إسرائيل على موعد مع انتخابات عامة مبكّرة

حجم الخط
0

الناصرة ـ «القدس العربي»: بعد عام ونصف العام على تشكيلها بلغت الحكومة الثالثة والثلاثون في إسرائيل نهايتها، وشرعت الأحزاب فيها تحركاتها لانتخابات عامة مبكّرة يعتبرها المراقبون والمحللون في إسرائيل غير مبررة ويدعون لمحاسبة المسؤولين عن ذلك. جاء ذلك بعد لقاء فاشل بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (الليكود) ووزير المالية رئيس حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل) يئير لبيد الليلة قبل الماضية لتسوية المشاكل العالقة وتجنيب البلاد انتخابات عامة مكلفة. ويأتي القرار بالذهاب لانتخابات في آذار/ مارس 2015 بدلا من الموعد القانوني في 2017 نتيجة مشاكل كثيرة عصفت بالائتلاف الحاكم منذ مطلع العام الحالي.

نقاط الخلاف

طالب نتنياهو الوزير لبيد خلال اللقاء الذي أعقب قطيعة بينهما دامت شهرا بدعم قانون الدولة اليهودية وتجميد قانون الضريبة المضافة بنسبة صفر، المعد لتسوية أزمة السكن، ووقف التهجم والتآمر على الحكومة، خاصة انتقاده للبناء في القدس المحتلة والعلاقات مع الولايات المتحدة، وتحويل مبلغ ستة مليارات شيكل لميزانية الأمن، وتحرير ميزانية لنقل قواعد الجيش إلى الجنوب، كشروط أساسية لاستمرار الائتلاف الحكومي. لكن لبيد ابلغ نتنياهو في ختام الجلسة التي استغرقت ساعة واحدة فقط، انه لا يستطيع التجاوب مع مطلبه، ما يعني شق الطريق نحو انسحابه من الائتلاف.
وبعد ساعة من الاجتماع، دعا رئيس حزب المتدينين الأصوليين المعارض «شاس»، ارييه درعي، قادة الكتل إلى «الاجتماع وتحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات». وتقود خطوة «شاس» هذه إلى الانتخابات كون نتنياهو لن يستطيع تشكيل ائتلاف بديل بدون الأحزاب الدينية.
وتدور الخلافات الداخلية اليوم في الأساس بين نتنياهو وبين لبيد وبين وزيرة القضاء رئيسة حزب «هاتوعاهه «الحركة» تسيبي ليفني حول قانون تعريف إسرائيل كدولة الشعب اليهودي إضافة لميزانية العام الجديد وحصة وزارة الأمن منها وإصلاحات مالية مرتبطة بأزمة السكن. وفي وقت لاحق أمس أقال نتنياهو لبيد وليفني من الحكومة.

الأنا المتضخمة

وقبل ذلك نشب خلاف علني مربك بين نتنياهو وبين رئيس حزب «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينيت خلال إدارة الحرب على غزة بالصيف الماضي وحولها.
لكن مراقبين كثر يؤكدون أن الخلافات مردها «الأنا» المتضخمة لدى أركان الحكومة وربما هذا ما يفسر التراشق الساخن والواسع أمس ليس بين الائتلاف وبين المعارضة بل بين مركبات الحكومة ذاتها. وقال نتنياهو في ختام اجتماعه مع لبيد انه «اذا تواصل السلوك غير المسبوق لبعض وزراء الحكومة فلن يكون هناك أي مفر من طلب ثقة الناخب. هذا ليس البديل الذي ارغب فيه، لكن الامكانية الأسوأ هي وجود حكومة تضم وزراء يعرقلون نشاط وسياسة الحكومة خلافا لمصالح الجمهور».

مناورة سياسية

وفي بيان صدر عن حزب «يوجد مستقبل» جاء ان نتنياهو يقود إسرائيل نحو انتخابات غير مبررة، كما اتهمه بأنه يتصرف بعدم مسؤولية قومية ووضع احتياجات الجمهور الإسرائيلي في اسفل جدول أولوياته. وتابع حزب «يش عتيد» ان نتنياهو يفضل صفقة عقدها مع المتدينين لتقديم موعد الانتخابات على مصالح كافة الجمهور الإسرائيلي».
واعتبر البيان «ان مطالب رئيس الحكومة من «يوجد مستقبل» تكشف مصالحه السياسية الواضحة والتزامه لاعضاء مركز الليكود، والمصالح الغريبة والنشطاء».
وعلى غرار محللين كثر أكد المحللان البارزان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» نحوم برنيه وسيما كدمون أمس ان نتنياهو أعد بيانه مسبقا، وان اللقاء كان مجرد مناورة سياسية لاتهام لبيد، بدليل أن حزب نتنياهو أصدر بعد اللقاء بدقيقتين بيانا إلى وسائل الاعلام حمّل لبيد مسؤولية الانتخابات المبكرة. يشار إلى ان نتنياهو هاجم لبيد، من دون ذكر اسمه، قبل ساعة من الاجتماع بينهما، اذ قال خلال جلسة لكتلة الليكود انه اذا لم يتوقف الوزراء الذين يهاجمونه عن التآمر، فإنه سيتوجه نحو الانتخابات. وقال: «في المسرح السياسي يقوم وزراء بمهاجمة سياستي صباحا ومساء، حتى البناء في القدس يصبح لديهم موضوعا مختلفا عليه، وهم يدعمون في كل شيء الانتقاد الدولي لإسرائيل. هؤلاء الوزراء يحاولون استبدال الحكومة ورئيسها من داخل الحكومة التي يجلسون فيها.
وعلى هؤلاء الوزراء وقف الهجوم والمؤامرات والوقوف وراء تخفيض غلاء المعيشة في كل مجال. اذا وافقوا يمكننا المواصلة معا، واذا رفضوا سنستخلص العبر ونتوجه إلى الناخب». وفي أول تعليق لها على التطورات الدرامية قالت ليفني أمس إن الانتخابات العامة المقبلة ستدور حول تشكيل حكومة متطرفة استفزازية وتعاني من انفصام بالشخصية أو حكومة علمانية تعرف كيف تطبق مبادئ الصهيونية بشكل يسيء لصورة إسرائيل ولعلاقات المجموعات السكانية فيها. وخلال كلمة لها في مؤتمر «نجمة داوود الحمراء» سخرت ليفني من الخلافات الهامشية التي بسببها قرر نتنياهو الذهاب لانتخابات عامة.
من جانبه قال رئيس حزب العمل، يتسحاق هرتسوغ، ان حكومة نتنياهو عالقة ولا تقوم بمهامها، وكل يوم اضافي لها يجر إسرائيل عدة خطوات إلى الوراء.
يشار إلى أن الكتل العربية الثلاث الممثلة في الكنيست شرعت بمشاورات قبل شهور لخوض الانتخابات في قائمة مشتركة أو في قائمتين بعد رفع نسبة الحسم (3.5%) لدرجة يهدد مستقبلها بحال خاضت الانتخابات فرادى.
وخلال اجتماع في الكنيست لهذه الكتل قال إبراهيم صرصور رئيس القائمة العربية الموحدة إنه ليس هناك مبرّر أخلاقي أو وطني أو ديني لاستمرار هذا التشرذم بين الأحزاب العربية لافتا لوجود ألف سبب وسبب لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة.
يشار إلى أن نسبة العرب من أصحاب حق الاقتراع في إسرائيل تبلغ 14% (أقل من النسبة السكانية: 17%) وتشهد نسبة الذين يمارسون حق التصويت تراجعا كبيرا بلغ حد الـ 50% فقط بالانتخابات الماضية العام الماضي لأسباب ليست أيديولوجية فحسب.
ويعتبر المعلق السياسي في «معاريف» شالوم يروشالمي أن الانتخابات لن تغير الخريطة السياسية داخل إسرائيل مرجحا بقاء اليمين في الحكم رغم تغير موازين القوى بين الأحزاب المختلفة داخل كل واحد من المعسكرين المتنافسين (اليمين مقابل الوسط واليسار).
ويستبعد سروشالمي أن تؤثر الأحزاب العربية الممثلة اليوم بـ 11 عضوا على لعبة الائتلاف الحكومي لأنها ستبقى بالمعارضة في كل الأحوال.

وديع عواودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية