بسام البدارين
عمان ـ «القدس العربي»:ينذر الشيخ همام سعيد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن بكل الاحتمالات بما فيها السيئ وهو يعلن الاستعداد للتخلي عن ملكيات الجماعة ومقراتها على أساس ان الشرعية لا تصنعها المقرات واللافتات وسجل الجمعيات المرخصة.
جملة مناكفة إلى أبعد الحدود، يمكن رصدها بين ثنايا الخطاب الأخير للشيخ همام سعيد في توقيت حرج للغاية فكرته باختصار خلع أنياب الجماعة وأظافرها السياسية وتنشيط وتسمين البديل عنها ممثلا في جمعية الإخوان الجديدة المسجلة لصالح خصم الشيخ سعيد وسلفه في التنظيم الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
مخطط تصفية جماعة الإخوان سياسيا وقانونيا بهدوء ووضوح ونعومة دخل حيز التنفيذ، لكن الخطوة التالية بعد الاسترسال في هذه التصفية لا أحد يعرفها حتى الآن، لا في الحركة الإسلامية ولا حتى في السلطة التي تستثمر الظرف الإقليمي وتذهب إلى أقصى مدى في إعادة إنتاج الجماعة.
سؤال ماذا بعد؟.. يبدو ملحا في الحالة السياسية الأردنية التي أصبح قوامها (عسكرة ) الإدارة السياسية للدولة على حد تعبير رئيس وزراء اسبق تحدث لـ»القدس العربي» مشيرا إلى ان القرار الإداري والسياسي اليوم لم يعد بيد الحكومة والبرلمان، بل في أحضان المؤسستين العسكرية والأمنية.
مثل هذا التحليل والاستنتاج قد يبدو منطقيا في ظل الظروف الإقليمية الشرسة والصعبة والضائقة الاقتصادية المفتوحة على كل الاحتمالات والأهم انه يبدو منطقيا في ظل الأولويات الوطنية والمخاطر العميقة استراتيجيا سواء عندما يتعلق الأمر بتحديات ملف الإرهاب، أو عندما يتعلق بحدود ترسيم اللعبة الاقليمية في ظل ما يحتفظ به صانع القرار المركزي والمرجعي من مفاجآت ومعلومات.
لغة المواجهة تبدو أمنية بامتياز هذه الأيام والرأي العام بكل تأكيد يتفهم نظام الأولويات الجديد، لكن ما يبدو انه لم يدرس ويدقق بعد هو كلفة نقل العديد من الملفات المدنية والسياسية إلى المستوى الأمني على الأقل في المدى المنظور.
لا توجد في الواقع الموضوعي قوى عميقة ومتجذرة في الشارع تعيق الاسترسال في مطبخ الأمني على حساب السياسي، فالبرلمان في أضعف أحواله ليس فقط بسبب واقع التكتل الاعتباطي، ولكن أيضا بسبب صلاحياته الدستورية المحصورة في مراقبة التشريع فقط كما يقول رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة.
في المقابل خريطة الأحزاب السياسية مفتتة والنقابات المهنية منقسمة أفقيا وعاموديا بسبب الاستقطابات المتعلقة بالحركة الإسلامية أحيانا، وبسبب تجاذبات الرأي في الملف السوري تحديدا أحيانا أخرى.
مؤسسات المجتمع المدني ليست في حال أفضل والوثائق الاصلاحية التي تحدثت عنها المؤسسات والنخب كثيرا أقرب إلى صيغة الاستقرار في المتحف أو على الرف، والنخب السياسية تائهة أو ضائعة ولا تعلم في الأغلب الأعم ما يجري.
لذلك يلمس المراقبون غياب المعلومات عن نخبة واسعة من كبار المسؤولين في الإدارة العامة وفي الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة بالبيروقراطي اليومي دون ان يكون لها دور حقيقي في القرار السياسي خصوصا في القضايا المهمة والاستراتيجية .. في هذا الوقت نجحت استراتيجية اشغال الإخوان المسلمين بانفسهم ومشكلاتهم وانشقاقاتهم وهي مهمة مارسها بكفاءة فيما يبدو أو تكفل بها الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
طوال الوقت كات جماعة الإخوان هي الجدار المؤهل أكثر من غيره للتأثير في اللعبة السياسية وبالتالي في القرار السياسي .. اليوم عمليا يوجد في الساحة ثلاث جماعات للإخوان المسلمين على الأقل، الأولى تمثل مؤسسات الجماعة الأم التقليدية بقيادة همام سعيد، والثانية تنازع الأولى على الشرعية القانونية بقيادة الشيخ الذنيبات ونحو 27 من كادر الإخوان المنشقين والثالثة الجماعة العالقة بين الطرفين والتي تمثل محور الاعتدال الحائر في التنظيم .
في الجماعة الثالثة يمكن رصد قيادات تاريخية لا تدافع عن الأولى ولا تتبنى الثانية على رأسها الدكتور اسحق الفرحان والشيخ سالم الفلاحات والشيخ حمزة منصور والمنظر الإخواني البارز عبد اللطيف عربيات.
بمثل هذا الانقسام الثلاثي لا تستطيع جماعة الإخوان فرض ايقاع سياسي على أي مسار، وبسبب هذا الانقسام الافقي الثلاثي يتم اشغال الحركة الإسلامية برمتها بحملة مهووسة من التلاوم والمبادرات ووثائق الاصلاح الداخلي واللقاءات والإفطارات دون فائدة.
النتيجة يعرفها الجميع مسبقا لا مجال لتعديل بوصلة الاتجاه السياسي العام نحو لعبة التوازن في اتخاذ القرار والمشاركة في اتخاذه مما يؤشر ضمنيا على ان الدولة العميقة في طريقها نحو قرارات واتجاهات صعبة ومعقدة وبالضرورة قد لا تحظى بالشعبية ضمن سلسلة خيارات على مستوى النظام نفسه وليس على مستوى أذرع الدولة مثل الحكومة والبرلمان والقوى السياسية.
غلب التقدير ان هذه الاتجاهات المتوقعة لها علاقة بالمرونة التي يظهرها النظام السياسي وهو يدرس خيارات البقاء والصمود والاستمرار ضمن معطيات غرفة العمليات في الموضوع الاقليمي، مما يعني ان الاستحقاقات ومن باب التحليل السياسي، التي تنتظر الدولة الأردنية تتطلب أولويات أمنية وبالتالي صبغة عسكرية وأمنية في الحساب والقرار والاتجاه أولا، كما تتطلب إضعاف القوى المركزية المؤهلة للمعاندة ومعارضة الإتجاه وعلى رأسها الإخوان المسلمين.
هناك مثل قديم بالأردن يقول :
كل الطرق تؤدي للطاحونة
بالنتيجة كلهم اخوان !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
الشعب الاردني اغلبيتو مسلم وهو لايحتاج لاحزاب تتاجر بالدين وتستغل اسم الاسلام لاهداف واجندة غير اردنية جماعة الاخوان اصبحت من ماضي ولم يعد مبرر لوجودها لا على ساحة الاردنية ولا عربية وكل من يقول غير ذلك بكون بضحك على حالو
1925 تأسيس إمارة شرق الاردن على جزء من ولاية الشام العثمانية وصارت تابعة لمنطقة فلسطين أثناء الانتداب البريطاني
1945 عبد الله بن الحسين يفتتح أول مقر لجماعة الإخوان المسلمين في إمارة شرق الاردن
1946 استقلال الاردن عن بريطانيا وتسميته بالمملكة الهاشمية لشرق الاردن ومن ثم تنصيب عبد الله بن الحسين والمنحدر من الجزيرة العربية (السعودية) ملكاً وتعيين ابراهيم هاشم ذو الاصول السورية كأول رئيس للوزراء.
1949 سميت بـ “المملكة الاردبية الهاشمية”
كما نستطيع نستنتج من النبذة التاريخية أعلاه فإن هنالك علاقة ارتباط تكاد تكون مصيرية من بين المملكة الاردنية وجماعة الاخوان المسلمون
وقد عمل الملك عبد الله الاول ومنذ اللحظة الاولى لجلوسه على العرش على إستثمار تلك العلاقة مع جماعة الاخوان المسلمين للتأكيد على شرعيته الدينية في وجه الدعوات اليسارية والقومية التي رأى فيها تهديداً لبقائه ومن يومها وعلاقة ملوك الاردن بالجماعة مبنية على المودة والمنفعة المتبادلة وعليه فانه لمن الحكمة بمكان وحتى لا يجد جلالة الملك الحالي نفسه وقد أصبح يحمل لقب “الملك عبد الله الأخير” أن يتدخل بشكل مباشر لحسم الصراع لصالح جماعة الاخوان الأصلية وليس المنشقة عن الجماعة الأم بتشجيع من الحكومة الاردنية.