■ انتهى اجتماع باريس الذي جمع وزراء خارجية فرنسا وثلاث دول أوروبية أخرى، بريطانيا وألمانيا وإيطاليا – إضافة إلى أمريكا وتركيا وقطر، بمطلب خجول بتمديد الهدنة الإنسانية المعلنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس لمدة 12 ساعة، قبل أن تعلن إسرائيل تمديدا إضافيا للهدنة حتى منتصف الليلة المنصرمة، لتوافق حماس بدورها على هدنة إنسانية جديدة من المفترض أن تبدأ بعد حوالي ساعة من كتابة هذه السطور.
ما تورده آخر التفاصيل ليس أمرا يبعث على الكثير من التفاؤل، ولكنه في المقابل يستدعي بعض التعليق على نقطة أصبحت تطرح في النقاش العام بشكل متزايد، وهي حالة الجمود المستدام الذي يطال دبلوماسية دولية متّسمة أكثر فأكثر بالصفة التي ذكرناها بدءا: الخجل.
وخجل الدبلوماسية الغربية، الذي يجب إضافته مع الأسف إلى تنافر الأصوات العربية في اتخاذ موقف موحد بخصوص مأساة غزة الحالية، يبرر الإحباط والأسى اللذين بدآ يتعممان لدى الرأي العام، كما يبرر الأسى ذاته والإحباط ذاته أن تطرح في المقابلات الإعلامية أسئلة تختصر بركان غضب مشروع، لا يسع عقلا متوازنا إلا أن يقف على فوهته.
من بين هذه الأسئلة الاستنكارية بالمعنيين، البلاغي الذي يتوقع ردا بـ»بلى»، والاصطلاحي الذي يفيد شجبا لتصرف منبوذ، ثلاثة أسئلة تعكس مزاجا عاما طفح عنده الكيل إلى أقصاه:
ـ ألم يصبح منطقيا الإحساس بخيبة أمل لعدم التوصل إلى حتى باكورة تسوية بعد الاجتماع؟
ـ ألا يتوجّب الإقرار بأنّ المجتمع الدولي صار عاجزا عن الضغط على إسرائيل بما لم يعد يترك مجالا للشك؟
ـ هل يبرر الحلف الموضوعي الأمريكي الإسرائيلي المعروف أن تعجز فرنسا، لـ»عزلتها»، عن اتخاذ موقف دبلوماسي لافت يرقى إلى مستوى المبادرة؟ أم أنّ الأمر متعلق بعدم جدية لا أكثر ولا أقلّ؟
لهذه الأسئلة الثلاثة دلالة، لقد طرحت في فضائيتنا الغنية عن التعريف في حصادها ليلة أمس، ومؤدّاها أنّ واقع المعادلة مطروح عليه أكثر من علامة استفهام: علامات استفهام تقليدية بخصوص كيفية وضع حد لصراع غير منته، ولكن أيضا علامات استفهام تذمّرية جرّاء انسداد أفق دبلوماسية، كان لا يزال مأمولا انفتاحها إلى زمن قريب. يعتور الخجلُ من هو مفروض أن يكون في قمرة قيادة دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، ونكاد نمتنع عن قول قائدها بدافع الخجل نفسه..
باتت فرنسا والاتحاد الأوروبي إذن طرفين إضافيين في حظيرة مختصري المساعي الهادفة إلى تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في طريقة إدارة الأزمات، بدل المباشرة بأخذ زمام مبادرة تلمّ بالمتغيرات الجديدة، منها قيام حكومة توافق واستعداد تركيا وقطر للعب ورقتهما فهي متغيرات كانت، لو أخذت في الحسبان، خليقة بأن تساعد على إعادة فتح أبواب تبدو موصدة بإحكام شديد.
٭ باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي
بيار لوي ريمون