غزة ـ «القدس العربي»: في مؤشر يؤكد ان الحرب في قطاع غزة دخلت مرحلة جديدة، وانها ستشهد تصاعدا خلال الأيام المقبلة، أقدمت إسرائيل على اغتيال ثلاثة من أبرز قادة كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يعد يومين من فشلها في اغتيال محمد ضيف القائد العام لكتاب القسام وذلك في ظل استمرار مجازرها وهجماتها ضد سكان القطاع.
وبذلك وصل عدد الشهداء في غضون اليومين الماضيين إلى 57 شهيدا بينما فاق عدد الجرحى الـ 200.
وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باحتياج بري جديد، بعدما انهارت «التهدئة المؤقتة»، التي رعتها مصر قبل موعدها ليل الثلاثاء الماضي، في وقت واصلت فيه المقاومة الفلسطينية ضرب المدن والبلدات الإسرائيلية بالصواريخ.
وأفاق سكان قطاع غزة على خبر استشهاد ثلاثة من أبرز قادة القسام جنوب قطاع غزة، في غارة جوية إسرائيلية استخدمت فيها 12 صاروخا، استهدفت منزلا سكنيا في حي تل السلطان غرب مدينة رفح أقصى الجنوب.
والشهداء هم محمد أبو شمالة، قائد كتائب القسام في مناطق جنوب غزة، ورائد العطار قائد القسام في مدينة رفح، ومحمد برهوم، القيادي في القسام. وزفت كتائب القسام الشهداء الثلاثة إلى «الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية»، وقالت ان اثنين من الشهداء هم من أعضاء المجلس العسكري ومن أبرز المطلوبين لإسرائيل وهما الشهيدان أبو شمالة، والعطار، وجرى استهداف منازلهم خلال الحرب الحالية.
وكثيرا ما كانت تصف إسرائيل العطار بانه «رأس الأفعى»، وتقول انه يرأس الوحدات الخاصة الهجومية لكتائب القسام، وانه الشخص الذي يقف خلف تهريب الأسلحة وخطف واحتجاز الجندي جلعاد شاليط.
وأكدت القسام ان الشهداء الثلاثة الذين ارتقوا إلى العلا فجر أمس «إثر قصف صهيوني غادر في حي تل السلطان برفح، هم من الرعيل الأول لكتائب القسام الذين تزينت بهم ساحات العز والجهاد وتشرف بهم الوطن الحبيب، وأذاقوا العدو الويلات وجرعوا جنوده المرارة منذ ما يزيد على 20 عاماً».
وأعلن الطبيب أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة ان القصف على حي تل السلطان أدى إلى استشهاد عشرة فلسطينيين بينهم مسنان، وإصابة قرابة 42 آخرين.
وجاءت عملية الاغتيال هذه المتمثلة في «الصيد الثمين» بعدما فشلت إسرائيل في الوصول إليهم منذ حربها على غزة «الجرف الصامد» قبل 45 يوما، وبعد يومين من محاولة اغتيال فاشلة لقائد القسام العام محمد ضيف.
وعقب صلاة ظهر أمس شيع عشرات الآلاف من سكان مدينة رفح جثامين قادة القسام، وسط دعوات للانتقام.
ونعت حركة حماس الشهداء، وأكدت ان عملية اغتيالهم «جريمة إسرائيلية كبيرة لن تفلح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني ولن تضعف المقاومة»، وتوعد الناطق باسم حماس سامي أبو زهري في تصريح صحافي بان تدفع إسرائيل ثمن اغتيال هؤلاء القادة.
وأعلن نتنياهو ان القرار باستهداف قادة حماس الذين يقفون وراء تخطيط اعتداءات خطيرة «اتخذ بفضل المعلومات الاستخبارية الاستثنائية».
وأكد ان وضع هذا القرار موضع التنفيذ «تسنى بفضل القدرات العملياتية الفريدة من نوعها للجيش»، مشيرا إلى ان جهاز الأمن العام «الشاباك» والجيش «يعملان بتعاون تام خلال عملية الجرف الصامد، وأعاد التأكيد على استمرار الحرب على غزة لحين تحقيق هدفيها وهما إعادة الهدوء لمدة طويلة والمساس بشكل ملحوظ بالبنى التحتية للمسلحين.
وكان الناطق باسم نتنياهو قد قال انه قدم الشكر لجهاز الأمن العام «الشاباك» على اغتيال القائدين أبو شمالة والعطار.
إلى ذلك واصلت قوات الاحتلال هجماتها ضد القطاع، في اليوم الثالث لتجدد العدوان، بعد انهيار «التهدئة المؤقتة»، ولتحصد مزيدا من الشهداء غالبيتهم من الاطفال، منهم 3 من عائلة الريفي الذي استشهدوا بينما كانوا يلهون في الشارع قرب مسجد أهل السنة في شارع النفق في مدينة غزة.
وأعلن عن العثور على جثة الطفلة سارة محمد الضيف، تحت ركام المنزل الذي قضت بداخله والدتها وشقيقها في الغارة الإسرائيلية أول أمس.
وقال الطبيب أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في غزة ان حصيلة الشهداء منذ صباح الأربعاء بلغت 26 شهيدا، فيما بلغت الحصيلة الكلية منذ خرق التهدئة الثلاثاء الماضي 57 شهيدا، لترتفع الحصيلة الكلية منذ بدء الحرب إلى 2074، علاوة عن سقوط أكثر من 10200 جريح.
وردت المقاومة الفلسطينية أمس بإطلاق وابل من الصواريخ على البلدات الإسرائيلية القريبة من غلاف قطاع غزة، كما استهدفت مدن في العمق الإسرائيلي ومنطقة المركز، ومدينة تل أبيب.
وأعلنت إسرائيل عن سقوط صواريخ في أراضيها تسببت في جرح اسرائيلي واحد بعدما سقط إحدى الصواريخ على أحد التجمعات السكنية في المجلس الإقليمي «أشكول»، وقالت انها تعرضت لإطلاق أكثر من 160 صاروخا، وانه تم اعتراض نحو 20 منها.
وكانت كتائب القسام قد هددت باستهداف مطار «بن غوريون» الدولي عند الساعة السادسة من صباح أمس، بعد ان طلبت من الخطوط الجوية الدولية عدم استخدام هذا المطار، الذي تسببت إحدى الهجمات الإسرائيلية خلال أيام الحرب الماضية في إغلاقه أمام حركة الملاحة الجوية.
وحظرت كتائب القسام في بيان متلفز للناطق باسمها أبو عبيدة على الإسرائيليين التجول في الشوارع، أو التواجد في البلدات المقامة على مقربة من محيط غزة. وقال «على شركات الطيران العالمية عدم الوصول إلى مطار بن غوريون الدولي بدءاً من الساعة السادسة من صباح الخميس».
وحذر الإسرائيليين من التجمهر أو حضور مباريات كرة القدم، وأضاف «يمنع على مستوطني غلاف غزة العودة إلى بيوتهم، وعلى من يبقى منهم مضطراً عليه البقاء في الملاجئ وعدم التحرك منها». وأضاف ان هذه القرارات تبقى سارية لحين صدور قرار من القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف. جاءت هذه التهديدات بعد ان أعلن ان المبادرة المصرية للتهدئة دفنت، مطالبا الوفد الفلسطيني بالانسحاب من القاهرة، ردا على تجدد العدوان الإسرائيلي ضد غزة.
وأعلنت أمس كتائب القسام انها استهدفت مطار «بن غوريون» بصاروخ من نوع «M75».
وفي إسرائيل صرح وزير الجيش موشيه يعالون ان حركة حماس «أخطأت مرة تلو الأخرى في حساباتها حول مدى صمود مواطني إسرائيل وحزمهم».
وأضاف في تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية «ستخطئ مرة أخرى إذا ظنت انها ستجر إسرائيل إلى حرب استنزاف، إذ اننا مستعدون لمعركة طويلة الأمد»، مشيرا إلى ان كل الخيارات ما زالت واردة بما فيها المعركة البرية.
وأشار إلى ان إسرائيل لن تتردد في اغتنام كل فرصة سانحة لاستهداف نشطاء حماس وقيادتهم، بزعم «تحقيق الهدوء والأمن إلى جميع مواطني الدولة في كل مكان»، وأكد يعلون ان الحكومة برئاسة نتنياهو تقود العملية بـ «حكمة ومسؤولية ووفقا لخطة مدروسة وليس وفقا لشعارات تطلق من جهات مختلفة».
وكانت الوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفني العضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية قالت خلال زيارة لجنود من لواء «غفعاتي»، ان عليهم الاستعداد لاحتمال شن اجتياح بري لقطاع غزة.
وكانت إسرائيل سحبت قواتها التي توغلت في قطاع غزة في أول اتفاق للتهدئة المؤقتة برعاية مصرية، حيث كانت قوات الاحتلال قد توغلت مع بداية الحرب في المناطق الحدودية الشرقية الشمالية لقطاع غزة، وارتكبت خلال عمليات التوغل سلسلة مجازر في حي الشجاعية وبلدة خزاعة وبلدة بيت حانون، وعلى الأطراف الشرقية لمدينة رفح، راح ضحيتها مئات المواطنين.
وفي إسرائيل أبضا تواصلت الانتقادات من الوزراء لبنيامين نتنياهو، وأعرب الوزير عن حزب «الليكود» غدعون ساعر عن اعتقاده بانه لا يجوز العودة إلى المفاوضات مع حركة حماس في القاهرة، لانها «لن تحقق إلا المكاسب لحركة حماس التي قد تسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية».
ورفض ساعر الانتقادات التي وجهها نتنياهو إلى بعض أعضاء المجلس المصغر لإدلائهم بتصريحات في وسائل الإعلام ضد سياسته.
وكان نتنياهو قد وبخ وزير الاقتصاد زعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينت خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر، أمس، وطلب منه الكف عن إطلاق تصريحات تتناقض وسياسة الحكومة، في ما يتعلق بالحرب على غزة.
أشرف الهور