أخيرا اتخذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القرار الذي طالما حاول تفاديه، أو تأجيله، ربما عرفانا بدور اللواء محمد إبراهيم في المرحلة الحاسمة التي شهدت عزل الرئيس السابق محمد مرسي. نعم لم تكن إقالة وزير الداخلية المصري أمس مفاجئة بالنسبة لكثير من المراقبين، بل أنها تأخرت، في ظل تراكم من الأخطاء بل والجرائم التي ارتكبت في عهده، ناهيك عن عوامل التقصير أو الضعف أو الفشل التي وضعت البلاد في مرمى هجمات إرهابية يومية غير مسبوقة، وأعادت شبح الدولة البوليسية، لكن بدون حالة الأمن والاستقرار التي عرفها المصريون في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
اضطر الى اتخاذ القرار بعد ان أصبحت حالة التدهور الأمني، تشكل عبئا، بل تهديدا ليس فقط لصورته، بل لمصداقيته وشرعيته امام الشعب والعالم في آن. إلا ان ثمة ابعادا اكثر عمقا يحملها التعديل الوزاري، الذي جاء في معظمه مجرد غطاء لإقالة وزير الداخلية، ومنها:
اولا- بدأت الارهاصات بإقالة اللواء ابراهيم بقرار السيسي العام الماضي تعيين وزير الداخلية الاسبق اللوء أحمد جمال الدين، مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون الامنية. وكان مرسي قد أقال اللواء جمال الدين من الحكومة، ما جعل البعض يعتبر ان السيسي اراد مكافأته، الا انه في الحقيقة كان تعبيرا عن عدم الرضى على اداء اللواء ابراهيم. وبالفعل كرس التعيين حالة من الارتباك والازدواجية في معالجة الملف الامني، انعكست في تصاعد الهجمات الارهابية، بل تكرارها احيانا في الاماكن نفسها وبالاساليب ذاتها، ما يشير الى تقصير أمني فادح.
ومن دون شك فإن جمال الدين ليس بعيدا عن اختيار اللواء مجدي عبد الغفار وزيرا جديدا للداخلية، وهو الذي قضى أكثر من ثلاثين عاما في جهاز أمن الدولة، ما يشير الى استراتيجية جديدة – قديمة يقودها رجل يتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع الجماعات الإسلامية، ومنها الإخوان.
ثانيا- ساعدت الأحداث الأمنية الخطيرة التي شهدتها البلاد مؤخرا السيسي على حسم تردده، خاصة بعد مقتل المتظاهرتين السلميتين رضا سندس وشيماء الصباغ، عشية الذكرى الرابعة للثورة في شهر يناير الماضي. وعلى الرغم من تعهد السيسي بتقديم المتهمين للعدالة، أيا كانوا، فشل اللواء ابراهيم في تحقيقه، حتى بعد أن طالبه السيسي بذلك في اجتماع علني، ثم جاءت كارثة مقتل أكثر من عشرين مشجعا، في ما عرف بـ«مجزرة الدفاع الجوي» عشية زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للقاهرة الشهر الماضي، ما سبب إحراجا واسعا للسيسي. أما القشة التي قصمت ظهره فربما كانت مقتل المحامي كريم حمدي في قسم المطرية بالقاهرة الاسبوع الماضي. وعلى الرغم من احتجاز الضابطين المتهمين، إلا ان النظام أدرك انه لن يتحمل عواقب عودة هذه الجرائم التي كانت سببا مباشرا في اندلاع الثورة قبل اربعة اعوام.
ثالثا- اراد السيسي باقالة وزير داخليته في هذا التوقيت، أن يوجه رسائل متعددة للداخل والخارج، منها أنه يعترف بالانتهاكات التي ارتكبتها وزارة الداخلية خلال المرحلة الماضية، ويعتذر عنها عمليا بتغيير الوزير، إلا انه اعتذار متأخر، حيث أنه ضيع فرصة سياسية مهمة عندما تقاعس عن اتخاذ هذا القرار في اعقاب صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث رابعة العدوية في شهر نوفمبر الماضي، وهو الذي حمل الشرطة جزئيا مسؤولية وقوع عدد كبير من القتلى اثناء فض الاعتصام وقال حرفيا «قوات الشرطة وإن كانت اضطرت إلى الرد على اطلاق النار، إلا أنها أخفقت في التركيز على مصادر إطلاق النار المتحركة بين المتجمعين مما زاد من أعداد الضحايا»، وكان واجبا، بالاضافة الى اقالة الوزير ومحاسبة المسؤولين حينئذ، ان تعتذر الدولة للضحايا وتقرر تعويضات مناسبة لهم، ما كان يمكن أن يسهم في تهدئة النفوس واحتواء الشعور بالظلم لدى عائلاتهم.
وتبقى هذه الخطوة ضرورية حتى الآن ضمن أي رؤية سياسية للتعامل مع وضع متأزم يحتاج الى ما هو أكثر من مجرد معالجة امنية. وبالطبع اراد السيسي كذلك ان يطمئن المشاركين في المؤتمر الاقتصادي إلى أن التدهور الأمني المتمثل في انتهاكات حقوقية او تفجيرات يومية في القاهرة والعديد من المحافظات، اصبحت اخبارها تغطي على ما سواها، ليس «قدرا محتوما» من وجهة النظر الدولة، بل أنها عازمة على مواجهته.
رابعا- ان إقالة وزير الداخلية تعبر في حقيقتها عن مواجهة مكتومة، لكنها بدأت تخرج الى العلن مؤخرا، إذ ان فلول مبارك، بعد حصوله ورموز نظامه على أحكام البراءة، تحولوا الى «مراكز قوى» في عدد من أهم المؤسسات، وبينها الأمنية، ودخلوا في اختبار للقوة مع نظام السيسي، بل أن بعضهم أعلن الحرب عليه علنيا وبدأ يطالب بعودة الفريق احمد شفيق من الامارات.
ومن هذا المنطلق يمكن تفسير عدد من التطورات السياسية والامنية والقضائية التي حدثت مؤخرا، واســــتهدفت قطع الطريق على أي امكانية للسيسي للمناورة في ملفات داخلية وخارجية.
ومع احتياج النظام لبعض اولئك الفلول، خاصة من رجال الاعمال، او ما يتمتع به اخرون من حصانة، يقف النظام عاجزا عن تطبيق القانون. ولا يمكن فصل قرار إقالة وزير الداخلية، ومن قبله قيادات امنية اخرى عن هذه المواجهة المرشحة الى التصاعد. ولهذا الحديث الشائك بقية.
٭ كاتب مصري من أسرة «القدس العربي»
خالد الشامي
تحية للكاتب الشجاع وتحليله الدقيق.
غريب صراحة هذا التحليل وهذا التغافل أو دعني أقول محاولة التماس اعذار لرأس اﻹنقلاب من قبل السيد كاتب المقال!!
كل ما حدث ، السيسي شريك فيه و مساهم به بل هو سببا رئيسيا لما يحدث في مصر من تدهور على جميع اﻷصعدة.
استغرب أيضا مظنة الكاتب ان تبديل الشخص سيأتي بالمعزات و سيؤدي الى اﻻستقرار اﻷمني المنشود أو تحسنه على اقل تقدير !
كيف يطلب أو يأمل كاتب المقال انه سيحصل على الثلج من النار، الوزير الجديد معاه خدمة 30 سنة و أين ؟
في اسوء أجهزة مصر اﻷمنية ، في مديرية أمن الدولة !!
اقتبس :
“تشكل عبئا، بل تهديدا ليس فقط لصورته، بل لمصداقيته وشرعيته امام الشعب والعالم في آن”
يا سيد خالد، انت وانا و ثمانون مليوناً من المصريين يعرفون ان الرجل قاد انقلاباً أدى به لذا المكان اللي هوه فيه، دمر التجربة الديمقراطية الوليدة وقتلها في مهدها، لست اخوانياً ولكنني مع إعطاء الرئيس مرسي وقتك لدورة كاملة، ما علينا. من ناحية الصورة، فلا صوره، الرجل يتلكأ بكل جملة تكتب له، من ناحية الشرعيه والمصداقية، فليس هناك وعداً واحداً حقق، و لا ابالغ ان قلت أنة لم يقل كلمة صدقٍ واحده…
* من الآخر : قلت وما زلت أقول لا أرى حلا لعودة الهدوء
والإستقرار ( لمصر ) سوى ( المصالحة الشاملة ) بين جميع شرائح
المجتمع المصري وقواه الحيّة و( نبذ العنف ) و ( الإرهاب ) من الجميع
وتعويض أسر الشهداء كافة وبدون تمييز .
* ( الوطن ) للجميع ويبنيه الجميع ويسع الجميع .
شكرا .
و ماذا عن القصاص؟
صباح الخير ،،
كما تعودنا منك دائماً دكتور خالد صاحب رأي حر متوازن باحث عن الحقيقة المجردة من الأهواء او الميول السياسية بعين خبيرة بدقائق أمور الشأن المصري ،،
تحياتي لك وتحيا مصر
هذا ليس اعتذار ولكن السيسي ادرك انه فشل بسياسته (سياسة السيسي)التي يطبقها وزير الداخليه لذلك يحاول ان يحمل وزير الداخليه المسؤوليه لكل ما حدث ولكن هذه الخطوه لن تمر على احد.
الحل الوحيد الذي سيعيد الامور الى نصابها هو المصالحه الشامله واخراج كل السجناء وابتعاد السيسي عن المشهد وتسليم الحكم لمجموعه من عقلاء البلد وعمل انتخابات عامه ديموقراطيه
اشكر الكاتب على هذا المقال المحترم الذي يعطي كل واحد حقه. الاستاذ خالد واحد من الصحافيين والاعلاميين القلائل المحترمين وسط هذا السيرك الذي نعيشه في مصر ولهذا نتطلع الى مقاله لنعرف مايحدث عندنا. وأقول للأخ اثير المقال لم يقل ابدا ان الوزير الجديد هيعمل معجزات، والسيسي اعتذر عن مقتل شيما وقال انها بنته. فعلا أهل مكة ادرى بشعابها.
مقال متوازن …. و تحليل يستحق القراءه …. ينقد بادب و يظهر تدهور الاوضاع دون اخلال او تعريض بجماعه او افراد …. هذا ما يمكن ان يطلق عليه رؤيه او قراءه للاوضاع يمكن ان تفسر القرارات الاخيره … شكرا لكاتب المقال
يبدوا ان هذا النظام يريد ان ينفرد بالشعب وينفذ الاجندة ٢١ للأمم المتحدة بتخفيض عدد السكان!!؟
اسمع الى الرئيس وهو يقول:
عايزين مدرسة مفيش طب ليه؟
عايزين مستشفى مفيش طب ليه؟
لان كنّا حاجه واربعين مليون ودلوقت حاجه وتمانين مليون؟!؟!
يعني لم لم يقل نوفر الخدمات للناس
فماذا سيعمل بالأربعين مليون إنسان ؟
هل يحكم عليهم بالإعدام ؟؟ جاءز جدا والبوادر ظاهرة