ريف إدلب ـ «القدس العربي» تعاني مدينة إدلب من حصار اقتصادي خانق بسبب القبضة الأمنية التي يفرضها النظام السوري داخل المدينة، وقيام الفصائل المعارضة مؤخرا بإغلاق الطرق المؤدية إليها ومنع دخول وخروج الناس والسيارات والبضائع التجارية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع التجارية كافة دونا عن انقطاع عدد كبير من المواد الاستهلاكية الأخرى.
وأكد مصدر من داخل المدينة فضل عدم ذكر اسمه لـ«القدس العربي»: ان المتضرر الوحيد من هذا الأمر هم عامة الناس الموجودين داخل المدينة والذين لا يزالون يعانون الأمرين، فهم غير قادرين على النزوح إلى خارج المدينة نتيجة عدم قدرتهم على تأمين احتياجاتهم في المناطق المحررة، وما زاد عليهم الطين بله الحصار الذي فرضه عليهم المقاتلين في الفصائل المعارضة، حيث بات تأمين مياه الشرب أمر شبه مستحيل، وأصبحت طوابير الناس التي تقف على مراكز توزيع المياه تفوق المئات في كل نقطة توزيع».
وبين المصدر أن من يضحك له الحظ يستطيع ان يملأ «بيدون» كامل من الماء كل يوم، ناهيك عن انقطاع الكهرباء الدائم واقتصارها على منازل الشبيحة ومسؤولي النظام بسبب امتلاكهم المولدات الكهربائية التي تعمل على الوقود، الذي أصبح أيضا نادر الوجود، وإن وجد فهو حكر على فئة معينة من الناس.
وأوضح أن طريق إدلب اللاذقية لا يزال تحت سيطرة النظام، وبالتالي فإن ما يحتاجه الشبيحة وعناصر النظام مؤمن بشكل كامل، فإن الحصار لن يعود إلا على عامة الشعب، الذي أصبح في حالة يرثى وإن استمر الوضع على هذا الحال ولم يتم فك الحصار فقد تنتشر الأمراض والأوبئة في المدينة وقد تحصل مجاعة بين الناس نتيجة انعدام المواد الاستهلاكية.
وقال الشيخ أبو جمال عضو في الهيئة الشرعية لـ «القدس العربي» إن قرار حصار مدينة إدلب بدأ بعد أن أقدم النظام على اعتقال 43 طالب وطالبة كانوا يستقلون سيارة من إدلب إلى جامعة حلب، فقامت الهيئة الشرعية بالتواصل مع هيئة حلب، وتم التوصل إلى قرار بخصوص حصار كل من مدينة إدلب وحلب اللتين يسيطر عليهما النظام وقطع الماء والكهرباء ومنع المواد التجارية وسيارات النقل من الدخول والخروج، وذلك لتشكيل ضغط على النظام ليقوم بإطلاق سراح المعتقلين.
وأضاف أن المفاوضات بين الهيئة الشرعية ولجنة المصالحة التي تمثل النظام ما زالت قائمة من أجل التوصل إلى صيغة تفاهم تتضمن إطلاق سراح المعتقلين مقابل فك الحصار، ولكن سيكون ذلك بشكل تدريجي لأن التسليم سيتم على دفعات وإنهاء الحصار كذلك، وفي حال عدم الالتزام من قبل النظام فلن يكون هناك إنهاء للحصار.
وأشار أبو جمال إلى أن الحصار قد يكون عاد بشكل سلبي بالدرجة الأولى على عامة أهل المدينة والفئة الفقيرة من الناس الموجودين داخلها، إلا أن واقع الحرب يفرض علينا أن نقوم بالحصار لأنه يشكل ورقة ضغط كبيرة على النظام تجبره على الرضوخ لمتطلباتنا التي تصب في النهاية في مصلحة الناس، حيث أن السبب الأساسي الذي دعانا إلى إقامة الحصار بالأصل هو اعتقال مدنيين من قبل النظام، والذي لا يأبه بأي أحد ولا يهمه الناس بأي شكل حيث يقوم بتأمين عناصره وشبيحته ويدع الناس يتضورون من الجوع داخل المدينة، وقد كرر النظام اعتقال نساء وأطفال وطلاب أكثر من مرة واستطعنا من خلال الحصار إطلاق سراح المعتقلين.
ووجه كلمة إلى أهالي مدينة إدلب وكل المدن والمناطق التي يسيطر عليها النظام، وكل من يستطيع منهم مغادرة المدينة أن لا يقصر في ذلك لأن وجود المدنيين يصب في الدرجة الأولى في مصلحة النظام فهو لا يزال يستخدم المدنيين للضغط على الثورة والثوار، وكثيرا ما يلجأ إلى استخدام المدنيين في حال أنه استشعر أي خطر أو فكر الثوار في اقتحام أي نقطة يسيطر عليها النظام.
ونطلب من الاهالي في المناطق المحررة عدم الذهاب أو ارسال ابنائهم إلى مناطق سيطرة النظام لكي لا يكونوا عبءا ويشكلوا ورقة ضغط جديدة تستخدم في مصلحة النظام.
يشار إلى أن إدلب المدينة لا تزال تحت سيطرة النظام الذي عمد إلى تحويلها إلى ثكنة عسكرية بحسب ناشطين من المدينة، إضافة إلى وجود عدد كبير من الشبيحة المدنيين الذين جندهم النظام من أجل الدفاع عنه في حال تعرضت المدينة لأي هجوم قبل الثوار الذين يحاصرونها من كل الاتجاهات، باستثناء الطريق الواصل بينها وبين اللاذقية مروراً بمدينة أريحا من الجهة الجنوبية ومن ثم جسر الشغور.
أحمد عاصي