بيروت ـ «القدس العربي» ـ وكالات: انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، في لبنان ممهورة بوسم «#ضد_القمع»، بعد أن شهدت البلاد، منذ شهر، أكثر من 20 عملية توقيف شملت نشطاء وصحافيين، وحقق معهم مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية.
وتم تحويل بعضهم إلى النيابة العامة، التي طلبت منهم وقف حساباتهم على مواقع التواصل لمدة شهر كعقاب لهم، مع إرغامهم على كتابة تعهد خطي بعدم المسّ بأحد. الناشط اللبناني، شربل خوري، استُدعي إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية حيث حقق معه مدة ثماني ساعات، ليخرج بعدها، ويعلن أنه مُنع من التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة شهر بأمر من القضاء، وتمّ إغلاق حسابين له على «فيسبوك».
وكان خوري، سخر من مار شربل الذي يؤمن به كثيرون في لبنان من مختلف الطوائف وكتب « كنت أقرأ أعجوبة جديدة لمار شربل. أحدهم زوجته لم تكن تحبل (يمكن المشكلة فيه لا أعلم)، ولم يترك طبيب إلا وجربه على مدى أكثر من عشر سنين، وبعدما يئس، ترك رومانيا حيث كان يقيم، وزار عنايا (ضريح مار شربل) وبعد أن عاد بأسبوع وجد أن زوجته الرومانية قد حبلت».
وأضاف خوري مخاطباً صاحب الأعجوبة: «لا أريد أن أخيب أملك، ولكن أخبرنا إن كان الصبي يشبهك أم لا».
وانضمت الصحافية جوي سليم في جريدة «الأخبار»، القريبة من «حزب الله» إلى خوري في التهكم على القديس شربل عبر استخدام ايحاءات جنسية في تعليقها على بوست خوري «ممكن أن يكون (الطفل الذي ستنجبه الزوجة) يشبه مار شربل».
وتسببت هذه التعليقات بموجة استنكار لاسيما لدى مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم الذي قال «من المعيب أن نسمع أو نقرأ كلاماً من هذا النوع بمناسبة عيد القديس شربل، لأن كلام الشاب والصحافية لا يعتبر إهانة موجهة إلى القديس شربل فحسب بل إلى كل الذين يعتبرون مار شربل قديس لبنان وكل اللبنانيين».
أبو كسم استهجن، «وجود صحافية لا تحترم الأدبيات المهنية وتهين المقدسات الدينية، في الوقت الذي يفترض على كل من يستخدم مواقع التواصل احترام الأدبيات والقيم الأخلاقية، وعدم إهانة أي رمز ديني أو المس بالمقدسات الدينية أو القديسين، سواء كانوا من المؤمنين أو لم يكونوا».
وبعد استدعاء شربل استدعت المخابرات اللبنانية الناشط خالد عبوشي، بعد ان نشر صورة جمعت الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، وولديه بشار وباسل، مقارنًا إياها بصورة للرئيس اللبناني ميشال عون مع صهريه الوزير جبران باسيل، والعميد شامل روكز، عبر صفحته في «فيسبوك»، وكتب عبارة «شو الفرق؟».
لكن وسائل إعلام لبنانية ذكرت أته تم الإفراج عن عبوشي صباح الخميس بعد اعتقال دام يومين.
استدعاء خوري وعبوشي وغيرهما دفعت عدد من اللبنانين إلى التظاهر ضد ما أسموها «الدولة البوليسية».
إذ شارك مئات من الصحافيين والنشطاء في لبنان، يوم الثلاثاء الماضي، في وقفة احتجاجية ضد ما يقولون إنها حملة «قمع واعتقال تعسفي وتراجع للحريات».
وتجمع أكثر من 300 محتج في ساحة سمير قصير وسط العاصمة بيروت، في ظل إجراءات أمنية مشددة.
وقال الناشط أدهم حسينية: «تم اعتقال نشطاء من أمام منازلهم أو من أماكن عملهم واقتيادهم مكبلي اليدين».
وأوضح أن «عمليات الاعتقال تتم من جانب جهاز الأمن العام وأحيانًا الأمن الداخلي، وأحيانًا من جانب مخابرات الجيش».
المحامي سامر حمدان أوضح أن «القانون اللبناني لا يفرق بين الناشط العادي أو الشخص الذي يريد الشهرة ويكتب عبارات استفزازية وبين الناشط الصحفي الذي يكتب بناء على معلومات موثوقة».
وتابع خلال مشاركته في الوقفة الاحتجاجية، أنه «مستاء من الأجهزة الأمنية الخاضعة للسلطة السياسية في لبنان».
ورأى أن هذه الأجهزة «حولت البلد إلى دولة بوليسية تشبه تماما زمن الوصاية السورية في لبنان 1976- 2005».
وأردف: «كحقوقي ومتضامن لا أقف مع من يبغى الشهرة بأي ثمن فيتطاول على الأديان والعزّة الإلهية، ما يؤدي إلى فتن، لكن أتضامن مع الكلمة الحرّة التي تنتقد الفساد والهدر وسرقة حقوق الشعب».
وقال الصحافي والناشط اللبناني، ميشال أبي راشد، من موقع «رصيف 22»، إن «الجميع ضد قمع الحريات».
وتابع: «هنا يجب أنّ نفرق بين حرية التعبير من خلال إزدراء الأديان والتطاول الشخصي على أحدهم أو على الدين واستخدام الشتائم وبين النقد اللاذع الذي من حق كل مواطن قوله».
وأضاف أن «الحكومة لا تعطينا حقوقنا كمواطنين، وبالتالي من حقنا أن نعبّر وننتقد ونلاحق مطالبنا، لكن دون المس بكرامة أي شخص».
ندى أيوب، وهي صحافية في جريدة «النهار»، قالت إن «الصحافي بالدرجة الأولى يمتلك السلطة وله كامل الحق في فضح وكشف التجاوزات».
وأضافت: «لا يجب أن يُعطى الشخص المقصود الحق في منعنا من كشفه. طبعا نتكلم هنا في حال أثبتنا فساده بالمستندات والوثائق».
وانتشرت في لبنان، مؤخرًا، تغريدات نشطاء ومقالات صحافيين تنتقد سياسيين بشكل مباشر، وتسلط الضوء ما يقولون إنه فساد في مؤسسات رسمية.
7med