أمريكا تنقذ الأكراد… والعبادي آخر من يعلم

حجم الخط
13

لم تجد الحكومة العراقية غضاضة في ان تعلن انها سمعت من وسائل الاعلام فقط عن عملية الكوماندوز الامريكية التي استهدفت انقاذ 69 رهينة كرديا في شمال العراق قبل يومين، واكتفت بالقول انها ستجتمع مع ممثلين للتحالف الدولي للحصول على المعلومات الخاصة بالهجوم(..).
ومن المفهوم ان رئيس الوزراء حيدر العبادي لا يريد ان يوتر العلاقات مع واشنطن التي تقود تحالفا ستينيا مفترضا ضد تنظيم «الدولة» في العراق، لكن هل يكفي هذا حقا لتبرير التغاضي عن هكذا انتهاك فاضح لسيادة العراق واراضيه دون تشاور او مجرد بلاغ شكلي لحكومته؟
الواقع ان هذه العملية التي مازال يكتنفها الغموض حتى كتابة هذه السطور، وخاصة من حيث هوية اولئك «الرهائن المحظوظين» الذين سارعت الولايات المتحدة للمخاطرة بارسال جنوها على الارض لانقاذهم، والمقاييس التي تحكم التدخل البري الامريكي.
وقد رفضت الادارة الامريكية الاجابة عن اسئلة بشأن طبيعة العلاقات التي تربطها باولئك الرهائن، ما يشير إلى احتمال ان يكونوا من العملاء المهمين للتحالف الدولي على الارض. ولكن هذا لا يمنحها الحق في تجاهل حقيقية انهم مواطنون عراقيون محتجزون داخل دولة يفترض انها ذات سيادة.
وبينما تشير تصريحات الادارة الامريكية دائما إلى انها تعمل على دعم حكومة العبادي، إلا ان سياستها الواقعية على الأرض تؤدي إلى تقويض مصداقيتها واضعافها، بدءا من التقاعس عن تنفيذ صفقات الاسلحة، بما فيها التي سدد العراق ثمنها بالكامل، إلى غياب الدعم الجوي الفاعل لتسريع استعادة الأنبار من تنظيم «الدولة»، ثم هكذا عمليات عسكرية تفتقر إلى أي حس سياسي.
ولا يمكن فصل هذه العملية عن منهاج واشنطن الذي يتسم بالغطرسة والانفرادية، ما اسهم بشكل واسع في فشل المهمة المعلنة للتحالف في العراق على مدى اكثر من عام. ومثال ذلك ان القوات الامريكية ترفض ان تزود اي طرف آخر في التحالف، بما في ذلك حكومة بغداد، بما لديها من معلومات استخباراتية تخص مواقع تنظيم «الدولة»، ما خلق نوعا من الانسحاب العملي لأغلب اطرافه من شن الغارات.
وفي المحصلة يبقى الوضع العسكري في العراق يراوح مكانه أو يكاد، فيما تكرس الميليشيات نفوذها على الارض بما في ذلك داخل الجيش العراقي نفسه، ما يجعل الحكومة عاجزة عن الامساك بزمام المبادرة بينما ترى مصداقيتها تنهار امام اعينها.
اما الولايات المتحدة التي لم تجد داعيا للتدخل عندما كان تنظيم «الدولة» يحتجز مئات الرهائن من كافة مكونات المجتمع العراقي، او يعدمهم بدم بارد، سواء كانوا من السنة او الشيعة او المسيحيين او الايزيديين، فقد اثبتت انها غير معنية إلا بحماية مصالحها و«اصدقائها» الذين يساعدونها على الارض. وبالطبع فانها لن تكترث لما يمكن ان يسببه تدخلها الانتقائي من هواجس سياسية او امعان في «مذهبة» الاوضاع المحتقنة بالفعل على الارض.
ومن دون شك فان هكذا سلوكا امريكيا يقف ضمن اسباب اخرى، إلى إعلان العبادي اكثر من مرة رغبته في ان توسع روسيا غاراتها إلى العراق. بل انه كاد ان يطلب ذلك رسميا لولا ان جاءته الرسالة واضحة من موسكو انها غير مستعدة لاتخاذ هكذا قرار في الوقت الحالي.
اما الصورة الكلية التي تكرسها العملية الامريكية المنفردة، فيظهر فيها العراق، او يكاد أرضا بلا دولة، بين غارات تركية في الشمال ضد الاكراد، لم ينفع الاحتجاج الرسمي في وقفها، وأخرى امريكية تتجاهل حكومته المركزية، إلى جانب هيمنة عسكرية إيرانية تخوض حربا فعلية ضد نفوذ واشنطن، ناهيك عن استمرار تنظيم «الدولة» في الكر والفر هنا وهناك.
اما الاصلاحات السياسية التي بدت لوهلة مثل نقطة ضوء طال انتظاره في نهاية النفق، فلم تثمر سوى اجراءات رسمية محدودة، وفشلت في تلبية طموح مئات آلاف المتظاهرين، في اعادة هيكلة النظام السياسي الموبوء بالفساد والطائفية والفشل.
فأي مستقبل ينتظر العراق حقا في ظل هكذا واقع ملتبس؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    جغمة النفط في كردستان أغرت الأمريكان الذين بها أصبحوا أصدقاء للأكراد.

  2. يقول ناجح الفليحان:

    هذه عملية فيها الكثير من الملابسات و المليئة بالغموض تبلغ أهميتها في توقيتها .

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    وزارة الدفاع الأمريكية قالت أن العملية تمت بمشاركة قوات عراقية وكردية
    والسؤال هو : من أرسل هذه القوات العراقية بهذه العملية المشتركة
    الظاهر أن رئيس الوزراء حيدر العبادي آخر من يعلم بالعراق

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.العراق في ظل الاحتلال الامريكي- الايراني- الميليشياوي الشيعي، اصبح ملطشة تتقاذفه امواج عاتية من الفوضى والدموية والفساد.والثلاثي المحتل للعراق اعلاه؛وعلى رأسه امريكا لا يأبه بحكومة بغداد الفاشلة وكل في هذا الثلاثي يغني على ليلاه ،منفردا او بالتنسيق مع الآخرين.وحكومة بغداد عاجزة عن التأثير على اي من هؤلاء المحتلين.
    ولا يفوتنا الا ان ننوه الى ان معظم منتسبي داعش-وبغض النظر عن نشأة داعش واعمالها المشبوهة- لهم ثارات عند امريكا او ايران او الميليشيات الطائقية ،ولذلك نجد هذا الاقبال الكبير في الانتساب اليها والمحاربة في صفوفها ؛ليس في العراق وحده ولكن في البلدان الاخرى.

  5. يقول د محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    أمريكا تشعر بالإحراج والغيرة بسبب الإنتصارات العظيمة للحشد الشعبي ، والعشرين إرهابياً اللذين قيل أن القوات الأمريكية الخاصة نقلتهم الى أمريكا هم عملاء لها ، و قد قامت بإستباق الحشد ، خشية وقوعهم بيد الحشد و إنكشاف الحقيقة ….ألم تزود أمريكا داعش بالسلاح والمؤونة بالمظلات حسب التقارير الدقيقة …..هذه كلها مؤامرة ضد الحشد العظيم حبيبي !

  6. يقول عبدالله:

    مقال منصف من القدس العربي

  7. يقول ماهر:

    الحكومة والجيش الأمريكي لا يثقان بحكومة بغداد “الإيرانية” والمخترقة ليس فقط من الإيرانيين بل من الجميع.
    الأسخف أنه يظهر أن الأمريكان لم يتكبدوا عناء إبلاغ الحكومة العراقية حتى بعد العملية….

  8. يقول faraj-algerie:

    امريكا تتشور مع ايران في القضايا العراقية او السورية.الان ايران هي الحاكم الفعلي في هذه الحكومات

  9. يقول م . حسن:

    الولايات العربية الثلاث الأهم للغرب وعلي رأسهم أمريكا , الخليج والعراق وكردستان , أى مناطق إنتاج الطاقة . التواجد العسكرى الأطلسي والروسي في المنطقة يهدف الي إبقاء المناطق الثلاث تحت النفوذ الأطلسي / الروسي , في إطار إستراتيجية كبرى للهيمنة علي العالم , عزل العرب عن وسط آسيا والصين . تحالفات وبيع وشراء في بورصة المصالح والخدمات المتبادلة , علي حساب دول وشعوب المنطقة , خاصة في العراق وسوريا والسعودية ومصر .

  10. يقول سلام SALAM:

    العمليات الخاصة للقوات الامريكية الخاصة هذه تحتاج اعلى درجات السرية والكتمان لذلك تتجنب اخبار اي جهة كانت عن توقيتاتها واماكنها خوفا من تسريب المعلومات لان كل الاجهزة الامنية والحكومية العراقية مخترقة من جهات كثيرة ومنها داعش نفسها او المتعاونون المتعاطفون معها وقد يكون هذا احد البنود السرية من الاتفاقية الامنية مع الحكومة العراقية والتي هذه تخجل من البوح بها ولذلك نسمع احتجاجا رسميا منها

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية