أمناء الشرطة قنبلة مصرية موقوتة… وقانون الإرهاب لترويع المعارضين وإخراسهم: مطالبة وزارة الداخلية والحكومة بتوضيح الفرق بين التظاهر والوقفة الاحتجاجية!

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»:علي الرغم من وجود زحمة في الأخبار والموضوعات المهمة في الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد، فإن اهتمامات الأغلبية لا تزال مركزة على قضايا داخلية، مثل الارتفاعات في أسعار المواد الغذائية والكهرباء وغيرها، ونتائج حملة «بلاها لحمة» بعد وصول سعر كيلو اللحم إلى مئة جنيه في القاهرة، وإلى ثمانين جنيها في الأرياف، وانخفاض شرائها وتكبد الجزارين خسائر في بعض المناطق بسبب المقاطعة.
وقد أخبرنا زميلنا الرسام في «أخبار اليوم» هاني شمس يوم السبت، أنه كان في زيارة قريب له مسكين قال لزوجته وهو في حالة سعادة غامرة:
– طول عمر اللحمة مقاطعانا فرصة نقاطعها أحنا مرة.
وعلى كل حال، فدعوة المقاطعة ليست الأولى في تاريخ مصر، لأن دعوات المقاطعة لها تاريخ، حيث وصل الأمر عام 1975 بسبب أزمة اللحوم، أن أصدر الرئيس الأسبق المرحوم أنور السادات قرارين، الأول يغلق محلات الجزارة خمسة أيام في الأسبوع. والثاني تجريم ذبح أثاث البتلو، للحد من ارتفاع أسعار اللحوم، بعد أن وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى جنيه، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات ضده.
وفي ما عدا ذلك لم تركز الغالبية اهتماماتها على ما هو أهم وأبرز، مثل بدء الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الأحد سلسلة زياراته الخارجية، التي ستبدأ بسنغافورة والصين وأندونسيا للبحث في أوجه التعاون الاقتصادي في المشاريع التي تساهم في حل أزمات في مصر، وجذب المزيد من الاستثمارات من هذه الدول. كما أعلنت هيئة قناة السويس استمرار الزيادة في عدد السفن العابرة لقناة السويس، خاصة الحاويات الضخمة والإعلان عن قيام العاهل السعودي الملك سلمان بزيارة مصر بعد انتهاء زيارته المقبلة لأمريكا، وإجرائه محادثات مع الرئيس الأمريكي أوباما، وزيارة رئيس الوزراء إبراهيم محلب لزميل وصديق العمر الأديب جمال الغيطاني في مستشفى الجلاء العسكري. كما زار هيئة الطاقة الذرية في أنشاص في شمال القاهرة لافتتاح مشروع إنتاج النظائر المشعة وتفقد مفاعل البحث الثاني بالتعاون مع الأرجنتين، وتأكيده على قرب البدء في إقامة أول محطة نووية في الضبعة لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر.
واهتمت الصحف بإبراز المؤتمر الذي عقده صديقنا محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان وعضو المجلس حافظ أبو سعدة عن نتائج زيارة وفد المجلس لسجن العقرب والاستماع إلى شكاوى الإخوان الموجودين هناك، وتأكيد أنه لا يوجد تعذيب ممنهج، ولم تعد هذه الأخبار ولا مثلها من حكم محكمة الجنايات في قضية الماريوت ولا حتي الأعمال الإرهابية وما ينشر عن انشقاقات في جماعة الإخوان، أو وجود محاولات وساطة مع النظام، أو حتى تحركات الأحزاب والقوى السياسية استعدادا لمعركة انتخابات مجلس النواب المقبلة تثير الاهتمامات، إنما الأسعار وارتفاعها فقط.
وإلى بعض مما عندنا….

لماذا لم يرد
أنصار السيسي على «وهيبة»؟

ونبدأ بردود الأفعال على الحديث الذي أجراه زميلنا في «المصري اليوم» محمد البحراوي على صفحتين مع الفريق حمدي وهيبة، رئيس أركان حرب الجيش الأسبق ورئيس الهيئة العربية للتصنيع السابق، والذي هاجم فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقال إنه لو جلس وتناقش معه فإن السيسي سوف يبصم بأنه ـ أي حمدي ـ «أجدع» منه. وهاجم أيضا اختيار الدكتورة فايزة أبو النجا مستشارة للأمن القومي، كما سخر من محمد حسنين هيكل وعمرو موسى واعتبرهما أبواقا للسيسي في مرحلة معينة، مستخدما عبارات لا تجوز، مثلما أثارت عبارته «أنا أجدع منه» استياء واسعا. ولوحظ أن أنصار السيسي لم يبادروا بالرد عليه، ولا أعرف إن كان ذلك عدم رغبة منهم في إعطاء الحديث أي أهمية، أو ترددا في المشاركة في معركة قد يفهمونها بأنها بين عسكريين، رغم أنهم شاركوا في معارك عنيفة سابقة ضد الفريق سامي عنان، عندما أبدى رغبة في الترشح للرئاسة أمام السيسي، وعندما شرع في تكوين حزب سياسي. ربكم الأعلم بأسباب إحجام أنصار السيسي عن الرد على وهيبة، ويصعب القول بأنهم ينفذون رغبة جهة ما في تجاهله وعدم إعطائه أهمية، لأن عددا آخر شنوا هجمات ضد وهيبة وفي صحف قومية. ففي «جمهورية» الخميس دار مقال زميلنا وصديقنا عبد القادر شهيب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة «المصور» الأسبق حول حديث مجدي وهيبة وقال ردا عليه: «أدرك وأعلم أن هناك عددا من القادة العسكريين السابقين، سواء الذين جمعتهم زمالة مع الرئيس السيسي، أو لم تجمعهم، غاضبون لأنهم تصوروا خطأ أن صعود عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم وتولي منصب رئيس الجمهورية سوف يفتح الباب لهم للعودة لممارسة دور ما، سواء في الساحة العسكرية أو الساحة المدنية، ولم يستوعبوا جيدا ما قاله الرئيس السيسي مبكرا حول أنه ليس مدينا لأحد وبالتالي ليس مطالبا بسداد فواتير لأي شخص. وإنما أنا هنا أتحدث تحديدا عن أمر آخر جاء على لسان الفريق حمدي وهيبة في حواره عندما قال: «للأسف هناك أخطاء ارتكبها الرئيس السيسي مثل، أخطاء الرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي، بل أسوأ، مثل تعيين فايزة أبو النجا مستشارة له «وهذا الكلام بالطبع يثير الدهشة والتعجب ويدعو أيضا للتساؤل عن مغزاه ودلالاته التي يقصدها الفريق حمدي وهيبة أيضا. أما عن الدهشة والتعجب فإنه يعود إلى أن هذا القرار، تحديدا، الذي اتخذه الرئيس السيسي بتعيين فايزة أبو النجا مستشارة له للأمن القومي، لاقي وقتها ترحيبا واسعا، أولا لأنه عيّن امرأة في هذا الموقع. وثانيا لأنه اختار حربا ضارية ضد رأس المال السياسي الأمريكي، الذي أغرق بلادنا، هنا وضع الفريق حمدي وهيبة نفسه في مصاف الأمريكان الذين جاهروا بعدائهم للمستشارة فايزة أبو النجا، إلى جانب المستفيدين من التمويل الأمريكي السري، رغم أن الرئيس الأسبق للأركان في القوات المسلحة قال أيضا في حواره أنه سحب يده من محاولة عدد من العسكريين السابقين لتأسيس حزب جديد، عندما علم أن منهم من كان يسعى للحصول على تمويل أمريكي لهذا الحزب. ألا يدعو ذلك للدهشة إذن غير أن ما قاله الفريق وهيبة يدعو للتساؤل أيضا، التساؤل حول وجود ارتباط بين تحذيره الذي يضمنه حواره مع الزميلة «المصري اليوم» من اتخاذ قرارات عنترية تجعل الأمريكان يتوقفون عن مدنا بقطع الغيار اللازمة للأسلحة الأمريكية، التي يتزودها جيشنا حتى لا تتحول هذه الأسلحة إلى قطع خردة، وبين رفضه لتعيين فايزة أبو النجا مستشارة للرئيس السيسي للأمن القومي، هنا نسأل هل الفريق وهيبة يعتبر هذا التعيين قرارا خاطئا للسيسي حرصا على عدم إغضاب الأمريكان».

السيسي والمارشالات المتقاعدون

وفي يوم السبت ذهبنا إلى «الشروق» فوجدنا زميلنا وصديقنا عبد الله السناوي يواجه الفريق حمدي وهيبة ويتهمه بأنه من رجال جمال مبارك يقول: «… هناك فارق جوهري بين النقد، وهو شرف يستدعيه تصويب المسار في بلد لا يحتمل إخفاقا جديدا، وبين الطعن الشخصي من قيادات عسكرية سابقة ترى أنها أولى بالحكم لأنها أقدم في الخدمة.
هذه رؤية شائعة تصادر أي تطلعات لدولة مدنية ديمقراطية حديثة. ‫‬السيسي صعد إلى الرئاسة في ظروف استثنائية صنعت شعبيته الكبيرة. ما هو استثنائي لا يصح أن يكون قاعدة. ما صعد به للرئاسة لا يتوافر لغيره من العسكريين…
ينظر عادة إلى الفريق حمدي وهيبة كمقرب من جمال مبارك، النجل الأصغر للرئيس الأسبق، ومرشح محتمل لوزارة الدفاع يمرر سيناريو التوريث. في ذروة «يناير/كانون الثاني» ضغط الابن على والده لإطاحة المشير طنطاوي والمجيء بالفريق وهيبة لمنصب وزير الدفاع، غير أن الوقت كان قد مضى. بمعنى ما فهو يرى فرصته أفلتت في اللحظات الأخيرة. وفي حوار صحافي مطول مع «المصري اليوم» تجاوز أي احترام للقارئ قبل الرئيس.
نقد الرئيس طبيعي، وهو حق ديمقراطي ودستوري،  أما القول «لو جلس أمامي وتناقشنا هيبصم بالعشرة أني أجدع منه مئة مرة» فهذا انحدار بأي حوار وسوقية لا تليق بالمنصب العسكرى الرفيع الذي كان يتولاه. أساء بقسوة غير مبررة إلى رفاق سلاح سابقين شاركوه التفكير لإنشاء حزب سياسي، فكلهم انتهازيون ومتمولون شأن منتسبي الأحزاب الأخرى. هو رجل لا يتحكم في ما يقول. وهذا ينزع عنه أي أحقية في التطلع إلى أي مناصب سياسية.
هاجم تنويع مصادر السلاح، وبدا أمريكيا أكثر من الأمريكيين، أثناء زيارة الرئيس إلى موسكو ومن بين بنودها رفع مستوى التعاون العسكري. إساءاته شملت الأستاذ محمد حسنين هيكل والسيد عمرو موسى والسفيرة فايزة أبو النجا، من دون أن يوضح أسبابه ولا حيثياته. نقد أي شخصية عامة من طبيعة أي مجتمع ديمقراطي، غير أن الشتم قضية أخرى تنزع عن صاحبها أي صدقية. دور الجيش أن يحفظ الأمن القومي ويقاتل لصون سلامة بلاده، لا أن يحكم أو يتصور بعض مارشالاته المتقاعدين أنهم الأحق بالرئاسة. من حق مصر أن تطوي صفحة الماضي وتتطلع إلى مستقبل آخر يتأسس على قواعد دستورية ديمقراطية لا على عُقد مستحكمة».

