غزة ـ «القدس العربي» للمرة الأولى منذ أن انتهت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة قبل عام، أعلنت إسرائيل عن وجود أربعة من مواطنيها، اثنان منهم جنود أسروا على أرض المعركة، في قبضة الجناح المسلح لحركة حماس، وذلك بعد ساعات فقط من خروج مقاتلي حماس في عرض عسكري كبير، ألمحوا خلاله إلى وجود هؤلاء الأسرى في لديهم، وعرضوا متحدين إسرائيل في أي حرب قادمة صواريخ جديدة جرى إنتاجها محليا.
وبعد سكوت دام طوال الأشهر الماضية، أعلن منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية الجنرال يؤاف مردخاي، أن مواطنين إسرائيليين موجودان حاليا في قطاع غزة، وأن حركة حماس تحتجز أحدهما وهو رجل من مواليد أثيوبيا يبلغ من العمر 29 عاما من سكان مدينة «أشكلون». وحسب بيان مردخاي صباح أمس الخميس أي بعد ساعات من العرض العسكري الكبير لكتائب القسام، فإن هذا الرجل يدعى أفراهام منغيستو.
وقال إنه احتجز لدى حماس بعدما اجتاز «بمحض إرادته» السياج الأمني المحيط بقطاع غزة في السابع من شهرأيلول/ سبتمبر من العام الفائت ودخل القطاع.
ويشير التاريخ الذي أعلنت عنه إسرائيل أن هذا الرجل جرى أسره بعد أيام فقط من دخول التهدئة التي أرسيت بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وأنهت حرب «الجرف الصامد» بتاريخ 26 آب/ أغسطس، برعاية مصرية.
وأعلن منسق حكومة إسرائيل أن بلاده توجهت بطلب إلى العديد من الجهات الدولية والإقليمية لـ «استيضاح مصير هذا المواطن»، مطالبة بإعادته إلى إسرائيل على الفور.
وأكد أن إسرائيل ستواصل بذل جهود بهدف طي ملف هذه القضية.
وبشأن الإسرائيلي الآخر فقد ذكر بيان منسق أعمال حكومة الاحتلال، أنه من «أبناء الأقليات»، لكن دون أن يفصح عن اسمه.
وقال إن هذا المواطن الإسرائيلي سبق له أن اجتاز عدة مرات الحدود إلى غزة.
ولم يفصح عن تفاصيل أكثر بشأن هذا المواطن الذي بات في قبضة حماس، ويتردد أنه أحد السكان العرب المقيمين في إسرائيل.
وبذلك يكون هناك أربعة ممن يحملون جنسية إسرائيل في قبضة حماس، بعد الجندي شاول أورون، والضابط هدار غولدن، الذين أعلنت إسرائيل اختفاء جثثهم في أرض المعركة خلال الحرب الماضية.
وكثيرا ما كان يتردد عن وجود إسرائيل من أصول إثيوبية في قبضة حركة حماس، وأعلن عن ذلك في وقت سابق الرئيس محمود عباس في خطاب له، غير أن المواطن الجديد من «الأقلية» في إسرائيل، يكشف عنه للمرة الأولى.
كذلك ذكرت التقارير التي تناولت خلالها وسائل الإعلام الإسرائيلية، بعد أن سمح لها بالنشر حول الموضوع، وهي تروي كيفية وصول اليهودي الإثيوبي إلى غزة، أن وحدات من الجيش المنتشرة على الحدود لاحظت في شهرأيلول/ سبتمبر من العام الماضي بعد وقت ليس بطويل على وقف إطلاق النار، وجود شخص على الجدار الشائك مع القطاع، ووجهه متجه نحو القطاع على خلاف ما كان يجري من تسلل الفلسطينيين نحو إسرائيل.
وذكرت أن قوة من الجيش هرعت لموقع ظنا منها بأن الحديث يدور عن عملية خطف، وأن الجنود حاولوا الاقتراب من الجدار وإلقاء القبض على الشخص الذي استطاع تجاوز الحدود والهرب إلى الجانب الفلسطيني.
إلى ذلك ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إسرائيل حاولت التواصل مع حركة حماس من خلال وسطاء إقليميين لمعرفة مصير مونغيستو، لكنها أي حماس رفضت الإدلاء بتفاصيل حوله واكتفت بالقول إنها اعتقلته وحققت معه وأفرجت عنه حيث غادر إلى مصر، دون معلومات إضافية حتى الآن.
لكن الصحيفة نقلت عن عائلته التأكيد أن ابنها «غير مجنون ولا يوجد لديه مشاكل نفسية كما ادعى الجيش»، وأن الجيش كذب حين أخبره أنه عالج موضوع خطفه.
وترافق ذلك مع انتقادات من الإسرائيليين من أصل إثيوبي لإهمال الحكومة طوال الفترة الماضية قضية هذا الشاب، في ظل تركيزهم على الجنديين الآخرين.
وكثيرا ما كانت حركة حماس تعد بمفاجأت بشأن تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، حيث ستمكنها أي صفقة جديدة للتفاوض من إخراج العدد الأكبر من الأسرى مقابل هؤلاء الإسرائيليين، إضافة إلى الجندي أرون، الذي أعلنت أسره خلال المعركة البرية التي شنتها إسرائيل ضد غزة خلال الحرب الماضية.
وكانت إسرائيل وقت الحرب أعلنت عن فقدان ضابط آخر في اشتباك مع مسلحي حماس بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وقالت وقت الحرب إن هذا الضابط غولدن، إضافة إلى الجندي أرون، قتلا خلال الاشتباكات، وإن ما لدى حماس جثثا، لكن الحركة لم تقر حتى اللحظة بأسر الضابط غولدن.
وجاء الاعتراف الإسرائيلي بعد العرض العسكري الكبير لكتائب القسام الجناح المسلح لحماس، في الذكرى الأولى للحرب على غزة، حيث عرض مقاتلو حماس ثلاث لوحات وضعت على مجسم لذراع تخترق مجسما لدبابة إسرائيلية، أحدها تحمل اسم ورقم الجندي أرون، ولوحتين وضع عليهما علامة استفهام، في إشارة إلى وجود أسرى آخرين في قبضتها.
وسبق ذلك أن كان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس كشف عن قيام إسرائيل، بالطلب من الحركة عبر وسيط أوروبي، الإفراج عن جنديين وجثتين لديها منذ الحرب الماضية.
لكن مشعل رفض تقديم أي معلومة حول الملف للوسيط إن كان هؤلاء أحياء أم أمواتا، قبل أن تفرج إسرائيل عن الأسرى الفلسطينيين الذين أعادت اعتقالهم بعد إطلاق سراحهم في صفقة تبادل الأسر السابقة عم 2011 مقابل الجندي جلعاد شاليط.
وفي وقت لاحق من الإعلان ، جرى الكشف عن تعيين إسرائيل للعقيد إحتياط ليئور لوتان، على رأس طاقم للتفاوض بشأن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وحسب ما تردد في تل أبيب فهناك «قنوات غير مباشرة» تقوم بالتفاوض مع حماس بشأن صفقة تبادل أسرى.
وبالعودة إلى العرض العسكري الكبير لكتائب القسام في ذكرى الحرب ، فقد خرجت أعداد كبيرة من المسلحين التابعين لحماس في العرض، واستعرضوا قوتهم العسكرية في رسالة لإسرائيل.
وشيد مسلحو حماس نصبا عبارة عن ناقلة جند إسرائيلية كبيرة وسط ميدان غزة الرئيس، تخرج منها يد قوية، في دلالة على قدرتهم خلال الحرب على استهداف هذه الآليات وتدميرها.
وبالفعل كانت إسرائيل قررت إدخال نوع جديد من ناقلات الجند المصفحة بطريقة أكبر الخدمة العسكرية بعد الحرب على غزة.
وخلال العرض العسكري الكبير، كشف أبو عبيدة المتحدة باسم الجناح المسلح عن امتلاكهم صاروخين جديدين جرى صناعتهم محليا، الأول يحمل اسم «شمالة» بالرمز «sh» تيمنا بالقائد في كتائب القسام محمد أبو شمالة الذي اغتيل في الحرب الماضية من قبل إسرائيل، والثاني يحمل اسم «عطار» بالرمز «A» تيمنا بالقائد في القسام رائد العطار، الذي قضى في ذات العملية.
وقال متحديا إسرائيل في أي حرب قادمة «نترك للزمن أن يحدد فاعلية وأداء وكفاءة هذه الصواريخ المباركة».
وفي العادة تنتج القسام صواريخ باسم قادة حركة حماس وقادة الجناح العسكري، فهناك صواريخ باسم عبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة، وأحمد الجعبري، وقاذف مضاد للدروع باسم مؤسس الحركة أحمد ياسين.
وأكد أبو عبيدة أن «أوراق معركة العصف المأكول (الجرف الصامد) واستحقاقاتِها لا تزال مفتوحة، وعلى رأسها ملف الأسرى»، مؤكدا أن المقاومة وكتائب القسام بعد الحرب «تحقق في كل يوم انجازاً جديداً، وتطوراً نوعياً»، مضيفا «فها هي تفرض الوقائع الجديدة على الأرض، وتغير قواعد وتكسر حواجز، وتجبر العدو على القبول بما لم يكن يقبل به من قبل».
وأكد أن مقاتلي حماس يصلون الليل بالنهار، في عمليات الإعداد والتدريب والتصنيع، مشيرا إلى أن تلك الحرب «شكلت تحولاً استراتيجياً ومفصلاً تاريخياً في تاريخ جهاد وكفاح شعبنا».
إلى ذلك فقد طالب أبو عبيدة برفع الحصار عن غزة، وقال موجه رسالة باسم القسام «على الذين يحاصرون شعبنا، وعلى رأسهم العدو الصهيوني أن يفهموا الدرس من صمود شعبنا واحتضانه لمقاومته وإصراره على العيش بكرامة كبقية شعوب العالم، وكذا أن يفهموا الدرس من إبداع مقاومتنا وإرادتها».
وأضاف «ارفعوا حصاركم عن شعبنا وراجعوا حساباتكم، فشعبنا ومقاومته من أمامه سينفجرون في وجوهكم، وسيكون ما شاهدتم وخبرتم في معركة العصف المأكول متواضعاً مقارنة بما ستشهدون وتواجهون إذا قررتم الاستمرار في هذا الطريق البائس».
ودعا العالم أجمع لأن «يلتقط هذه الرسالة جيداً، وأن يقرأ ما بين السطور وما وراء الكلمات».
أشرف الهور