إلى أين تمضي «الأزمة الخليجية»؟

حجم الخط
18

رأت صحيفة «الرأي» الكويتية أن هناك «ملامح اختراق» في أفق الأزمة الخليجية عززته المؤشرات «الإيجابية جداً» التي تلقّاها مبعوثو أمير الكويت إلى العواصم ذات العلاقة. الوساطة الكويتية تم تدعيمها دوليّاً بمبعوثين كبيرين من وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى المنطقة (الجنرال أنتوني زيني ونائب الوزير تيموثي ليندركينغ)، ومن المتوقع أن يحمل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الحصيلة الأخيرة لوساطة بلاده إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي سيزورها في 6 أيلول/سبتمبر المقبل.
من العلامات الإيجابية التي تمّ تسجيلها في شأن الوساطة أن الوفد الكويتي الرفيع الذي حمل الرسائل إلى الدول المعنية ضم مسؤولين كبيرين، هما النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والإعلام، وأنها تأتي بعد توقّف الوساطة مدة ثلاثة أسابيع، وما تبع ذلك من تصريحين مهمين، الأول لأمير البحرين الذي دعا عقب تسلمه الرسالة الكويتية «لوحدة الصف لمواجهة التحديات»، فيما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «دعم بلاده لمساعي الكويت».
المبادرة الكويتية الجديدة قدّمت نقطتين رئيسيتين، الأولى هي اقتراح عقد حوار مباشر بين أطراف الأزمة، وتقديم ضمانات كويتية وأمريكية لتنفيذ ما يتفق عليه الأطراف.
وفيما كانت الإشارات «الإيجابية» تمشي في طريقها المفترض كانت علائم الأزمة تمشي أيضاً في طريقها المعاكس، فمقابل التصريحات التي توحي بالرغبة في تسوية ظهرت تصريحات «سلبيّة» تؤكد على مسار التصعيد، كما فعل السفير السعودي في واشنطن، الأمير خالد بن سلمان، في حديث لجريدة «واشنطن بوست» أعاد فيه نغمة «تهديد» قطر لأمن المملكة و»دورها في دعم الإرهاب»!
من جهتها، فإن من الواضح أن قطر تتخذ استعداداتها لكلا المسارين المتعارضين، فقبل أيام قليلة أنهت قوّاتها تمرينات عسكرية مع الكويت، وتعاملت مع خبر فتح الإمارات والبحرين مجاليهما الجوّي لطائراتها بحذر فقالت إنها تدرس هذه المسارات (وهو ما دفع أبو ظبي، على ما يبدو، لإعلان أنها لم تفتح مجالها الجوي بعد)، كما أنها اتخذت مبادرة مفاجئة بإعلان إعفائها مواطني 80 دولة في العالم من تأشيرات الدخول في خطوة تدل على وثوق بأمنها وإجراءاتها وبرغبة في دعم السياحة وتنويع دخلها والانفتاح أكثر على العالم.
أشار تقرير نشر في صحيفة «وول ستريت» الأمريكية إلى خلفيّة الأزمة الراهنة بربطها بلقاء غامض حصل قبل عام ونصف العام بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، ففي هذا اللقاء، حسب الصحيفة، أقنع بن زايد نظيره السعودي بالانحياز لموقف أبو ظبي المعادي لسياسات الدوحة.
ربط ما حصل لاحقاً بهذا الحدث، لا يعني، بالطبع، أن سياسات السعودية كانت متطابقة مع سياسات قطر، لكنّه لا يعني أيضاً أن اتخاذ محمد بن سلمان موقفا مطابقا لمحمد بن زايد كان في صالح المملكة أو أن كل أجنحة العائلة الحاكمة كانت موافقة عليه، فرغم الوزن الكبير لوليّ العهد السعودي في تقرير سياسة بلاده فإن قرار حصار قطر، من دون شكّ، قرار مؤثر على مصالح المملكة، ولا بد أن جهات ضمن العائلة الحاكمة قد تضرّرت منه واضطرّت للالتزام به قسراً، ولا بد أن جهات عديدة، ضمن العائلة الحاكمة والشعب السعودي، استهجنت الانجرار السعودي للسياسة الإماراتية، ورأت أن الفوائد التي يتوخّاها وليّ العهد في حلفه مع أبو ظبي، لا تبرّر الأضرار الكثيرة المترتبة عن هذا التحالف، وهو ما يفسّر ما نقلته الصحيفة نفسها عن مصادر مقربة من البلاط السعودي عن انقسام داخل القيادة حول كيفية التعامل مع قطر.
فك الحصار عن قطر، بهذا المعنى، هو مصلحة سعودية بالدرجة الأولى، والمكابرة في ذلك لا تفيد.

إلى أين تمضي «الأزمة الخليجية»؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد حاج:

    أثناء فترة اتهامات السعودية والبحرين لايران بزرع الارهاب في المنطقة لم يشن الإعلام في البلدين هجوما لاذعا على ايران كالذي يشنونه الآن على قطر .
    الآن تركوا ايران وتفرغوا لقطر ، فالهجوم على قطر سبب آلاما موجعة للشعوب الخليجية ، كم من عائلات خليجية نصفها إماراتي او سعودي ونصفعا الآخر قطري وكتب عليهم التشتت بين الدولتين ، بسبب اتهامات صبيانية مضيعة لكيان الخليج العربي برمته .
    وقد قيل : واجعل بحثك كله بالدليل – وإلا فسعيك شتان بين آلام وقلب عليل
    وأيضا : إن للأيام دورات …. فكم من رفيع خفضت ووضيع رفعت .

  2. يقول ي ع ه اسبانيا:

    اضن ان هناك اكثر من ازمة فهناك لي اذرع بين الثورة والثورة المضاذة من الانقلاب في تركيا ونجاح العداله والتنمية في تصفية الانقلابيين الي فشل ازاحة الاسلاميين في الرباط و حراك الريف واشياء اخرئ ان الامارات كانت تقود قاطرة الثورة المضادة بسرعة اكثر لثقتهم في النجاح والان هناك من الانقلابيين من يقول خفض السرعة والله غالب علئ امرهم

  3. يقول مصطفى عز الدين أكورِِام -المملكة المغربية-:

    ” الأزمة ” بين الإخوة الخليجيين حالياً هي نوع من صرف الأنظار “Diversion ” عن تحولات سياسية جذرية لا مجال لتأخير إستحقاقاتها يتم التحضير لها بنشاط غير معهود ، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي ذات الإرتباط بالقوى الخارجية كالأمريكان و الروس و الأنجليز و الصينيين و التركمان، يحاول فيها مشايخ الخليج التموْضع لتحسين مواقعهم في المستقبل القريب على حساب الجارة الكبرى السعودية… الدلالة على ذلك “خرجات ” حُكام الإمارات لــ”توسيع مجالهم الحيوي” في ليبيا و اليمن و البحر الأحمر بالتحالف مع نظام الجنرال “سيسي” الإنقلابي في مصر بعد عام 2013…و أخيراً الترويج لـــ”العلمانية” في في دول الخليج و أنه “الدواء الشافي” من داء “التطرف الإسلامي” و “الإرهاب الإسلامي”…و تمت “المزايدة” على حكام الإمارات من طرف السعودية بإدراج جماعة الإخوان المسلمين و منظمة حماس الفلسطينة في غزة فوسمتهما بــ”الإرهاب”!!!.
    – أكيد أن “عورات” المُنظمة الخليجية إفتضحت أخيراً و عياناً جهاراً،و بانت إلى العلن توجهات سياسية متناقضة لسلطنة عمان و الكويت كذلك التي “تواءمت” و رصت صفوفها مؤقتاً لدى إحتلال الكويت من طرف نظام صدام في عام 1991 …
    – الرابح الأكبر من هذه الوضعية المُستجدة و الفاضحة على الساحة الخليجية هم الأعداء التقليديين،نظام الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين و نظام ملالي طهران و الأمريكان و الروس و الأنجليز…
    – الحقيقة التي لا مراء فيها أن “الأزمة الخليجية” الحالية هي مرآة لما تم التستر عليه طويلا من تناقضات عميقة الجذور و تحكم العقلية القبلية و العشائرية في القرارات السياسية الكبرى و التي -لا تزال- تُعشْعش في نفوس حكام الخليج إذ لا يجمع بينهم رابط عقلاني مناسب لهذه الألفية الثالثة لمولد سيدنا المسيح عليه السلام ،فقد سترتها و غيبتْها طويلا الطفرة النفطية و تضخم ريع البترودولارات…لكن اليوم غير الأمس ، إذ فقد سعر البرميل كثيراً من ريشه… و بالتالي ما عاد ممكناً شراء “الهدوء” و “السلم الإجتماعي” بالإنفاق الإعتباطي المُسرف لشرائه…و لكن الطامة الكبرى أساساً أن القوم لا يدركون أن عقليات الأجيال الشابة الحالية تتغير جذرياً نتيجة تنامي الوعي بفضل السماوات المفتوحة على الفضائيات و النت و السرعة المذهلة للتواصل و وسائل المواصلات.

    – ختاما،فإن شر البلية ما يُضحك،و “النكتة” هي شرط إغلاق شبكة “الجزيرة”!!!.

  4. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    سوف تنقشع غيوم الازمة القطرية المفتعلة عندما تقرر واشنطن دلك.

  5. يقول Dr. Walid Khier:

    سبب إستمرار الأزمه الرئيسي هو أن اطرافها الذين طلعوا الشجره العاليه ليس امامهم الآن إلا النزول و لكنهم لا يدرون كيف و هم لم يحققوا شيئاً بصعودهم. و إلي أن يقدم لهم أحد سلم ينزلون عليه ستستمر الأزمه.

  6. يقول Passer-by:

    أي أزمة عربية عربية تأخذ حوالي عشر سنوات بالمتوسط كي تحل فلا تنتظروا حل عاجل! أمة تستهلك نفسها بنفسها وتساعد الأعداء على القيام بذلك!

  7. يقول Dinars:

    بعد فشل الإمارات هي ومن جرتهم معها فإن الأقرب في الإمارات هو انقلاب لتغيير نظام الحكم في الإمارات. ثم عودة المياه إلى مجاريها.

  8. يقول ابو ياسين عبد الرحيم- المغرب:

    لكي تتضح الرئيا وتنقشع غيوم التضليل والتبعية لتوصيفات الغير, يجب اولا وضع تعريف دقيق وموضوعي للارهاب. اذا لم يرد الاخرون ذلك, ولن يفعلوا لانه ليست لهم مصلحة في ّذلك – لكي يبفقي المفهوم فضفاضا يلصقونه بمن ارادوا- فان الدول العربية والاسلاميه عليها ان تبادر , في شكل موتمر جامعو ان تجلي حقيقة هذا المفهوم -الارهاب- حتي يمكن منع توظيفه كلما شاء الاعداء ضدنا كعرب ومسلمين و او ان يدفعونا الي محاربة بعضبا البعض تحت دريعة محاربة هذه الافة التي وطنوها عندنا بفعل مكرهم ودسائسهم. حين يتم تعهريف العمل الارهابي بشكل دقيق وموضوعي -حتي ذلك الذي تقترفه الدولة , ايا كانت في حق مواطنيها- , حينذاك لن يعود مجال للتوظيف المغرض لهذا المفهوم وستتوفر الارضية المناسبة لمعالجة القضايا التي تتسبب في تاجيج الارهاب . فقط هذا السبيل هو الكفيل,,بالنسبة للازمة بين بلدان الخليج, من ان يمكن من حل المشاكل المطروحة, مع قطر ومع غيرها. والا فسنبقي ندور في متاهات لا قبل لنا للخروج منها, بل ان مشاكل هذه البلدان ستزداد تعقيدا.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية