رام الله – «القدس العربي»: واصل المعلمون الفلسطينيون في المدارس الحكومية إضرابهم عن العمل مطالبين بحقوقهم. لكن الأمور تطورت بشكل متسارع رغم المبادرات كافة التي قدمت لحل الأزمة وعودة المعلمين إلى المدارس منعاً لإلغاء الفصل الدراسي الثاني. ودخلت هذه المرة حركة فتح على الخط عبر لجنتها المركزية عقب اجتماع عقدته برئاسة الرئيس محمود عباس في مدينة رام الله.
وقال نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة واللجنة المركزية إن مركزية فتح ناقشت باهتمام بالغ الأوضاع المتعلقة بإضراب المعلمين وبحضور رئيس الوزراء رامي الحمد الله. وأشادت بدور المعلم والمربي الفلسطيني «وصون كرامته الذي كان له الدور الطليعي في التنشئة الوطنية وخلق الوعي الوطني في التصدي للمشروع الاستعماري الإسرائيلي الهادف لتصفية قضيتنا الوطنية، مؤكدة تفهمها الكامل لمطالبهم وإصرارها على العمل مع الحكومة والجهات ذات العلاقة لتأمين هذه المطالب في إطار الإمكانيات المتاحة». وبناء على ذلك دعت اللجنة المركزية إلى إنهاء الإضراب فوراً والعودة إلى المدارس لقطع الطريق على كل المتربصين بالمشروع الوطني.
وعقب اجتماع رئيس الوزراء الفلسطيني مع المحافظين وقادة الأمن الفلسطيني بحضور وزير التربية والتعليم صدر تعميم عن محافظ طولكرم وصل إلى «القدس العربي» جاء فيه أن لا اجتماعات عامة إلا بوجود إشعار كتابي لدى المحافظ أو الشرطة قبل 48 ساعة على الأقل من موعد عقد الاجتماع.
وجاء نص التعميم على النحو التالي: بناء على مقتضيات المصلحة العامة وحفظ الأمن والنظام في المحافظة واستناداً إلى قانون رقم 12 لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة فإنه يحق عقد الاجتماعات العامة شريطة ان يوجه إشعار كتابي للمحافظ او مدير الشرطة بذلك قبل 48 ساعة على الأقل من موعد عقد الاجتماع. وخلاف ذلك يتحمل كل من يخالف ذلك كامل المسؤولية القانونية المترتبة على ذلك، وعلى الجميع الالتزام والتقيد حفاظاً على الأمن والنظام العام.
وسخر الشارع الفلسطيني من فحوى التعميم واجتماع رئيس الوزراء مع المحافظين وقادة الأمن ووزير التربية كونه كان واضحاً أنه عقد فقط لاتخاذ إجراءات وتدابير أمنية ضد حراك المعلمين السلمي، رغم ما أثاره تدخل الأمن الفلسطيني الأسبوع الماضي في منع المعلمين من الوصول إلى رام الله في الشارع الفلسطيني.
ونقل الكاتب خليل شاهين عن وزير سابق وأكاديمي خبير في السياسات العامة قوله إن «هناك قطاعين يجب على أي حكومة تجنب المواجهة معهما: المعلمون والمواصلات العامة لأن المواجهة معهما بدلا من التفاهم، معركة خاسرة فكلاهما قادر على شل البلد.
بدوره اعتبر المحلل السياسي هاني المصري أن الطريقة الأمنية التي تم فيها التعامل مع إضراب المعلمين والتشويه والاعتقال ونصب الحواجز واستخدام الجوامع واستدعاء مدراء المدارس بحضور المحافظ وأفراد من الأجهزة الأمنية وتهديدهم من مغبة استمرار الإضراب واعتباره جزءا من مؤامرة وانقلاب تنفذه «حماس» تارة أو المتجنحون من جماعة محمد دحلان تارة أخرى أو خصوم رامي الحمد الله في «فتح» والسلطة والقطاع الخاص لصالح تشكيل حكومة وحدة وطنية تارة ثالثة تدل على نوع من فقدان التوازن والسيطرة.
وقال المصري إن «هذا الوضع تفاقم إلى درجة معاقبة بعض المتضامنين مع إضراب المعلمين مثل ما شاهدناه بإحالة بسام زكارنة نقيب الموظفين العموميين الذين حلت نقابتهم ومنظور بأمرها أمام القضاء وعضو مجلس الثوري لحركة فتح إلى التقاعد المبكر وملاحقته لاعتقاله، إضافة إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق النائب نجاة أبو بكر على خلفية اتهامها لوزير بالفساد بالرغم من أنّ لديها حصانة والإصرار على اعتقالها رغم معارضة جميع الكتل النيابية والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني خصوصا الحقوقية لهذا القرار».
من جهته هاجم المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات السلطة الفلسطينية واعتبر أنها وعلى خلفية إضراب المعلمين والنائب نجاة ابو بكر «تتغول» على القانون وتعطله وتعود للعمل بقانون عام 1982 قانون الاحتلال ومراسيمه الخاصة، لذلك أصبح ما يسود في الضفة الغربية مراسيم رئاسية وأوامر إدارية حيث أصدر محافظا طولكرم وجنين أوامر إدارية بمنع التجمهر والتظاهر إلا بإذن مسبق. وكذلك القائم بأعمال النائب العام نصب من نفسه شرطيا وقاضيا ونائبا عاما في حصار ومطاردة النائبة ابو بكر المعتصمة في التشريعي بالقول إن القانون الأساسي معطل، ولذلك لا حصانة للنائب ابو بكر.
واعتبر عبيدات أن ما يجري تطور خطير واختطاف للقانون وتطويعه خدمة لأجندات وأهداف خاصة. في غزة القانون مختطف لصالح أوامر ومراسيم أمنية، وفي الضفة مراسيم رئاسية وأوامر إدارية.
فادي أبو سعدى