ألمانيا تشهد بوادر أزمة سياسية عقب استقالة زيهوفر وصحيفة ترى أن ميركل بدأت تفقد سلطتها في أوروبا

حجم الخط
1

برلين ـ «القدس العربي»: فيما تشهد ألمانيا بوادر أزمة حكومية حادة في ظل التوترات القائمة حول مسألة المهاجرين، وذلك بعد الاستقالة المعلقة (ما زالت غير كاملة) لوزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر فإن السؤال الذي يتردد حاليا ما هو ما مستقبل زيهوفر؟ وما هو مستقبل الائتلاف الحاكم الذي جمع بين ميركل وزيهوفر بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وإذا تسببت تلك الخلافات في انهيار التحالف القائم منذ 70 عاما بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي فإن ذلك سيحرم ميركل من أغلبيها البرلمانية مما يعني أنها ستحاول قيادة حكومة أقلية أو إجراء انتخابات جديدة
وكان الخلاف قد بدأ في منتصف حزيران/يونيو، عندما تصدت المستشارة أنغيلا ميركل لخطة وزير داخليتها رئيس حليفها البافاري المحافظ «الاتحاد المسيحي الاجتماعي»، من أجل تشديد سياسة اللجوء، ورفضت تحديدا إجراء أساسيا طرحه وزيرها، وهو رد المهاجرين المسجلين في بلد آخر من الاتحاد الأوروبي عندما يصلون إلى حدود ألمانيا.
وسرعان ما تحول الخلاف إلى حرب مفتوحة تهدد بإسقاط الائتلاف التي تشكل بصعوبة في آذار/مارس بين الاتحاد المسيحي الاجتماعي اليميني المتشدد والاتحاد المسيحي الديموقراطي (يمين الوسط بزعامة المستشارة) والاشتراكيين الديموقراطيين.
ورفض الوزير التنازل للمستشارة، بل هددها بفرض تدابيره على الحدود في مطلع تموز/يوليو ما لم يتم اتخاذ إجراءات في غاية التشدد موازية للإجراءات التي أقرت على المستوى الأوروبي. من جهتها، لا تزال المستشارة تعارض التصرف بصورة منفردة وإعادة مهاجرين على الحدود خشية أن يؤدي ذلك إلى تدابير مماثلة عبر جميع أنحاء أوروبي، ما سيهدد مفهوم التنقل الحر.
كما تعتبر أنها انتزعت خلال مفاوضات شاقة خاضتها الأسبوع الماضي اتفاقا سياسيا أوروبيا واتفاقات ثنائية تنص على تدابير «أكثر من مساوية» بنظرها للإجراءات التي يطالب بها زيهوفر. لكن الوزير رفض هذه النتائج الأحد واضعا مستقبل الحكومة على المحك.
صحيفة بيلد الألمانية رأت أن هذا النزاع وما آلت عليهالأوضاع بين ميركل وزيهوفر هو بداية النهاية لميركل، وقالت الصحيفة إن سلطة ميكر على الساسة ألأوروبيين بدأت تتضاءل مقارنة بالسابق وهو ما قد يترك الباب مفتوحا لانتخابات جديدة ولاحقا طرح زيهوفر ثلاثة سيناريوهات ممكنة، موضحا أنه إما أن يلتزم بسياسة الحكومة، أو يتخطى اعتراضات ميركل ليفرض من تلقاء نفسه تدابير رد المهاجرين على الحدود، ما سيؤدي إلى إقالته ويقود على الأرجح إلى سقوط الائتلاف الحكومي، أو أخيرا أن يقدم استقالته. وطرح لذلك مهلة «ثلاثة أيام».
غير أنه لا يمكن للمستشارة أن ترضخ لوزيرها، وعندها فإن الاجتماعيين الديمقراطيين هم الذين سيخرجون على الأرجح من الحكومة.
وفي حال انهارت الغالبية الحكومية مع خروج الاتحاد المسيحي الاجتماعي، ففي إمكان ميركل إما أن تحاول تشكيل حكومة أقلية أو أن تبحث عن غالبية مع شركاء آخرين، أو كذلك أن تتجه إلى انتخابات مبكرة. ومن غير المستبعد أيضا رحيل المستشارة نفسها
من جهته يرى اليسار الألماني الخلاف بين المحافظين بمثابة «انقلاب من اليمين». وتوقعت عدة وسائل إعلام ألمانية قيام نسخة ألمانية لتيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ظل رفع الاتحاد المسيحي الاجتماعي شعار «ألمانيا أولا» بشأن الهجرة. كما يخوض هذا الحزب انتخابات محلية تنظمها بافاريا في تشرين الأول/أكتوبر، وتشير استطلاعات الرأي إلى احتمال أن يخسر فيها غالبيته المطلقة أمام صعود اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين.
فيما أعلن حزب البديل لأجل ألمانيا «ايه اف دي» اليميني المعارض أنه يعتبر عرض الاستقالة من جانب وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر مناورة تكتيكية بحتة.
وقالت أليس فايدل رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب اليميني لوسائل اعلام ألمانية الاثنين: «حالة الذهاب والإياب والتراجع عن استقالة وزير الداخلية تم تدبيرها فقط لأن الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا لديه خوف من شجاعته الخاصة الضئيلة للغاية على أي حال».
وهو ما سيبقى أن مسألة رد المهاجرين على الحدود لها قيمة رمزية بالمقام الأول، على ضوء التراجع الحاد في حركة وصول اللاجئين، بعدما تم تشديد سياسة استقبال المهاجرين ومكافحة الهجرة غير الشرعية في أوروبا عموما وفي ألمانيا خصوصا. وقال الوزير المستقيل زيهوفر، والذي طالب بأن تشدد ميركل من سياسة الباب المفتوح في استقبال المهاجرين، لزملائه الأحد إنه وعلى الرغم من الإجراءات التي تم الاتفاق عليها مع قادة الاتحاد الأوروبي فإنه لا يرى بديلا عن إعادة بعض المهاجرين من على الحدود. ورفضت ميركل ذلك.
ويسعى زيهوفر إلى اتخاذ إجراءات قومية منفردة بطرد طالبي اللجوء، المسجلين في دول أخرى بالاتحاد الأوروبي من عند الحدود الألمانية، بينما ترفض ميركل ذلك وتتمسك بالتوصل لحل أوروبي.
وفي السياق دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الذي يتزعمه وزير الداخلية هورست زيهوفر إلى إنهاء خلافهما حول سياسة اللجوء سريعا.
وقال ماس، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، أمس الاثنين عقب لقائه نظيرته البلغارية إكاترينا زاهاريفا في برلين إنه من الضروري إدارة حوار صريح وصادق وناقد أيضا حول موضوع مهم مثل هذا، وأضاف: «لكني أعتقد أن الأسلوب المدار به هذا الجدل حاليا يضر بسمعة ألمانيا وبالحكومة الألمانية الاتحادية على وجه الخصوص».
وأعرب عن دعمه للمستشارة ميركل في القرارات التي تم التفاوض عليها خلال القمة الأوروبية حول سياسة اللجوء، وقال: «يتعين على الجميع التفاهم سويا. نعلم أنه لا يمكن أن يكون هناك سوى حلول أوروبية. الحلول القومية ليست حلولا… نحن على قناعة بأن هذا هو الطريق السليم للمضي قدما تدريجيا في قضايا الهجرة».

ألمانيا تشهد بوادر أزمة سياسية عقب استقالة زيهوفر وصحيفة ترى أن ميركل بدأت تفقد سلطتها في أوروبا

علاء جمعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dinars:

    ميركل كانت طوق النجاة الإقتصادي لفرنسا. ميركل ساهمت في كارثة تسمى الإتحاد الأوروبي الذي يكلف ما يكلف ماليا كل بلد يفكر في الإنسحاب منه.

إشترك في قائمتنا البريدية