إقبال على شراء شهادات التأمين على العمالة غير المنتظمة وأغلب اتفاقيات ومشروعات الدولة يعرف بها المواطنون من الخارج

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: هيمنت زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع على اهتمام الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 6 مارس/آذار، سواء في تغطية تحركاته ومقابلاته وتصريحاته، والاتفاق على إنشاء صندوق استثماري بمبلغ قدره ستة عشر مليار دولار في السعودية، ومصر ستقدم الأراضي، وما سيخلفه ذلك من فرص عمل للملايين، وتشجيع المستثمرين الأجانب الآخرين على القدوم للاستثمار في مصر.
ونال الأمير محمد بن سلمان إعجاب ودهشة الكثيرين بعد زيارته لبابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني، في مقر الكاتدرائية في حي العباسية، وترحمه على شهداء الأقباط الذين سقطوا في عمليات الإرهاب. ودعا البابا لزيارة العاصمة الرياض بكل ترحاب، كما دعا الأقباط إلى زيارة السعودية.
وكان الرئيس السيسي حريصا على اصطحاب الأمير لحضور عرض مسرحية «سلم نفسك» في دار الأوبرا، وفي حقيقة الأمر لا نعرف من طلب ذلك؟ هل هو الأمير حتى يعيد التأكيد على موقفه الانفتاحي الذي بدأه في بلاده بالسماح بإنشاء دور السينما والمسارح، وقيادة النساء للسيارات؟ أم الرئيس السيسي ليظهر للأمير مدى الحرية المسموح بها في نظامه، لأن المسرحية تهاجم المظاهر السلبية في المجتمع المصري. مثلما كان حريصا على اصطحابه لزيارة الأنفاق الأربعة العملاقة تحت قناة السويس للمرور إلى سيناء في زمن قياسي. وإعداد استقبال حافل له هناك في المنتجع السياحي الذي أقامته القوات المسلحة في أرض جزيرة الفرسان، ضمن سلسلة فنادقها ذات الخمسة والسبعة نجوم، تحت أسم «تيوليب» والمفتوحة للجمهور والسائحين.
ومن الأخبار الأخرى التي اهتمت بها صحف أمس الثلاثاء، اعتماد وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي الجدول النهائي لامتحان الثانوية، التي ستبدأ في الثالث من يونيو/حزيران وتنتهي في الأول من يوليو/تموز، وإعلان معظم البيوت حالة الطوارئ.
وتوقيع الحكومة والبنوك على شهادات أمان للعمالة الحرة، أي غير المنتظمة بينما انزعج الصحافيون والسياسيون من حبس خيري رمضان أربعة أيام، ثم الإفراج عنه. وإلى ما عندنا من أخبار أخرى مفصلة،

معارك وردود

نبدأ بالمعارك والردود والهجوم المفاجئ الذي شنه الكاتب الدكتور نبيل فاروق ضد الرئيس السيسي في جريدة «المقال» تحت عنوان «تغيير قواعد اللعبة» بسبب ما قاله أثناء افتتاحه مدينة العلمين الجديدة بالقرب من مرسي مطروح على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ومما جاء في مقال نبيل: «لا أحد في مصر كلها مؤيدا كان أم معارضا، يمكنه أن ينكر الجهد الشديد الدؤوب الذي يبذله الرئيس السيسي لبناء مصر الحديثة، وعلى الرغم مما يعانيه كل مواطن على أرض الوطن، جراء الإصلاح الاقتصادي وتوابعه، فمعظمنا يعرف أن هذه هي الضريبة الحتمية لأي إصلاح في التاريخ، فكما تقول الأمثال الشعبية «مفيش حلاوة من غير نار». وإذا كنا نعاني النار الآن فهذا يعني أن الحلاوة في طريقها إلينا، وعلى الرغم من ثقتي الشديدة في الرئيس وانتمائه، وسعيد لإصلاح وتطوير مصر وإخراجها من عنق الزجاجة، فإن حديث سيادته أثناء افتتاحه مدينة العلمين الجديدة، أدهشني وأقلقني بشدة، فمع كل ما حدث لتحسين المنظومة الاستثمارية في مصر من قوانين جديدة ومكاتب خاصة لخدمة المستثمرين، فوجئت بالرئيس يعلن عن شهادة تأمينية جديدة، طالب المستثمرين بدفع فاتورتها، مستخدما تلك العبارة التي انتفض عقلي قبل قلبي، «خدوا مننا فلوس كتير يدفعوا بقى». أنا لست من رجال الأعمال، ولا حتى من المستفيدين منهم، إلا أن الرسالة التي أرسلتها عبارة الرئيس، والتي أثق تماما في أنها قد صدرت بنية صافية ورغبة حقيقية في تأمين أصحاب الدخول غير الثابتة، فإنها قالت أمرين لكل مستثمر في مصر. الأمر الأول هو أنه مهما قال المسؤولون وفعلوا وأصدروا من قوانين وتسهيلات، فالنظام يمكنه تغيير قواعد اللعبة في أي لحظة من طرف واحد، غير مبال بدراسة جدوى اعددتها أنت قبل أن تبدأ استثمارك، وأنك إذا ما استثمرت في مصر ستظل أبدا كمن يقود سفينة بلا أشرعة أو دفة في بحر غدار يمكنه أن يتحول في لحظة واحدة وبدون سابق انذار من حالة هدوء إلى الامواج العاتية والرياح العاصفة، فقط لأن الرئيس قال هذا. الأمر الثاني هو أن الدولة تحقد على كل جنيه تربحه من استثمارك، وتسعى لسلب كل ما يمكنها سلبه منك، عندما تعجز هي عن تدبير مواردها. قل لي بالله عليك لو أنك مستثمر فهل ستشعر بأن استثمارك آمن في بلد كهذا؟ عفوا سيادة الرئيس حماسك وحده لا يجعل ما تنطق به حقا وحماسنا لا يعني أن نقبل منك ما تقوله وتفعله بدون تفكير أو مناقشة. المهم أن كل هذا يصب في مصلحة الهدف الأسمى مصر».

العجلة تسير

وكلام نبيل فاروق لم يعجب زياد السحار في «الجمهورية» لذلك قال عن الرئيس: «إن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به، هذه الكلمات عندما خرجت من الرئيس عبدالفتاح السيسي عند بداية حكمه بعدما استدعاه الشعب لتولي المسؤولية إبان ثورة 30 يونيو/حزيران، لم يكن الكثير منهم يتصورون أنها سوف تترجم خلال أيام وشهور قليلة إلى ممارسات وقرارات فورية، وخطط وبرامج زمنية محددة يلمسونها ويعايشونها على أرض الواقع، بدون انتظار سنوات طويلة، كما كان يحدث في أنظمة الحكم السابقة التي كان معظمها يتعامل مع الشعب، ولاسيما البسطاء منهم بقلب جامد ويحملونهم المسؤولية عند سوء أوضاعهم المادية وأحوالهم الاجتماعية المتواضعة، بسبب مشكلة الزيادة السكانية مثلاً، أو اعتمادهم على الحكومة لتوفير الدخول التي تضمن لهم حياة كريمة. وأذكر أنه في نظام مبارك الأسبق كان هناك سعي لتحقيق معدلات نمو عالية، وقد تحقق هذا بالفعل، ولكنه لم يصل أبداً إلى البسطاء ومحدودي الدخل بسبب آفة السادة رجال الأعمال، الذين اعتادوا أن يستأثروا بالثروة كاملة، بدون مراعاة حقوق الدولة من الضرائب المستحقة، ولا حتى بعض حقوق العاملين معهم الذين يقسون عليهم حتى في عدم توفير الرعاية التأمينية أو الصحية لهم. وظلت هذه النظرية السائدة حتى استثارت الشعب ونسيت في ثورة يناير/كانون الثاني، التي ظللنا نعاني آثارها الاقتصادية حتى بدأت العجلة تسير هذه الأيام، بعد عملية الإصلاح الاقتصادي، وارتفاع الاحتياطي النقدي إلى أكثر مما كان عليه، ولكن الجديد الآن أن ثمار هذا الإصلاح وتلك التنمية بدأ الشعب يجني ثمارها، ليس فقط على نطاق المشروعات القومية من طرق وأنفاق وإسكان اجتماعي ومحطات للطاقة وتنمية واستصلاح زراعي وغيرها من إنجازات تشير إلى أن هذه الدولة بدأت تقوم وتستعيد مكانتها المستحقة بين الدول، رغم مخاطر وتحديات الإرهاب وتربص القوى الإقليمية والدولية بالمنطقة العربية، وفي مقدمتها مصر التي استعصت عليهم في زيف ثورات الربيع الخادع، بعدما أطاحت بدول وشعوب شقيقة مجاورة، وكشفت دماء المجتمع الدولي الباردة، الذي لم تحركه مذابح الأطفال والنساء والشيوخ، كما يحدث في الغوطة الشرقية هذه الأيام في سوريا أو ليبيا أو اليمن، وقبلها ضياع مجد وعز بلاد الرافدين في العراق، ولكن قدر شعب مصر كان عظيماً عندما سخر له الله هذا القائد الشجاع الوطني الذي تحمل المسؤولية بشرف وأمانة وعمل على كل الاتجاهات لما فيه مصلحة الوطن والمواطن».

خيانة عظمى

وإلى «الدستور» ومقال لواء الشرطة المتقاعد محسن الفحام الذي أيد إصدار تشريع يجرم الإساءة للجيش والشرطة، بعد أن قال الرئيس إن الهجوم على هاتين المؤسستين يعتبر خيانة عظمى قال: «كنت في إحدى المصالح الشرطية عندما كان السيد الرئيس يقوم بتدشين مدينة العلمين الجديدة يوم الخميس الماضي، ويضع حجر الأساس لـ6 مدن جديدة في مختلف محافظات مصر. عندما تحدث الرئيس قائلًا إن على وسائل الإعلام أن تتحمل مسؤوليتها تجاه القوات المسلحة والشرطة، وإنه لا يصح أن تتحول بعض منابر الإعلام إلى منصات للإساءة للشهداء والمصابين وأسرهم، مشددًا على أن ذلك يعتبر خيانة عظمى تتطلب المحاسبة بالقانون، وإنها ليست وجهات نظر أو آراء للبعض، خاصة إذا كان هذا البعض معروفًا عنه كراهيته للنظام والاستقرار، وما يحدث حاليًا في الوطن من تطوير وانتصارات في مختلف المجالات. إن ما أعلنه السيد الرئيس من أن جيش مصر وشرطتها هما خط الدفاع الأول عن أمنها واستقرارها، وأنه يعتبرهما «خطا أحمر» يدفعنا إلى أن نناشد برلمان مصر الوطني ضرورة إصدار تشريع يؤثم ويجرم الإساءة لدرع الوطن وسيفه، خاصة إذا تناولهما بالأكاذيب المغرضة، مثل الاختفاء القسري، أو عدم مراعاة حقوق الإنسان مع المواطنين الشرفاء، أو بث أي أخبار تؤجج المشاعر أو تؤدي إلى احتقان العلاقة بين الجيش والشرطة، وبين وطنهما، فهما من نسيجه وجزء من تاريخه، يحققون أحلامه وآماله، وسيكتب الله النصر لمصر وجيشها وشرطتها وشهدائها رغم أنف الحاقدين والمأجورين وتحيا مصر».
الظروف المعيشية الصعبة

وإلى المعركة العنيفة التي اندلعت بسبب حادثة خيري رمضان مقدم البرامج في التلفزيون الحكومي، وتقديم وزارة الداخلية بلاغا للنيابة ضده اتهمته فيه بإهانة ضباط الشرطة، عندما قال إنه تلقي خطابا من زوجة أحد الضباط تشكو فيه من أن مرتبه لا يكفي، وتفكر في العمل خادمة. واستدعته النيابة للتحقيق وأمرت بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات، لكن محاميه تقدم بمعارضة أمام قاضي المعارضات، فأمر بالإفراج عنه بكفالة قدرها عشرة آلاف جنيه مما دفع عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» إلى أن يقول معاتبا النظام: «أفهم تماما الحساسية التي يمكن أن يشعر بها رجال الشرطة من تعبير زوجة الضابط في حوارها مع خيري رمضان، عن الظروف المعيشية الصعبة، لكن هناك ما يسمى بحسن النية في قواعد النشر الصحافي، أو حتى عندما تتناول النيابة مثل هذه القضايا. مرة أخرى جوهر موضوعي اليوم ليس هو حبس خيري رمضان ــ على الرغم من خطورته الكبيرة ــ لكن الرسائل والإشارات الخاطئة الكثيرة التي يبعث بها هذا الإجراء، والعديد من الإجراءات والتصريحات والقرارات التي شهدناها في الأيام الأخيرة. رئيس الجمهورية قال أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة إن ركائز الدولة قد ثبتت وإن هيبتها قد عادت، وإن الذين يحاولون هز هذه الأركان أو الهيبة سوف يفشلون، إضافة إلى نتائج الحملة العادلة الأخيرة ضد الإرهاب والإرهابيين في كل البلاد، خصوصا شمال سيناء، يضاف إلى كل ذلك أيضا بعض الإنجازات الحقيقية التي تحققت في الفترة الأخيرة، مثل الطرق والمدن الجديدة ومحطات الكهرباء والصوب الزراعية والمزارع السمكية، في ظل كل ذلك فإن الإجراءات الأخيرة سوف تشكك كثيرا في الجوانب الإيجابية التي تحققت. للأسف الشديد ــ ومع كل التقدير لحسن النية ــ فإن الصورة التي ستصل للبعض في الداخل والكثيرين في الخارج، هي أن البلد ليس مستقرا وأنه يخاف ويخشى من ديوان شعر أو مسرحية عابرة في نادٍ أو مقال كاتب في صحيفة أو كلمة عابرة لمذيع في مقدمة برنامجه، لا يعنى ذلك بالمرة السماح لأي تجاوز للقانون أو «بذاءات وسفالات» ضد الجيش أو الشرطة، لكن السؤال الذي نكرره كثيرا هو: كيف يمكن أن نتصدى للخروج على القانون بدون أن نخسر المزيد من سمعتنا وصورتنا؟».

إنذار جاد بالخطر

أما الدكتور أسامة الغزالي حرب في «الأهرام» فقد اعتبر ما حدث انذارا للجميع فقال: «الذي يحدث هذه الأيام مع الإعلامي المصري البارز خيري رمضان ينطوي على إنذار جاد بخطر يحدق بحرية الإعلام، وحرية التعبير في مصر، على نحو يثير القلق ويدعو للحذر والانتباه. إنني أتفق مع مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي قال إنه كان يجب أن يطرح الأمر أولا على الهيئة الوطنية للإعلام، وإن التعامل مع الإعلام يقتضى طرقا مختلفة، وهذه ليست الطريقة التي يجب التعامل بها، وأتفق مع نقيب الصحافيين عبد المحسن سلامة الذي قال إنه مصدوم من قرار التحقيق مع خيري رمضان. وأتفق مع العديد من الإعلاميين الذين أعربوا عن القلق مما حدث لخيري. لقد شعرت كمواطن استمع للبرنامج بتعاطف شديد مع ضباط الشرطة واحترمتهم كثيرا، فتعرضهم للمعاناة مثل باقي المواطنين ليس أبدا أمرا يشينهم، بل يشرفهم كثيرا، هل الإساءة لأنها قالت إنها اضطرت لإرسال أولادها لمدارس حكومية؟ هذا قول نسمعه الآن من أبناء الطبقة المتوسطة لأن أحوالها لا تخفي على أحد مع أننا جميعا أبناء مدارس حكومية مجانية «زمان» هل الإساءة بسبب قول السيدة إنها فكرت في العمل في البيوت؟ نعم هذا أمر يشعر ضباط الشرطة بالإهانة ولكن كان يكفي أن تتصل إدارة العلاقات العامة في الداخلية بخيري لكي يعتذر ويصحح الموقف. أما التقديم للنيابة على النحو الذي تم به، فهو أمر يشعر بالقلق الشديد وينطوي ـ صدقوني ـ على إساءة ليس للداخلية وإنما لمصر كلها».

الطريق إلى سجن طرة

وننتقل من «الأهرام» إلى «المصري اليوم» لنكون مع محمد أمين الذي طالب وزير الداخلية بسحب البلاغ، لأن حسن النية لدى رمضان واضح، وأنه تم اختياره ليقدم برنامجه على التلفزيون الحكومي ثقة من الأجهزة الحكومية به وقال: « الطريق إلى السجن يبدأ من الاستديوهات الآن، وفي سنوات غابرة كان الطريق إلى التخشيبة يبدأ من شارع الصحافة، تطور نوعي خطير بعد انتشار الفضائيات، الأسبوع الماضي كانت ريهام سعيد وفريق إعدادها يرتدون ملابس السجن، وهذا الأسبوع خيري رمضان خرج من الاستديو إلى قسم الشرطة مباشرة، وتم حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات، في قضية حرم عقيد شرطة. وبالطبع ليس هذا وقتا للتقسيم والتمييز بين إعلامي وآخر، وليس هذا وقتا لنقول فيه هناك فرق بين قضية ريهام سعيد وقضية خيري رمضان، القضية في النهاية هي حبس الإعلاميين، لكن صدمتي في حبس خيري أشد وطأ على النفس، هو نفسه ربما تعرض لصدمة عصبية بعد تطور القضية، السبب أنه كان يدافع عن الشرطة فعلاً، فخرج متهماً بإهانة جهاز الشرطة في وقت الحرب فلم أصدق ما سمعته في البداية عن القبض على خيري رمضان أو احتجازه، قلت خيري مين؟ رمضان إيه؟ هو فيه إيه؟ مين نشر الخبر؟ ليه؟ فين؟ إمتى؟ كل الأسئلة التي تخطر على بالك طبعاً، لم أنتظر إجابات بطبيعة الحال، فلم تكن هناك معلومات، الصحف التزمت الصمت، ضربتها حالة صدمة، كلها انتظرت بياناً رسمياً، كان القرار في النهاية حبس خيري رمضان. فمن يقول لهؤلاء إن «خيري» منكم وبكم ولكم؟ ومن يقول لهؤلاء إن أهدافه نبيلة، ولكن ربما طريقة العرض كانت خطأ؟ وربما أيضاً توقيت الطلب كان خطأ، لكنه لا يمكن في أي حال أن يكون هدفه ضرب جهاز الشرطة، أو إضعاف الروح المعنوية في وقت الحرب، ولا يمكن أن يفعل ذلك خيري رمضان في جهاز تلفزيون الدولة الرسمي، وبرنامج تُشرف عليه أجهزة في الدولة. لا أشعر بالارتياح أبداً بسبب التوسع في الحبس الاحتياطي لصحافيين أو إعلاميين يؤدون عملاً لا يوجب الحبس الاحتياطي أصلاً، ولا أطمئن في أي حال لما جرى، خيري ليس مناصراً للإرهاب، فهو ابن الدولة، ولا عيب في هذا المصطلح بالمناسبة، تستطيع أن تقول إنه رجل دولة مسؤول، سواء كصحافي في صحيفة «الأهرام» الرسمية، أو كإعلامي في تلفزيون الدولة منذ بداية مشواره، فمن المؤكد أن «خيري» حين وقع عليه الاختيار كان قد تم الاطمئنان إلى أنه هو الإعلامي المناسب في هذه المرحلة، ومن المؤكد أن الأمر خضع لإجراءات عديدة، فكيف يستقيم اتهامه بإهانة الشرطة؟ كيف تقول تحريات الأمن الوطني إنه صاحب غرض، وإن كلامه أدى للإهانة، وكيف تتخذ وزارة الداخلية أقصى إجراء ممكن، في حين أنها كان يمكنها أن ترد ببيان رسمي على الواقعة؟ وعلى أي حال، أطالب وزير الداخلية شخصياً بسحب بلاغ الوزارة ضد خيري رمضان، فمن غير المعقول أنه تعمد إهانة، أو قصد إساءة، للأسف نخسر كثيراً بحبس الصحافيين، خسرنا خيري رمضان نفسه، حبسه إشارة سيئة للإعلاميين، لن يعرفوا ماذا يقولون، لن يعرفوا من الخوف».

حسن النية متوفر

وكذلك قال زميله في «المصري اليوم» حمدي رزق: « بعيدا.. بعيدا.. وتماما عن مجريات التحقيق مع الصديق خيري رمضان، رسالتي إلى اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية، وإلى كل السادة ضباط الداخلية وأولادهم وعائلاتهم أن ينصتوا بقلب وعقل مفتوح إلى ما قاله خيري رمضان، وذهب البعض إلى تفسيره بأنه إهانة للوزارة ومس بكرامة رجالها الشرفاء الذين يخوضون حربا ضد الإرهاب في ربوع الوطن. خيري، وأعرفه تماما، متعاطف تماماً مع ضباط الداخلية، ودوما في ظهر رجالها الشرفاء، ومثل أي وطني محترم يحترم تضحيات رجال الشرطة، وما ذهب إليه مدفوعا بعاطفة جياشة إلا من على هذه الأرضية التفاعلية مع ضباط الداخلية وعائلاتهم، فإذا انحرف الحديث أو انجرف إلى ما يمس هيبة أو ينتقص مكانة أو مبالغة في غير موضعها، فحسن النية متوفر تماماً، وما أقدم خيري على كلماته التي مست عصبا حساسا إلا مدفوعا بعاطفة وموقف يستبطن الوقوف في ظهر الرجال وهم يحاربون معركة الوطن. لست في محل تقييم قانوني لما فاه به صديقي خيري رمضان، لاسيما وأنه محل تحقيق قضائي نزيه، ولست في محل الحكم على مهنيته وهو في محنته، طول عمره مهني شاطر، أحكم فقط من خلال عشرة العمر الطويل، خيري طول عمره رجل وطني محترم غيور على وطنه، محب لجيشه، خيري لم يقصد إهانة، ولم يمس كرامة، كرامة رجال الشرطة محفوظة ومقام زوجاتهم وعائلاتهم مصون، خيري اجتهد فأخطأ، ولكنه أصاب قبلا كثيرا، والحسنات يذهبن السيئات، نعم مطلوب من الوزير أن يحمي رجاله، ويحافظ على هيبتهم، ويحفظ غيبتهم، ولكن حسن النوايا متوفر تماما، وسلامة القصد واضحة جلية، والاعتذار جرى على لسان خيري ولم يمارِ فيه، حبس خيري خبر جد حزين. والإفراج عنه بكفالة يوفر وقتاً لإعمال حسن النية مع توافر سلامة القصد».

كاركتير

المهم أنه كانت أولى النتائج لما حدث لخيري أن أخبرنا الرسام عمرو سليم في «المصري اليوم» بأنه شاهد رجلا يسير على سلك رفيع عال، وشابان أحدهما يضحك ويقول لزميله من باب المعرفة بالشيء: «لأ مش لاعب في السيرك ده مذيع بيتمرن عشان هيقدم برنامج في التلفزيون المصري».

وثيقة أمان

وبينما أحس الصحافيون بفقدان الأمان بعد حادثة خيري رمضان، فان عشرات الملايين من عمال اليومية وأسرهم بدأوا يحسون بالأمان بسبب الوثيقة التي طلب الرئيس العمل بها لضمان معاشات لهم، وشهد رئيس الوزراء شريف إسماعيل توقيع بنوك الأهلي ومصر والقاهرة والزراعي المصري على وثيقة التأمين، وقالت «الأخبار» في تحقيق لعيسى مرشد ومحمد سلامة ومنصور كامل: «تم طرح شهادة أمان المصريين بالجنيه المصري للأفراد الطبيعيين من سن 18 حتى 59 سنة، بقيمة 500 جنيه أو مضاعفاتها حتى 2500 جنيه بعائد يصل إلى٪16 سنوياً ومدة تصل إلى 3 سنوات، تجدد تلقائياً في تاريخ استحقاقها بكامل قيمتها الإسمية لمدتين مماثلتين فقط والسعر المعلن، بحيث تصل إلى 9 سنوات ويتم إصدارها بالرقم القومي فقط، بدون إجراءات أو مستندات إدارية. وأعلن جمال نجم نائب رئيس البنك المركزي خلال مؤتمر صحافي في مقر مجلس الوزراء أن الشهادة متاحة لجميع المصريين بحد أدنى 500 جنيه وحدها الأقصى 2500 جنيه، وتتميز بأن مدتها ثلاث سنوات تجدد لمرتين بحد أقصى 9 سنوات، وقال إن أي مصري من حقه التمتع بمزايا هذه الشهادة، وميزتها انها تغطي فترة تأمينية تصل إلى تسع سنوات، وإن لم تحدث الوفاة يتسلم المواطن العائد والقسط التأميني على الشهادة، وذلك بدون أي مصروفات إدارية، مشيرا إلى أن هناك جوائز قيمتها مليونا جنيه كل ثلاثة أشهر خالصة الضرائب. واضاف الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية، أنه وفقا لتلك العقود يحصل المواطن مالك الشهادة على تغطية تأمينية مرتبطة بفئة إصدار الشهادة التي تبدأ من 500 جنيه ومضاعفاتها وصولا للحد الأقصى لها 2500 جنيه، ومدتها 3 سنوات تمنح الشهادة فئة 500 جنيه تغطية تأمينية لصاحبها تمنح ورثته 10 آلاف جنيه في حالة الوفاة الطبيعية وتصل إلى 50 ألف جنيه في حالة الوفاة في حادث لا قدر الله».

العمالة غير المنتظمة

وخصصت «الأهرام» تعليقها لهذا الموضوع وقالت: «لم يكن أمرا غريبا هذا الإقبال الكبير على شراء شهادة «أمان» في البنوك المصرية، وهي شهادات التأمين على العمالة غير المنتظمة وغيرهم من المواطنين الراغبين من مختلف الشرائح في الاحتفاظ بها، خاصة أن الشركة المصدرة للشهادة أوضحت على مدى الفترة الماضية مزاياها العديدة، وحسنا فعلت الدولة بتوفير تلك الشــــهادة، التي تأتي ضمن توجه القيادة السياسية في ضبط السوق وتوفير التأمين الشامل للجميع، بهدف تأمين مستقبل العمال الذين ليس لهم دخل ثابت، وكذلك المرأة المعيلة بهدف ضمان استقرار أسرهم في حالة الوفاة، علما بأن هذه الشهادة تخدم نحو 15 مليون عامل، ولعل من أهم المزايا صرف تعويض في حالة وفاة حامل الشهادة طبيعيا، بنحو 10 آلاف جنيه للورثة، بالنسبة للشهادة الواحدة فئة 500 جنيه.
وترتبط بهذه الميـــــزة ميـــــزة أخرى حيث يتاح للمواطن شراء خمس شهادات بحد أقصى، لتصل بذلك قيمة التعويض إلى نحو 50 ألف جنيه في حالة شراء خمس شهادات، والميزة الثانية تكون في حالة الوفاة نتيجة حادث يصل حجم التعويضات لنحو 50 ألف جنيه للوثيقة الواحدة وترتفع لنحو ربع مليون جنيه في حالة شراء الشهادات الخمس».

هل باعت مصر ألف كيلومتر
من سيناء للسعودية؟

وإلى «المصريون» وتساؤل رئيس تحريرها جمال سلطان: «لا شك في أن حالة التوتر السياسي التي تعيشها مصر تنعكس سلبا على مجريات الحياة كافة، ورؤية كل الأطـــراف لها، وأسوأ ما فيــــها أنها تغيب التقدير العادل والصحيح لمصالح البلد، فالعـــناد يورّث الكفر كما يقولون، وأعتقد أن شــــيئا من ذلك حدث مع زيـــارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحالية لمصر، وما أعلـــن عنه من تعهد مصر بتوفير مساحة ألف كيلومتر مربع من جنوب سيناء لمشروع «نيوم» العملاق، الذي يعتبره ولي العهد السعودي مشروع عمره ومستقبل بلاده، بعيدا عن النفط والارتهان له، فما إن أعلن عن ذلك حتى ضجت المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي في مصر بالغضب والتشنج من الخطوة، وانتشرت التعليقات الساخرة والأخرى المحبطة التي تقول أن مصر «باعت» ألف كيلومتر من سيناء إلى السعودية، وربطوا تلك المسألة بأزمة تيران وصنافير. وعمت حالة من الأسى غير المفهوم وغير المبرر منطقيا.
أولا ينبغي التفريق بين وضع تيران وصنافير، حيث انتقلت السيادة عليهما إلى السعودية بموجب الاتفاقية المثيرة للجدل حتى الآن، وبين ملف الألف كيلومتر في سيناء، لأنه لا يتعلق بنقل السيادة، وإنما هي أرض مصرية وستبقى مصرية، ولكن المطروح هو مشاركة مصر في المشروع التنموي العملاق «نيوم»، ولما كانت مصر لا تملك السيولة المالية لتلك الشراكة الضخمة فقد كانت حصتها تتمثل في توفير الأرض أو جزء من الأرض، وهذا أسلوب دارج ومشهور في جميع أعمال ومشروعات التنمية، وتعتمده البنوك نفسها في المشاركة، حيث يمكن أن يساهم شريك في الأرض التي يملكها ويساهم البنك بالسيولة المالية، فأين المشكلة في ذلك، بل أعتقد جازما أن هذا المشروع إذا اتخذ مساره الصحيح والجدي سيكون مكسبا كبيرا لمصر وشعبها، خاصة أن ساحل جنوب سيناء الرائع من الجانب المصري غير مستغل تقريبا بصورة مثلى، لأنه يحتاج إمكانيات مالية هائلة، ومن زار «طابا» على سبيل المثال سيجد في هذا المكان الساحر منشآت محدودة وبسيطة، ولا تعبر عن الأهمية السياحية الكبيرة للمنطقة، وأي دولة أخرى صديقة أو شقيقة أو حتى رجل أعمال يملك السيولة المالية ويريد أن تخصص له الدولة ألف كيلومتر أخرى فليتفضل، ما المانع؟ ولو أن مشروع «نيوم» احتاج أن يضم نصف سيناء الجنوبي بكامله فالعقل والمصلحة توجب الترحيب، وليس فقط ألف كيلومتر، لأنه سيغير وجه الحياة في المنطقة بكاملها، كما سيتيح لنا تعمير سيناء بشكل حقيقي وهو أمل طالما راودنا العقود الماضية، ودع عنك أنه سيوفر مئات الآلاف من فــــرص العمل الكريمة والسخية للمصريين، ولذلك أنا أدعم هذا المشروع بقــــوة وأدعم مساهمة مصر فيه من خلال المشاركة بتوفير الأرض، أقول هـــذا وأنا معارض لسياسات كثيرة تجري الآن في البلد، ولكن مصلحة الوطن والشعب المستقبلية لا يصح أن تكون أسيرة خلافنا السياسي الحالي، أو توتراتــــنا تجاه أداء سياسي رسمي، نرى أنه غير ديمقراطي أو يهدر الكثير من حقوق الإنسان، فإذا ظهر مشروع حقيقي جاد ويدعم مســتقبل التنمية في البلاد فالواجب علينا جميعا دعمه والترحيب به وفصله عن خصوماتنا السياسية. المشكلة الأساسية في ما حدث أن المعلومة لم نعرفها هذه المرة أيضا، إلا من الطرف الآخر، ويبدو أن تلك أصبحت سنة ثابتة في تعامل الحكومة مع الشعب، أنه آخر من يعلم، لا برلمان ولا إعلام ولا مراكز بحث ولا أي شيء، فأغلب الاتفاقيات والمشروعات التي تبرمها الدولة خلال الأعوام القليلة الماضية لا نعرف بها إلا من خارج البلاد، هذا وضع سيء للغاية، ولا يبرهن على احترام القيادة لشعبها، لا يصح أن نتعامل مع الشعب على أنه مجموعة أطفال سذج لا يعرفون مصلحتهم، ولا أنهم مجموعة من الجهلة الذين لا يحسنون تمييز الأمور، هذا له مردود سلبي للغاية حتى على خطوات الدولة في تلك المشروعات والحماس لها، كما أنه يثير الكثير من اللغط عن أسباب إخفاء الأمر عن الناس وكأنه سر، لأن ما تخفيه الحكومات عن شعوبها من الطبيعي أن يكون مظنة الانحراف، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس كما ورد في الأثر المعروف».

إقبال على شراء شهادات التأمين على العمالة غير المنتظمة وأغلب اتفاقيات ومشروعات الدولة يعرف بها المواطنون من الخارج

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    هو يهزأ بالعشب المكلوم وفعلآ نسمع من الخارج عن مشاريعه التي تنفذ في غرف مغلقة وسريه ولآ يعلم بها أحد ..هكذآ تداردولة العسكري ..الشعب بكل مؤسساته لآ تعلم أي مشروع بل نفاجأ بالتوقيعات علي بيع بلدنا في سوق النخاسه . وحسبنا الله .

إشترك في قائمتنا البريدية