أين العرب من «الزلزال النووي» الإيراني؟

حجم الخط
53

بعد ليلة صعبة من الترقب والتكهنات، وفي ختام مفاوضات عصيبة، خرج وزير الخارجية الايراني مع وزراء خاجية الدول العظمى صباح امس مؤكدين التوصل الى اتفاق تاريخي يقضي برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على طهران مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة المدى على برنامجها النووي، الى جانب استمرار العقوبات الخاصة باستيرادها الاسلحة والصواريخ البالستية لخمس وثماني سنوات على التوالي.
ومن اجل التوصل الى الاتفاق، وكما يحدث في اي اتفاق، كان على الجانبين ان يقدما تنازلات، وهذه كثيرة ومعقدة ولا يمكن الاشارة اليها في هذه المساحة، لكن الاتفاق يجبر ايران على التخلي عن معظم ما تملك من يوارنيوم مخصب، وفتح منشآتها النووية والعسكرية للتفتيش، لكنه يتيح لها بيع يورانيوم ومنتوجات مفاعل آراك النووي في الأسواق العالمية، كما يحافظ على المواقع النووية في إيران بأماكنها، ولن يتم إغلاق أي منها، على أن تستمر عملية الأبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي، إلى جانب رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن طهران.
وقد وجد الجانبان فيه ما يكفي ليعتبروه انتصارا. ومن اجل هذا بالضبط ابتكر احدهم علم الدبلوماسية.
اما بالنسبة للعرب الغارقين في صراعاتهم، فلا شك انها كانت لحظة الحقيقة الصعبة، اذ تواجهوا فيها مع واقع جديد، ربما يتجه الى مزيد من التعقيد.
و ينبغي هنا التوقف عند علامات محددة في طريق وعر الى فهم مآلات هذا «الزلزال النووي» ان صح التعبير.
اولا: اذا كانت ايران حققت القدرة على الردع الاستراتيجي دون حاجة الى تصنيع قنبلة نووية او استيراد صواريخ بالستية خلال السنوات الماضية، فان القيود المؤقتة التي يفرضها الاتفاق على برنامجها النووي وتسليحها تبقى تحصيل حاصل، اما التحدي الحقيقي امام العرب فهو ان هذا «الزلزال» الايراني يضعنا امام معطيات استراتيجية جديدة اقليميا ودوليا، وبالتالي «يفتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية» كما قالت مفوضة السياسة الخارجية الاوروبية في المؤتمر الصحافي امس. وكان ينبغي على الدول العربية الكبرى بشكل خاص ان تستعد لاستحقاقات هذه اللحظة التاريخية مسبقا، تفاديا لهذا المشهد العربي المرتبك غالبا والحزين دائما.
ثانيا: ان الولايات المتحدة، وكما كان واضحا في خطاب اوباما الاحتفالي بعد دقائق قليلة من اعلان الاتفاق، تخلت فعليا عن العرب كحليف استراتيجي، منذ قررت التوصل الى تحالف ضمني مع دولة مازالت تتهمها رسميا بدعم الارهاب، بدعوى ان ايران « كانت قادرة على مضاعفة قدراتها النووية، والمساعدة في انتشار الاسلحة النووية في الشرق الاوسط» حسب تعبيره. اما ما بين السطور فان اوباما اختار اخف الضررين، اي الاتفاق مع ايران ومنحها امتيازات اقليمية مقابل منع بلاد عربية من اللحاق بها، وبالتالي ابقائهم محتاجين للحماية الامريكية، وابعد ما يكون عن امكانية تحقيق توازن استراتيجي مع اسرائيل. وفي المقابل فان امريكا التي رفضت ان تحارب ايران نيابة عن اسرائيل لن تفعل ذلك اكراما للعرب. وهكذا كان الاتفاق حتميا.
وهذا درس قاس يجب ان يكون نقطة تحول باتجاه بناء قوة ردع ذاتية عربية في اطار رؤية استراتيجية حقيقية بغض النظرعن التحالفات الهشة، ومئات المليارات التي دفعت في صفقات اسلحة لم تكن كافية لانقاذ العرب من ورطتهم اليوم.
ثالثا: ان ايران التي تستعد لاستقبال كبار المسؤولين الاوروبيين سواء مهنئين او ساعين الى تفاهمات اقليمية او تجار يبحثون عن صفقات كبرى بعد الرفع الفوري عن العقوبات المالية، تبقى مطالبة باظهار قدر من المسؤولية السياسية يتناسب مع مكانتها الاقليمية الجديدة. وبدلا من ان تتباهى بعدد العواصم العربية التي اصبحت او كادت ان تحتلها، عليها ان تبادر الى مد يديها، كما مدتها للغرب، وجسر الهوة الهائلة مع عمقها العربي والاسلامي الذي يبقى المصدر الحقيقي لشرعيتها، والنطاق الطبيعي لنموها واستقرارها.
واذا كانت ايران تمكنت من التغلب على هواجسها تجاه «الشيطان الاكبر» الذي طالما دعت عليه بالموت والدمار، فلابد انها قادرة على احتواء ضغائن ومرارات والعثور على ارض مشتركة لبناء المستقبل مع شركاء العقيدة والتاريخ والجغرافيا، والمصير ايضا.
واخيرا، وامام هذا الاتفاق التاريخي، فان العرب يستطيعون ان يدفنوا رؤوسهم في الرمال، او يتمنوا ان تنتهك ايران الاتفاق ليعاود الغرب فرض العقوبات عليها، او ان ينفقوا مليارات جديدة على صفقات اسلحة مع فرنسا وروسيا نكاية في الولايات المتحدة، الا ان هذا لا يغير شيئا من واقع جديد يستوجب التوقف والتبصر امام خياراتهم الواقعية بدلا من الاصرار على الاندفاع نحو نهاية الطريق المسدود.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الخيال:

    مبروك لايران على حصول ما حصلت عليه. العيب ليس في ايران وانما العيب فينا. لو كان عند العرب عشر الذكاء والدهاء الايراني لما كان وصلنا لاسفل السافلين. العرب مبتلين بالكره والحقد ضد بعضهم البعض ومشغوليين بالتامر مع اعدائهم ضد اخوانهم. لم يستطيعوا رؤيه العراق يتقدم علميا وعسكريا واجتماعيا فتامروا لدماره و سحقوه وما زالوا مستمرين. ايران لم تتامر على العرب وانما فقط استفادت من عقليتهم الفاسده. اذا لا تلوموا ايران او اسرائيل او امريكا لان اللوم علينا.

  2. يقول باسم فارس / اﻷردن:

    السلطان قابوس كان قد طرح في السابق فكرة إنشاء قوات خليجية حقيقية لكن طنشوا الفكرة. المشكلة الكبيرة لا يوجد للعرب مشروع حضاري وهذا أمر طبيعي ﻷن الدول العربية في المشرق تم تصميمها بعد الحرب العالمية الأولى لخدمة المشروع الغربي والحل يكمن في أن يكون هناك بديل حضاري يخترق التصميم الغربي وندعو الله أن لا يكون هذا مخاضا مؤلما

  3. يقول moussalim.:

    .
    – العرب خاسرين خاسرين ، على جميع الأصعدة ، ولمدة طويلة .
    .
    – لما كان بعض النشطاء المعارضين العرب ينادون الأنظمة السياسية العربية بالإستفاقة من السبات ، دمقرطة نهجها ، كانوا يختطفون او يعتقلون او يعدمون .
    – أما المنظومات القضائية والإعلامية والنخبوية ، فكانت متواطئة مع القمع .
    .
    – وما كثرة المعتقلات والأجهزة الأمنية السياسية لدى الأنظمة العربية إلا دليل على ذلك .
    .
    – لما صرّح اللواء قاسم سليماني أن الشام سيعرف مفاجئة كبيرة ، ربما هذا ما كان يعنيه .أي تحرر إيران من القيود الحصارية الإقتصادية ، وإغداق الملايير $ على أنظمة تذبح شعوبها بغرض الإستمرار في الكرسي .
    .
    – ونعل الله كرسي الحكم .
    .
    – لا يمكن للأنظمة العربية ان تنسج أي علاقة مستقبلية لها مصداقية مع إيران ، لان إيران سترى العرب من منطلق استكباري ، ولها الحق في ذلك .
    .
    – كان علينا جميعا ان نصفق لإيران لأنها تلاعبت بالغرب طيلة 12 سنة ، وفي الأخير اكتسبت وحققت ما خططت. لكن كيف التصفيق لإيران الذابخة للشعب السوري ؟ . مستحيل .
    .
    – ربى كل ضارة نافعة …
    .
    – هل تستفيق الأنظمة الدكتاتورية العربية المستبدة من السبات ومن الكلخ ، وتقتنع ان إطلاق ثورة مضادة لثورة الغضب العربي ، كانت خطئا ؟ .وان لا توفّر الحماية للرئساء التي أسقطتها ثورة الغضب العربي ؟ …
    .
    – لا تقدم للمنطقة بدون تمكين شعوبها بالتحكم في مصيرها .
    العالم لا يحترم الأنظمة العربية لأنها غير شرعية .
    من جهة يستغلها ، ومن جهة ثانية ، لا يعتبرها .
    .
    – الشعوب هي من تفرض رأيها .والغرب متعود على ان تفرض الشعوب رئيها .

  4. يقول علي حسين أبو طالب / السويد .:

    ” وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ” .
    إنه نصر من الله .

  5. يقول Se1d:

    مبروك لايران هذا الانجاز الانساني والعلمي من جد وجد

  6. يقول عبدالله:

    يجب على العرب ان يدركوا ان زرع الفتن والتحريض الطائفي والمذهبي لن يجدي نفعا بل الصحيح هو فتح علاقات جيدة مع ايران وان تتخلص الانظمة القائمة في المنطقة العربية من النهج الديكتاتوري واعطاء فرصة للشعوب لتحديد مستقبلها بدلا من الاصرار على زرع الطائفية والكراهية ,عندما نزرع المودة والاخاء ونعطي المواطن العربي الدور في تحديد مستقبله بدلا من جره عنوة الى الاصطفاف المذهبي والعنصري وخلق العداوات بينا وبين الجيران فاننا نخسر سنوات من التنمية والعمران والتقدم: الحل الوحيد للعرب واقولها لكل عاقل هو الخلاص من الطائفية والمذهبية وبناء مجتمع مدني يقوم على اعطاء المواطنة الدور الاساسي في المجتمع وليس زرع الكراهية والطائفية المقيته كما تقوم به بعض الدول العربية وخصوصا السعودية,انطروا الى ايران فهي دولة مكونة من خليط من القوميات والمذاهب والاعراق ولكنها تحاول رغم صبغتها الدينية الى ابعاد المواطن الايراني عن هذ النزاعات لانها تضر بها اولا واخرا وهذا هو الصحيح بينما عندما تنظر الى السياسة السعودية فيمكن التعرف عليها مباشرة من خلال القتوات الفضائية التي تدعو ليلا ونهارا للفتنة والتكفير لمواطنين سعوديين وتصفها باوصاف طائفية بغيضة,هنا يبدا الحل تخلصوا من الطائفية وتعاملوا على المواطن على انه مواطن بغض النظر عن اعتقاداته حينها تجدون ان الحل اصبح بيديكم.
    ربما يرد البعض ويقول ايران كذا وكذا ساقول دعك من الاعلام المضلل وتعرف على ايران بنفسك

  7. يقول م . حسن:

    الدول العربية تتباهي بوجود علاقات إستراتيجية مع الولايات المتحدة , وتهول في خصوصياتها بعد أن هيمنت علي عقولهم , وهي تحالفات علي المقاس لبيع وشراء بضائع إستراتيجية مثل البترول والسلاح والصناعات الثقيلة . أمريكا تتحالف مع الجميع بلا إستثناء لخلق فرص عمل للأمريكيين , وهو مافهمتة إيران جيدا , وطبقتة علي الأرض , حتي حققت الإكتفاء الذاتي من السلاح والطاقة النووية لمابعد نفاذ البترول والغاز , وبدون الحاجة للكبار . وقد أصبحوا من اليوم 5+1+ إيران .

  8. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.عنوان رأي القدس اليوم هو(اين العرب من الزلزال النووي الايراني؟) والجواب (ماخذين غفوة) مميتة في حضن الغدر الامريكي الدولي الذي يريد ان يسلم المنطقة المحيطة باسرائيل لايران لان ذلك في المفهوم الصهيوصليبي الصفوي اضمن لحماية اسرائيل من التطرف الاسلامي السني القادم للمنطقة- لا محالة -بعرفهم وبعرف الحقيقة المستقبلية،حسب استقراءاتهم ودراساتهم ،وبعرفهم كذلك ان الحكام العرب السنة عبارة عن طراطير امام شعوبهم ونواطيرلمصالح امريكا وامن اسرائيل،والاطاحة بهم وتغييرهم مسألة وقت؛وبعد ذلك يكون الزلزال الحقيقي الذي سيلزم ايران ان تنكفئ داخل حدودها ويمحواسرائيل ويرغم حماتها الاعتراف بالواقع الجديد بدون وجودها.

  9. يقول فاطمة الزهراء بنت الصحراء:

    مبروك لإيران و تحيا إيران و شكرا إيران

  10. يقول سليمان:

    لا أفهم لماذا هذه الضجه وأسرائيل عندها أضعاف من القنابل النوويه والذي يقول إيران أخطر من أسرائيل فأقول له لا يوجد خطر على العرب إلا غباء زعماءهم

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية