إسرائيل الليكودية انقلبت على الأردن والسعودية «تخلت عنا» وبثينة شعبان تمارس الوعظ والإرشاد

 

سألني المذيع الزميل الدكتور رائد قاقيش، قبل وأثناء البث على الهواء: متى نتوقف كأردنيين عن الخجل من التحدث عن مشاكلنا العميقة؟!
بدا السؤال أبعد قليلًا عن مضمون الحلقة، التي بُثّت في فضائية «الأردن اليوم»، والسائل مرة أخرى يحاول التنويع في خيارات سقف الكلام في برنامجه الذي يتحول اليوم لأحد أهم البرامج السياسية الحوارية.
سؤال كبير فعلا: لِمَ نخجل من التحدث عن مشاكلنا؟
مرة طرحته على سياسي كبير من وزن عبد الرؤوف الروابدة فتحدث عن حساسية الوضع الجيو ـ سياسي للجغرافيا الأردنية ودورها في تشكيل مكون ثقافي لا يحبذ طرح المشكلات علنا.
لا يمكنني التسليم بمثل هذا الرأي لأنه يخجل أيضا من معالجة المشكلات ولا أرى وسيلة لحل أي مشكلة حقيقية قبل ومن دون مناقشتها بلا خجل ولا وجل.

تكلفة الخجل في الأردن

تذكرت المقولة الشعبية العظيمة لجارتنا أم العبد رحمها الله..»اللي بخجل من بنت عمّه لا ينجب أطفالا».. كيف سننجب حلولًا لمشاكلنا إذا خجلنا من واقعنا؟
ندرك أن ثمة طبقة كبيرة من الانتهازيين وأصحاب المصالح الذين يُخيفون السلطة قبل المواطن من التحدث عن المشكلات والمسألة طبعًا تحظى بغطاء ثقافي اجتماعي.
في المقابل عدم التحدث عن المشكلات أصبح بمثابة «عدوى» انتقلت حتى للتلفزيون الأردني الرسمي وشاشة الأردنيين اليتيمة، حتى بتنا ننتظر الشاشة الجديدة واسمها «المملكة» لعلها تساعدنا في «أن نتحدث مع بعضنا عن حالنا».
مثلا.. «نفسي ومنى عيني» أن تناقش حلقة ما «مشكلتنا مع السعودية» باعتبارها الشقيقة الكبرى أو مشكلتنا مع اليمين الإسرائيلي المنقلب تمامًا على تلك الأسس المتعارف عليها كلها في العلاقة والتعاون وحتى في الشراكة.
القناة الثانية في تلفزيون إسرائيل تواصل التحرش بالأردن، فتخصص مساحة واسعة لتغطية «مؤتمر» ستديره لجنة متطرفة في حزب الليكود بدعم من مكتب نتنياهو الذي قال سياسي أردني لنا: إنه «مصدوم جدا» لأن عمّان «كسفت بخاطره» ولا تزال ترفض عودة سفيرته إليها بعد حادثة جريمة السفارة المعروفة.
مؤتمر الليكود، حسب القناة الثانية في تل أبيب تقرر أن يتحدث بصراحة وصلافة عن «إقامة دولة فلسطين في الأردن» بحضور شخصين من فئة «غريب الأطوار» يمثلان المقعد الأردني في هذا المؤتمر البائس.
ما يقهرنا هو التالي: العدو يتجرأ على عقد ندوة بتغطية متلفزة من هذا النوع، وتلفزيون الأردن في حالة صمت دهرية، لا يفكر حتى ولو بحلقة صغيرة يرد فيها على الليكود.. السبب واضح؛ عدم وجود معارض إسرائيلي في حضن الأردن يمكن تقديم العلف له ومطالبته بخطاب ضد «الكيان».
والأهم عقدة الخوف المستوطنة إعلاميًا وسياسيًا من إسرائيل والخجل مرة أخرى من «مناقشة مشاكلنا» مع العدو الإسرائيلي.
على الجبهة السعودية تسترسل القناة الثانية في التلفزيون: هناك ببث الأغاني الوطنية والأهازيج ومراسم الحج من دون أدنى إشارة لحجز كاميرات التلفزيون الأردني الرسمي ومنعه من التصوير.
إسرائيل «إنقلبت علينا» والسعودية «تخلت عنا».. هذه العبارة المتلازمة سمعنها عشرات المرات همسا، وفي غرف مغلقة من غالبية المسؤولين الأردنيين، وأصبحت شماعة صالحة للتبرير يمكن أن نعلق عليها كل شيء مع السهر والحرص الشغوف على الاحتفاظ بقاعدة «نخجل من قول الحقيقة» حتى ونحن نعيشها.

الحاجة بثينة تحاضر!

المقلق جدًا أن أحدا لا يخطط ولو لاتصال هاتفي يتحدث ولو تلميحا عن استراتيجيتنا الوطنية في مرحلة ما بعد الانقلاب الإسرائيلي والتخلي السعودي، حيث لا مجال أمام الأردنيين إلا قضاء وقت أكبر مقابل شاشة «المنار» وحفظ دروس «المقاومة والممانعة»، التي تلقيها بثينة شعبان عبر فضائية «الشام» على طريقة الواعظ الشهير في سهرات رمضان في مسجد الملك عبدالله الثاني في عمّان.
حتى «الميادين» بثت صورة لبثينة بنت شعبان وهي «تعظ» المحامي الأردني سميح خريس وتقول ضمنا رسالتها الجديدة: إذا حلبتم صافي.. لن ننتقم منكم ولعلمكم ستبدأ قريبا مرحلة نشر وبث ثقافة المقاومة في الجوار.
ولا مجال أيضا إلا الحديث الخجول عن قرب التطبيع مع أصحاب العمائم السوداء الذين يحيطون بالحدود المفتوحة حديثا مع سوريا والعراق، فيما شاشة الأردنيين مصرة فقط على ترديد أهزوجة «بيرق الوطن رفرف على روس النشامى».
طبعا بيرق الأردنيين سيواصل رفرفته على رؤوس النشامى.. لكن يا إخوان هذه الأهزوجة لا تكفي.. لا بد من استراتيجية عمل عميقة يتطلب إنتاجها أصلا الاستعانة بمثقفين ورجال دولة ومفكرين مع منح طاقم السكرتاريا الذي يدير الأمور في الظل «إجازة»، أقسم بأن الشعب الأردني مستعد لقبول تخصيصها ضمن بند «مدفوعة الراتب» ومن الميزانية العامة.
حتى لا يسيء بعضهم فهمي مرة أخرى لا أتحدث عن إجازة عمل بل عن إجازة من رسم السياسات وصناعة أزمة أدوات الحكم وإفساح المجال أمام الرؤية المَلِكِية الإصلاحية حتى تمر وتعبر.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

إسرائيل الليكودية انقلبت على الأردن والسعودية «تخلت عنا» وبثينة شعبان تمارس الوعظ والإرشاد

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    ومتى كانت السعودية مع الأردن ؟ الذي ينقص الأردن هو أردوغان أردني !
    وإذا لا يوجد لديهم أردوغان أردنا فما المانع في أن يستفيدوا من الأردوغان التركي ؟
    تركيا كانت فقيرة ومديونة قبل 14 سنة كما هو حال الأردن اليوم, والآن فهي شيئ آخر !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول مروان /الاردن:

    لا يوجد أي مبرر لأن نخجل من إعلان المواقف لأننا وبحكم الواقع والتجربة شعب ودولة ونظام نبيل فتحنا ايدينا للقريب والبعيد وقدمنا لامتنا وللانسانية اكثر مما نستطيع ولنا القدرة أن نجعل الغير يقف على رؤوس اصابعه مشدوها ويعزز ذلك ولا ينقصها الجغرافيا السياسية والشرعية السياسية الراسخة للدولة والنظام الأردني ، ولكن يجب علينا أن نستدعي قاعدة الغير الذهبية (لا يوجد أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون وتوجد مصالح دائمة)، (ونستون تشرشل) أي بمعنى آخر القدرة على الاستدارة الحقيقية نحو مصالحنا كما فعل البعض في محيطنا ، ولكن نعود ونؤكد بأن الحياء يبقى خصلة من الايمان .

  3. يقول سيف كرار ،السودان:

    تقول نظرية المفكر البريطاني/كندي دان جيبسون ان منطقة البتراء السياحية جنوب الاردن هي القبلة الاولي وليس القدس للمسلمين…هذا كلام الخواجة ..اذاً هيكل سيدنا سليمان موجود في البتراء وهذا معلم ديني هام لليهود…لكن هل الملك عبداللة الثاني هو الحفيد رقم ٤١ لرسول اللة محمد (ص)؟!..سبحانك اللهم….

  4. يقول سامح //الأردن:

    *(إسرائيل ) المجرمة لا أمان لها
    فهي مثل الأفعى فجأة تلدغك.
    * من حق الأردن البحث عن مصالحه.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  5. يقول تيسير خرما:

    آن الأوان لإعادة الوضع في سوريا إلى ما كانت عليه قبل عام 2000 حين كانت تحظى برعاية عربية ودولية حيث بلغت الثقة بها إلغاء كل ديونها وإغداق مساعدات عربية لها وتدفق استثمارات بالمليارات بتوازي مع تسليمها ملف إدارة لبنان 25 عاماً وصولاً لاتفاق الطائف وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. إذن آن الأوان لوضع حد لفوضى سوريا بإخراج كل مقاتل غير سوري وإبعاد ميليشيات تتبع دول إقليمية طامعة بها تمهيداً لعودة رعاية عربية ودولية وإغداق مساعدات عربية لإعادة الإعمار وإعادة تسليمها ملف إدارة لبنان لحصر سلاح بيد الدولة

  6. يقول يوسف بن علي:

    كان يقال الطريق نحو هدفا معينا يمر عبر المحطة الفلانية .فالبنسبة للاردن. الطريق الصحيح للوصول إلى علاقات جيدة مع السعودية. لا بد أن يمر عبر ايفانكا ترامب .فهناك الحل والربط

  7. يقول عبدالله:

    الحقيقه لا اعلم من اين ابدأ بالتعليق على هذا المقال الممتاز ولذلك سابدأ بالمثل الشعبي ” عندما تفوت الفاس بالراس ”

    هذا المثل يطرق على من لا يتدارك الامور قبل فواتها !!

    قد تبدو قراءتي للمشهد سوداويه ولكنني ارى انشوطه تشد ( بالضم ) على عنق الاردن بأيدي صهيونيه , غربيه وعربيه .

    على اصحاب القرار والفكر في الاردن ( بغض النظر عن موقعهم في ادارة سياسات الدوله ) ان يبدأوا حوارا جديا يشمل الجميع

    لان ما يخطط ( بالضم ) للاردن سينعكس على الجميع واولهم اصحاب النفوذ في البلد .

  8. يقول نادر - الاردن:

    الاردن عاش فترة حصار في بداية التسعينيات واستفاد منها بأن اصبح اقتصاده اقوى ووقف على ارجله والسبب كان وجود مجلس نيابي قوي وديمقراطية. اذا فالحل هو اجراء انتخابات نزيهه يشارك فيها الجميع من خلال احزاب حقيقيه لها برامج وخطط للتنمية والحلول الاقتصادية والاجتماعية. لا نقول ان شعبنا غير ناضج لفكرة الاحزاب! بل بالعكس هو ناضج وجاهز في حال رفعت الهيمنه المفروضه عليه

  9. يقول محمد حاج:

    فلتحذر الاردن الصهاينة مرة ولتحذر بعض الأنظمة العربية الف مرة ، يملون عليها قراراتهم الورقية ، وفجأة يتركونها تواجه هذه المواقف المتناقضة .
    لماذا نشاهد رجال الاعمال الأردنيين يتوجهون لتركيا ؟
    لماذا لا يستثمرون في الاردن ؟
    من المؤكد ان الحكومة تعلم ولا تريد ان تعمل .

  10. يقول القاضي الدكتور جمال التميمي/ الاردن:

    بداية كل عام وانتم بخير وشكرا على هذه الفسحة من امل نشر الفكر السياسي الحر على منبركم المفضل لي في متابعة الشأن السياسي
    أصاب الكاتب بجانب مهم واخطأ بجانب أهم
    حيث أصاب في الحديث عن الازمة التي اعقبت حادثة القتل التي ارتكبت بدم بارد في سفارة العدو اللدود والذي يرتكب كل حماقاته لاحراج القيادة السياسية الاردنية .
    وهذا ليس بجديد عى اسرائيل الدولة واسرائيل الانسان فهناك دفع رباعي مخيف في السيطرة والتغول والارهاب واقصد بالارهاب الارهاب على الاردن .
    اما السعودية الشقيقة فنحن لاننكر مواقفها وهناك عتب شعبي نتحدث به في مجالسنا الخاصة عندما نتحدث عن اكبر هم يؤرقنا وهي المديونية الاردنية الخانقة الخارقة وكيف ستواجه الاجيال تداعياتها خاصة في ظل فقر وبطالة تجاوزت كل الخطوط فالعتب ينحصر في طرح معادلة بسيطة تتعلق بسؤال ماذا لو ؟ نعم ماذا لو زادت السعودية المبلغ المدفوع لترامب في زيارته وأكرمت العاهل الاردني واكرمت شعبه العربي المسلم الجار في مبلغ بسيط بحدود 20 مليار دولار وانتهينا من مشكلة مهمة جدا وهي ارتهان القرار السياسي للمديونية المخيفة التي تجبر متخذ القرار أن يعد للألف قبل اتخاذ قراره .
    كذلك أصاب الكاتب عندما تحدث عمن يحيطون ويمسكون بزمام الحكم أو ما يصطلح على تسميته بالدائرة الضيقة من متخذي القرار فهذه الفئة وهنا لا أعمم فئة فقد كثير من ازلامها مصداقيته وظهر ذلك جليا في رسائل جلالة الملك التي تطل علينا بين فترة واخرى وتقول بصوت يجلجل البطانة تعبانة وكثير من رجالاتها في سبات عميق يغيبون عند وجو الحضور ويسكتون عندما يصبح الكلام واجب .
    لكن ماذا يعمل الشعب والطبقة المثقفة مغيبة والطبقة المتعلمة في قومعتها ومركونة على الرف وهي ترى والشعب كذلك تغيير وجوه وتغيير اقنعة في كل مرة فمن عين الى وزير الى امين عام ونفس الشخص يقفز رغم فشله في اكثر من موقع .
    حتى لا أطيل ..
    الاردن قوي ؛ قوي بشعبه وقوي بقيادته لكنه مرهق ومتعب فقد مل الانتظار ومل بناء الامال وأصبح هامش الامل ألم كبير فما من بيت إلا والبطالة أقضت مضاجع رب اسرته وما من بيت إلا ويعاني من فاتورة كهرباء وماء وأعزب بحاجة للزواج .
    فما الحل إذن ؟
    الحل ببناء سياسات اجتماعية حقيقية بالتعاون بين وزارات تعنى بهذا الشأن رأسها وزارة التنمية الاجتماعية وقاعدتها وزارة التربية والتعليم وجناحها وزارة الثقافة لبناء فعل وطني حقيقي ..

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية