نواكشوط – «القدس العربي»: استنكر إسلاميو موريتانيا المنضوون في حزب «التجمع الوطني للإصلاح» أمس «منع السلطات الموريتانية للمؤتمر الصحافي الذي حاول حزب «الأصالة والتجديد» تنظيمه قبل يومين ومنع من ذلك». ويضم حزب «جبهة الأصالة والتجديد» ذو الخلفية السلفية مجموعة من سلفيي موريتانيا ولم ترخص له السلطات المختصة لحد الآن رغم إيداع ملف يتعلق بذلك قبل سبعة أشهر.
واعتبر بيان لحزب «التجمع الوطني للإصلاح» «أن منع المؤتمر الصحافي لحزب «الأصالة» تضييق على الحريات و مصادرة لحقوق حزب سياسي أراد العمل في إطار القانون».
ومنعت السلطات الأمنية الموريتانية حزب «جبهة الأصالة والتجديد» ذا الخلفية السلفية من تنظيم مؤتمر صحافي كانت قيادته ستعلن فيه عن بدء نشاطه الرسمي بقوة القانون رغم عدم صدور الترخيص الرسمي.
وقال رئيس حزب «جبهة الأصالة والتجديد» محفوظ ولد إدوم في تصريح وجيز للصحافيين «إن السلطات الأمنية منعتهم من إقامة هذا النشاط»، مؤكدا لـ»الجميع الانتظار حتى إشعار آخر».
وأودع سلفيو موريتانيا ملف تأسيس حزب «جبهة الأصالة والتجديد» لدى وزارة الداخلية منذ حوالي سبعة أشهر، لكن لم يصدر أي قرار بقبول الترخيص لهذه التشكلة المثيرة للجدل أو بمنعه.
وكان سلفيو موريتانيا قد قطعوا الشك باليقين في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي وتقدموا لإدارة الشؤون السياسية بوزارة الداخلية الموريتانية بملف للحصول على ترخيص لحزب سياسي خاص بهم تحت مسمى «جبهة الأصالة والتجديد».
وأثارت خطوة التقدم بطلب الترخيص لهذا الحزب استغراب المراقبين هنا، حيث أن الظرف الذي تقدمت فيه هذه الجماعة بملف هذه التشكيلة، ظرف تشهد فيه شمس السلفية بكافة أطيافها، أفولا في أكثر من موقع. ورغم أن الجماعة التي تقدمت بالملف مصنفة على أنها سلفية فقد نفى محفوظ ولد إدومو رئيس حزب «جبهة الأصالة والتجديد» «أن يكون الحزب الذي طلبت مجموعته الترخيص له، حزبا سلفيا».
وقال في تصريحات لـ»لقدس العربي» «إن حزب جبهة الأصالة والتجديد حزب لكل الموريتانيين بلا استثناء». وأكد ولد إدومو «أن صفة السلفية التي أضفتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية على حزبهم صفة غير صحيحة، فالحزب للجميع بدون استثناء».
وحول العلاقات التي تربط الحزب بالأحزاب السلفية في العالم قال «لم يأخذ حزبنا الترخيص بعد حتى يربط علاقات مع هذه التشكيلة أو تلك، في الداخل أو الخارج، لكن حزبنا يمد يد التعاون إلى جميع الخيرين ولكل الساعين إلى تحقيق المصلحة العامة للبلد».
وبخصوص الدور الذي سيتولاه الحزب الجديد إذا رخص له، في حل قضية معتقلي التيار السلفي في السجون الموريتانية، اكتفى ولد إدومو بقوله «.. نسعى لتحقيق المصلحة العامة للوطن والخاصة لكل أفراده، وستتبين وجهة الحزب في كل القضايا من خلال برنامجه السياسي الذي سنعلن عن تفاصيله بعد خروج الترخيص».
وكانت وسائل إعلام محلية وعربية قد تحدثت في وقت سابق عن «عزم السلطات الموريتانية الترخيص لحزب سلفي وذلك لتحقيق أهداف منها أن وجود التيار السلفي في إطار سياسي منظم يسهل مهمة مراقبته، ومنها أن هذا التيار سيحد من انتشار تأثير «الإخوان» الذين يستحوذون على الساحة الإسلامية في ظل عدم وجود أي بديل».
ويقسم الباحثون السلفية في موريتانيا إلى اتجاهات عدة هي السلفية العلمية وتهتم بشكل خاص بمناكفة الحركات الصوفية والفقهاء الفروعيين، داعية إلى الاستمداد المباشر من الكتاب والسنة مصدرين وحيدين للتشريع، والسلفية المتسيسة وهي الأضعف لحد الآن في الساحة الموريتانية، وينشط أغلب رواد هذا التيار في دعم الأنظمة السياسية المتعاقبة، ويتقاطع خطاب هذا التيار في كثير من مفرداته مع الموالاة المطلقة للسلطة.
وتجتمع السلفية المتسيسة مع السلفية العلمية في الرافد الفكري والعلمي التيمي الوهابي، أما الاتجاه الثالث فهو السلفية الجهادية التي تضم السلفيين الذين استهواهم الجهاد الأفغاني في وقت مبكر، فانخرط بعضهم في أعمال قتالية ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان قبل أن يتفرقوا بعد ذلك في فروع تنظيم «القاعدة».
وقد تولى العديد من سلفيي موريتانيا مناصب عالية في تنظيم «القاعدة» كما هو الحال بالنسبة لأبي حفص محفوظ ولد الوالد الذي يوصف بأنه كان الرجل الثالث سابقا في تنظيم «القاعدة» إضافة إلى المهندس المعتقل حاليا في غوانتانامو محمدو ولد صلاحي.
ويقيم الآن أكثر من 40 معتقلا في السجون الموريتانية على أساس تهم متعددة بينها الإرهاب والقتل وحمل السلاح والخطف وغير ذلك.
عبد الله مولود