الناصرة – «القدس العربي» : كشف في إسرائيل أمس عن مخطط استيطاني جديد لاستكمال تهويد القدس المحتلة، ضاربة المجتمع الدولي والقوانين الدولية عرض الحائط. ويتضح أن هناك مستثمرا يعمل في هذه الأيام، وبدعم من بلدية الاحتلال في القدس على دفع خريطة جديدة لإنشاء آلاف الوحدات الاسكانية في الشطر الشرقي للمدينة. وتشمل الخريطة وهي في مراحلها الأولى حاليا، بناء أكثر من 2500 وحدة إسكان، في المنطقة الممتدة بين مستوطنة غيلو وشارع 60 (شارع الأنفاق) في جنوب القدس المحتلة. وتمتد خريطة البناء على مساحة 200 دونم، تعود ملكية غالبيتها الى جهات خاصة لم تتضح هويتها بعد، بينما تتبع نسبة 30% منها للفلسطينيين الذين اعتبرتهم الدولة «غائبين» ضمن قوانين الاستيلاء والاحتيال.
وعلم ان المبادر نحاميا دافيدي والمهندس دافيد غوغنهايم يعدان خريطة هيكلية، سيتم في حال المصادقة عليها إعداد خرائط مفصلة لإنشاء الحي. ويمكن لخطة بناء بهذا الحجم ان تواجه مصاعب، في ضوء المعارضة الأمريكية للبناء وراء الخط الاخضر لكن تجارب الماضي تظهر أن الاحتلال مضى بإنجاز بعض الخطط الاستيطانية رغم الاحتجاجات المعلنة من جهة واشنطن التي تواصل على الأرض ضخ مليارات الدولارات لإسرائيل سنويا. مع ذلك طرأ في الآونة الأخيرة فقط، تأخير لخريطة بناء كبيرة أخرى في المنطقة تسمى «منحدرات غيلو الغربية لأن لجنة التنظيم والبناء ترفض إصدار التراخيص بفعل أوامر من الجهات السياسية التي تمنع دفع مخططات للبناء وراء الخط الأخضر وهذه عادة تنتظر «التوقيت المناسب» لإطلاقها كما يحدث عادة بعد تنفيذ عمليات فلسطينية مقاومة للاحتلال. وقبل أسبوع عقدت جلسة حول هذا الموضوع فيما يعرف بـ «دائرة التنظيم والبناء» في بلدية القدس المحتلة تم خلالها تقديم بعض الملاحظات لمهندسي الخريطة، من بينها مطالبتهم بفحص إمكانية زيادة عدد الطوابق من 12 الى 15، بل حتى 18، وزيادة عدد وحدات الاسكان الى 3000. كما طلب منهم تنسيق الخريطة مع شركة موريا، التي تبني مفترق طرق كبيرا سيربط بين شارع 60 وطريق بيغن في هذه المنطقة بالذات. وقالت بلدية الاحتلال إنه لا يوجد في اللجنة المحلية في المدينة أي مشروع لم يصادق عليه بسبب موانع سياسية، وستواصل البلدية البناء في كل أحياء المدينة بناء على الخريطة الهيكلية. وإمعانا بمزاعمها أضافت بلدية الاحتلال انه يمكن لكل مواطن السكن حيث يشاء من دون أي تمييز في الدين والعرق والجنس، طالما فعل ذلك حسب القانون» . وحسب البلدية فإن البناء في القدس المحتلة هو «مسألة حتمية مهمة وستتواصل بكل قوة، بهدف السماح لعدد اكبر من الشبان بالسكن في القدس وبناء مستقبلهم فيها وتدعيم عاصمة إسرائيل. ولن تسمح البلدية بتجميد البناء لليهود في هذه العاصمة».
إسرائيل تعترف
وفي سياق الاستيطان الذي يعتبر جريمة وفق القانون الدولي اعترفت اسرائيل بمصادرة 45 دونما من الأراضي الفلسطينية الخاصة في مستوطنة عوفرا غرب رام الله، «بشكل خاطئ» وانها تنوي اعداد خريطة جديدة للمستوطنة تستثنى منها هذه الأراضي. ولكن وعلى غرار السياسة الاسرائيلية الرسمية القائمة على فرض الحقائق على الأرض أقام المستوطنون عددا من البيوت على جزء من هذه الأراضي، ما يعني انه يتوقع ان يطالب الفلسطينيون أصحاب الأرض، بإخلائها.
وكانت السلطات الأردنية قد قامت في عام 1966 بمصادرة قسم من الأراضي التي تقوم عليها اليوم مستوطنة عوفرا، وفي سنوات السبعينيات صادرت اسرائيل هذه الأراضي مرة أخرى، من أجل تشريع هذه المستوطنة. لكن وثيقة قدمتها النيابة العامة الى المحكمة العليا، في إطار المداولات الجارية في التماس الفلسطينيين ضد الخريطة الهيكلية للمستوطنة، تتضمن اعترافا من قبل الاحتلال بأنه تمت مصادرة جزء من الأراضي بشكل خاطىء. ويرجع مصدر الخطأ الى كون الأردنيين صادروا أجزاء من قسائم الأرض قيد البحث، بينما تمت تجزئة قسائم أخرى، بعضها صودر وبعضها ترك لأصحابها. وعندما صادرت اسرائيل الأراضي من جديد، استولت على كل القسائم فسيطرت بالتالي على 45 دونما ذات ملكية خاصة. وقالت النيابة للمحكمة إنه توجد حقا فجوة بين عدد الدونمات التي تمت مصادرتها وعدد الدونمات التي شملها عمل الطاقم المكلف بمسح «أراضي الدولة» في الضفة.
كما اعترفت اسرائيل امام المحكمة العليا بأنه تقرر إيداع خريطة جديدة لا تشمل هذه القسائم التي لم تكن مصادرة. وقالت إنها ستعمل على تجميد اجراءات الترخيص القائمة واجراءات تسجيل الأراضي التي صودر قسم منها حتى يتم إعادة تنظيم التخطيط الكامل.
وقال المحامي توفق جبارين المدافع عن الأهالي الفلسطينيين لـ «القدس العربي» إن مستوطنة عوفرا ما زالت دون خريطة هيكلية، مرجحا أن مرد ذلك الرغبة بالزحف المستمر على أراضي الفلسطينيين، موضحا أن معنى الاعتراف الإسرائيلي ينبغي أن يكون إعادة الأراضي الى اصحابها. وقال إنه لا يعرف كم عدد البيوت التي اقيمت على هذه الأراضي، لأنه ليس من الواضح أي مناطق في كل قسيمة صودرت بشكل جزئي وستبقى في أيدي الاحتلال، لكنه تقوم على هذه الأرض عدة بيوت. ويتضح من الصورة الجوية التي قدمتها النيابة العامة الى المحكمة أن بعض المناطق التي صودرت نتيجة «الخطأ» مكتظة بالسكان، وأن بعض القسائم تقع داخل المستوطنة. ويؤكد جبارين إقامة 50 بيتا على الأراضي التي صودرت نتيجة خطأ.
وديع عواودة