حديث «وهيبة» قرع لطبول مواجهة

ويوم الأحد دخل المعركة زميلنا في التحرير أحمد الصاوي في عموده اليومي «عابر سبيل» بقوله: «تسويق وهيبة لنفسه هو مجرد شخص يستكثر ما وصل إليه أحد الضباط الذين كانوا يعملون تحت قيادته حين حصل في ظرف تاريخي مهم على موقع القيادة الأول في القوات المسلحة، كقائد عام ووزير للدفاع، وصعد برتبته العسكرية إلى قمة الهرم برتبة المشير، ثم صار بعد ذلك بشهور قليلة قائدا أعلى ورئيس جمهورية، ويصور نفسه منافسا لرئيس، تتفق معه أو تختلف، لكنك لا يمكن تجاهل شعبيته وقدراته السياسية في لحظة فوران، كثورة يناير/كانون الثاني، ولحظة قرار مثل يونيو/حزيران وما تخللهما من استعادة كفاءة وشعبية الجيش، ويوصف وهيبة بأنه كان رجل جمال مبارك في القوات المسلحة، منذ أن تسلم عمله كرئيس للأركان، ويمكن أن تقرأ المشهد في سياق مقاومة جميع الأطراف، ينضم إليها جنرالات أمانة السياسات بهدف الضغط على الرئاسة لتقديم مزيد من التنازلات في السياسات والتشريع لصالح من كان يخدمهم مبارك ونظامه، إذن لم يكن حديث وهيبة تعبيرا عن مواجهة حاصلة فهو على الأقل قرع لطبول مواجهة».
وهكذا أضاف الصاوي تفسيرا آخر لهجوم وهيبة على السيسي وهو أنه جزء من معركة رجال أعمال مبارك للضغط على الرئيس .

أصحاب المعاشات جف حلقهم من دون أن يسمعهم أحد

ونترك معركة العسكريين لننتقل إلى معركة أمناء الشرطة التي لا تزال مستمرة، رغم إنهاء أزمة محاصرتهم مديرية أمن محافظة الشرقية وإطلاق الأمن المركزي قنابل الغاز عليهم، ووعدتهم ببحث مطالبهم، وقد شهدت صحف الخميس اهتماما ملحوظا من عدد من المعلقين بهذه القضية. جاءت في مقدمتهم زميلتنا الجميلة في «الأخبار» مايسة عبد الجليل على طريقة لادز فرست بقولها: «أشعر بالخجل من أهالينا أرباب المعاشات وهم يتابعون ثورة بعض أمناء الشرطة في الشرقية للمطالبة بالمزيد من الامتيازات، رغم زيادة رواتبهم ثلاثة أضعاف خلال السنوات الأخيرة، مع وعد من الدولة بالبت في باقي مطالبهم قبل 5 سبتمبر/أيلول المقبل، بينما أصحاب المعاشات جف حلقهم وتوقف قلبهم وهم يطالبون بتحسين المعاشات، حتى تصل ولو إلى حد الكفاف، من دون أن يسمعهم أحد. فهل لأنهم يحملون فقط العكاكيز بينما غيرها يحمل المسدسات أم ماذا؟ أشعر بالخجل وقد انتهج المسؤولون سياسة «الطبطبة» وتصريحات لا تودي ولا تجيب، ولكنها تعلي من شأن سياسة الصوت العالي وتعود بنا إلى زمن المطالب الفئوية التي لو فتح أمامها الباب لواجهت الحكومة الطوفان».

من لديه حل لأزمات
الوطن يتقدم الصفوف

طبعا.. طبعا.. ولذلك صاح في يوم الخميس نفسه في «الفجر» الأسبوعية التي تصدر كل خميس زميلنا أحمد فايق قائلا: «هناك أطراف تريد لداخلية حبيب العادلي أن تستمر من خلال تفجير ملف أمناء الشرطة في وجه الوزير القوي، اللواء مجدي عبد الغفار، الذي طوال هذه الأزمة بدا ثابتا قويا لا يخضع لابتزاز أحد، أرسل 12 سيارة أمن مركزي مدرعة و4 فرق فض شغب، كان لديه استعداد أن يكمل السيناريو للنهاية، بشرط ألا تهتز صورة الدولة على يد أي مطلب فئوي، حتى لو كان أمين شرطة. من السهل عليك أن تطالب بحبس أمناء الشرطة المضربين والاشتباك معهم، لكنك لو جلست مكان مجدي عبد الغفار في هذه الأزمة لن تفعل هذا، فتطبيق هذه القاعدة هو تفجير لمصر، وإيجاد ثقب يدخل منه الثعابين إلى المنزل ولدغ من فيه، لقد تعامل مجدي عبد الغفار على الأرض بقوة وأرسل لأمناء الشرطة رسائل عديدة أهمها، أنه لن يقبل بضغط من أحد، لكنه في الوقت نفسه تعامل مع الأمر إعلاميا بهدوء، ولم ينقل لهجته الحادة إلى وسائل الإعلام، وإلا انفجرت مصر. تشير المعلومات إلى أن هناك جنرالات سابقين في الداخلية قاموا بتحريض الأمناء على هذا الإضراب، يريدون اللعب بهذا الملف حتى يقولوا إن الدولة ستضيع دونهم. مجدي عبد الغفار هو «سيسي» آخر في وزارة الداخلية، يتخذ القرار ويتحمله، ولا ينظر خلفه مثل القطار، فمن لديه حل لأزمات الوطن يتقدم الصفوف، والمرتعش يعود إلى الوراء».

ترحيل مشكلة
أمناء الشرطة لا حلها

وإذا تحولنا من «الفجر» إلى «المصري اليوم» سنجد زميلنا في «الأهرام» الدكتور عمرو الشوبكي يقول: «ما جرى مع إضراب أمناء الشرطة في الشرقية يدل على أن الحكومة نجحت بامتياز في ترحيل المشكلة وليس حلها، مع أن السؤال الأول الذي يجب أن يُطرح في هذه الحالة: مَن الجهة المنوط بها عرض مشكلات رجال الشرطة ضباطاً وأمناء وأفراداً؟ هل هناك ما يمنع من أن تكون هناك نقابة للشرطة في مصر، كما جرى في تونس بعد ثورتها؟ إن جهاز الشرطة كما هو معروف هيئة مدنية، وإذا كانت هناك موانع حالية لتشكيل مثل هذه النقابة فهل يمكن لأندية الضباط مثلاً أن تقوم بهذا الدور، في صورة قد تتشابه مع نادي القضاة؟ وهل يجب أن تكون هناك صيغة مشابهة بالنسبة للأمناء والأفراد العاملين في وزارة الداخلية تتجاوز تجربة الائتلافات السلبية؟ في حال تأجيل موضوع «نقابة الشرطة»، بسبب «المرحلة الدقيقة» كما يقال يومياً، فإن السؤال المطروح: مَن الجهة أو المسار التفاوضي الشرعي الذي يجب على أي هيئة مدنية أن تدخل فيه في حال وجود خلاف أو مطالب لأعضائها؟ لأنه في كل الهيئات المدنية بما فيها القضاء- رغم خصوصيته- توجد جهة ما تحمي مصالح أعضائها المهنية إلا في حال جهاز الشرطة».

إلى متى سنؤجل تحقيق
العدالة في مؤسسة الأمن؟

ومن «المصري اليوم» إلى «الوطن» وزميلتنا الجميلة نشوى الحوفي التي هزت كتفيها ثم قالت عن اتهام مصدر في الداخلية بأن الإخوان المسلمين وراء إضراب أمناء الشرطة في الشرقية: «أنا لا يعنيني إن كان المحرض فاسدا أو إخوانا أو جنا أحمر، ولكن ألم يدرك وزير الداخلية ومعاونوه وناصحوه أن تصريح «إخوان» يمثل كارثة لأنه يعلن بصراحة عن وجود إخوان بين أمناء الشرطة وعلمه بهم وتركهم يخترقون الجهاز الأمني المسؤول عنه؟! ألم يدرك وزير الداخلية أنه المسؤول عن تطبيق قانون التظاهر، وأن ما فعله هؤلاء الأمناء خرج من مساحة التعبير عن الحق لحيز الإضرار بمؤسسات الدولة وكسر هيبة الدولة والقانون؟! ألم يدرك وزير الداخلية أنه بوصفه فعل أمناء الشرطة بأنه مجرد احتجاج لا تظاهرة، يفتح الباب أمام أي فئة لفعل ما فعلوه بمنطق السيد الوزير المغلوط؟ ألم يدرك السيد الوزير وصحبه أن منح الأمناء المعتصمين والمقتحمين لمبنى الأمن ما طلبوه – حتى لو كان حقا لهم- بمنطق لي الذراع سيجعلهم يتمادون في مطالب أخرى؟! ألا يتذكر وزير الداخلية ما فعله أمناء الشرطة في مطار القاهرة العام الماضي، حينما تم إيقاف أحدهم لتحرشه بإحدى السائحات التي أبلغت عنه ليُحال للتحقيق، فيعتصم زملاؤه في مشهد مهين للدولة في المطار الدولي لمصر؟! أعلم أن أمناء الشرطة قنبلة موقوتة في قلب الداخلية يؤجل كل وزير يأتي لها مسألة التعامل معهم. ولكن إلى متى التأجيل مع فئة حذفنا لهم – تحت ضغوطهم- المحاكمات العسكرية؟ وإلى متى سنؤجل تحقيق العدالة في مؤسسة الأمن بين كافة فئاتها في الرواتب والدخول والحقوق- لا للأفراد فقط ولكن للجميع بمن فيهم ضباط الشرطة؟» .

حسام مؤنس: نطالب باعتبار المحبوسين احتياطيا أمناء شرطة

أما آخر زبون في هذه القضية فسيكون زميلنا في «المقال» حسام مؤنس وقوله يوم السبت: «لا يمكن أن يمر تصــريح اللــواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات العامة مرور الكرام، حول تفسيره احتجاجات أمناء الشرطة الأخيرة في الشرقية باعتبارها «وقفة احتجاجية»، وأن هذا هو السبب في عدم تطبيق قانون التظاهر عليها. تصريح المسؤول يجعل الدولة كلها أمام اتهام واضح بأنها تكيل بمكيالين في تعاملها بالقوانين التي أصدرتها، وبما أنه لم يصدر أي تصحيح للتصريح الذي أعلنه اللواء أبو بكر أو نفي أو توضيح، أو أي تعقيب من أي مسؤول في هذه الدولة، فنحن إذن أمام أحد أمرين لا ثالث لهما، إما أن توضح لنا وزارة الداخلية والحكومة تعريفها للتظاهر وللوقفة الاحتجاجية والفرق بينهما، أو أن تتخذ فورا إجراءات الإفراج عن كل من تم حبسهم احتياطيا ولا يزالون، ومن صدرت ضدهم أحكام بسبب قانون التظاهر اعتبروهم أمناء شرطة أو اعتبروهم كانوا في وقفات احتجاجية إذا كانت تلك تفسيراتكم للأمور».

وفاء الشيشيني: تغليظ العقوبة
لا يتلاءم مع الجريمة

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا تجمعهم قضية واحدة يركزون عليها. وبدأتها زميلتنا الجميلة في مجلة «آخر ساعة» وفاء الشيشيني بقولها يوم الثلاثاء في جريدة «المشهد» الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل ثلاثاء بقولها: «لن أمل أن أردد أن من لم يتعلم مما جرى بعد ثورة المصريين في 25 يناير/كانون الثاني وهي ثورة فعلا، ولن يقنعوا أحدا مهما جيشوا فرق المخبرين الإعلامية بأنها مؤامرة، فإن الأيام والليالي ستعلمه إياه وسيكون الثمن غاليا، قصر الزمن أو طال، لأن عدم محاسبة أحد على دم المصريين الغالي وتلبيس الإخوان كل جرائم نظام مبارك، مع اعترافنا بجرائمهم المعروفة بالكامل وكلنا يعلم أن داخلية العادلي هي التي قتلتهم مهما برأوها، لأسباب كلنا نعرفها فلن يهنأ أي حاكم على كرسيه ولن يعرف الاستقرار طريقه إليه. والذي نبتغيه جميعا كل لأسبابه الخاصة فإن خرج قانون الإرهاب بتفسيراته المرعبة التي هي في مجملها نوع من الترويع للمعارضين حتى يخرسوا تماما عن أي انتقادات فيفرضوا قانون الصمت بالإضافة إلى تغليظ العقوبة الذي لا يتلاءم مع الجريمة».

فلول الحزب الوطني مسيطرون على الوضع السياسي

ومن المعروف أن وفاء كانت من المشاركين في ثورة يناير هي وعدد من زميلاتها الجميلات في مجلة «آخر ساعة» الحكومية. ويوم الخميس شن أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة ورئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية الدكتور سعد الدين إبراهيم هجوما ودفاعا عن الرئيس في حديث نشرته له «البوابة» اليومية المستقلة يوم الخميس وأجراه معه زميلنا محمد خيري قال فيه سعد: «أهم إخفاقات الرئيس تتمثل في عدم إعطاء الشباب الفرصة الحقيقية، مع العلم أن الشباب هم الذين قاموا بالثورة، والمفترض أن النظام كله مدين للشباب، والآن فلول الحزب الوطني مسيطرون على الوضع السياسي، ونرجو أن تكون الانتخابات البرلمانية المُقبلة حرة ونزيهة. لا أعتقد أن هناك تنبؤات بموجة ثورية ثالثة، وأي تنبؤ بموجة ثورية الآن مجرد خيال، فالنظام الحالي يفتح الباب للمُظاهرات، كتظاهرات المُحتجين على قانون الخدمة المدنية، والذين احتجوا من قبل على قانون التظاهر، ومادامت الأحزاب والنقابات تعبر عن غضبها بالتظاهرات، فهذه هي السياسة، ومادام هناك تنفيس فلا مانع، أما إذا حل الكبت وتوقفت الصحافة الحرة عن عملها، سيحدث ما حدث أيام مبارك. أما الآن فهناك حرية للجميع لعقد تظاهرات وغيرها للتعبير عن الغضب. ننصح الرئيس السيسي بأخذ الحيطة من نزعة «الانفراد بالسلطة»، لأن تلك النزعة وراءها نية طيبة، فكما يقول المثل إن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة، وكثير من الأفعال التي نقوم بها تقودنا إلى مجاهل الأمور، بالإضافة إلى أن تلك الأفعال تقود للاستبداد، والاستبداد يؤدي إلى الفساد، وهما معًا يؤديان للخراب. المقايضة بين الأمن والحرية تحدٍّ خطير، وهو أن نتعلم ألا نضحي بأي منهما في سبيل الآخر».

نزيف الإقتصاد الوطني
بسبب الاضرابات

ونخرج من «البوابة» لنصل إلى «أخبار» الخميس لنكون مع زميلنا المحرر الاقتصادي عاطف زيدان وهو يحذرنا من الآتي: «نزف الاقتصاد الوطني خلال عامي 2011 و2012 ما يزيد على 30 مليار جنيه بسبب الإضرابات والاحتجاجات والمطالب الفئوية، ناهيك عن توقف عجلة الإنتاج في قرابة 1500 مصنع خاص. لم تقف الاحتجاجات – التي بدأت في عهد مبارك الفاسد – عند الاعتصام الشهير لموظفي الضرائب العقارية أمام مجلس الوزراء بأسرهم، وإضراب عمال غزل المحلة. لكن امتدت بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني- وما صاحبها من ضعف يد الدولة وانتشار الفوضى والبلطجة – لتشمل جميع القطاعات تقريبا باستثناء بعض الجهات مثل القضاء والصحافة والقوات المسلحة، ولولا حكمة الرئيس السيسي الذي تولي السلطة في يونيو/حزيران 2014 ومطالبته بإعلاء مصلحة الوطن فوق المصالح الفئوية وخبرة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء في التعامل مع أوساط العمال لاستمرت هذه الاحتجاجات وقضت على أي أمل في انتعاش الاقتصاد الوطني. لكن مما يؤسف له عودة شبح الظاهرة من جديد إنني أقدر حق كل مواطن أو فئة في المطالبة بحقوقها، ودرء أي أخطار تهدد مصالحها، لكن الظروف التي تمر بها مصر تقتضي اختيار الأسلوب المناسب – بعيدا عن الإضرابات والمظاهرات – لرفع وتوصيل المطالب إلى الجهات المختصة. كما أتمنى أن تكون الجهات المختصة على القدر نفسه من الحكمة والحرص على مصلحة الوطن وتناقش هذه المطالب بهدوء مع ممثلي المحتجين للوصول إلى حلول لها حتى نفوت الفرصة على المتربصين ونعبر ببلادنا إلى بر الأمان».

سعر كيلو اللحم
يرتفع بسرعة الصاروخ

ونظل في «الأخبار» لنكون مع زميلنا خفيف الظل عبد القادر محمد علي ونقرأ له قوله في بروازه اليومي «صباح النعناع»: «أربعة وأربعون عاما تفصل بين هتاف «سيد بيه سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه». وهتاف «محلب بيه يا محلب بيه كيلو اللحمة بـ100 جنيه». وما يزال سعر كيلو اللحم يرتفع بسرعة الصاروخ، لا سيد بيه استطاع وقف انطلاقه ولا محلب بيه يستطيع، ورغم كل الكلام عن انخفاض سعر الكيلو عشرة جنيهات هنا أو خمسة جنيهات هناك، ونجاح حملة «بلاها لحمة» في تكبيد التجار خسائر ضخمة في بعض المحافظات، رغم كل ذلك ستنتهي الهوجة ويفتح الجزارون محلاتهم ويبيعون اللحوم بالسعر الذي يحدده كبار التجار، اللي معاه يدفع ويشتري واللي معاهوش كفاية يحلم قبل ما تظهر حملة «بلاه الحلم».
وسيد بيه الذي أشار إليه عبد القادر هو المرحوم سيد مرعي الذي كان رئيسا لمجلس الشعب في عهد السادات، وقت اندلاع المظاهرات عام 1975 ضد الغلاء، وارتفاع سعر كيلو اللحمة إلى جنيه، بعد أن كان في نهاية عهد خالد الذكر عام 1970 أربعين قرشا .

النظام يرفع شعار
«لا أرى لا أسمع لكنني أتكلم كثيرا»

ومن «الأخبار» إلى «الشروق» ولأن زميلنا أشرف البربري من النباتيين، فلم يهتم بالمشكلة وإنما وجه اهتماماته إلى قضايا أخرى قال عنها والشرر يتطاير من عينيه:
«تعديلات قانون الكسب غير المشروع التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي في قرار جمهوري مطلع الأسبوع الحالي، تؤكد أننا أمام نظام حكم لا يرى ولا يسمع لأي صوت معارض، أو حتى منتقد، لكنه بالتأكيد نظام يتكلم كثيرا، وإن كان أغلب كلامه بلا انعكاس حقيقي على حياة الناس، الذين يتعرضون لعملية غسل مخ غير مسبوقة من جانب إعلام اتفق أغلبه على دعم نظام الحكم، لأنه «أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق فالأصوات تعالت تحذر من أن التعديلات المقترحة في قانون الكسب غير المشروع هي «تصريح بالنهب» لكل من يريد أن يكسب على حساب الشعب. وتعالت الأصوات المحذرة من قانون «الوظيفة المدنية» قبل صدوره حتى من داخل المعسكر الموالي لنظام الحكم، لكن هذا النظام، الذي يرفع شعار «لا أرى لا أسمع»، أصر على إصداره ليجد نفسه ومعه المجتمع كله أمام أزمة لا يعرف أحد نهايتها وقبل ذلك تعالت الأصوات المحذرة من انتهاك قانون «مكافحة الإرهاب» للعديد من الحقوق الأساسية للإنسان ولمبادئ الدستور، لا نريد لنظام الحكم الجديد الدخول فى هذه الدوامة، لذلك عليه التخلي عن شعار «لا أرى لا أسمع، لكنني أتكلم كثيرا».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية