إصدارات

حجم الخط
0

العدد الخامس من «أوراق»: كتاب وشعراء عرب يكتبون عن البيت ومجازاته

لندن ـ «القدس العربي»: يتناول العدد الخامس من «أوراق» موضوعة «البيت» وتضميناتها، من سياقات البقاء والعبور والشتات، إلى العلاقة العضوية الحميمة بين البشر والمكان، ومن جماليات المكان إلى قباحاته.
يشارك في الملفّ كتّاب عرب وسوريون، قاموا بالعودة إلى بيوتهم في الذاكرة والمجاز، وفكّكوا ألغاز بلاغة البيت في نطقه حال وطن مصّغر أو كبير (كما في المفردة الإنكليزية Homeland) وفي تخلخله المديد تحت ثقل الطغيان وتحوّلاته اللاحقة إلى خيام وسفن هجرة ومعسكرات نزوح وموت.
يلاحظ أحمد عمر مثلاً بدء التأريخ الإسلامي بالهجرة من الوطن (والبيت ضمناً) باعتبارها حدثاً مؤسساً، ويتناول الذكريات إلى البيت باعتبارها سلاحاً يخيف الطاغية، أما هشام الواوي فيفكك من خلال حكاية بناء أبيه بيتاً للعائلة قوام البلد بأكملها، فتنحفر أساسات البيت ثم تبقى مهجورة أكثر من عام «كانت الحركة التصحيحية حينها قد أسست لنفسها بقوة وحفرت لقواعدها جوراً أعمق من جور أبي»، وبعد ثلاثين عاماً من شقاء البناء وجهوز البيت «كان ربيع دمشق قد أصبح خريفاً»، وفي حين زادت قيمة كل شيء لم تزد قيمة بيت الأب «الذي ظل منفرداً وبعيداً لا يرغب أحد بزيارته ولا الاقتراب منه نظراً لوحشته وابتعاده»، كما لو كان بيت الكاتب تلخيصاً لبؤس ما آلت إليه سوريا كلّها.
سرد بعض كتاب الملفّ، مثل خطيب بدلة وغالية قباني وأحمد عمر وعبد الله صخي وراتب شعبو وسليم البيك وفرج بيرقدار وحليم يوسف وفادي عزام تواريخهم أو تواريخ آبائهم أو أصدقائهم عبر سرد قصص بيوتهم ومدنهم وقراهم التي نشأوا أو عاشوا أو مرّوا بها، فيما تناول آخرون مثل زينة ارحيم وعبد السلام حلوم ورامي سويد حكايا السوريّ المعاصر الممتلئ حنيناً إلى منزله، كما في حالة أم احمد من «الأتارب» التي تقول: «البيت يا أستاذة روح، البيت شقا وتعب، ضحك ودموع»، وفي حالة زينة التي صار في بيتها في ادلب عائلة نازحة لن تعرفها عندما تطرق الباب، أو في حالة حلوم الهارب من المنفى نفسه بعد أن اشتد الضيق على السوريين.
وفيما قرأ غسان الجباعي وسوسن جميل حسن المعاني الفلسفية والوجودية للبيت ولمفتاحه الذي هو «الحارس الضامن لأمننا وسكينتنا»، كما اشتغل المصور الإنكليزي برادلي سيكر على تصوير مفاتيح السوريين اللاجئين والهاربين والمنفيين وأخذ تصريح فريد من كل واحد منهم عن معناها، قرأ البعض الآخر البيت شعراً، كما فعل عبده وازن (في قصيدة «المفاتيح») وناصر فرغلي (في «حيطان مؤقتة») وإبراهيم اليوسف (في «القرية»)، وكذلك فعل، تقريباً، بشير البكر، في سرديته الشعرية التي يتذكر فيها ولادته وإخوته كأنهم «أفراخ البوم»، ويتذكر رحيله إلى جامعة حلب كما لو كان فراراً، وكذلك محاولة العودة لأول بيت سكنه حين يمتنع ويعتريه خوف شديد ويعود من حيث جاء.
تنفرد هبة عز الدين في مساهمتها باستقراء مؤلم لأفكار وذكريات الغرقى السوريين في البحر في حوار بين أجسادهم التي حالت عظاماً: «نحن هنا كلنا ميتون، لكننا نتناوب بالنوم، كما كنا نفعل أيام معتقلات الأسد»، حيث تخرج إحدى الشخصيات مفتاح بيتها وترميه قائلة لروحها: «لا تقلقي إن أضعت المفتاح. لا قيمة للمفاتيح في عالم الأرواح».
الشاعر العراقي هاشم شفيق يدخل إلى الملف، كما فعل عبد الله صخي، بعضاً من الهم العراقي الشبيه، فيتحدث عن الكرادة حيث «الدبابات السمينة تتبختر منتفخة بالبارود، جائية ذاهبة تحرس الضفة الثانية للمنطقة الخضراء التي تجلس فيها الكلاب الأمريكية والهررة الفارسية والضباع العربية، حيث يأكلون معاً من قصعة واحدة فيها ثريد من لحم ودم المواطن العراقي المغلوب والمسلوب الحقوق والإرادة»، وعن السليمانية ويصل إلى سقوط الموصل التي كانت في أواسط السبعينات، «مدينة سهر وليل»، وصارت الآن «في يد الظلام»، أما القاص الكويتي عبد الله العتيبي فيفتح بقصة عنوانها «سقف إيران»، المشهد على قوس أوسع في المنطقة العربية وجوارها، ولكنّها تشبه تماماً حكايا السوريين، فسهراب الخارج من قريته «شهر كورد» آملا بالوصول إلى الرخاء والمال في الكويت يصارع البحر مع رفاقه هاربا من دوريات خفر السواحل الإيرانية والكويتية، حيث سيرميه صاحب المركب بعيداً عن الساحل الكويتي، ثم سيقضي في سيارة النقل ليجدوا في يده جواز سفره وقرآنا صغيرا ومحفظة مهترئة في داخلها ما يعادل 14 دينارا كويتيا و»صورة طفل بالكاد يبتسم، تضمه بحنو شابة تلف رأسها بوشاح أسود».
يضم عدد المجلة التي يدير تحريرها حسام الدين محمد دراسة كبيرة عن «مسألة الطائفية وصناعة الأقليات» للمفكر العربي عزمي بشارة، التي يقول فيها إن «الطائفية السياسية بمعناها المعاصر وليدة تفاعل المنظومة الاجتماعية القائمة مع الاستعمار الحديث، وطريقة بنائه الدولة التي سترثها الدولة الوطنية المستقلة، أو ستصطدم بها بعده». ويختم بشارة دراسته بالقول «إن مسألة ادعاء الإسلام الحقيقي هي في الأصل زائفة، لأنها تخلط بين الدين بالأحرى فهم الدين والتدين، قد وصلت مع «داعش» إلى نهايتها القصوى الكارثية، وليس لديّ شك في أنه سوف تجري بعدها مراجعات علنية لأمور كثيرة كان مسكوتاً عنها في تاريخنا».
كما يضم دراسة مهمة لمحمد عناد سليمان حول تناقضات مسألة الخلافة وأخرى لعلي عبد الله عن أوكرانيا باعتبارها بؤرة صراع، وضمن باب السرد يترجم محمد شاويش قصة «العم سليمان والمعلمة» التي تتناول حياة عائلة سورية في المانيا، وقصة «أبو مستو العرصة» للكاتب السوري ماهر حميد، وقصة «الناعورة والحجر الأملس» للقاص التونسي محمد فطومي، وقصة «صراع على الورق» للقاصة السورية عبير درويش، وفي باب الشعر تنشر «أوراق» قصيدة الشاعر العراقي كريم عبد «وجهك يلوح وصوتك يتردد في الوديان»، كما تنشر قصيدة للشاعر المصري نادي حافظ بعنوان، «ماذا أفعل هذا الصباح»، وفي باب النقد يكتب عبد الرحمن حلاق دراسة نقدية عن «مدن اليمام» للروائية ابتسام تريسي، ويبنّد شخصياتها بين السمو والوضاعة، وفي متابعة، على ما يبدو، لملف سابق في «أوراق»، عن الجندر والاستبداد، تكتب نسرين طرابلسي دراسة شيّقة عن المثليين باعتبارهم سلطة مزدوجة، وفي باب الحوار يلتقي الكاتب والمؤرخ الفلسطيني عادل بشتاوي بالروائي الفلسطيني وليد نبهان الذي فازت روايته «هجرة اللقلق» بجائزة مسابقة الرواية لعام 2013، ويقرأ خالد محمود، في باب الكتب، كتاب «فلاحو سوريا: أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأناً وسياساتهم» لحنا بطاطو.
لوحات العدد للفنان التشكيلي السوري تمام عزام الذي تتصدّر لوحته «سوريا تحترق»، غلاف المجلة.

«خرائط التيه» للروائية بثينة العيسى

الكويت ـ «القدس العربي»: جديد الروائية الكويتية بثينة العيسى رواية بعنوان «خرائط التيه» صدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون، تدور أحداثها حول صبيٍ عمره سبع سنوات فقدته أسرته في مكّة، أثناء موسم الحج، ورِحلة البحث عنه. وسرعان ما تُسفر رحلة البحث عن رحلةٍ أخرى، وبحثٍ آخر، أعمق.. عن معنى الوجود، مفهوم الإله، وعلاقاتنا ببعضنا بعضا.
ماذا سيحدث للأسرة التي شدّت الرحال إلى الأرض المقدّسة من أجل الحج، ثمَّ خسرت كلّ شيء؟ وكيف ينعكس الحدث الدرامي والمأساوي على قناعاتها الدينية ومواقفها الوجودية؟ وما الذي يتكشّف لشخصيات العمل من حقائق، على المستوى الإنساني، السياسي والاجتماعي، في خضمِّ بحثها عن الطفل المفقود.. حقائق تمتدُّ جغرافياً، من الكويت، إلى غرب وجنوب المملكة، وانتهاءً بسيناء مصر.
تحاول الرواية أن تسأل: ما هي القيمة الحقيقية للإنسان في هذا العالم؟ وماذا لو كانت قيمة الإنسان ميتًا أعلى منه حيًّا؟ وأيّ عالمٍ هذا الذي ساهمنا في صناعته؟ وما الذي يمكن للقارئ أن يفعله بهذا الشأن؟
رحلة البحث من مضيقٍ إلى مضيق، هل هي رحلةٌ من تيهٍ إلى تيه؟ وفي النهاية يبقى السؤال، هل ثمة وصول؟ أم أنَّ الوصول هو مجرّدُ تيهٍ جديد؟
تقع الرواية في 405 صفحات من القطع المتوسّط. لوحة الغلاف بريشة الفنانة الكويتية ديمة الغنيم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية