ألغاز موريتانيا: رئيس لا يريد أن يترشح مجددا!

حجم الخط
14

حسب تقرير ينشر اليوم لمراسل «القدس العربي» من نواكشوط فإن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أعلن في مقابلة تلفزيونية أنه «لن يترشح لانتخابات 2018 الرئاسية»، وهي سابقة عربية خطيرة لم تحصل، في حكم عسكري عربي، من قبل سوى في السودان مع المشير عبد الرحمن سوار الذهب الذي استلم السلطة خلال انتفاضة نيسان/ابريل 1985 بتنسيق مع قادة أحزاب ونقابات ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي.
يأتي التصريح في وقت يدعم فيه الرئيس الموريتاني تعديلات على الدستور حول نقاط بينها إلغاء مجلس الشيوخ وتعديل العلم والنشيد الوطني وهو ما دعا منتدى المعارضة الموريتانية، المؤلف من أحزاب ونقابات وشخصيات مرجعية، إلى إعلان رفض ما سماه «التعديلات الدستورية العبثية»، معتبرا أن «البلاد مختطفة من طرف حاكم يعتبر البلد وأهله غنيمة مستباحة يتصرف فيها كما يشاء ويورثها لمن يشاء»، وهو ما يفتح قوس سؤال كبير: إذا كان الحاكم يعتبر البلد وأهله غنيمة مستباحة يورثها لمن يشاء فما الذي يدفعه للتنحّي مع انتهاء ولايته فيما يخوض رؤساء، مثل بشار الأسد، وقبله معمر القذافي، وقادة عسكريين، مثل خليفة حفتر، حروباً مدمّرة لشعوبهم وبلدانهم عنوانها الرئيس: أنا أو أخرب البلد؟
أحد الأجوبة السريعة التي تقفز للذهن هو ما حصل مؤخرا من خروج الرئيس يحيى جامع، الحاكم المستمر لغامبيا منذ انقلابه العسكري عام 1994، من بلاده بعد محاولة فاشلة للتمسك بالسلطة بعد خسارة الانتخابات استدعت تدخّلا عسكريا إفريقيا ضدّه، وكان الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز قد توسط في مسألة خروجه وافتخر بعدها بما فعل، وهو ما يعني، أنه شارك في إبعاد ديكتاتور عسكريّ قبل أن يفني عناده البلاد والعباد، كما يعني أن دلالة هذه الحادثة انطبعت بقوة في ذهن الرئيس الموريتاني كما انطبعت في ذهن غيره من الحكام الأفارقة، وخصوصاً أنها تكرّر ما حصل مع زعيم ساحل العاج لوران غباغبو عام 2010 الذي أدخل بلاده حرباً أهلية انتهت باعتقاله وتسليمه للجنائية الدولية في لاهاي.
العارفون بأحوال موريتانيا يقدّمون سبباً آخر لوعد عبد العزيز بعدم الترشح وهو أن رئيس أركان الجيش الموريتاني سيدي محمد الغزواني سيتقاعد آخر السنة الحالية ويصبح قادراً على الترشح للرئاسة بحيث يخرج من الحكم من وراء الكواليس، باعتباره القائد الفعلي للانقلابات المتكررة في موريتانيا والتي جاءت بمعاوية ولد الطايع رئيساً عام 2005، ثم بدوره في تمكين الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله عام 2008، وأخيراً بمحمد ولد عبد العزيز، سادس رئيس عسكري لموريتانيا الذي قام بخلع ولد الشيخ عبد الله عام 2009 واحتلّ منصبه.
وبذلك نستطيع أن نفهم تكملة الوعد الذي صرّح به ولد عبد العزيز من أنه لن يترشح «ولكنّه سيدعم مرشحاً رئاسياً»، فبذلك يكون قد سدّد الأمانة الثقيلة التي سلّمت له من قبل الزعيم العسكري الفعلي للبلاد، الذي قرّر أن يصبح مدنيّاً ويترشح للرئاسة!

ألغاز موريتانيا: رئيس لا يريد أن يترشح مجددا!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa jerusalem:

    قبل ٧ سنوات وعد الرئيس محمود عباس انه لن يخوض الانتخابات المقبله ولقد وفى بوعده٠ فلا تصدق

  2. يقول Moussalim Ali:

    .
    – الرئيس السوري بشار الأسد يذبح شعبه منذ ستة سنوات ، وبمعدل مأة ( 100 ) في اليوم تقريبا – ولا يخجل بان يصرح واكثرمن مرة للإعلام الدولي انه ” هناك في الكرسي لأن الشعيب السوري يرده ان يبقى ” .
    .
    – يعني الشعب السوري يريد استمراره في السلطة للمزيد من الذبائح .

  3. يقول Moussalim Ali:

    .
    – الرجل يحكي أن موريتانيا ” أقوى مما يعتقد البعض ” . أتمنى ذلك .
    لكني لا أرى شروط القوة في بلد موريتانيا (….).
    تلك الشروط التي درسنا في الكلية (….).
    .
    – ما أعلمه أكثر هو ان روسيا نفسها لا يمكنها ان تتدعي – موضوعيا – أنها ” قوية ” ، لأنها لا تصنع أي شيء سوى الأسلحة ، واقتصادها رهين بأسعار البيترول والغاز فقط .
    .
    – يكفي أن يصرح D.TRUMP بأنه سيضاعف ترسنة السلاح النووي الأمريكي ، بأن ” يبلع ” بوتين تهديداته للعالم . وما خفيّ كان اعظم (…..).

  4. يقول محمد على. موريتانيا:

    السيد مسالم او Moussalim
    لعلك شاهدت مقابلته مع france24 اظن انه اوضح معنى القوة الذي يقصد وهو ان موريتانيا دولة ذات سيادة وعلاقتها بالمغرب والجزائر ليست مرهونة بأي منهما فعندما أساء ممثل الوكالة المغربية للأنباء في نواكشوط على الجزائر طردناه فغضبت المغرب وحينما أساء دبلوماسي جزائري الى المغرب طردناه كما قال فغضبت الجزائر
    الى متى سيتخلص بعض الإخوة المغاربة من النظرة التاريخية السيئة تجاه موريتانيا بأنها تلك الدولة الفقيرة جدا جدا في نظرهم والقليلة عدد السكان جدا جدا التي اقتطعتها فرنسا من المغرب

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية