■ لم يكن اتفاق تمديد المفاوضات الإيرانية الغربية حول برنامجها النووي حتى نهاية يونيو القادم حدثاً استثنائياً أو فريداً من نوعه، فحتى الموعد الاخير الذي كان قد حُدِّد للتوصل إلى اتفاق نهائي هو نفسه موعد مؤجّل عن العشرين من يونيو الماضي؛ الذي كانت قد اتفقت عليه إيران ومجموعة 5+1 خلال مفاوضاتهما التي بدأت في الرابع والعشرين من نوفمبر العام الماضي ليكون موعد التوصل إلى اتفاق نهائي.
يعبّر الحراك الدبلوماسي السعودي العلني المرافق لأسبوع التفاوض الغربي الإيراني في فيينا، عن تراجع مكانة المملكة لدى حلفائها الأمريكيين، إلى درجة عدم الإصغاء إلى مخاوفها الإستراتيجـــية، ما اضطرها إلى الاستمرار في ملاحقتهم حتى الرمـــق الأخير أثـــناء سير المــفـــاوضات، كما بدا الموقف الأمريكي أكثر ليونة، وهذا ما لم نشهده في تعامل مماثل لها مع ملف كوريا الشمالية النووي، في حين راح الجميع يخشى من فرنسا التي ظهــــرت بمـــوقع المدافع عن مصالح ومخاوف دول الخليج، وحتى إسرائيل التي من المفترض أن تقتضي خشيتها من إيران نووية موقفاً أمريكياً أكثر حزماً، فهل عدنا إلى خمسنيات القرن الماضي، عندما كانت إسرائيل تحت الرعاية الأوروبية؟ّ أم أنّ المفاعل النووي الإيراني لا يشكّل مخاوف جدّية لإسرائيل؛ التي دمّرت المفاعل العراقي وهو قيد الإنشاء.
يحمل قرار تمديد المفاوضات حول الملف النووي الإيراني في طياته العزم على إطالة عمر أزمات المنطقه لفترة إضافية، وغالباً لن تكون الأخيرة، فعمر تلك المفاوضات يستعّد ليتخطى عشر سنوات، وربما لا يُراد لها أن تنتهي، ففي السابق لم يكن في أيدي إيران أوراق كالتي معها اليوم، ولم يتوصلوا إلى اتفاق! أما العقوبات الاقتصادية فقد أثبتت التجارب أنّها لا تهمّ النخب الحاكمة المستعدّة دائماً لقمع أي حركة احتجاج شعبية، طالما أنّ أحداً لن يحاسبها على ذلك. وبما أنّ إيران لا تتوقع أي عمليات عسكرية ضدّها فستبقى متشبّثة بموقفها المتصلّب في المفاوضات، التي على ما يبدو يُراد منها فقط أن تمثّل أمام الرأي العام الغربي والخليجي – العربي طبيعة العلاقات الغربية- الإيرانية، أما الحقيقة فهي شيء آخر، ولكنها ليس بالغيب الذي يستحيل التنبؤ به؛ فهل كانت كلّ أدوات وأذرع الولايات المتحدة التي لا تزال تُحكم بها سيطرتها على العالم في حالة سبات امتدّ أيضاً شهورا عديدة، لتتجاهل ما كان يعتمل في إيران من منتصف عام 1977 حتى إسقاط الشاه في 1979؟ وهل كانت الظروف الإقليمية والدولية في تلك الفترة – وكذلك في تلك البقعة من العالم التي لا تزال تمثّل أكثر المناطق حيوية بالنسبة لأمريكا إلى الآن، التي لم تسمح حتى للاتحاد السوفييتي في عزّ قوته أن يصل إليها- مناسبة لتتخلّى الولايات المتحدة عن أكبر حليف لها ولإسرائيل في المنطقة وعصاها الغليظة فيها؛ فتترك الأمور لتنقلب عليها ويظهر نظام جديد يناصبها العداء منذ يومه الأول، ويحدّد أهدافه بإزالة إسرائيل من خريطة العالم، أمريكا التي نفّذت انقلاباً على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق عام 1953 وأعادت الشاه إلى البلاد وأعادتها إلى حظيرتها، ربما كان من الواجب عليها تنفيذ وعود كارتر للشاه بالتدخل عسكرياً لحماية نظامه إذا تطلّب الأمر، فحركة مصدّق لم تقترب بأي حال من أدنى درجات العداء التي جاهر بها نظام الخميني ضدّها، ناهيك عن حاجتها لعصى أغلظ من نظام الشاه في المنطقة، في وقت وُقِّعت فيه اتفاقية سلام إسرائيلية مصرية أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيــلي، وزرعت بذورا جديدة في رحم الشعوب، تدعوها للخروج على أنظمتها الديكتاتورية.
احتفظت إيران بنفوذ متوازن نوعاً ما مع النفوذ السعودي في لبنان، إضافة لنفوذها في سوريا، وظلّ ذلك قائماً، في حين كانت المنطقه ترزح تحت سلطة ديكتاتوريات لا تشكل أدنى خطر على إسرائيل أو المصالح الأمريكية، إلى أن أطيح بنظام صدام حسين، وربما كان أمام الولايات المتحدة العديد من البدائل، لكنها اختارت تسليم العراق للنفوذ الإيراني، ولما هبّت نسائم الربيع العربي على المنطقة كانت ظلال الأنظمة السابقة ممثّلة بالجيوش والأجهزة الأمنية التي استحال تفكيكها جاهزة للقضاء عليها في مصر وتونس وليبيا، أما في سورية التي يتميّز جيشها وأجهزتها الأمنية بصبغةِ طائفةٍ، لم تقدر بسبب عددها القليل نسبياً على الاستمرار في الحرب ضدّ الثوار السوريين؛ فظهر الدور الإيراني في استباحة سورية أرضاً وشعباً بشكل علني، واستمرار حؤولها دون نجاح ثورتها، كما فعلت الدور نفسه في العراق.
تستمرّ أسعار النفط بالانخفاض رغم كلّ ما تشهده المنطقة من توتر بدءا بخطر «داعش» واحتمال سيطرتها أو تعطيلها لآبار العراق النفطية، وكذلك الخلافات الغربية الإيرانية حول الملف النووي، وامتداد نفوذها في اليمن وتهديدها بالسيطرة على مضيق باب المندب، إضافه لتهديدها السابق بتعطيل خروج الصادرات النفطية عبر مضيق هرمز، وكذلك حلول فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، لا يمكن أن يفسّر ذلك إلا بعدم تخوف الغرب من الخطر الإيراني. أما التحليل القائل برغبة الغرب والسعودية في الضغط على إيران عبر تقليص عائداتها المالية من النفط ففيه الكثير من الاستخفاف بالعقول ما يجب ألا يخفى على عاقل.
دائماً ما استغلت الولايات المتحدة أطرافاً وأنظمة لضرب خصومها وسحقهم، وهو ما حدث في دعمها الحركات الجهادية في أفغانستان ضدّ السوفييت، وكذلك في دعمها انقلاب بينوشيه في تشيلي، الذي قضى على الحركة اليسارية وغيرها من الأمثلة، ومن هذا المنطلق وبالاقتصار على الظن الحسن فقط، يُلاحظ توافق المصالح بين إيران والولايات المتحدة التي ترى في تقدم وامتداد النفوذ الإيراني سبباً لضرب أي حركة تحررية في عدد من دول المنطقة مثل، سورية والعراق واليمن، وأيضاً تضعها في قتال مع «داعش» و»القاعدة» في تلك الدول، لتكون بذلك إيران العصى الأمريكية الضاربة الثانية بعد إسرائيل؛ هذا بالإضافة لكونها الفزاعة التي لا تزال تجبر دول الخليج على الارتماء في الحضن الأمريكي.
يرى عدد من المحللين في تمديد تلك المفاوضات فرصة لتسوية بعض الملفات في المنطقة على حساب قضية البرنامج النووي الإيراني، في حين من المحتمل أن يكون العكس هو الصحيح؛ فمن الصعب أن تتخلى إيران عن مناطق نفوذها، وأكثر ما يمكن أن تُنبئنا به الرؤية الواقعية لتطور الأمور هو حلول مرضي عنها إيرانياً في سورية والعراق ولبنان واليمن أي بقاء نفوذها فيها، في وقت توجد إرادة غربية واضحة بالقضاء على آخر محاولات الربيع للظهور في تلك الدول وهذا ما يتفق الغرب وإيران حوله.
٭ كاتب سوري
بشار عمر الجوباسي
!إيران ليست فقط باقية وتتمدد بل وتتمختر وأيضاً
تمدد ايران تم بقبول الحكام العرب
سواء بالعراق أو بسوريا أو بلبنان أو باليمن
والثمن هو بالبقاء بكراسيهم وحتى لا يخرج عليهم من ينادي بالحرية
حكام الخليج عملوا بدون وعي بالمثل القائل أكلت يوم أكل الثور الأبيض
ولا حول ولا قوة الا بالله
اذا ايران هي عصا امريكا فدول الخليج هي البقرة الحلوب وان تكون عصا خير لك ان تكون بقرة