إسطنبول – «القدس العربي»: تصاعدت التكهنات وتضاربت بشكل غير مسبوق حول مصير الأوضاع في شمالي سوريا وذلك مع اقتراب ساعة الصفر للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين والمتوقع أن يتطرق بقوة إلى مستقبل محافظة إدلب ومصير اللاجئين السوريين في تركيا.
وما بين طروحات واقعية تدعمها التطورات السياسية والميدانية على الأرض وبين سيناريوهات وصفت بـ»الخيالية والمفاجئة»، تحدثت وسائل إعلام تركية وروسية وأخرى تابعة للنظام والمعارضة السورية عن سيناريوهات متضاربة تتعلق بحسم مصير الشمال السوري وملف اللاجئين.
ومن المقرر أن يلتقي أردوغان وبوتين على هامش قمة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا) التي تعقد منذ الأربعاء إلى الجمعة في جوهانسبرغ، وأكد أردوغان قبيل مغادرته أنقرة إلى القمة أنه سوف يبحث مع بوتين الملف السوري «بكامل تفاصيله».
وأوضح أردوغان أنّه سيتناول مع بوتين، المستجدات الشائكة في محافظة درعا جنوبي سوريا، وملف إدلب في الشمال، مشيراً إلى إمكانية وقوع أحداث طارئة وغير متوقعة في هاتين المحافظتين، قائلاً: «نريد أن يكون الشعب السوري محمياً من الهجمات، وخاصة تلك التي تنفذها بعض المنظمات الشرسة، وسنعمل على تأمين هذه الحماية من خلال التباحث حول هذه القضايا»، كما لفت إلى أنه سيتطرق إلى ملف منطقة تل رفعت إلى جانب ملف منبج، معبراً عن عدم رضاه عن التطورات «التي لا تسير في الاتجاه المطلوب» في المنطقتين. من جهته، أعلن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن التسوية في سوريا ستكون من أهم ملفات لقاء أردوغان وبوتين.
ومع تزايد التكهنات باحتمال قرب بدء هجوم كبير للنظام السوري على محافظة إدلب مع قرب إنهاء عملياته العسكرية في جنوبي سوريا، قالت وكالة «سبوتنيك» الروسية إن الجيش السوري أنهى استعداداته العسكرية واللوجستية لبدء هجوم بري واسع من محاور عدة لتأمين كامل ريف اللاذقية الشمالي الشرقي المتاخم لريف جسر الشغور غربي إدلب، وهي الخطوة الأخيرة التي ستمهد للهجوم على إدلب المدينة.
وتزايدت في الأسابيع الأخيرة خشية تركيا من حدوث هجوم عسكري روسي سوري على إدلب قد يؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين ونزوح أعداد هائلة من أكثر من 3 ملايين مدني يقطنون المحافظة، وهو ما دفع المسؤولين الأتراك إلى التحذير من انهيار مسار أستانة كما أكد المتحدث باسم الخارجية التركية قبل أيام أن تركيا «لا تريد أبداً أن يتكرر في محافظة إدلب السيناريو الذي شهدته الغوطة الشرقية وشمال حمص، ويشهده الآن جنوب غربي سوريا».
وفي هذا الإطار، جرى الحديث عن تقديم تركيا للعديد من الطروحات إلى روسيا من أجل التوصل إلى حل يضمن تجنيب إدلب هجوماً عسكرياً وإنهاء تواجد التنظيمات الإرهابية في المدينة، وقالت مصادر روسية وسورية إن أنقرة قدمت خطة تتضمن إعادة التيار الكهربائي والمياه وعودة المرافق الحياتية والخدمية وفتح طريق حلب دمشق وإزالة السواتر والحواجز من منطقة دارة عزة نحو حلب الجديدة، ومقابل ذلك سوف تسعى أنقرة في اجتماعات موسعة ستعقدها خلال الأيام المقبلة إلى اقناع جميع الفصائل العسكرية العاملة في إدلب بتسليمها جميع الأسلحة الثقيلة على أن تضمن تركيا عدم هجوم النظام وأن تبقى هذه المناطق تحت إدارة تركية أوسع في الفترة المقبلة.
وفي مقال بعنوان «نظرة إلى الشمال» للكاتب الروسي أندريه أونتيكوف، نشره موقع «روسيا اليوم»، اعتبر الكاتب أن تمكن تركيا من تنفيذ طرحها بسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للمسلحين في إدلب سيكون «إنجازاً كبيراً»، إلا أنه حذر من أن ذلك سيعني مماطلة تركيا في إعادة المحافظة لسيطرة النظام السوري.
وفي تطور آخر لافت، قالت مصادر تركية وسورية إن السلطات التركية بدأت خلال الأيام الأخيرة بتشييد جدران عازلة في بعض مناطق إدلب شمال سوريا، دون الكشف عن تفسير رسمي لهذا الإجراء الذي اعتبرته مواقع موالية للنظام السوري محاولة من تركيا لعزل إدلب والسيطرة عليها. وقالت المصادر إن الحديث يجري عن إدخال أكثر من 300 شاحنة تحمل قطعاً إسمنتية ضخمة تستخدم في بناء الجدران العازلة يتم إدخالها إلى مناطق متاخمة لنقاط المراقبة التركية في محيط إدلب ومنها تلة العيس ومناطق الصرمان وتل الطوقان الحاضر بريف إدلب، معتبرة أن الحديث يدور عن جدار خارج إطار نقاط المراقبة.
وبالتزامن مع تصاعد التكهنات حول مستقبل إدلب، فجرت صحيفة تركية مقربة من الحكومة ما وصف بـ«القنبلة» بحديثها عن وجود مفاوضات تركية – روسية لتسليم حلب لأنقرة بهدف إعادة إعمارها وضمان عودة حوالي 3 ملايين لاجئ سوري من تركيا وبلدان أوروبية إليها. وعلى الرغم من أن الطرح السابق وصف من قبل معظم المراقبين بـ«الخيالي» و«غير الواقعي»، إلا أنه سبق بأيام فقط قرب وصول وفد روسي متخصص إلى تركيا ضمن جولة تشمل الأردن ولبنان أيضاً بهدف دراسة خطة تضمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال المرحلة المقبلة، وذلك td حسب ما نشرت وكالة «نوفوستي» الروسية.
إسماعيل جمال