أيها العرب لا تكرروا سيناريو الغزو العراقي للكويت!

ليس هناك أدنى شك بأن كل شعوب المنطقة العربية كانت ومازالت محقة في المطالبة بإصلاح أنظمتها السياسية وحتى تغييرها كي تواكب البلدان التي سبقتها بأشواط على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبالتالي فإن الثورات العربية كانت مشروعة مئة بالمئة من الناحية النظرية والعملية، فهناك مئات الأسباب التي تدعو الشعوب للثورة أو على الأقل للتململ من أجل الإصلاح إن لم نقل التغيير الشامل. لكن الذي تحقق ليس الذي تمنته وأرادته الشعوب من أجل أوطانها ومستقبلها، بل للأسف الشديد حصل الذي أرادته القوى المتربصة بأوطاننا في الداخل والخارج.
لا ريب أن من حق البعض أن يشكك بالدوافع التي وقفت وراء الأحداث التي تجتاح المنطقة منذ أكثر من سبع سنوات، لكن ليس بوسع أحد أن يتجاهل أن الثورات طال انتظارها، ولم تأت فجأة تلبية لمخططات خارجية كما يجادل الوالغون في نظرية المؤامرة، وخاصة القوميين وأنصار ما يسمى حلف الممانعة والمقاومة. لكن تطور الأحداث يجعلنا نتفق مع المشككين بأن النتيجة كانت كارثية وفي صالح أعداء الشعوب ودول المنطقة أكثر بكثير مما هي في صالح المنطقة وشعوبها. لقد كان البون شاسعاً جداً بين تطلعات الشعوب، وبين أهداف ضباع العالم الذين أوصلوا المنطقة إلى هنا لاستنزافها ونهب ثرواتها بالدرجة الأولى. ويجادل الكاتب اللبناني سامي كليب في هذا السياق: «إن لم يكتب المثقفون والإعلاميون العرب عن حقيقة وأسرار وأسباب تدمير دولنا العربية.. فهم جزء من مؤامرة رُسمت خيوطها بدقة …تبا لهؤلاء المثقفين والإعلاميين الذين يكررون ما يقال لهم كالببغاء أو الأبواق ….إن من قتل العقيد معمر القذافي هي الصفقات والمال وليس أي رغبة بحرية وديمقراطية….ومن دمر العراق هي شركات النفط . ومن يدمر اليمن هي الرغبة في استخدامه مطية لمصالح سياسية ضيقة، ومن يدمر سوريا يريد كل شيء إلا الحرية والديمقراطية …..ومن قسم السودان أراد نهب ثروات جنوبه لمصالح غربية ……ومن يدفع العرب لفتح علاقة مع إسرائيل بذريعة محاربة إيران يريد نهب ما بقي من مال عربي وجعل إسرائيل دولة لا تقهر وإنهاء ما بقي من فلسطين …صحيح أن الأنظمة عندنا فشلت وقمعت وأفقرت….لكن هذه آخر الأسباب التي لأجلها أرسلوا لنا كذبة الربيع العربي. …..لماذا من صار يوصف بالدكتاتور هو نفسه من كانت تفتح له الأبواب……ألم يفرض القذافي نصب خيمته في قلب الأليزيه؟ ألم يقبل يده رئيس وزراء إيطاليا؟»
قد نختلف مع السيد كليب والذين يشاركونه الرأي في أن الثورات كانت مشروعة تماماً، لكننا لا نستطيع أن نختلف معه بأن القوى الطامعة بالمنطقة وثرواتها كانت أهدافها معاكسة مائة بالمائة لتطلعات الشعوب وأهدافها. ما الذي يهم القوى التي اجتاحت المنطقة بعد الثورات في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس ومصر؟ بالتأكيد ليس الديمقراطية ولا التغيير ولا الإصلاح، بل فقط ثروات المنطقة تحديداً، فالأمريكان سيطروا على شرق سوريا للهيمنة على حقول النفط والغاز. والروس عقدوا مع النظام صفقات للسيطرة على ثروات الساحل السوري الغازية والنفطية لربع قرن قادم. ولا شك أن عيون إسرائيل على غاز البحر المتوسط وخاصة في لبنان وسوريا. وكلنا يعرف أن من أهم أسباب الغزو الأمريكي للعراق السيطرة على ثاني مخزون نفطي في العالم. وقبل ذلك غزت أمريكا أفغانستان ليس للقضاء على الإرهاب، بل للسيطرة على ممرات النفط إلى مخزون بحر قزوين الهائل من النفط. ولعلنا نتذكر أن الأحرف الثلاثة الأولى للحملة الأمريكية على العراق كانت OIL ، أي «عملية تحرير العراق»، لكن الأحرف الأولى تعني بالانكليزية «النفط». أين ذهبت مليارات ليبيا بعد الثورة؟ وأين يذهب نفطها الآن؟ بالطبع تبخرت الميليارات في البنوك الغربية، أما النفط فقد تقاسمه ضباع العالم الذين تظاهروا بتحرير ليبيا من الطغيان. رفعوا شعار الحرية، بينما كان هدفهم نهب ثروات ليبيا وغيرها.
لقد عمدت أمريكا منذ عقود على دفع العرب كي يأكلوا بعضهم بعضاً، والهدف طبعاً إفساح المجال لها لنهب ثروات المنطقة لاحقاً بحجة التدخل من أجل حل الصراعات وإحلال الأمن والاستقرار. لقد ورطت صدام حسين في غزو العراق، فكانت النتيجة أن الكويت خسرت المليارات من صناديقها، وكذلك خسر العراق ثرواته، وأصبح نفطه تحت سيطرة أمريكا. لقد استغلت أمريكا ثروات الضحية الكويتي والجلاد العراقي من خلال لعبة الغزو الذي رتبته أمريكا عبر سفيرتها الشهيرة أيبرل غلاسبي مع صدام حسين الذي انطلت عليه اللعبة.
والآن يبدو أن العرب مستعدون أن يكرروا أخطاء التاريخ القاتلة دون أن يستفيدوا من أخطاء صدام حسين وغيره. فلو تجرأت أي دولة عربية، لا سمح الله، على غزو دولة عربية أخرى، فسيحصل ما حصل من قبل في العراق، وستكون الثروات العربية الضحية الأولى، وسيكون المتضرر الجاني والمجني عليه من العرب. تحاول أمريكا الآن أن تدفع بالعرب لمهاجمة بعضهم البعض. ومن يقع في هذا المحظور يجب أن يعلم أنه سيكون الضحية الأمريكية اللاحقة، وسيتحول بين ليلة وضحاها من جانٍ إلى مجنٍ عليه. فهل يصحو العرب قبل فوات الأوان؟
كاتب واعلامي سوري
[email protected]

أيها العرب لا تكرروا سيناريو الغزو العراقي للكويت!

د. فيصل القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د.راشد المانيا:

    بكلمات قليلة حصار قطر هو إيعاز إسرائيلي وثمنه مباركة إسرائيل تولي أولياء العهد الحكم في السعودية والإمارات السنة القادمة.

  2. يقول AL NASHASHIBI:

    OCCUPIED PHILISTINE FOR MORE THAN 70 YEARS….. UNDER SAVAGE ZIONISM COLONIZER PROVE WHAT WE ARE ??????…… WE DON’T NEED TO SPEAK ANY MORE JUST OUR SCHISMATIC POLICY BRINGS HUMILIATION FOR ALL OF US……… OUR DIGNITY IS IN OUR UNITY AS MUSLIMS + ARABS COSMOS

  3. يقول رياض- المانيا:

    بعد عشرات من السنين العجاف في مرحلة ما بعد انتهاء الاستعمار المباشر ، كان من البديهي ان تنتفض الشعوب المقهورة وهذا ما حصل. ما لم يتوقعه الجميع هو درجة التغلغل والسيطرة على الوطن العربي من الاستعمار بحيث اصبح واضحا للعيان ان من يسمون انفسهم ب ( الزعماء) ليسوا الا موظفين صغارا لدى الاستعمار برتبة مخبر صغير . فيكفي ان يأتي الى اوطاننا رجل مثل ترمب الذي يتبوأ منصبا سياديا في مشيخاتنا العربية الايلة للسقوط من نوع ( ولي ولي الامر) كيف لا يكون ولي لولي الامر في اشباه الدول هذه، المحتوية على مناصب مثيرة للضحك والسخرية من امثال ( ولي ولي العهد) بحيث يصعب ترجمتها الى لغات اجنبية اخرى . الشعوب ثارت وكان لها الحق في ذلك، ولكن الاستعمار المتغلغل واعوانه لديهم سياسة واحدة فقط، وهي سياسة الارض المحروقة، فاما ان تعود الامور الى فترة ما قبل الانتفاضات، واما فالويل ثم الويل لكم. فستحرق الاوطان وسستسيل الدماء انهارت ولن يبقى حجر على حجر. حسنا، في الفكر البشري المادي قد يبدو النصر حليف الباطل، ولكن ارادة الله وحكمته فوق كل ارادة وقوته فوق كل قوة فانتصار الحق على الباطل سنة حتمية من سنن الله. نعم قد يتأخر النصر، ولكن لا محالة فانه قادم ولا عزاء للعملاء والمرجفين وعلماء السلاطين.

  4. يقول AL NASHASHIBI:

    انعدام حق المواطن في تقرير مصيره ….يودي الي كل هذه المظاهر الفاسده …….
    …….
    …الي أبناء الوطن الإسلامي والعربي …..نناشدكم ًبالحكمه بالتصرف مع القيادات العربيه التي تمثل أذناب الاستعمار ومصالحه …من استغلال ثروات البلاد من اجل ان يحقق أطماعه الاستعماريه …مقابل ان تبقي هذه الحكومات في الكرسي حتي الممات وما بعد الممات فع….
    نعم نحن بحاجه الي حكمهغغغ التصرف مع صعاليك هذه الحكومات التي لا ترفض طلب لهذا او ذالك المستعمر …..
    فان الذي يحدث في هذا الوطن من تدمير و و و كل هذه الأمور هي مخططات استعماريه بحته …والتاريخ يشهد علي ذلك ….
    النشاشيبي
    الوعي السياسي …لهذه الشعوب من اهم العوامل التي تعمل إزاله الاذناب ومن معهم من الدول الارهابيه الاستعماريه الصهيوامركاناوروبيان الًوحشيه …حيث الشعوب العربيه الاصليه لا ولن تركع مهما بلغ هذا المستعمر من ذكاء …..
    نعم فهناك ًشرفاء من أبناء هذا الوطن الذي يرفض الذل ..والاذلال …
    نعم لكرامه المواطن التي هي نفسها كرامه الشعب التي هي نفسها كرامه الوطن العزيز علي أبناءه …..
    علينا التخلص من كل أشكال الاستعمار …في الوعي في مختلف نواحي الحياه ….
    فلا داعي لوجود الاستعمار في هذا الوطن لا من قريب ولا من بعيد ….
    فلنعمل علي التنمية البشريه بالتوعية العلميه والعمليه …..
    لا ولن نتخلص من الاستعمار ما دام الحقد والجهل هو الذي يسود بين أبناء هذا الوطن الأبي الإسلامي والعربي …
    فلنتوحد ضد الاستعمار في خندق واحد …من اجل كرامتنا جميعا ….
    النازح المنكوب ما زال في مخيمات الذل لسبب خيانه هذه الحكومات وتأمرها مع الاستعمار ضد أبناء وطنها …وشعوبها …وهذه هي الماساه …..
    بالوعي وقوه التصميم والعزيمة نهزم الاستعمار ومن معه …والتاريخ يشهد علي ذلك ……
    AL NASHASHIB

  5. يقول العراق:

    رسالة من كوردستان العراق إلى الإخوة والأخوات والحكام في الخليج العربي ..
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .
    هل هذه المواقف ضد دولة قطر حقيقة أم خيال. .
    أين الأخوة العربية ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!
    أين الأخوة الإسلامية؟ ؟؟؟!!!!!!!!!!!
    أين العهود والمواثيق الدولية؟ ؟؟؟!.
    أين الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي؟ ؟؟؟!!!!
    هل من المعقول بين ليلة وضحاها ان تنقلب كل هذه الأمور من أجل مصلحة (#######؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!)
    هذه المواقف إذا كان خيالا فالنصحو من هذا الخيال..
    وإذا كانت هذه المواقف حقيقية فندعوا السياسين والحكام إلى الحوار والتفاوض من أجل حل هذه الأزمة ولا يزجوا شعوب المنطقة والأمة الإسلامية في حرب خاسروها شعوب المنطقة و رابحها مصاصي دماء الشعوب وأعداء الأمة الإسلامية.
    ****بشتيوان اكبر حفتاجشمي****

  6. يقول ايمن العاسمي /سوريا:

    الذين يشككون بأسباب الثورات إنما هم مجموعة منتفعون من الأنظمة الحالية
    والذين يقولون أن الثورات دمرت البلاد ولم يكن هدفها الحرية إنما يتجاهلون أن هذه البلاد في الاصل هي تدمر على مدار حكم الدكتاتوريات ولكن ما حدث هو الكشف عن حجم الدمار فقط من خلال تدمير البنيان
    لا يستطيع ان ينكر حجم الخراب الذي أسسته هذه الانظمة في المجتمعات وأن هؤلاء بحكمهم كانوا يقومون بالدور الذي أوكل لهم وبعد إنتهاء صلاحياتهم وبسبب عدم قدرة الشعوب على السكوت أكثر تدخل الجلاد الحامي لهؤلاء بنفسه فقط لأن البلاد الثائرة مسلمة
    كم من الانظمة تغيرت في اوربا وامريكا الجنوبية لم نشاهد قتل بهذا الكم إلا في بلاد مسلمة
    فمقولة

    ((لاريب أن من حق البعض أن يشكك بالدوافع التي وقفت وراء الأحداث التي تجتاح المنطقة منذ أكثر من سبع سنوات))

    ليس من حق أحد أن يبقيني تحت حكم نظام أخفى نصف سكان البلاد قصراً بحجة أن ثورتي خدمت جلاد مثله نظام كان او تنظيم او دولة
    لو كان الزمن عدلاً لتمت محاسبة من جنى مكاسب على دمائي وأشلاءي وأستخدم تضحياتي ليعزز حكم موكله وصنع من كل آلامي طوق نجاة لجلادي الشعوب بحجة الارهاب وأصبحت إبادتي مبررة بسبب فجوره

    ثورتي غايتها التحرر من هؤلاء ومن أسيادهم الراعين لهم وعبيدهم الذين يشككون في سبب الدماء التي قدمتها حتى تبقى حضوتهم وأماكن ذلهم محفوظة لدى هؤلاء مهما كان الثمن

    ايمن العاسمي

  7. يقول محمد منصور:

    تداعيات انتخاب ترامب هي من تلقي بظلالها على على المشهد السياسي في منطقتنا، فهذا الزعيم ليسس لديه أي خلفية سياسية سوى العنصرية ضد الأسلام والعربن، واسرائيل تحسن استغلال هذه الحالة لتنفيذ أجندتها ورؤيتها بالنسبة للمنطقة وما أزمة الخليج اليوم إلا أحد ثمار هذه السياسة الجديدة.

  8. يقول فؤاد مهاني- المغرب:

    والله يا أخي فيصل هذا هو السيناريو الذي كنت أخشى اتكراره ضد الشقيقة قطر وأضع يدي على قلبي من أي تهور في غزو هذه الدولة العربية كما وقع للعراق والفارق الوحيد لهذا الغزو جاء بمبرر غزوها للكويت أما قطر فلم تغزو أو تعتدي على أي دولة سوى أنها تريد أن تبقى دولة حرة ولا تريد أن تفرض عليها الوصايات الخارجية ويريدون لها تركيعها بشكل تصاعدي عبر قطع كل العلاقات وفرض الحصار وفي الأخير إذا صممت قطر على الصمود وهذا ما يتوقع منها أن يلجأ في الأخير إلى الحل الأسوء الذي تريده بعض الأطراف الخارجية التي تستهين بالدماء العربية المهدورة وأولها إيران.

  9. يقول الصوفي الجزائر:

    ايها الاخوة دعونا نتكلم قليل ونفهم كثير
    اي حاكم ليست له شرعية يتصرف هكذا وبما يمليه عليه الغرب لانه يعرف ان الشعوب ضده وان اي شرارة يوقدها الغرب ستحرقه لذلك يستسلم وينفذ ما يأمربه وهذا حال السعودية والامارات

  10. يقول إيدي-سويسرا:

    أستغرب أن لا أحد حكى عن غزو سوريا مع أنه إمتداد لسيناريو الغزو العراقي للكويت.
    كيف ؟ يُرجى الرجوع إلى مدكرة الشرق الأوسط الجديد العائدة لعام 2004 ومن ضمن ما فيها:
    -غزو سوريا مدخل لتوسيع بؤرة التوتر بالعراق تمهيداً لأنشاء منطقة “عازلة” تكون نواة لأنشاء دولة كردية خاضعة لتعليمات الناتو.
    إحتلال سوريا يا سادة تقرر مند 2003
    -تضخيم الخطر الأيراني. تقول المدكرة بالحرف : “يجب أن يحُلّ عداء إيران محل عداء إسرائيل في قلوب العرب”
    أشجع الجميع على عدم تصديق كلامي- ويا ريته كان كلامي- والتحرّي شخصياً في مصادر الخبر.
    طبعا كل شرفاء الأمة متعاطفون اليوم مع قطر, لكننا سنظل معرّضين لتكرار سيناريو العراق طالما إستمرينا سياسة الكيل بمكيالين.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية