مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الرئاسة رسمياً، في العشرين من كانون الثاني/يناير، تكون إيران قد دشنت هي أيضاً مرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية الثانية عشرة، التي ستجرى في أيار/مايو المقبل، من خلال الحديث العملي عن مرشحين جدد من التيار المتشدد، لأسمائهم وقع، أعلنوا استعدادهم خوض السباق، بما سيؤثر بشكل مباشر على موقف الداعين إلى إعادة انتخاب الرئيس الحالي المعتدل حسن روحاني.
ويبدو للوهلة الأولى أن إعلان القيادي السابق لقوات التعبئة الشعبية (الباسيج) والحرس الثوري، وزير النفط السابق رستم قاسمي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، سيكون المنافس الأقوى لروحاني، غير أن هذا التكهن يظل مجرد بداية سطر من رسالة يريد الحرس الثوري إيصالها إلى ترامب والمعنيين في المنطقة، خصوصاً أن ذلك تزامن مع استعدادات يظهرها الحرس لإجراء المزيد من المناورات العسكرية هذا العام وتحديداً في مياه الخليج.
ورغم أن طهران استقبلت في الاسبوع الأول لتنصيب ترامب، مبعوثاً كويتياً رفيعاً حمل إليها باسم دول مجلس التعاون الخليجي، رسالة خطية من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد حول الرغبة في إطلاق حوار إيجابي للوصول إلى تفاهم لتفادي تداعيات أي تصعيد متوقع بين طهران وواشنطن، فقد أكمل الحرس الثوري استعداداته للرد على أي تطور سلبي قد تشهده العلاقة المتوترة مع واشنطن، خصوصاً وأن الحرس الثوري غير مرتاح أصلاً، لما يسميه قادته «تراخي حكومة روحاني في التعاطي مع الاستفزازت السعودية» وآخرها تغريدة وزير الدولة لشؤون الخليج والسفير السعودي السابق في بغداد العميد ثامر السبهان على تويتر هاجم فيها وبقوة ما تصفه طهران بتكهنات إعلامية عن تعيين إيرج مسجدي كبير مستشاري قائد فيلق القدس قاسم سليماني، سفيراً في بغداد .
ويطالب الحرس الثوري الرئيس الروحاني بابداء مواقف «صلبة» و«غير رخوة» إزاء السعودية، وبالفعل أظهر روحاني مباشرة بعد وفاة سنده رفسنجاني، قدراً «غير مألوف» من هذه المواقف «الصلبة»، وذلك في مؤتمر صحافي وضع فيه أيضاً، مسافة بينه ونهج رفسنجاني «المعتدل» بالتلميح وبالتصريح أنه سيلجأ إلى اسلوب التشدد فيما لو اختار ترامب المواجهة مع إيران، وكأنه بذلك كان يرضي القائد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي، وفريق المتشددين الذين سربوا أنباء عن احتمال رفض مجلس صيانة الدستور ترشيحه للانتخابات المقبلة.
النووي
لا يريد الرئيس روحاني أن يصدق جدية تهديدات ترامب بإلغاء أو إعادة النظر في الاتفاق النووي، وقال في المؤتمر الصحافي ذاته بعد وفاة رفسنجاني إن ترامب لا يستطيع أن يقوم بإلغاء الاتفاق لأنه جماعي تم في إطار الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، ومشاركة فعالة من الاتحاد الأوروبي. غير أن فريقاً من الخبراء الإيرانيين يعمل مع الحرس الثوري، قدموا للمجلس الأعلى للأمن القومي الذي يرأسه روحاني، قراءة سوداوية عن مستقبل الاتفاق النووي ورأوا أن معظم الدول الأوروبية قد تذعن لرغبة ترامب في اتفاق المناخ والاتفاق النووي. كما أن روسيا التي يراهن ترامب عليها لتفترق عن إيران، عندما تتصادم مصالحها معها في سوريا، حليف لا يُعتمد عليه كما يقولون، مشيرين إلى أن كل قرارات العقوبات الدولية «الظالمة» على إيران بسبب برنامجها النووي صدرت بموافقة روسيا التي هي الشريك الأساسي لإيران في هذا البرنامج خصوصاً في إنشـاء مفاعل بوشهر ومفاعلات أخرى تم الاتفاق بشأنها.
وفي هذا الواقع ينظر فريق آخر من الخبراء قريب من روحاني إلى التعيينات التي قام بها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب منذ توليه الرئاسة حتى الآن، من واقع أنه يكشف أن أي تغيير إيجابي لن يحصل في السياسة الأمريكية تجاه إيران. خصوصا وأن حكومة ترامب تتشكل من أشخاص لهم توجهات معادية لإيران.
وبينما انشغلت وسائل الإعلام الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية، بهذا الموضوع في محاولة للإجابة على سؤال: هل سيغير ترامب مواقفه التي أطلقها خلال حملته الانتخابية حيال إيران، في السنوات الأربع المقبلة؟ يأتي الرد الأقرب للمنطق كما يرى الخبراء الإيرانيون، وهو عدم توقع أي تغيير في مواقف الرئيس الأمريكي حيال إيران، مستندين بذلك إلى أن أياً من المرشحين (دونالد ترامب وهيلاري كلينتون) لم يبديا في حملتهما الانتخابية أي رغبة في التقارب مع إيران وكلاهُما أكدا خلال الحملة، على ضرورة تشديد العقوبات عليها.
ويدعو الخبراء الرئيس روحاني إلى التعامل مع الواقع الجديد وكأن شيئاً لم يتغير، مشيرين إلى أن حكومة أوباما السابقة لم تكن جادة في التقارب مع إيران، بل أنها شددت من عقوباتها بعد التوقيع على الاتفاق النووي بقليل، ولم تف بوعودها، ولم يتم الالتزام بالاتفاق بالشكل المطلوب رغم كل نقاط الضعف والقوة فيه.
ترامب
في إيران الرأي الغالب هو أنه لا يمكن انتظار حدوث تغيير مع مجيء ترامب، إلا في مجال واحد وذلك في ما يخص» داعش». لأن ترامب يعتبر السياسة التي كانت تتبناها حكومة أوباما تجاه «داعش» والمجموعات المسلحة الأخرى في سوريا، كارثية.
كما أنه لا يمكن التأكد في الوقت الحالي إيرانياً، أن ترامب سيفي بوعوده الانتخابية تجاه الخارج كثيراً، لأنه منشغل حالياً بوعوده الانتخابية في ما يخص الشأن الداخلي الأمريكي، كما أن العالم شهد تراجعه عن بعض تصريحاته ووعوده الانتخابية السابقة.
نصيحة
وينصح روحاني وباقي قادة إيران بعدم الالتفات كثيراً إلى ما يمكن أن تكون عليه ردة فعل الساسة في الداخل خصوصاً في مجلس الشيوخ والكونغرس. ويقولون: «حتى لو افترضنا أن ترامب سيفي بوعوده الانتخابية، ويمكن أن يكون هذا إيجابياً، إلا أن من غير المتوقع أن يحدث ذلك تغييراً تجاه إيران، لأن ترامب يعتقد أنه قادر على تأمين مصالح بلاده في احداث تغيير في المنطقة. وهذا الأمر إن حدث مهما كانت الأسباب، فإنه ينصب في صالح الاستقرار والسلام في كل من العراق وسوريا.
وإذا تغيرت سياسات ترامب في ما يخص «داعش» والمجموعات التكفيرية في سوريا مقارنة بحكومة أوباما، فهذا سيحصل لأن أولويات ترامب تركز على تأمين مصالح أمريكا». لذا لا يجد معظم الإيرانيين أي سبب يدفعهم للتفاؤل في تغيير سياسات الولايات المتحدة تجاه إيران، «وإن حدث فسيكون لفترة مؤقتة لأن جميع الأطراف تعتبر المجموعات الجهادية المسلحة الخطر الأكبر للسلم العالمي وعلى عكس الحكومة السابقة في أمريكا لا تعتقد حكومة ترامب أن المجموعات الجهادية تؤمن مصالح أمريكا».
وبالنظر للتعيينات الأخيرة في حكومة ترامب، يمكن التكهن بمدى إمكانية حدوث أي صدام بين إيران وأمريكا لكنه متوقع كما يقول خبراء في طهران وهم ينصحون بالتركيز على عدد من الأمور لتعزيز موقف إيراني موحّد، يستغل أن ترامب هو من أكثر منتقدي حكومة أوباما في ما يخص الحروب في المنطقة وهو يعلم أن الشعوب تعبت ومن جهة أخرى وعد ناخبيه بإعمار أمريكا.
ترامب يعلم جيدا أن بإمكانه إعمار الولايات المتحدة من خلال توفير فرص لزيادة أرباح شركات الأسلحة وغيرها لكنه في الوقت نفسه يعلم أن البلاد لن تبنى من خلال الحروب وأمريكا لن يتم إعمارها بالحرب. بل سيزيد الأمور سوءا، ويعلم ترامب جيدا أن فوزه والتصريحات التي أدلى بها مؤخرا أوجدت شرخا كبيرا في المجتمع الأمريكي بين أنصاره ومعارضيه. كما يعلم أن أي تصرف متسرع منه قد يُنزل من جديد معارضيه للشارع وهذا سيربكه.
روسيا
وأخيراً، حتى لو خضع حلفاء أمريكا التقليديون لترامب في ما يتعلق باعادة النظر في الاتفاق النووي، لكن ترامب كما يقول خبراء إيران القريبون من روحاني سيجد صعوبة في أن يخلق أي اجماع بخصوص سياساته التصعيدية ضد إيران.
فعلى إيران أن تقنع روسيا أن المصالح الطويلة الأجل لها في سوريا والمنطقة تكمن في بقائها ومحاربة الإرهاب ولهذا عليها ان تبقي روابط تلك العلاقة مع إيران في أحسن حالاتها.
وطبعاً كل شيء رهن بنتائج الانتخابات المقبلة في إيران.
نجاح محمد علي
لا اعتقد ابداً ان ترامب سيكون يوما إيجابيا في الشرقالاوسط ولكن لكل بلد سيكون هناك طيف من العقوبات والتهديدات ودوّل الخليج ستكون البقرة الحلوب اما الجمهورية الاسلامية فتحتاج الى رئيس مثل السيد احمدي نجاد او اللواء محسن رضائي وتستمر في المناورات الصاروخية المرعبة