ألغاز إسطنبول: لماذا لا يعلن تنظيم «الدولة» مسؤوليته؟

حجم الخط
20

يقترح تقرير تنشره «القدس العربي» اليوم أن العمليات الانتحارية التي جرت الثلاثاء الماضي في مطار أتاتورك الدولي بمدينة إسطنبول التركية قامت بها عناصر تابعة لمجموعات جهادية من الشيشان وجمهوريات وسط آسيا.
الغريب، بحسب مصادر التقرير، أن هذه المجموعات لا تنتمي إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو الطرف الذي رجّحت أجهزة الأمن التركيّة مسؤوليته عن الهجمات.
تأكيد السلطات التركية أن الانتحاريين الثلاثة هم روسيّ وأوزبكي وقرغيزي يعطي دلالة للوسط الجغرافيّ المنسوبة إليه الهجمات، كما يشير تصريحها أنهم «يدورون على الأرجح في فلك تنظيم الدولة الإسلامية» أنها غير قادرة على تأكيد مسؤولية التنظيم المذكور.
الخارجية الأمريكية دفعت بهذا الاتجاه من التحليل عندما قال الناطق باسمها مارك تونر إنها لا تستطيع تأكيد أن تنظيم «الدولة» مسؤول عن هذا الهجوم، وبرّرت الخارجية إصدارها تحذيراً من سفر الأمريكيين إلى تركيّا قبل يوم واحد من العملية بأنه مصادفة.
السؤال الأول الذي يخطر في البال هو: لماذا تتحمّل جهات لم تبايع تنظيم «الدولة» مخاطر المهمة الجسيمة لمواجهة الدولة التركيّة في حين أن التنظيم نفــســه، الذي انطبعت بصماته على العمليّات الأربع السابقة التي جرت على الـــحــدود التركيّة وأنقرة (ضد أكراد) وساحة تقسيم وجامع السلطان أحمد (ضد سيّاح أجانب)، لم يتجرّأ على إعلان مسؤوليته عن تلك العمليات؟
والسؤال الثاني هو ما الذي يدفع هذه المجموعات التي قادها نداء «الجهاد» من مواطنها القصيّة (وهي مناطق الشعوب التركية الأصلية كالآذر والكازاخ والتتار والقرغيز والتركمان والأويغور والأوزبك التي ظهر منها العثمانيون وانطلقوا نحو الأناضول المسماة اليوم تركيا) في روسيا وأواسط آسيا إلى سوريا، إلى توجيه هجماتهم إلى تركيّا؟
تكشف الهجمات التي جرت في مطار أتاتورك عن «اجتهاد» جديد في رؤية العناصر التي تنفّذ هذه الهجمات للعلاقة مع تركيا فبعد استهداف الأكراد سابقاً، وهو أمر دفع بعض الأكراد والصحافيين العالميين لاعتبار «الدولة العميقة» التركيّة متورّطة في الأمر، صار واضحاً أن خط العمليّات الإرهابية انصرف عن محاربة الأكراد وانهمك بإيقاع أكبر عدد من القتلى بين المدنيين والأجانب في المناطق السياحيّة، وهو تكتيك لا يستهدف عقاب السلطات التركيّة فحسب بل كذلك الشعب التركي أيضاً.
المنطق الأوّليّ الذي يفسّر هذا العنف الفادح هو شعور هذه الجهات بالخيانة، وتظهر جنسيّات منفّذي العمليّة الأخيرة القرابة الإثنيّة واللغوية التي تجمعهم بتركيّا وهو ما يؤجّج الحسّ الانتقاميّ ويفعّل غدر «القريب» بقريبه.
العمليّات الانتحاريّة، بهذا المعنى المذكور، هي شكل من أشكال الحرب الأهليّة بين أطراف تجمعها العصبيّة الدينية (لا ننسى أن تركيّا يحكمها حزب محسوب على ما يسمّى «الإسلام السياسي») والقوميّة واللغوية.
ويأتي التقارب الذي تشهده أنقرة مع روسيا (وكذلك مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي) ليضيف ملحاً على جرح إحساس هذه المجموعات الجهادية بالخيانة ويفسّر، من جهة أخرى، هذه الحالة «العاطفيّة» الكبرى التي شهدناها في العواصم الغربية المتأثرة بالوجع التركيّ، وهو أمر لم يسبق أن حصل بهذه الطريقة في كل العمليّات الأخرى التي سبقت.
خلال فترة «الحياد» النسبيّ المفترضة مع تنظيم «الدولة» نجت تركيّا من مخاطر العمليّات الإرهابية لكنّها تعرّضت لضغوط هائلة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربيّة، وبعد انغماسها في «التحالف الدوليّ» وإعادة تطبيع علاقاتها مع روسيا وإيران وإسرائيل انهمرت عليها الهجمات الدمويّة.
هل تستطيع تركيّا الصمود أمام هاتين المطحنتين؟

ألغاز إسطنبول: لماذا لا يعلن تنظيم «الدولة» مسؤوليته؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم عنوانه(ألغاز إسطنبول: لماذا لا يعلن تنظيم «الدولة» مسؤوليته؟)
    لا الغاز ولا ما يحزنون ؛ تركيا مستهدفة صهيوامريكيا وروسيا وايرانيا للتركيع والاستسلام دون قيد او شرط لهذا التحالف الرباعي القذر والموغل في عدائه للاسلام والمسلمين والذي لا يرضى لتركيا باقل مما يحدث في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول الفاشلة .
    والنهج التركي تحت حكم العدالة والتنمية الاسلامي والقريب من نهج الاخوان المسلمين اللاعنفي المعتدل لا يروق لهؤلاء القتلة المتوحشون الحاقدون . والرباعي اعلاه يعادي بشراسة غير منطقية الاحتكام الى صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة في البلدان العربية والاسلامية ، ويريد لتركيا ان ترجع الى حكم بساطير العسكر –تلاميذ اتناتورك -الذين جعلوا من تركيا دولة عنوانا للفشل المخزي طوال العقود السابقة لاختيار حزب العدالة والتنمية والذي قفز بتركيا من الجمود والتخلف والتبعية الى عملاق اقتصادي يشهد له القاصي والداني والى دولة ملك لارادة شعبها . ومن خطايا تركيا العدالة والتنمية الاخرى عند الرباعي اعلاه تأييدها لحراك الربيع العربي الذي صدر الاخوان المسلمين في مصر وغيرها عبر الصناديق الحرة والنزيهة ؛ هذا الحراك الذي اوقف زخمه الرباعي الصهيوامريكي الروسي الايراني ببساطير عسكر السيسي في مصر وبمذابح الاسد وروسيا في سوريا وبمذابح ميليشيات ايران في العراق واليمن .

  2. يقول Hicham Denmark:

    اني اشتم ريحة داعش الفرع الروسي. بوتين كان زعلان من اردوغان وحب يوجه له رسالة واعتقد ان الرسالة وصلت!

  3. يقول سلمى:

    بغض النظر فهذه الجماعات الإرهابية لا تضرب في روسيا أو في إيران و لا تحارب بشار في سوريا و ضحاياها معظمهم مسلمون سنة . حسبنا الله و نعم الوكيل

  4. يقول احمد الجبالي:

    المعلومات تشير الى ان المجموعة الإرهابية كانت قد وصلت الى تركيا قادمة من روسيا بطريقة رسمية ومكث أفرادها هناك حوالي الشهر أي أنها كانت بمثابة الخلية النائمة في انتظار صدور أوامر التنفيذ من جهة ما .
    إرهابيون على هذه الدرجة من الحرفية العالية لا يمكن إلا وان يكونوا معروفين من قبل مخابرات الدولة التي قدموا منها .

  5. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    مهما كان المسؤول عن هده الهجمات الدموية والتي تحصد المدنيين العزل سواء كانت داعش او جماعات اخرى فان الدي يجمعها هو الارهاب الاعمى الدي يهدد السلم الاجتماعي بالدرجة الاولى في تركيا والكثير من بلدان العالم وخاصة العالمين العربي والاسلامي فالسؤال المطروح هو هل عجزت كل هده الدول بما فيها القوى الكبرى وعلى راسهم الولايات المتحدة رغم ما يقال عن تحالفها في وضع حد لهده الافة الخطيرة؟ اين هي مخابرات كل هده الدول ناهيك عن الجواسيس والمخبرين والمتعاونين؟ من اين تحصل هده المجموعات على الاسلحة والاموال التي تمكنها من الاستمرار في جرائمها العمياء اضافة الى المعلومات عن المواقع التي تنوي تفجيرها؟ كيف لم يتمكنوا لحد الان من العثور على مخابئ قادة التنظيم الارهابي وفي مقدمتهم البغدادي؟ اسئلة كثيرة محيرة تطرح حول هده التنظيمات ومن يقف ورائها والمستفيد من استمرارها توضح ان هناك مخابرات عالمية تنتمي لقوى كبرى وعلى راسها الولايات المتحدة وكيان الاجرام والارهاب الصهيوني بتعاون مع بعض الجهات الاقليمية هم من يحركون هده التنظيمات الارهابية والا فما الدي يجعل الولايات المتحدة تحدر مواطنيها من السفر الى تركيا يوما واحدا قبل عملية مطار اتاتورك الاجرامية؟ ولمادا لم نر هجوما واحدا من هده الجماعات المجرمة ضد كيان القتل الصهيوني؟ المستهدف الاول من هدا القتل والخراب والدمار هم العرب والمسلمون لا فرق بين تابع ومقاوم فالكل تحت مرمى نار الارهاب الاعمى وصانعيه هدا ما يجب على اردوغان وامثاله من حكام العرب والمسلمين ان يعوه.

  6. يقول Ahmed deutschland:

    مع الأسف وصلنا الى الحضيض المثقفون يؤججون نار الطائفية والفقراء يدفعون الثمن ولكن الله القوي العزيز ليس غافلا
    عما يعمل شذاذ الافاق .
    المساكين في اليمن يموتون دون وجه حق
    ولاناصر لهم ولكن الله ربي ورب العالمين
    خير ناصر.
    الخراب والدمار في سوريا ثورة والسلمية في البحرين ارهاب.
    في اي منطق تسحب الجنسية من مواطن علما هذه الجنسية غير مكتسبة اي ان الأجنبي يعمل في بلد ومقيم يحصل على جنسية البلد الذي يقيم فيه.
    اليست هده هي الحقيقة المرة وااسفاه على أمة محمد(ص)

  7. يقول محمد حاج:

    سؤال يحيرني دائماً ولا اجد له جوابا للان ، هل معقول ان التحالف الدولي والعربي يحارب داعش ويقصف مواقعها وينتج عنها الكثير من القتلى ، ولم نرَ نهائيا أن تم أسر احدا من مقاتلي داعش ليتم استجوابه والتحقيق معه لمعرفة اسرار هذا التنظيم، أو كشف ألغازه وكيانه ؟ اما نسمع قصف مواقع او تحرير أراضي منه فقط لا غير .

  8. يقول Sultan:

    أتسأل كيف وصل الإرهابين الي سوريا وبأي طيران كانوا يصلون الي تركيا وهل أمريكا وتركيا وإسرائيل يعلمون بهم ام الإرهابين أتوا من تحت الأرض ومن يقود الإرهابين ولماذا إسرائيل مهتمة وحريصة كل الحرص علي علاجهم في أرقي مستشفياتها ولماذا هي الوحيدة في المنطقة لم يلمسوها بسوا لاكثر من خمس سنوات علي الرغم انها علي مرمي حجر .

  9. يقول فريد:

    نريد جواب على اسالة المعلقين لماذا الارهاب في الدول العربية والغرب ولاكن اسراءيل تعيش بالهدؤ والسكينة وكانها عايشة في المريخ وليس بين الدول العربية التي انطحنت واصبحت صفصفا .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية