ماضيها النضالي لا غبار عليه… أما حاضرها فغبار في غبار!!!
هذه باختصار شديد سيرة رئيسة الوزراء في ميانمار أونغ سان سوتشي. لقد جسدت بطريقة درامية كيف يمكن لمناضل ضد الظلم والقمع أن يتحول، وهو في السلطة، إلى راع لهما دون حتى أن يكلف نفسه عناء البحث عن مفردات عزاء أو جبر خواطر لما يجري من تقتيل وتشريد لعشرات الآلاف من الروهينجا المسلمين الذين قتل منهم المئات وفر إلى حد الآن 300 ألف إلى بنغلاديش المجاورة.
يفترض في من جرّب القهر والملاحقة والسجن والإقامة الجبرية أن يلازمه إلى مماته شعور إنساني لا يتزحزح بضرورة التصدي لكل ظلم مهما كان، وعدم القبول بتكرار أي شكل منه أبدا. هذا ما لم تفعله الحائزة على جائزة نوبل للسلام والأيقونة التي تضامن معها الملايين لسنوات عندما كانت تواجه بطش العسكر في بلادها مع أن ما يجري حاليا تحت مسؤوليتها القانونية والسياسية والأخلاقية، ليس ملاحقات أو إيقافات بل عمليات قتل جماعي لمجموعة بشرية كاملة تعيش على أرضها لاعتبارات عرقية ودينية.. وهذا أحط أصناف التمييز بين البشر.
يتعرض الروهينجا لأعمال وحشية مختلفة بسبب معتقداتهم الإسلامية…قائل هذا الكلام ليس سوى البابا فرنسيس الذي أظهر في هذه الأزمة من رفعة الأخلاق والتمسك بالقيم الإنسانية الكبرى ما يستحق عليه ألف تحية وتحية، فهو لم يتردد في القول بأن هؤلاء «يعانون منذ سنوات وعذبوا وقتلوا ببساطة لأنهم يريدون ممارسة ثقافتهم ومعتقداتهم الإسلامية (..) لقد طردوا من ميانمار ونقلوا من مكان إلى آخر لأن لا أحد يريدهم، لكنهم أناس طيبون ومسالمون، ليسوا مسيحيين، هم أناس طيبون، هم أشقاؤنا وشقيقاتنا».
لقد ارتضت الأيقونة السابقة أن تصبح الجلاد بعد سنوات كانت فيها الضحية. كانت ستلام لوما شديدا لو التزمت الصمت وهي مواطنة عادية، فما بالك وهي مسؤولة في أعلى هرم السلطة. لم تلجأ حتى للصمت هذه المرة، وهو في حد ذاته جريمة، بل فضلت أن تعتمد سياسة الإنكار لهذه المأساة الانسانية بل والزعم بأن كل هذه الضجة الدولية بشأنهم ما هي إلا نتيجة حجم كبير من «التضليل الإعلامي»… هكذا بكل بساطة!!.
لم تكتف الحائزة عن جائزة نوبل للسلام بلعب دور «الشيطان الأخرس» بل نطقت لتبرير ما يجري مأخوذة بالعزة بالإثم لتوفير غطاء سياسي له بفذلكات في التعبير مهزوزة لم تقنع أحدا. وصل بها الإمعان في الغي أن غضبت من تلفزيون البي بي سي البريطاني لاختياره المذيعة المسلمة ميشيل حسين لمحاورتها وكأن مجادلتها وإحراجها في الحوار التلفزيوني ما كان ليحصل إلا لأن المذيعة مسلمة ومتعاطفة مع الروهينجا، نازعة بذلك أي صفة كونية لقيم إنسانية راقية ترفض الظلم وتتعاطف مع من يتعرض له.
لقد ارتضت هذه المناضلة السابقة لنفسها أن تدافع عن تطهير عرقي وديني بغيض وأن تتقوقع على نفسها لتتحول إلى مجرد مواطنة بوذية جاهلة تحركها أحقاد قديمة وجديدة ضد مواطنيها من المسلمين المحرومين حتى من جنسية البلد والحق في العيش على أرضه. قبلت هذه المناضلة السابقة أن تخضع، عن قناعة أو انتهازية، وكلاهما اسوأ من الثاني، لشعبوية مقيتة تجتاح بلدها حاليا وتحول جيشا كاملا إلى قطعان متوحشين يلاحقون النساء والأطفال ويستمتعون بقتلهم والتنكيل بهم.
لقد فقدت هذه المرأة ليس فقط صفة الاحترام لها كمناضلة سابقة بل فقدت كذلك أهليتها لأن تكون قائدة سياسية لبلادها. هي لم تكتف، منذ أن فاز حزبها «الرابطة الوطنية للديمقراطية» بالانتخابات وتحمل مسؤولية قيادة البلاد، بأنها لم تفعل شيئا لإنهاء الوضع المزري الذي يعيش فيه مئات الآلاف من الروهينجا طوال عقود في إقليم أراكان الأكثر بؤسا شمال غرب البلاد، بل ها هي تفشل في ذلك وهي مسؤولة أيضا.
في أوج الاقتتال بين البيض والسود في جنوب افريقيا استطاع رجل عظيم مثل نيلسون مانديلا أن يخرج على قومه من السود ليهدئ من روعهم ويلجم رغبتهم الجامحة في الانتقام من البيض، وفي أوج الاقتتال كذلك بين الهندوس والمسلمين. واستطاع رجل عظيم آخر قبله هو الماهاتما غاندي أن يرفع صوته عاليا مطالبا من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
هذا هو شأن العظام أما أونغ سان سوتشي فقد ارتضت لنفسها هذا السقوط المريع الذي جعل رموزا كبرى في العالم يلفتون انتباهها لهذا الانحراف الكبير الذي تمضي فيه فيما طالب الآلاف، بين عرائض ومقالات وافتتاحيات صحف كبرى، بتجريدها من جائزة نوبل للسلام. هذا أمر غير ممكن، قالت اللجنة في النرويج، لكن ما جرى جرّد هذه المرأة مما هو أغلى بكثير من هذه الجائزة…. جردها من ضميرها.
كاتب وإعلامي تونسي «تملّق» السلطة وإدمان الأردنيين على «فيسبوك»
محمد كريشان
*هذه السيدة إما أنها خائفة من (العسكر )
أو أنها غيرت جلدها وأصبحت
مثل اسيادها (العسكر ) المجرمين.
*كان الله في عون مسلمي بورما.
سلام
المسلمون يعيشون هناك مند عدة سنوات او عدة قرون. لماذا يتم الاعتداء عليهم الان و ليس قبل ثلاث سنوات او خمس سنوات او قبل 50 سنة.
اذا كان يهم الكاتب التضامن مع الضحايا فيجب ان يناقش الأسباب التي أدت لهذه الازمة و كيفية معالجتها لحفظ دماء و اعراض الضحايا.
اذا كان يهمه الدعاية لوجهة نظر معينة تفرض على هؤلاء الضحايا ان يكونوا حطبا لصراعات لا ناقة لهم فيها و لا جمل فاقول له اسال الله لك التوفيق