في كل بلدان العالم، هناك منظمات وطنية وجهوية ودولية، تقوم بواجبها على الرغم من الصعوبات التي نعرفها جميعا والمرتبطة بوجهات النظر المختلفة للممولين، وأصحاب المصالح. لكن المهم فيها هو أنها، في نهاية كل سنة، تعيد النظر فيما حققته، وما عجزت عن تحقيقه ودراسة المعوقات التي كانت من وراء هذا الإخفاق أو ذاك.
فتقوم بنقد القصور وتتعرف عن قرب على أسبابه الموضوعية، وتعتذر من الناس، عند الضرورة، الذين خذلت أفق انتظارهم، وعلى تقصيرها. هذا يوجد في كل المؤسسات المدنية العالمية من دون استثناء، من أصغر جمعية إلى هياكل الأمم المتحدة ومختلف منظماتها التي، من حين لآخر، ينتابها الكبرياء، فتحزن على اللاجئين أو المهجرين، وتدق على أصحاب المال والدول الأوروبية لكي يجدوا معها حلولا مشتركة يمكن أن تخفف من آلامهم، وتمنحها هي أيضا راحة ضمير أيضا.
شيء واحد يقف وسط القفر باستقامة كشجرة خروب ميتة، لم يبق منها إلا جذعها المخروم داخليا، لا يحركها شيء: جامعة الدول العربية، المرتاحة أبدا وكأنها مخدرة منذ قرابة القرن، غير مبالية بالقذائف التي تسقط بالقرب منها، بل فيها.
فهي منشغلة بمكاتبها حتى الموت، وبالترقيات والخروج والدخول والدوران حول الأرض في 100 يوم، في السنة، على نفقة الأميرة، كما يقول المثل الفرنسي.
أنجزها الإنكليز وقت حاجتهم عندما ذبحوا وقطعوا أوصال الأرض العربية. يحركها الآخرون المختلفون عند الحاجة، لكن اليوم، حتى هذا الحد الأدنى لم يعد متوفرا. الآخرون لم يعودوا معنيين بتحريكها لأنهم لم يعودوا في حاجة إليها.
فقد أصبحت كتلة من موت. الإنكليز عندما أسسوها كانوا يريدون منظمة لهم ولمصالحهم، ولكي لا تتحرك أي دولة، أو شبه دولة، من تلقاء نفسها، وتظل تحت رقابة الأخ الأكبر. لكن التحولات والصراعات الدولية غيرت التربة والحجارة والإخوة، وبعثرتها، وجعلت البعض منهم لا يدينون بدين المؤسسين. وكبرت العائلة بالمزيد من التمزقات العربية وهي تحتاج حتما إلى أخ أكبر يسيـرها، لا وفق ما تقتضيه المصلحة العربية كما في كل بلدان العالم، ولكن وفق ما تقتضيه أوامر من خارج الجامعة، أي وفق ما لا يغضب أمريكا وحواشيها كإسرائيل مثلا التي أصبحت سيدة الحل والربط لمصير أكثر من 300 مليون عربي.
ليس هذا حالة تثبت في كيان أصبح دولة باعتراف الفلسطينيين أنفسهم، لكنها الحقيقة الموضوعية المرة. سُرقت فلسطين في غياب كلي للجامعة. فذهب ما تبقى في 67. ويلحق اليوم ما تبقى من المتبقي، أراضي الضفة الغربية التي تلحق بالمستوطنات القديمة أو الجديدة النشأة أو تلك المبرمجة، ثم جاء دور الأقصى، الذي أصبح محل شراكة.
ماذا لو طالب الفلسطينيون المسلمون، باسم الحق الديني أيضا، بحائط البراق، أي حائط المبكى في العرف الديني اليهودي، الذي يشكل جزءا مهما من المخيال الديني العربي إذ هو المكان الذي ربط فيه الرسول الأكرم دابته أو البراق؟. فإذا كان هذا المنطق هو السيد، فليسر على الجميع وفي الاتجاهين. لم نسمع أي ردة فعل من جامعة الدول العربية، ولو بقليل من النقاش، ولا حتى ردة فعل المهزوم الذي يجعل من الخطاب الميت والكلام سلاحه. ولا حتى اجتماع مصغر لوزراء الخارجية أو الداخلية، أو حتى وزراء الري والعتاد الفلاحي، أو الصناعات التقليدية، ينقذ ماء الوجه إذا بقي وجه؟ وبقي ماء؟ هزم الجيش العربي للإنقاذ، وقادته تحت راية الإنكليز المتحالفين مع الهجانا والشتيرن. ثم انهار الجيش العربي الذي لا يقهر في 67 بالخطاب الذي تحول بسرعة إلى بالونة مليئة بالهواء الساخن. كل هذا يحدث وأروقة الجامعة العربية مفتوحة عن آخرها. والصفقات تسير بشكل طبيعي بين الدول المانحة وتلك التي تتلقى الصدقات. والزوار يدخلون ويخرجون، لا نعرف لماذا ولأي هدف؟ والعمال موجودون كل في موقعه، والمسؤولون يعدلون من ربطات أعناقهم ويتحسسون مؤخراتهم أمام المرايا اطمئنانا على أشكالهم. بينما في الصحراء العربية يتسع الجفاف ويموت الناس داخل اللامعنى الكلي. العراق، البلد العربي الواعد والأقل أمية في وقته، والعريق ثقافيا وحضاريا، بدل التعاون على ضرب الدكتاتورية التي سرقت أحلامه، دمر العراق الغني فكريا وثقافيا، واستنهض العراق القبلي والطائفي والعرقي. وجلس بعض القادة العرب، في صالات الجامعة العربية، يصفقون للفتح الأمريكي والأوروبي. واليوم بعد أن غرق العراق في الحرب الطائفية والدينية والعرقية، ودمر وجوده كقوة جهوية كانت تتوازن مع الطغيان الإسرائيلي، ماذا فعلت جامعة الدول العربية للحد من التدهور الثقافي والمعاشي؟ لا شيء في مستوى الحدث. وقفت على بوابات الدول العظمى تشحذ دورا لم يعد لها. كانت الجامعة تستشار عندما كانت تعبيرا عن مساحة ثقافية وتاريخية وحضارية، أما اليوم، فقد أصبح التعامل مباشرة مع المعنيين، بعد أن تحولت إلى قوقعة فارغة. ثم جاء تدمير سوريا وفق المنطق نفسه وضمن نفس الآلية لتتحول في النهاية، في جزء مهم منها، إلى خراب وتدمر معالمها التي تعود إلى آلاف السنين. لم تتمكن الجامعة من إيجاد حتى الحلول الدنيا التي تحفظ هذه البلدان العربية وتاريخها. كل شيء يتم التفكير فيه في أمريكا وأوروبا وروسيا وتركيا ولا وجود للجامعة العربية. حتى اليمن الذي لم يعد سعيدا، ينتهي اليوم في موت بطيء سببه الأصلي أن الدكتاتوريات العربية المتخلفة مصرة على سلطانها حتى ولو دمر بلد عريق تاريخيا كاليمن.
الجيش العربي الموحد والمدافع عن نفسه وليس المعتدي، كان يفترض أن ينشا داخل الجامعة العربية وليس خارجها. فظل مجرد حلم هارب. ولأن العجز وصل إلى درجة لا يمكن تصورها، أصبحت الجامعة العربية تركض لاهثة في كل الاتجاهات، علها تجد لها مكانا في القرارات المتخذة. عندما نقول جامعة نقول مصلحة مشتركة تهم الجميع، لكن هل العرب اليوم يرون مصلحتهم في هذه الوحدة الضرورية؟ لا اعتقد للأسف. كل واحد يتغنى بخرابه الواضح أو المستور، في ليل عربي غير مسبوق حتى في أحلك ظروفه. ولا حتى درس ملوك الطوائف ينفع.
أخشى أن نكون مجرد قوس صغير، وعبرة في التاريخ. لا ينفع البكاء على أندلس لم تعد لنا، ورجعت إلى حظيرتها الطبيعية، ولا على النماذج الآفلة، ولكن على النفس التي تموت بجهلها، وحاضر يرتسم سوادا في المستقبل القريب أو المتوسط. ماذا بقي اليوم للجامعة لكي تدافع عنه حفاظا على بقايا كرامة غير حلها الطوعي؟ لا شيء ولا حتى دفاعا عن وجودها كمؤسسة. لهذا أعتقد أنه على الدول العربية حتى وهي في النزع الأخير من وجودها، أن ترفع إلى الأمم المتحدة، شكوى جادة وحقيقية موقعة من جميع ملوك وما تبقى من رؤساء الدول العربية، ضد الجامعة، تطالب فيها بصرامة بأن تتركها تموت كما تريد وكما ماتت دول الطوائف الأندلسية، ولا تتيح أي فرصة لجامعة الدول العربية لتكتب شواهد قبورها.
واسيني الأعرج
نقـول مـن واشـنطن بعـد تأسـيـس الجـامعـة العـربيـة فـى القـاهـرة بتـاريخ 17 مـارس\ آزار 1945 بسـبـع دول هـى مصـر والسـعوديـة وســوريـة والعــراق لبنـان الأردن اليمـن منـذ 69 عـامـا !؟ وبـدلا مـن أن تهتـم الجـامعـة العـربيـة بالـوحـدة الأقتصـاديـة والثقـافيـة والسـياسـيـة اذا أمـكـن !؟ أصبحـت اليـوم تضـم 18 منظمـة متخصصـة بمـوظفيهـا !؟ ولـم تحقـق شـيئـا حتى الآن مـن الثـلاثـة أهــداف التى اقتـرحهـا أنتـونـى ايـدن صـاحـب فـكـرتهـا أمـام مجـلـس العمـوم البـريطـانـى !؟ لأنهـا تضـم جيـش جــرار مـن المـوظفيـن المنتفعيـن !؟ ولابـد مـن التعــديـل فـى القـانـون الأسـاسـى لتـأسيـس الجـامعـة العـربيـة وتـركيـزهـا عـلى الأتحـاد الأقتصـادى والثقـافـى والتنسـيـق السـياسي فـى القضـايـا المشـتركـة !؟ وحــل ال 18 منظمــة متخصصـة بمـوظفيهـا !؟ ويكـون التصـويـت عـلى أى قــرار بالأغــلبيـة الفــرديـة حتى ولـو بصــوت واحــد وليـس المـوافقــة بالأجمـاع كمـا هـو الحـال الآن !؟ فهــذه هـى الخطــوات الأولـى لتفعيـل دور الجـامعـة العـربيــة !؟ فعمــرو مـوسـى الأميـن العـام السـابـق لـلجـامعـة العـربيـة فشـل فـى تعــديـل وتصحيـح مسـار الجـامعـة العـربيــة !؟ والـدكتـور نبيــل العــربـى الأميـن العـام الحـالـى فضـل السـلامـة والهــدوء فـى منصبــه !؟ كمـا سـامـح الفــونـس القـائـم بأعمـال مكتـب الجـامعـة العـربيــة فـى واشـنطن !؟ وتحـدث الآن حــرب عـالميـة ثالثــة غيـر معــلنـة !؟ وابــادة جمـاعيــة لشـعب عــربـى شـقيـق اســمـه الشـعب الســورى والشـعب العـراقـى !؟ وقــذفهـم بصـواريـخ وأســلحـة روسـيـة مـلـوثـة بالأشـعـاعـات الضـارة المـوجهـة بأشـعـة الـليـزر !؟ وأيضـا تقـذفهـم طـائـرات التحـالـف الـدولـى ل 60 دولــة بـزعــامـة أمـريـكا تقــذف يـوميـا ســوريـة بصـواريخهـا المـلـوثـة باليـورانيــوم الخـامـل والتى ســوف يكـون آثـارهــا مــدمــرة لأجيـال مـن الشـعب الســورى والعـراقـى ايضـا !؟ حيـث لـوثــت هـذه الصـواريـخ الآن الأنسـان والأرض والــزرع والحيــوان لـلأســف !؟
دكتـور أسـامـة الشـرباصي
رئيـس منظمـة السـلام العـالمـى بأمـريـكا
http://www.internationalpeaceusa.org