إذلال الجنود والجنرالات عقدة «خطيرة» تثير هاجس الشعب التركي المحب للجيش والرافض للانقلاب

حجم الخط
17

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تُثير مشاهد إذلال جنود وضباط الجيش التركي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة مشاعر متضاربة لدى الشارع التركي ذي الميول القومية الحادة، والذي منح طوال تاريخه مكانة خاصة للجيش وجنوده على الرغم من معاناته من الانقلابات المتعددة التي قادها ضباط من داخله طوال العقود الماضية.
فالشارع التركي الذي خرج بمعظمه إلى الشوارع للوقوف في وجه محاولة الانقلاب لم يتقبل مشاهد ضرب وإذلال مجموعات من الجنود والضباط الكبار الذين شاركوا في محاولة الانقلاب، في مشهد رأوا فيه إضراراً بمكانة الجيش واحترامه وتماسكه أمام الشعب.
وقتل أكثر من 200 شرطي ومدني، وأصيب المئات على أيدي الجيش، وأظهرت مشاهد عمليات قتل بدم بارد للمدنيين في إسطنبول وأنقرة، وقصف تجمعات مدنية بالطائرات الحربية والمروحية، ودبابات تدوس سيارات المواطنين وعربات للجيش تدوس فوق أجساد عدد من المتظاهرين.
وبشكل متتابع بثت وسائل الإعلام التركية ووسائل التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو لتصدي المواطنين لقوات الجيش التي شاركت في محاولة الانقلاب، وتخلل هذه الصور ضرب جنود وإسالة دمائهم وسحل بعضهم في الشوارع وتوجيه إهانات لفظية لهم.
وعلى عكس المتعارف عليه، قاد عناصر من الشرطة المدنية والقوات الخاصة التابعة لها ـ الأكثر ولاءً لأردوغان- مجابهة قوات الجيش عسكرياً واعتقالهم، حيث ظهر عناصر شرطة وقوات من المخابرات بلباس مدني يعتقلون عشرات الجنود ويفتشونهم وجردوهم من ملابسهم في بعض المواقع. كما بثت وسائل الإعلام الرسمية ووكالة الأناضول الرسمية مشاهد اعتقال كبار الضباط والتحقيق معهم وقد ظهرت عليهم آثار الضرب، حيث كان أبرزهم القائد العام السابق لسلاح الجو والمتهم بقيادة عملية الانقلاب.
وعلى قدر معارضة الشارع التركي لمحاولة الانقلاب وانتفاضه لإفشالها، عارضت شريحة واسعة منه هذه التصرفات وطالبوا بتقديم مرتكبيها إلى المحاكمة، فيما رأى آخرون أنه يجب محاكمة الضباط والجنود الذين أطلقوا النار والتعامل بانضباط مع باقي الجنود الذين تحركوا بأوامر قياداتهم دون علمهم بمشاركتهم في الانقلاب.
وبحسب التحقيقات فإن معظم الوحدات العسكرية التابعة للجيش والتي شاركت في محاولة الانقلاب تم تحريكها بأوامر تتعلق بوجود مناورات عسكرية مفاجئة، أو التحرك العاجل لتأمين منشآت حيوية من تهديد إرهابي قريب ومحتمل متعلق بالأمن القومي.
وفي مشاهد بثتها فضائية تركية، تحدثت عناصر من الجيش كانوا محاصرين في عربتهم وسط متظاهرين غاضبين، وقال أحدهم وهو يذرف الدموع بحرقة: «لقد تم خداعنا، هل تعتقدون أننا ننزل لإطلاق النار على مواطنينا، هل تتخيلون أننا نخون ونبيع الوطن، نحن منكم ونحارب لأجل الوطن وليس ضده».
وفي هذا الإطار نفذ مئات الآلاف من الأتراك حملة واسعة على موقع التغريدات القصيرة تويتر تحت عنوان «لا تلمس جنودنا»، دعوا من خلالها إلى التوقف عن مهاجمة وحدات الجيش التي رأى معظمهم أنهم مأمورون وفتح المجال أمام قوات الأمن من أجل التعامل بشكل قانوني مع قادة الانقلاب.
وفي بعض المواقع حمل المتظاهرين الجنود على أكتافهم وهتفوا لهم بشعارات الوطن، مطالبينهم بعدم تنفيذ أوامر قيادة الانقلاب.
وعقب ذلك استشعر كبار المسؤولين في الدولة تبعات الأمر وتفاعلاته في الشارع، وأمس الثلاثاء، شددت هيئة الأركان في الجيش التركي على أن «الغالبية الساحقة من الجيش لا علاقة لها بمحاولة الانقلاب»، مضيفةً: «الغالبية الساحقة للقوات المسلحة التركية التي تحب وطنها وأمتها وعلمها لا علاقة لها البتة بمحاولة الانقلاب، والجنود الذين شاركوا في هذا العمل الدنيء سيتلقون أقسى عقوبة».
وجاء في بيان هيئة الأركان «شعبنا العظيم سيتصرف بشكل يميز بين الخونة الإرهابيين، أعضاء العصابة غير المشروعة، القتلة الملطخة أيديهم بالدماء، الذين يرتدون زياً عسكرياً، وبين أفراد القوات المسلحة التركية الأبطال الذين يناضلون من أجل بقاء دولتنا. وهذا أمر هام جدا من أجل وحدة وأمن بلادنا وشعبنا». وحتى آخر إعلان رسمي، وصل عدد الموقوفين إلى أكثر من 9 آلاف، بينهم 100 شرطي، و6 آلاف و38 عسكرياً يحملون رتباً مختلفة، و755 من جهاز القضاء، و650 مدنياً.
ومن بين آلاف من الجنود وعناصر الجيش، ارتفعت حصيلة العسكريين الموقوفين من ذوي الرتب الرفيعة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة حتى الثلاثاء، إلى 118 جنرالاً وأميرالا، فيما صدر قرار حبس بحق 85 منهم على ذمة التحقيق، وإطلاق سراح اثنين.
وبدأت السلطات بإحالة عدد من الموقوفين إلى المحكمة بطلب سجنهم بتهم منها «انتهاك الدستور»، و«محاولة اغتيال الرئيس أو الاعتداء الفعلي عليه»، و«ارتكاب جرم بحق السلطة التشريعية»، و«ارتكاب جرم بحق الحكومة»، و«تأسيس منظمة مسلحة أو إدارتها»، و«القتل»، و»تغيير النظام الدستوري بقوة السلاح».
حزب الحركة القومية المعارضة الذي أيد إعادة حكم الإعدام لتطبيقه على قادة الانقلاب، وأكد على لسان نائب رئيس كتلته البرلمانية إركان أقتشاي، على ضرورة التفرقة بين المذنبين الحقيقيين، وغير المذنبين (في محاولة الانقلاب الفاشلة)، مشيراً إلى أن «المجندين لا يمكنهم مناقشة أو رفض الأوامر التي يتلقونها من قاداتهم، في حين أن من حق الضباط مناقشة الأوامر التي تصدر إليهم، وعدم إطاعة الأوامر غير القانونية».
من جهته، شدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم على ضرورة «عدم الخلط بين الجيش التركي الشريف وبين رجال عصابة الكيان الموازي الإرهابية»، وقال «هؤلاء الجناة، الإرهابيون بلباس عسكري، سيحاسبون بشدة لما اقترفوا، وأدعوكم لعدم الخلط بين الجيش التركي الشريف وبين رجال عصابة الكيان الموازي».
وخلال كلمته، الثلاثاء، أمام كتلته البرلمانية، طالب رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشيلي بمحاسبة الذين هاجموا جنود الجيش على قدر محاكمة الانقلابيين، وقال: «ضرب جنودنا بالأحزمة وطعنهم بالسكاكين وضربهم إهانة تاريخية ومن قام بذلك عديم الشرف ويجب محاسبته على المستوى نفسه مع الانقلابيين».

إذلال الجنود والجنرالات عقدة «خطيرة» تثير هاجس الشعب التركي المحب للجيش والرافض للانقلاب

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول هندي قديم..الهند:

    اخي مهند من العراق…الحقيقة ان الشعب التركي لايهين الجيش بل يهين الخونة…اخي ان ثمن اهانة الخونة الذين خانو اوطانهم وشعوبهم اقل بكثير من ثمن تركهم يصولون ويجولون في البلاد…وفي النهاية ان تركيا دولة قانون..وهي لم تعاقب الناس بسبب طائفتهم وانتماءاتهم الدينية كما تفعل العراق الان.. بسبب قادة الجيش العراقي الخونة الذين خانو الله اولا بقبولهم الاحتلال الامريكي…..ثم خانو شعبهم ووطنهم…وهاهم الان يقومون بتنفيذ اوامر السيد الامريكي بتصفية ابناء الشعب العراقي بناءا على مذاهبهم وطوائفهم ارضاءا للسيد الامريكي بسبب هؤلاء الجنرالات الخونة في العراق والذي سياتي يوم ويحاكمون امام الشعب العراقي لانه هو سيدهم وليس الامريكان وليخسئ الخونة والعملاء..لقد دفع العراق ثمنا باهظا جدا بسبب قبول البرلمان لهؤلاء الضباط الخونة في الجيش العراقي والذين باعو العراق والشعب العراقي بثمن بخس…ولكن غدا لناظره قريب..

  2. يقول هندي قديم...تاهند:

    بالعكس هذا هو الوقت الذي يجب ان تضرب فيه العبر لمن يخون وطنه ودينه وشعبه وامته…ويتعامل مع دولة اجنبية…

  3. يقول أسامة حميد- المغرب:

    ماذا يعني إهانة وإذلال الانقلابييين…هل كان من المفترض على الشعب أن يطبطب عليهم ويطيب خاطرهم بعد فشلهم قائلا لهم لا تحزنوا فلا زلتم شبابا والمستقبل أمامكم وفي المحاولة الانقلابية القادمة ستنجحون بإذن الله…أم كان على الشعب أن يقول لهم بالعامية المصرية ليه كده ياولاد ياوحشين مايصحش كده يا متربيين انتو كدة بقا (بئى) كسفتو عمو أردوكان…يالله ارجعوا لثكناتكم بهدوء وكفى شآوة يا عفاريت…

  4. يقول مهند العراق:

    ياسيد هندي انت الان تهين كل الشعب العراقي بسنته وشيعته وكرده ! فالضباط الذين خانوا البلد كما تقول وتعاونوا مع الامريكان غالبيتهم من سنة العراق ،والموجودين الان في الجيش غالبيتهم اما شيعة او كرد !
    لا اعلممن اي بلد انت وهل تقبل هذه الاهانة لجيش بلدك ،اما الذي هو غارق في الطائفية لحد اذنيه لا تعطي نصائح لغيرك وفرها لنفسك !!!

  5. يقول محمد / الاردن:

    لا توجد اصلا كرامه حتى تهان .. لمن يخون الاوطان

  6. يقول عليان//الأردن:

    من يقول أن الجيش التركي أذل بإجرآت تصغية الإنقلابين الخونه فهو مخطئ الجيوش تذل عندما تهزم من عدو خارجي كما حدث لجيوش الطغاة العرب في حرب ٦٧ الذين أثبتوا أن شجاعتهم تكون في قمع شعوبهم بعد هزيمتهم….

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية