاء تحدثوا كل الوقت عن احتلال وتدمير قطاع غزة وإخراج قادة المقاومة من «جحورهم» على حد تعبيرهم ولهم الشكر بهذا، فلو كان نتنياهو محنّكا مثل شمعون بيريز مثلا لتحدث عن استماتته على السلام وتباكى على دماء أهالي غزة أمام العالم وحوّل الضحايا إلى مجرمين، ولكن هذا دور لا يتقنه نتنياهو وزمرته الذين انكلبوا على الدم الفلسطيني ليحققوا طموحات سياسية، فجميعهم يطمح لرئاسة الحكومة على حساب الدم الفلسطيني ولكن الآية انقلبت عليهم الآن، ولن يجرؤ أحد منهم على الدخول إلى قرى غلاف غزة وحتى نتنياهو نفسه، وإذا فعل فبحراسة مشددة وبشكل استعراضي فقط، وليس كما فعل الزهار والهندي وأبو زهري بين عشرات الآلاف من المدنيين والمسلحين المحبين. كان لدى المقاومة كل الأسباب لتبرير أي موقف تتخذه، كان بإمكانها ان تعلن عن المؤامرات الدولية والعربية عليها خدمة لإسرائيل، لكنها التزمت بما يوحد ولا يفرق، ولم تبحث عن ذرائع للتخاذل.
المقاومة فاوضت وهي تقاتل، وقبلت وقف إطلاق النار وهي ترد على العدوان وتؤلم إسرائيل حكومة وشعبًا حتى الدقيقة الأخيرة بل وأضافت ربع ساعة بعد الوقت المحدد(على البيعة)، ولم يتوان الشيخ محمود الزهار عن بهدلة نتنياهو بالبث المباشر بعد دقائق من وقف إطلاق النار أمام الجماهير حين قال له «قتل الأطفال نذالة وقتل النساء خسة، والرجولة هي في المواجهة بين مقاتل ومقاتل وسياسي لسياسي».
أما نتنياهو الذي يرتعد من كشرته حكام المنطقة والذي تطاول حتى على سيده الأمريكي فقد بدأت طواقم محامين بإعداد وسائل الدفاع لمحاولة تبرئته من ارتكاب جرائم حرب وانقاذه من ورطاته القادمة.
لقد تجلت وحدة المقاومين من جميع الفصائل مع شعب حاضن تحمّل ما تنوء به الجبال فكانوا بنيانا مرصوصًا، واختصرت سيدة غزاوية الفرق بين الجبهة الداخلية الفلسطينية والإسرائيلية خلال الاحتفالات العفوية بقولها» الحمد لله على النصر ومبروك للمقاومة» و»ليأخذ الله من دمائنا حتى يرضى فداء للمقاومة»، هذا في الوقت الذي أعلن فيه مستوطنو غلاف غزة (الجبهة الداخلية الإسرائيلية) انهم لا يصدقون الحكومة، وسوف ينتظرون الأيام القادمة حتى التأكد من وقف القتال كي يعودوا إلى منازلهم.

سهيل كيوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    كنت أتمنى أن أقول كما قالت هذه السيدة الفلسطينية
    ليأخذ الله من دمائنا حتى يرضى فداء للمقاومة

    لكننا بلا دم

    لقد ضخت هذه المقاومة الآن الدماء بعروقنا فهل يا ترى نحس بها

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول م . حسن . هولندا:

    تضميد الجراح وإعادة البناء بأفضل مما كان , الحرية تنتزع ولا تعطي منة من أحد . بارك اللة في المقاومة التي أضاءة الطريق للصغار ليعشوا أحرار بلا هيمنة من أى كائن كان , وزادت الأمل في الكبار وتضحياتهم جيل وراء جيل . رحم اللة الأبطال الشهداء وشفي المصابين وأعان الصابرين علي الدمار الذى خلفة مجرمي الحروب وتجار السلاح وكارهي السلام . بارك الله في الأقلام الشريفة الصادقة .

  3. يقول حسن الحساني:

    لقد اصبت يا سيد كيوان كبد الحقيقة، أما وإن الحكام العرب كانوا مشغلين بمشاكلهم الداخلية فقد اختلف معك قليلاً بل كانوا حكام العربان كما تفضلت ينتظرون من وكيلهم نتنياهو أن يأتيهم خلال ساعات أو قل ايام قليلة برأس المقاومة لكي يهدأ بالهم وينسوا ولكن هذه المرة وإلى الأبد شيء أسمه فلسطين وقضية فلسطين، لكن الله رد كيد حكام العربان إلى نحورهم وانسحب نتنياهو يجر أذيال الخيبة بعد إدراكه أن ايام كيانه الغاصب بعد هذه الحرب أصبحت معدودة خاصة وأنه يواجه رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه وليس الأنظمة العربية التي هزمها جميعها في 1967 خلال ساعات. لا يعرف نتنياهو وأصدقائه من حكام العرب بأن “الله سبحانه وتعالى ينصر من ينصره” كما نسي حكام العربان أن النصر من الله وليس من أمريكا أو الغرب.
    تحية للأقلام الحرة وتحية للمقاومة الفلسطينية الباسلة على أرض غزة العزة ونتمنى أن يتمكن أبناء الضفة الغربية من دحر المستوطنين وطردهم إلأى حيث أتو لتطهير فلسطين كل فلسطين من دنسهم وإن ذلك ليس على الله بعزيز.

  4. يقول عبد الوهاب:

    كلام رائع في الصميم، اسمح لي انني قد اقتبست من مقالك هذا في تعليقاتي على المتخاذلين الذين لا يفرحوا الا بكلمة هزيمه

  5. يقول monzer el-sayed - uk:

    Actually, very good article. It contains exactly the right points of the triumph. Thanks.

  6. يقول ابو محمد العربي:

    نحن العربان سنكتفي بالجلوس اما م الكمبيوتر نذرف الدموع اما فرحاً للنصر اللذي محى عارنا اللذي نحمله منذ مشروع سايكس بيكوا او حزناص وشفقة على ذلنا وتخاذلنا وجلوسنا كالحريم بدلاً من التوجه الى جبهات القتال لمحاربة اولاً عملاء امريكا اللذين يحكموننا والمتصهينين منهم بالذات او مشاركة المجاهدين في جبهات القتال في سورية والعراق وباقي الدول العربية

  7. يقول جهاد:

    مقال رائع ولكن يا سيدى الكريم بعد التحية
    لا تنسى ان شعب غزة بكل فئاته وقف وصمد ونتصر وبدونهم لم يكن لاى فصيل ان يقاوم
    اسرائيل كانت تراهن على ضربات وحرق وابادة وقوة تفوق الخيال ليثور الناس على المقاومة
    واذا بها تفاجا ان الكل توحد وصطف وتشابكت الايادى بقوة بشكل خرافي وذلك ما صدمها جدا
    غزة شامخة كريمة صامدة باهلها
    اذهب الى اليوتيوب وانظر الى حلقة من الكمرا الخفية تمثل رجل فلاح بسيط اسمه ابو ايمن كيف يقف صامدا امام مستوطنون يساومونه على ارضه ويهددونه بقتل عائلته وبماذا يجيبهم
    افتح رابط مستوطنون داخل غزة
    وقتها تعرف لماذا صمد هذا الشعب الصنديد
    ودمتم بخير… رحم الله الشهداء والله دمائهم الطاهرة الى الان بقايا على الشوارع تابى ان تمحى
    وشفى الله الجرحى
    وجبر بخاطر الامهات الثكالى ..

  8. يقول كمال زاهر:

    نعرف جميعا أن غزة تقرن دائما بهاشم حيث يقال “غزة هاشم” أما أنا واعتبارا من يومين فإن غزة عندي تقرن بكلمة العزة فنقول “غزة العزة” كما يقولون “قاهرة المعز” نسبة إلى من بناها. رددوا معي “غزة العزة” ودمتم. حيا الله غزة وأهلها ونساءها وأطفالها وشيوخها ومقاومتها ورحم الله شهدائها وشفى جرحاها واسبغ عليها وعلى أهلها الصبر والثبات.

  9. يقول S.S.Abdullah:

    غزة العزة وكاتبها المعبر عنها سهيل كيوان
    أوجزت وأبدعت للتفريق ما بين المقاومة والشعب والعولمة وأدواتها بداية من الإنسان
    وما بين السامري (الجيش والأجهزة الأمنية والعسكرية) والنخب الحاكمة والديمقراطية وأدواتها بداية من نظام الأمم المتحدة.
    ما رأيكم دام فضلكم؟

  10. يقول طاهر الفلسطيني المانيا:

    بسم الله الرحمان الرحيم.
    لقد عشنا 66 عامآ كله مذله وهوان وتشرد من شعب كان ذليلا لألاف السنين , فما يمنعنا من الصبر لثمانية اعوام اخرى , انه موعد نهايه اسرائيل سنة 2022 . نظرآ لفرحة الشعب الفلسطيني كله
    بالنصر وكثيرآ من الشعوب العربية المؤمنة بالله وبالحرية . اترككم للتصور وللخيال كيف ستكون الفرحه ليس للشعب الفلسطيني فحسب بل لكل شعوب الارض , عندما تذيع كل وسائل الاعلام بفتح تل ابيب وانتهاء الدوله العبرية الى الابد , انه يفوق خيالي كيف سيكون ذلك العيد وما هو الاسم الذي نعطيه له , نعم انه سيكون عيد الاعياد , أمُ الاعياد أبو الاعياد ليتني اعلم اسمه الان . وان الله مع الصابرين , وان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم . نصر من الله وفتح قريب . امين .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية