من يراقب التحولات المتسارعة في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، يدرك أن البلاد والعباد هناك في خطر، وأن المشكلة الأساس التي تعيشها مصر منذ عامين هي أن الأولوية لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية، أصبحت في الحفاظ على كرسي السيسي، وليس الحفاظ على البلد. أصبح بقاء السيسي في الحكم أهم من بقاء مصر على قيد الحياة بالنسبة للكثيرين!
وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت جماعة الإخوان المسلمين (أكبر القوى السياسية) حراكا غير مسبوق، وتحولات لم يكن أحد يتوقعها، فثمة خلافات تتعمق يومياً وتنتقل تدريجياً إلى وسائل الإعلام، وثمة قطاع عريض في الجماعة أصبح يدعو علانية إلى الثأر والانتقام، أي إلى الجنوح نحو العنف، وإسقاط شعار (سلميتنا أقوى من رصاصهم)، على اعتبار أن السلمية لم تحقق شيئاً طوال العامين الماضيين، بل يتم التعامل أصلاً مع الإخوان على أنهم «منظمة إرهابية تتبنى العنف».
يريد نظام السيسي أن يدفع الإخوان دفعاً نحو العنف والارهاب، مستخدماً استراتيجية بشار الأسد نفسها في سوريا، عندما تعسكرت الثورة فأصبحت برداً وسلاماً على صدره، وأصبح يسوق نفسه على أنه جيش نظامي يحارب متمردين مسلحين، وهي المعادلة التي يتمنى السيسي أن يكررها في مصر، وهي أن يكون على رأس جيش وطني يحارب الارهاب في بلاده، وليس انقلابيا دمويا يحارب المدنيين الأبرياء ويسحب جثثهم بالجرافات، ويضرب صناديق الاقتراع عرض الحائط.
ثمة قنبلة تتشكل اليوم في مصر، ويمكن أن تنفجر في أي لحظة، وهي قنبلة الخارجين من عباءة الإخوان، الراغبين بالانتقام لضحايا رابعة والنهضة، والراغبين بتقديم المساعدة لأكثر من 42 ألف معتقل يقبعون في السجون ويواجهون الموت البطيء، أو القتل بدم بارد.
خلال الأيام والأسابيع الماضية كانت تلك «القنبلة» تتشكل على النحو التالي:
أولاً: نشرت جريدة «لوموند» الفرنسية قصة فتاة هي ابنة أحد قادة الإخوان، الفتاة بدأت التحول مع السياسة في عام 2012 عندما أصبح والدها أحد المقربين من رئيس الجمهورية، بعدها بعام واحد وجدت أن والدها تحول من صديق الرئيس، إلى معتقل ممنوع من العلاج والطعام، وممنوع إدخال «حلة الطبيخ» إليه في زنزانته. انتظرت الفتاة عامين وهي ترفع شعار (سلميتنا أقوى من رصاصهم)، لكنها انضمت أخيراً إلى «داعش» في سيناء، بعد أن اكتشفت أن أصحاب الشعار إياه يموتون تدريجياً في سجون السيسي.
ثانياً: نشرت جريدة «الشروق» المصرية يوم الثلاثاء 25 أغسطس 2015 خبراً مفاده أن سبع مجموعات إخوانية، غادرت الجماعة، وفكت بيعتها للمرشد صاحب شعار (سلميتنا أقوى من رصاصهم)، وبايعت تنظيم «داعش».. تقول الجريدة إن المجموعات السبع هربت من خلافات الإخوان وانضمت لـ»داعش» للبدء بالانتقام.. ولا يوجد ما يدفع إلى الاعتقاد بأن الخبر غير صحيح، بل هو صحيح، وربما الذين انضموا للتنظيم الإرهابي أكثر من سبع مجموعات إخوانية.
ثالثاً: الأهم من تلك الأحداث المقال الذي نشره القيادي الإخواني وفقيه الشباب لدى جماعة الإخوان الدكتور جمال عبد الستار في موقع «عربي21»، وهو المقال الذي أعلن فيه أن «القاتل والمغتصب والمتعدي على أموال الناس وأعراضهم لا حرمة له ولا عصمة، وأن جمهور العلماء أجمع على أنه لا يجوز للمسلم أن يُسْلم نفسه للقتل من دون مدافعة، وأنه لا يجوز الخلط بين المنهج السلمي في نشر الدعوة، وبين واجب الدفاع عن النفس»!
رابعاً: يعلم القاصي والداني أن جماعة الإخوان في مصر تشهد جدلا ساخنا، وخلافات حادة، انتقلت إلى وسائل الاعلام مؤخراً، ووصلت أصداؤها إلى المعتقلين في السجون، وموضوع الجدل هو «المنهج الثوري والسلمية»، فيما تكاد الأصوات الداعية إلى «السلمية» تختفي أمام طوفان الداعين لــ»الانتقام والثأر لدماء الشهداء».
قلنا سابقا ولا زلنا نقول، إن تقديرات جهاز أمن الدولة المصري تشير إلى وجود نحو مليون عنصر ينتمون لجماعة الإخوان، وعلى افتراض أن 10٪ من هؤلاء فقط جنحوا نحو العنف والإرهاب، وغلبت عليهم شهوة الانتقام، فهذا يعني أن مصر أمام كارثة لا يمكن لأحد أن يتوقع عواقبها – لا قدر الله.
فكرة الاقصاء الكامل لأي تيار غير ممكنة، لأن السياسة تختلف عن لعبة القمار، إذ لا يمكن في عالم السياسة أن تكسب كل شيء، لأن من المستحيل أن تخسر كل شيء، والإخوان الذين حكموا مصر لمدة عام كامل، لا يمكن أن يتم نفيهم بشكل كامل، وإبعادهم عن مصر وعن السياسة وكأنهم أثر بعد عين، ولا يوجد عاقل في الكون يمكن أن يقتنع بمعادلة كهذه.
مصر تحتاج اليوم إلى خطة إنقاذ قبل أن تتحول الأزمة السياسية إلى أزمة أمنية وعسكرية، وأزمة إرهاب يمكن أن تستمر لعقود وليس سنوات. وخطة الانقاذ المطلوبة بحاجة لعقلاء يُغلبون مصلحة مصر على مصالح السيسي، ويدركون وجوب التوصل إلى مصالحة سياسية ترضي كافة الأطراف، وتحفظ لكل منهم شيئاً من المكاسب، وتقوم على الاعتراف بحق كل المصريين في الوجود، وليس فقط حق من يؤيدون السيسي.
المطلوب تحرك داخلي وعربي وإقليمي ودولي ينقذ شباب الإخوان من الجنوح نحو العنف، وينقذ مصر من «قنبلة الإخوان الموقوتة»، وهي القنبلة التي سيعني انفجارها أننا أمام موجة جديدة من العنف في المنطقة بأكملها، وليس في مصر وحدها.
٭ كاتب فلسطيني
محمد عايش
الحل بالتضحية ، مقاومة الطغاة ، محاربة الفساد ، نشر الوعي ، بعد الثورات العربية ، أصبحت العودة للوراء مستحيلة ، وهل يمكن إعادة الجنين لبطن أمه إذا نزل بعد المخاض؟
ال م. ح الجزائر
ياريت يكون لمصر قائد زي اردوغان….طلعها من مصافي الامم الى اقوى الاقتصادات في العالم وبالتدريج يعيدها الى حظيرة الاسلام المعتدل الذي يقبل الجميع من غير ظلم او بطش او استئصال
ياريت مرسي واخوان المسلمين كان عندهم 10% من ذكاء وبعد نظر اردوغان…..لما كان حالهم وحال مصر كما ترى
مقال رائع
مقال ممتاز جداً
الحل المنطقي لإنقاذ مصر هو خلع السيسي من الحكم بواسطة ضباط جيش أحرار وتكوين حكومة مؤقتة من أجل انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت مراقبة الأمم المتحدة.من دون هذا الحل مصر ستتبع طريق سوريا لأن هذا الديكتاتور سيتابع القمع والقتل ولن يخدم الإقتصاد أبدا.والمنطق يقول لن تبقى الناس مكتوفة الأيدي وهي ترى أمهاتهم وأخواتهم وإخوانهم وأبائهم في السجون والتعذيب والإغتصاب والإستلاء على الممتلكات والقتل في الشوارع……..وأنا مع ثورة مسلحة في مصر وهناك من يقول مصر ستدمر وأرد عليه بأن مصر مدمرة مدمرة .فقط سيكون هناك تدمير بطيء أو تدمير سريع ا.
مع عظيم احترامي لكل المعلقين مصر دولة لها ظروف مختلفة لايوجد بها شيعة وسنة وليس بها تدخل من اي دولة لانها كبيرة علي كل دول المنطقة بما فيها تركيا او السعودية والشعب المصري صبور عند اللزوم وجامح عند الحاجة ولذالك اذا قام الاخوان بمحاولة استخدام العنف سوف ينتفض الشعب كله ويتصدي لأي عنصر اخواني يحاول ان ينشر موجة عنف وانا علي يقين ان الاخوان يعرفون ذالك لان نتيجة العنف سوف تنهي جماعة الاخوان كاملا في مصر الي الأبد وشكرا
الاخ م.ح من الجزائر بالنسبة لاردغان يكفية فخرا انة لم يسرق ولم ينهب بل وضع تركيا في مصاف الدول المتقدمة ولا يوجد للبنك الدولي او اي بنوك عالمية دين على تركيا والخزينة التركية لجيها فائض من الاموال بمزانية الدول العربية مجتمعة على كل حال من اراد ان يتكلم فليقل خيرا اويصمت
أكبر قنبلة قنبلة الحكام الغير شرعين
وطنية كذابة . المجلس العسكرى والتابعين لة من جمعية المنتفعين من الأبناء والأقارب والمحاسيب , يخلط بين حكمة لمصر وبين الأمن القومي الذى يتولي تدميرة , الإخوان يمثلون التهديد الأكبر لطموحاتة في الإستيلاء علي السياسة والمال والإقتصاد والقضاء والإعلام .. الخ علي حساب الأمن القومي الحقيقي للشعب المصرى ومستقبلة الذى يقوم علي إحترام حقوق الإنسان المصرى . وكأن العسكر لم يتسببوا علي مدى أكثر من ستين عاما في تجهيلة وإفقارة وإفسادة ودفعة دفعا نحو العنف بإستخدام السلاح والسجون , مؤهلاتهم الوحيدة لحكم مصر . المطلوب نظام مدني , لا عسكرى ولا ديني , يحترم حقوق الإنسان المصرى لحكم مصر .
شكرا للكاتب على هذا المقال، صحيح فقد بلغت رسالة قوية لمن يحب الخير لمصر و الأمة العربية والإسلامية جميعا، فبريق مقولة ” سلميتنا أقوى من رصاصكم” بدأت تخفت أمام بطش وجرائم الإنقلاب و الصبر على الأذى و الألم يصعب على كثير من الناس و خاصة الشباب الذين هم ركيزة أي عمل ثوري.
فصراحة أقول، بعد ما حدث الإنقلاب في مصر يوم 03 يوليو 2013 تمنيت لو أن مصر لا تدخل في دوامة الإقتتال الداخلي، و لنا خير عبرة لمن يغتبر بما يحدث في سوريا من إراقة الدماء.
لذا أضم صوتي للكاتب بأن تكون هناك مصالحة وطنية تحفظ مصرنا من مزالق و أنفاق مظلمة -لا قدر الله- لا تقصي أحدا. وليكن لنا في المصالحة الجزائرية بعد عشرية سوداء خير دليل على أهمية التوصل إلى حل وسط يجنب العباد والبلاد شر لا يعلمه إلا الله.
ولا حول ولا قوة إلا بالله